إسرائيل وسؤال ما بعد إغتيال فخري زاده: ماذا سيكون الرد؟

Avatar18030/11/2020
كتب الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (آمان) الجنرال عاموس يادلين، بصفته "مدير معهد دراسات الأمن القومي" في تل أبيب، مقالة في موقع "N12" العبري طرح فيه أربعة أسئلة تتعلق بإغتيال أب البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده. ماذا تضمنت المقالة التي تختصر العديد من التعليقات الإسرائيلية؟

“بدأت سنة 2020 باغتيال جنرال الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الرجل الذي قاد الجهد الاستراتيجي لتحقيق الهيمنة الإيرانية التقليدية في الشرق الأوسط. قبل انتهاء سنة 2020 نُفّذت في الأمس (الجمعة الماضي) عملية اغتيال جنرال الحرس الثوري محسن فخري زاده الذي قاد الجهد الاستراتيجي الثاني لإيران – جهد التوصل إلى سلاح نووي.

يطرح اغتيال فخري زاده أربعة أسئلة:

1-مَن يقف وراء الإغتيال وما الذي أراد تحقيقه؟

2-ما هي تداعيات الاغتيال على المشروع النووي الإيراني؟

3-ماذا سيكون الرد الإيراني؟

4-ما هي السياسة الموصى بها لإسرائيل في ضوء هذا الحدث؟

السؤال الأول: مَن يقف وراء الإغتيال وما الذي أراد تحقيقه؟

المسؤولية عن اغتيال قاسم سليماني تحمّلها الأميركيون أنفسهم. كل العمليات الأُخرى التي جرت في الصيف الماضي، وعلى رأسها الهجوم على منشأة أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نطنز، لم يعلن أحد مسؤوليته عنها، وكذلك عملية اغتيال فخري زاده.

لقد أثبتت إدارة ترامب في عملياتها في الماضي ضد إيران أنها ترفض وجهة النظر السائدة في الولايات المتحدة القائلة إن كل هجوم عسكري على إيران سيتدهور بالضرورة إلى حرب. ما يجري إلى حد ما هو تَبَنٍّ للعقيدة الإسرائيلية القائلة إن عمليات موضعية وجراحية وسرية – تسمح أيضاً للطرف الثاني بالعمل ضمن مجال الإنكار والتخبط.

يبدو أن ترامب مصرّ على أن يترك وراءه إرثاً مهماً من خلال المس بمهندسي التهديدات المركزية في الشرق الأوسط: التهديد النووي، الإرهاب والهيمنة الإقليمية لإيران، والراديكاليون السنّة (محسن فخري زاده، قاسم سليماني، أبو بكر البغدادي، عبد الله أحمد عبدالله، المعروف بـ «أبو محمد المصري”). نتنياهو، من جهته، مصرّ على استغلال ما تبقى من ولاية ترامب للدفع قدماً بإنجازات أخيرة، حتى لو كان الثمن بدء العلاقة بإدارة بايدن بنبرة حادة.

إذا كان هناك مشروع سلاح نووي إيراني سري، فإنه تلقى في الأمس ضربة مؤلمة، ليس فقط بسبب خسارة المعلومات العلمية، بل بسبب خسارة قيادة المشروع

زيارة بومبيو في الأسبوع الماضي يبدو أنها لم تكن مخصصة فقط لزيارة معمل النبيذ في بساغوت. التسريب في الولايات المتحدة لصحيفة النيويورك تايمز بشأن اغتيال مسؤول رفيع المستوى في القاعدة في طهران، والاجتماع الليلي في السعودية الذي سُرِّب في إسرائيل، وإعادة ترامب لتغريدة من إسرائيل بأن فخري زاده “كان المطلوب رقم واحد من الموساد” كلها أمور تشير إلى اتجاه واحد. البنتاغون رد “لا جواب”، ومصادر استخباراتية في الولايات المتحدة قالت لوسائل الإعلام إن إسرائيل وراء العملية. لم تقدم إسرائيل رداً رسمياً، لكن رئيس الحكومة قال إنه لا يستطيع أن يقول كل شيء عمّا فعله في هذا الأسبوع. التكذيبات والتسريبات تساعد الإيرانيين في توجيه الاتهام إلى إسرائيل.

السؤال الثاني: ما هي تداعيات الاغتيال على المشروع النووي الإيراني؟

القنبلة النووية الإيرانية كانت المهمة التي نذر محسن فخري زاده حياته من أجلها. في سنة 2003، وبعد إغلاق المشروع النووي العسكري الإيراني في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، تقرّر في إيران الوصول إلى حافة النووي من خلال مسار مدني. فخري زاده الذي قاد مجموعة السلاح غير الشرعي، وليس لديها تغطية مدنية، احتفظ بالمعلومات في منظمات ومؤسسات متعددة. وعمل سنوات طويلة في كل النشاطات النووية الممنوعة التي ليس لها تغطية مدنية.

إذا كان هناك مشروع سلاح نووي إيراني سري، فإنه تلقى في الأمس ضربة مؤلمة، ليس فقط بسبب خسارة المعلومات العلمية، بل بسبب خسارة قيادة المشروع. مسار إيران إلى القنبلة النووية يمر داخل عنقي زجاجة – مراكمة مواد مخصبة بواسطة تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران تحت غطاء شرعي لمشروع مدني. بالإضافة إلى ذلك تطوير رأس حربي وتركيبه على صواريخ باليستية – مسار تكذّب إيران وجوده لأنه يشكل خرقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي وقّعتها.

حتى ما قبل الاتفاق النووي في سنة 2015، كانت إيران على مسافة أشهر معدودة للحصول على مواد مخصبة على درجة عسكرية تكفي لصنع القنبلة الأولى. اليوم أيضاً، وفي ضوء تطوير أجهزة الطرد المتطورة وخرقها للاتفاق النووي، هي قادرة خلال وقت قصير على تجميع ما يكفي من مواد مخصبة. تقاس المسافة التي تفصل عن القنبلة في الأساس بالقدرة على تحميل المواد في رأس حربي نووي. من دون شك غياب فخري زاده سيمدد الوقت لحصول إيران على سلاح نووي. هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يملكون صفات قيادية وإدارية ومهنية، والمسّ بهم يترك فراغاً من الصعب ملؤه. يبدو أن فخري زاده ينضم إلى قاسم سليماني – من الصعب إيجاد بديل حقيقي لهما.

تنتظر إيران بفارغ الصبر بدء عمل إدارة بايدن. وسواء قامت إيران بالانتقام أو ضبطت نفسها، فإن هذا الأمر سيجعل من الصعب عليه العودة إلى الاتفاق النووي. وربما هذا كان هو هدف عملية طهران

السؤال الأول: ماذا سيكون الرد الإيراني؟

إقرأ على موقع 180  ريادية عربية في الموسيقى.. زرياب نموذجاً

السؤال الأكثر أهمية الآن ماذا سيكون الرد الإيراني؟ بعد اغتيال سليماني، تحرك الإيرانيون خلال أيام قليلة ضد الجهة التي تحملت المسؤولية عن الاغتيال، أي الأميركيون، فأطلقوا عشرات الصواريخ على قاعدة أميركية في العراق.

الرئيس الإيراني يتهم اليوم إسرائيل باغتيال فخري زاده. هل سنرى رداً إيرانياً؟ من جهة، تعهد الإيرانيون بالرد انتقاماً وأيضاً لترميم ردعهم. من جهة أُخرى، الإيرانيون حذرون جداً من رد يؤدي إلى سقوط كثير من المصابين، رد من المحتمل أن يوفر ذريعة لهجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية، وهذا احتمال قيل إن ترامب فحصه مع مستشاريه مؤخراً. أثبت الإيرانيون في الماضي قدرة على التحليل والتفكير المعمّقين، وعرفوا كيف يؤجلون عمليات ثم ينفذوها ضد الهدف في الوقت والمكان الملائميْن. تنتظر إيران بفارغ الصبر بدء عمل إدارة بايدن. وسواء قامت إيران بالانتقام أو ضبطت نفسها، فإن هذا الأمر سيجعل من الصعب عليه العودة إلى الاتفاق النووي. وربما هذا كان هو هدف عملية طهران.

السؤال الثاني: ماذا يجب أن تفعل إسرائيل حالياً؟

أولاً، يجب أن تلتزم صمتاً إعلامياً. وبينما إيران تتهجم ولكن أيضاً تتخبط، ومن البتاغون”لا يوجد رد”، تشير وجهات استخباراتية في الولايات المتحدة إلى مسؤولية القدس (المحتلة). من المهم أن تكون السياسة الرسمية في إسرائيل “مقيّدة بحكمة الصمت”. يتعين على إسرائيل أن تفترض أن الرد الإيراني يمكن أن يوجَّه إليها أيضاً. لذا المطلوب يقظة استخباراتية عليا وجهوزية عملانية فورية في منظومات الدفاع الصاروخي.

ثانياً، هناك حاجة إلى توجيه الاهتمام إلى احتمال أن تستخدم إيران وكلاءها في لبنان وسوريا والعراق واليمن للهجوم على أهداف إسرائيلية، سواء داخل إسرائيل أم في الخارج. ضمن هذه الأُطر كلها من المهم التنسيق مع الولايات المتحدة التي تشكّل قوة استخباراتية وعملانية ودبلوماسية مضاعفة. يوجد الآن القليل من قنوات التواصل مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن – من الممكن والمتوقع أن تستمر الأزمة خلال ولايتهم.

في الخلاصة، مَن نفّذ الاغتيال حاول على ما يبدو أن يحقق ثلاثة أهداف: ضرب المشروع النووي الإيراني، خلق تصعيد ينتهي بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ومنع عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي. الهدف الثاني على ما يبدو تحقق – فالتصعيد في أعقاب العملية لا يزال أمامنا وثمنه يمكن أن يكون باهظاً. الهدفان الآخران مرتبطان جداً بالرد الإيراني، وفي كل الأحوال هما هدفان بعيدا المدى وفرص تحققهما ضئيلة”.(المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية نقلاً عن موقع N12)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  أربع ساعات هزّت أميركا