رواية “الموساد” لعمليتي المدينة الرياضية ونيروبي.. أبو جهاد ووديع حداد (34)

في كتابه "انهض واقتل اولا، التاريخ السري لعمليات الاغتيال الإسرائيلية"، يقول الكاتب رونين بيرغمان انه بعد "عملية فردان" (اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة في بيروت ربيع العام 1973)، خلص "الموساد" إلى ان تنفيذ عمليات اغتيال وقتل متعمد في دول معادية وبالاخص لبنان (مقر منظمة التحرير الفلسطينية)، بات امرا صعبا ان لم يكن مستحيلا نظرا للتدابير الامنية المتخذة.

للتعويض عن ذلك، لجأت القيادة “الإسرائيلية” الى سلاح الجو. ففي منتصف شهر اغسطس/ اب عام 1975 سرّب احد عملاء “الموساد” في حركة فتح معلومة تفيد ان منظمة التحرير كانت تخطط لاقامة مهرجان جماهيري كبير في المدينة الرياضية في بيروت في الاول من اوكتوبر/ تشرين الاول، على أن يسبقه اجتماع موسع لقيادة حركة فتح في احد المكاتب المجاورة لملعب المدينة الرياضية. رأت قيادة “الموساد” ان هذه فرصة نموذجية للتخلص من ياسر عرفات وخليل الوزير (ابو جهاد) وفاروق القدومي وهاني الحسن ووديع حداد وقادة اخرين. على الفور، دعا رئيس الوزراء اسحق رابين الى وضع خطة سريعة لتنفيذ عملية لاغتيال هؤلاء مجتمعين.

وفيما كان رئيس اركان الجيش وقائد سلاح الجو يؤيدان بشدة الهجوم الجوي، فان رئيس جهاز “امان” شلومو غازيت اعرب عن رفضه بشدة لذلك، قائلاً “لقد اخبرت وزير الدفاع شيمون بيريز بوجوب عدم التورط في عملية مكشوفة “مثل هذه”. لم يؤخذ اعتراضه بالاعتبار، وتم تعيين الرائد افييم سيلا، النجم الصاعد في سلاح الجو، منسقا عاما للعملية التي خصصت لها ثماني طائرات سكاي هوك هجومية وقاذفة قنابل من طراز فانتوم اف 4 كما وضعت عدة طائرات هليكوبتر في جهوزية تامة للتدخل في حال اسقاط اية طائرة وكانت هناك حاجة لانقاذ الطيار.

مضى كل شيء حسب الخطة الى أن حان وقت التنفيذ.غيوم ملبدة تغطي سماء  العاصمة بيروت، ولم تكن القنابل الإسرائيلية في ذلك الوقت تتمتع بالدقة المطلوبة في ظروف مناخية مشابهة وبالتالي لم يكن هناك تأكيدات بان الهدف سيتحقق بدقة. وبرغم المخاطرة، يقول الرائد سيلا “كان الامر مغريا خاصة مع كل التحضيرات الواسعة ومع استنفار سلاح الجو. لذلك قررنا المضي بالتنفيذ وقلت لقائد سلاح الجو بني بيليد إنه علينا الإستفادة من الفرصة، ارسل الطائرات وعسى ان تحصل معجزة مناخية”. وبالفعل، أقلع الطيارون بطائراتهم على هذا الامل، وعندما بلغوا اجواء بيروت وجدوا ان الغيوم ما تزال ملبدة. هنا لم يأخذ الرائد سيلا بالاعتبار الحافز المتوفر لدى الطيارين الذين كانوا على بينة من طبيعة الهدف واهمية التخلص من قيادة منظمة التحرير. كان الامر المعطى للطيارين يقضي بأن لا يرموا قنابلهم في حال عدم رؤيتهم هدفهم، فاستفاد الطيارون من الهامش الواضح لديهم في هذا الامر. غطسوا بطائراتهم تحت الغيوم وحتى إرتفاع ادنى من المسموح لهم به، وعندما رأوا انفسهم فوق الهدف رموا القنابل التي كانت مجهزة بآلة تفجير صغيرة موصولة الى الطائرة بسلك (فتيل)، ولانهم كانوا على ارتفاع منخفض بقيت فتائل القنابل غير مجهزة فسقطت القنابل على الارض وعلى اسطح الابنية من دون ان تنفجر “مثل كومة من البيض  المهجور”، بحسب وصف سيلا نفسه.

اسفرت الغارة عن مقتل سائق ابو جهاد الذي سقطت احدى القنابل غير المنفجرة عليه مباشرة. في اليوم التالي نشرت احدى الصحف اللبنانية رسما كاريكاتوريا يظهر طفلا فلسطينيا يبول على قنبلة إسرائيلية، اما ابو جهاد، فقد امر باجراء تحقيق داخلي لمعرفة من سرب المعلومات عن الاجتماع وبعد ثلاثة اشهر تبين لـ”الموساد” أنه خسر مصدرا مهما للمعلومات بعد ان تم كشفه واعدامه.

في الوقت الذي اعرب فيه زعيم الجبهة جورج حبش عن ضرورة الالتزام ولو المؤقت بتوجه ياسر عرفات بعدم تنفيذ عمليات خارج منطقة الشرق الاوسط، فان حداد كان يقول لحبش إفعل أنت ما تشاء ولكن أنا ورجالي سنواصل عملنا بطريقتنا الخاصة

ينتقل رونين بيرغمان بعد ذلك للحديث عن عملية اخرى كان مقررا ان يكون مسرحها العاصمة الكينية نيروبي فيقول انه في الوقت الذي بات توجه حركة فتح هو لتنفيذ عمليات داخل فلسطين المحتلة فقط، فان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ابقت على توجهها في استهداف “الإسرائيليين” في العالم وبالاخص في اوروبا. وكان جورج حبش لا يزال قائدا للجبهة الشعبية ولكن العقل العملياتي اللامع في الجبهة كان وديع حداد، نائب حبش. وينقل بيرغمان عن ايلان مزراحي الذي كان يتولى مسؤولية العملاء “الإسرائيليين” العاملين داخل تنظيم حداد قوله “كان حداد يتمتع بموهبة خارقة في العمليات السرية لنقل المتفجرات الى مواقع الهجمات واخفائها هناك”.

وينقل بيرغمان عن رئيس جهاز مكافحة الارهاب في “الموساد” شيمون ايزحاكي قوله “كان حداد يفضل العمليات النوعية المستندة الى التخطيط الدقيق وان كان الامر يتطلب وقتا اطول، والتدريب الذي كان يقدمه لرجاله في اليمن الجنوبي كان من النوع الذي لم نكن معتادين عليه”. هذا الاعجاب “الإسرائيلي” بحرفية حداد جعل جهاز الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) يعطيه اسما سريا هو “الوطني” وقدم له مساعدات سخية من اجل “الوصول الى اهدافنا الخاصة من خلال نشاطات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع الاحتفاظ بالسرية الضرورية لهذا الدعم”، بحسب ما قال رئيس الـ”كي جي بي” يوري اندروبوف في رسالة بعث بها الى الزعيم السوفياتي ليونيد بريجينيف عام 1969. ويروي بيرغمان ان حداد تبادل والجهاز السري السوفياتي الخدمات عندما قام حداد باغتيال منشقين سوفيات وهاجم اهدافا تابعة لجهاز الاستخبارات الامريكية (سي اي ايه) مقابل حصوله على التمويل والتدريب والاسلحة المتطورة وعلى المعلومات الاستخبارية من الـ”كي جي بي” ومن جهاز الاستخبارات في المانيا الشرقية (“شتاسي”).

يصف بيرغمان حداد بانه شخص يملك استقلالية في قراره بالرغم من موقعه المسؤول في الجبهة الشعبية، ويقول انه في الوقت الذي اعرب فيه زعيم الجبهة جورج حبش عن ضرورة الالتزام ولو المؤقت بتوجه ياسر عرفات بعدم تنفيذ عمليات خارج منطقة الشرق الاوسط، فان حداد كان يقول لحبش إفعل أنت ما تشاء ولكن أنا ورجالي سنواصل عملنا بطريقتنا الخاصة.

ينتقل بيرغمان للحديث عن عملية كبيرة كان حداد يفكر بها لسنوات طويلة، وقد سخّر في التخطيط لها الكثير من الوقت وجمع المعلومات، ولكنه ظل يؤجلها لاسباب تتعلق بالعقبات العملياتية المرتبطة بها، واهمها انه كان يحتاج لعملاء ذوي سحنات اوروبية الى ان لاحت في منتصف العام 1975 فرصة لتجاوز هذه العقبة. كانت لمنظمة التحرير الفلسطينية علاقة ممتازة مع منظمات يسارية متطرفة في اوروبا وقد انشأت لهذه المنظمات معسكرات تدريب في كل من لبنان واليمن الجنوبي الذي كان له علاقات جيدة جدا مع الاتحاد السوفياتي ولديه موقف متطرف في معاداة “إسرائيل”.

ويتابع بيرغمان ان حداد كانت علاقاته جيدة مع منظمة “الجيش الاحمر” في المانيا الغربية (منظمة بادر ماينهوف) التي كانت تتبنى الايديولوجيا الماركسية الفوضوية وتنفذ عمليات تعتمد نهج حرب العصابات ضد قوى الشرطة وحفظ القانون في المانيا الغربية. وكانت هذه المنظمة ترى “إسرائيل”، باضطهادها للفلسطينيين، احدى جبهات الحرب مع شياطين الامبريالية. وفي احد الايام، وبعد ان خرج اثنان من اعضاء هذه المنظمة من سجنهم في المانيا، هما توماس رويتر وبريجيت شولتز، تسللا خارج البلاد وتوجها الى معسكر تدريب تابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قرب العاصمة اليمنية الجنوبية عدن حيث انضما الى رفاق لهما في منظمتهما. وقد وجد وديع حداد في هذين المواطنين الغربيين ضالته في العملية التي كان يخطط لها.

لان “الإسرائيليين” كانوا يأملون ان يحصلوا من المعتقلين على معلومات عن وديع حداد ونشاطاته، فقد فضّلوا الخيار الثاني لاخفاء المعتقلين في إسرائيل ووضعهم في عزلة تامة قبل محاكمتهم سراً

ينتقل الكاتب ليسرد تفاصيل تلك العملية قائلا ان ثلاثة من عناصر الجبهة الشعبية كلفوا بان ينتظروا خارج مطار العاصمة الكينية نيروبي لرصد وصول طائرة العال “الإسرائيلية” فيما كانت مهمة الالمانيين مراقبة بوابة الخروج من الطائرة لتاكيد موعد وصولها وابلاغ المجموعة بالخارج. وفور طيران الطائرة فوق المجموعة بالخارج كان عليهم ان يطلقوا عليها صواريخ ستريلا سام 7. وقد تدرب عناصر المجموعة لشهرين متواصلين قبل العملية على اطلاق صواريخ الستريلا ودرسوا مجسمات لمطار نيروبي صنعها لهم خبراء في الجبهة الشعبية كانوا اجروا استطلاعات وافية للمطار وحددوا منطقة على مسافة قصيرة غربي المطار مكتظة باشجار عالية الارتفاع ومحاطة بشجيرات الصبار تقع بين طريق مومباسا وسور منتزه نيروبي الوطني. من هذه النقطة، كان يمكنهم رصد ورؤية مدرج المطار بوضوح. وقبل اسبوعين من تنفيذ العملية، هرّب عملاء الـ”كي جي بي” صاروخي ستريلا الى كينيا، وقبلها بتسعة ايام دخل منفذو العملية الثمانية (علما انه قال سابقا خمسة وليس ثمانية) الى كينيا بصورة متفرقة وبجوازات سفر مزورة ونزلوا في احد الفنادق في وسط العاصمة.

إقرأ على موقع 180  بين سقوط "الجنرال" والانهيار السوفياتي... وداعاً بلاد الفينيق

يضيف الكاتب كان كل شيء جاهزا لتنفيذ الهجوم ولكن جهاز “الموساد” وعبر عميل تابع لوحدة “المفصل” الاستخبارية داخل منظمة حداد اسمه الحركي “تعاسة” (تردد إسمه في عمليات عديدة ضمن الكتاب) سرب معلومات عن العملية ليفجر نقاشا واسعا داخل الجهاز بسبب اصرار قائد وحدة “المفصل” شاموئيل غورين على حماية سرية العميل “تعاسة” اكثر من اي شيء اخر، واعرب عن خشيته من انه اذا تم كشف الخطة لاجهزة الامن الكينية ومساعدة هذه الاجهزة على احباط الهجوم، فان عميله “تعاسة” قد ينكشف وينتهي امره. لذلك، اقترح افشال الخطة عبر ما يسمى بـ”العمل العبري” والذي كان يعني قيام عملاء وحدة “الحربة” بتنفيذ القتل المتعمد بحق العاملين على تنفيذ العملية، وذلك من دون اشراك الاجهزة المحلية بالمعلومات. في مقابل ذلك، كان هناك راي اخر لرئيس قسم العلاقات الخارجية في “الموساد” ناؤوم ادموني الذي كان سابقا رئيس عمليات الجهاز في افريقيا لوقت طويل وكان على معرفة وثيقة بالرئيس الكيني جومو كينياتا ومسؤولي استخباراته، فقد اعترض ادموني بقوة على تنفيذ هكذا عملية تحت انف السلطات المحلية. بالاضافة الى هذا الموقف كانت هناك اعتبارات عملياتية يجب النظر اليها وابرزها ان وحدة “الحربة” كانت في مرحلة اعادة التنظيم بعد عملية ليلهامر الكارثية (عندما قتل عملاؤها بعملية معقدة جدا شخصا مغربيا للظن بانه مسؤول الامن في حركة فتح ابو حسن سلامة)، وينقل بيرغمان عن احد مسؤولي “الموساد” السابقين اليعازر تسافرير قوله “لقد شعرنا ان التعاطي في الوقت نفسه مع عدة اشخاص يحملون بين ايديهم صواريخ سيكون امرا معقدا للغاية”.

يحاول الكاتب اخفاء التنسيق بين “الموساد” والاستخبارات الامريكية في هذه العملية ولكن محاولته تتهاوى عندما يقول ان رئيس “الموساد” ايسحاق هوفي كان في زيارة لنظرائه في الـ”سي اي ايه” في لنغلي (مقر قيادة السي اي ايه قرب واشنطن) عندما ارسل الى رئيس الوزراء اسحق رابين توصية واضحة تقول لا تستخدموا وحدة “الحربة” ونسقوا مع السلطات الكينية. وهكذا حسم الامر وتخلى “الإسرائيليون” عن فكرة قتل المجموعة التي تعتزم تنفيذ الهجوم على الطائرة “الإسرائيلية” وبدأوا العمل مع اجهزة الامن الكينية. وفي وقت متأخر من ليل الجمعة في 23 يناير/ كانون الثاني عام 1976 طار 17 عميلا “إسرائيليا” من القاعدة الجوية “الإسرائيلية” رقم 27 متجهين الى نيروبي في عملية اسميت “حرقة القلب”. وما ان حطت طائرتهم في نيروبي حتى اجتمع ادموني مع مسؤولي الاستخبارات الكينية واعلمهم بالهجوم. صُدِمَ الكينيون بالامر وغضب الرئيس كينياتا بالاخص عندما علم بتورط الصومال في العملية ايضا. واعرب الكينيون عن رغبتهم في التعاون وعن سعادتهم لعدم قيام “الموساد” بالتصرف من دون علمهم ولكنهم اصروا على معرفة مصدر معلومات “الموساد” عن العملية للتأكد من انهم سيتصرفون وفقا لمعلومات موثوقة جدا، ولكن ادموني رفض بتهذيب كشف المصدر.

هاري يسال بريجيت ماذا ستفعل بعد إطلاق سراحها فاجابت من دون ان يرف لها جفن “بعد كل ما فعلته معي لا استطيع ان اقتلك يا هاري”، فشعر بسعادة بالغة لاعتقاده ان شيئا ما تغير نحو الافضل في هذه المرأة ولكنها اضافت “سوف اطلب من احد ما ان يقتلك”

بعد ان يروي الكاتب تفاصيل التنسيق بين الاجهزة الامنية الكينية ومجموعة “الموساد” المكلفة بعملية “حرقة القلب” وتفاصيل تنفيذ عملية اعتقال كل اعضاء المجموعة المكلفة بالهجوم على الطائرة “الإسرائيلية” قبل ان يتمكنوا من تنفيذ عمليتهم، يقول ان الكينيين كانوا مصرين على عدم خروج اية معلومات عن العملية الى العلن لخوفهم من الوقوع تحت وطأة الضغوط العربية في المحافل الدولية والاقليمية والافريقية. لذلك، اقترحوا احد امرين “اما ان يؤخذ المعتقلون الى الصحراء ويقدموا غداء دسما للذئاب”، او ان يأخذهم “الإسرائيليون” من دون ان يتم الكشف ان السجناء كانوا لديهم قبل ذلك. ولان “الإسرائيليين” كانوا يأملون ان يحصلوا من المعتقلين على معلومات عن وديع حداد ونشاطاته، فقد فضّلوا الخيار الثاني لاخفاء المعتقلين في إسرائيل ووضعهم في عزلة تامة قبل محاكمتهم سرا.

يقول الكاتب ان هذه ربما تكون المرة الاولى قبل احداث 9/11 التي يتم فيها ترحيل معتقلين مشتبه بهم من بلد الى آخر بصورة سرية ومن دون اية محاكمة ومن دون اوراق قانونية. وهكذا فقد طار الى نيروبي محققون من الوحدة 504 في جهاز “امان” الاستخباري برفقة طاقم طبي حيث تم تخدير خمسة سجناء ووضعوا على متن طائرة “إسرائيلية” خاصة في رحلة دامت ست ساعات الى “إسرائيل”.

يقول الكاتب ان المعتقلين الخمسة (المانيان وثلاثة فلسطينيين) اعتقلوا في زنازين منفردة ومظلمة وعارية الجدران في مركز اعتقال داخل قاعدة جنوب شرق تل ابيب تحمل اسما سريا “الحشوري”، وكان يجري تخديرهم بصورة متواصلة حيث يصار الى تنفيذ “لعبة الاشباح” معهم، بحسب قول رئيس قسم التحقيقات في جهاز “الشين بيت” اريه هدار. ويضيف “كنا نرتدي اقنعة وحجابات بعد ان نكون قد اوصلناهم الى قناعة انهم ماتوا وباتوا في العالم الاخر”. ويصف الكاتب المحقق “واي” (يذكر فقط حرفا واحدا من اسمه) بانه كان يتولى عمليات تدريب الوحدات الخاصة للجيش “الإسرائيلي” على التحقيق مع سجناء الحرب، وخلال احدى جلسات التدريب هذه وقبل ان يتولى هو شخصيا التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين القادمين من نيروبي تسبب بعطل دائم لاحد جنود وحدة “سيريات ميتكال” عندما ضربه بالعصا على عاموده الفقري. وبعد شهر من هذه الواقعة، اصيب احد المعتقلين الفلسطينيين الثلاثة القادمين من نيروبي باصابات بالغة تحت التحقيق استدعت نقله الى المستشفى حيث توفي، وقد اكد تقرير عن تشريح جثته انه تعرض لضرب شديد ادى الى الوفاة. كما نقل معتقل ثان منهم الى المستشفى لكنه تعافى بعد علاج لفترة طويلة.

يضيف بيرغمان ان المعتقلين الالمانيين نالا معاملة مختلفة في الاعتقال حيث استجوبهما محققون من جهاز “الشين بيت” وقام رئيس جهاز “امان” الجنرال شلومو غازيت شخصيا بزيارتهما، وينقل الكاتب عنه قوله بعد زيارته السيدة الالمانية المعتقلة شولتز “انها امرأة قوية جدا وتسيطر على نفسها وعلى المحيطين بها بارادة حديدية”. ولكن هدار تمكن في النهاية باسلوبه الهادىء والثعلبي وكلامه الناعم ومظهره البريء من السيطرة على المرأة. وفي نهاية المطاف، اعترف الالمانيان بانهما مذنبان وقدما معلومات قيمة عن وديع حداد وعن خططه المستقبلية. وينقل الكاتب عن هدار الذي كان يقدم نفسه للمعتقلين باسم هاري قوله “قبل ان نفترق اخذت بيد شولتز وسألتها يا بريجيت لنفترض انك يوما ما عدت الى المانيا، وقال لك اصدقاؤك انه عليك ان تقتلي هاري، ماذا انت فاعلة”، فاجابت من دون ان يرف لها جفن “بعد كل ما فعلته معي لا استطيع ان اقتلك يا هاري”، فشعرت بسعادة بالغة لاعتقادي ان شيئا ما تغير نحو الافضل في هذه المرأة ولكنها اضافت “سوف اطلب من احد ما ان يقتلك”.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  شيرين ميرزو وبراغ.. المدن والحب والسحر والنساء