بيروت Archives - 180Post

منير.jpg

"السفير" لم تكن صحيفة عادية. كانت في قلب لبنان وفي قلب بيروت وفي قلب العرب. عندما أوقف طلال سلمان دقات قلبها في نهاية ٢٠١٦، "لكي تموت كالشجرة وهي واقفة"، مثلما قال عندما أبلغ أسرة الصحيفة قراره الصعب، إرتضى لنفسه هجرة أكبر، هجرة الروح والعقل عن عالمه الصغير والواسع، وترك الجسد لهجرة أخيرة إلى العالم الآخر بعد سبع سنوات.

mag-293-137.jpg

لم يحّب أحد بيروت - ولا أعرف أحدًا لم يحبها - إلا وتملّكه خوف من أنه حين يزورها بعد غياب يجدها في صورة غير الصورة التي اعتادها. أزمة وراء أخرى في السنوات الماضية: حراك الشارع ثم وباء كورونا ثم انفجار المرفأ انعكست جميعًا على الوضع الاقتصادي وتركَت بصماتها على ست الدنيا، ونحن عندما نحّب نادرًا ما نُصالح آثار الزمن وتقلّبات الحال مع أحبّتنا لأنها تسحب من اعتيادنا وأُلفتنا وذكرياتنا وتجعلنا أغرابًا رغم أنوفنا.

الحص.jpg

لم يكن معرض “الكتاب العربي والدولي“ الذي اختتم نشاطاته في العاصمة اللبنانية بيروت، الأحد الماضي، إلا بقعة ضوء في ليل المدينة الحالك الذي لا يبدو له خاتمة، بفعل طغيان السياسة الشوهاء على المشهد اللبناني العام، وإذا كانت بيروت قد أصرت على القول “نعم“ للكتاب، فلأنها كانت وما زالت عنواناً للحرف والكلمة والمطبعة.

سلايدر.jpg

البداية ليست من قريتي. بداية، هناك موت منسي. موت طاعن ويابس. انحسرت الأجيال وغادرت سماءها وقمرها. الوطن كلمة مؤلمة وجارحة. الوطن يعيش موته مراراً. هناك بلدات وقرى تحثك على البكاء. تتلو في سرك "قفا نبك". طعم الدمع ملحٌ. حطب لحرائق التشرد والغياب. تشلعت العائلات. تقلصت القرابة، لا أحد يحلم بمستقبل فيها. ماضيهم أضغاث آلام وحنين.

gettyimages-1127797103-2048x2048-1.jpg

غداً، هل سيكون يوماً آخر، أم اليوم الأخير؟ هل كتبتَ وصيتكَ؟ لم يعد لديك وقت. ثقْ بحزنك وجوعك. وراءك ظلم وأمامك ظلام. انتهى وقت الانتظار. لقد تغيرت كثيراً. تغيرنا أكثر. هل تعرف وجهك الآن؟ إنه لا يشبهكَ ابداً. كان لعينيك أفق ما. لقد فقأوا عينيك. أمامك الهاوية وهي بانتظارك.

09099ع07070970.jpg

تكتسب معركة دائرة بيروت الثانية أهمية إستثنائية في أي معركة إنتخابية، لكنها تكتسي هذه المرة أهمية أكثر إستثنائية في ضوء قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الإنسحاب من معركة الإنتخابات النيابية المقررة في منتصف شهر أيار/مايو المقبل. لماذا؟

تراموي-بيروت.jpg

في واحدة من الدلالات البلاغية العميقة في توصيف مدينة بيروت وموقعها في وجدان أهل الجنوب اللبناني، يقول الشاعر عصام العبدالله إبن بلدة الخيام الجنوبية "بيروت عنقود الضيع"، ففي هذه الدلالة اقتصاد كلامي واضح وطوعي بهدف الوصول إلى بلاغة القول بأن بيروت جامعة وعاصمة لمن حولها، تماماً مثل عناقيد العرائش.