أبواب الفاتيكان مفتوحة للحريري و”لكل اللبنانيين”.. ولا دعوات!
Pope Francis celebrates mass with bishops, priests and seminarians at the Cathedral of St. Sebastian in Rio de Janeiro on July 27, 2013. Pope Francis joins young pilgrims in a prayer vigil on Rio's Copacabana beach Saturday as he presses his drive to breathe new life into a struggling Catholic faith. Hundreds of thousands of Catholics attending the five-day gathering World Youth Day are set to walk nine kilometers across the city to reach the beach venue for the vigil. AFP PHOTO / GABRIEL BOUYS (Photo credit should read GABRIEL BOUYS/AFP via Getty Images)

يزور رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري في 22 نيسان/ابريل الحالي الفاتيكان، ومن المتوقع ان يستقبله البابا فرنسيس في حضور كبار معاونيه. ما هي اجواء الكرسي الرسولي عشية هذه الزيارة؟

من أبرز قواعد العمل الديبلوماسي الفاتيكاني التحرك بصمت، ان لم يكن بتكتم تام، وذلك حرصاً على فعالية اي نشاط ومنعاً لاثارة اية حساسيات. هذه القاعدة الديبلوماسية، تتمسك بها دوائر الكرسي الرسولي، أكثر من أي وقت مضى حيال الأمور التي تخص لبنان نظراً لمعرفتها بدقة الاوضاع في هذا البلد وبتعقيداته الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الحرجة التي تحيط بالملف اللبناني، على حد وصف الأوساط المتابعة لملف العلاقات الفاتيكانية – اللبنانية في روما.

وانطلاقاً من هذه الاعتبارات، تابعت هذه الدوائر بكثير من التعجب وصل حد الاستهجان، لكل اللغط الذي سبق ورافق الاعلان عن تحديد موعد لاستقبال البابا فرنسيس للرئيس سعد الحريري في 22 نيسان/ أبريل الحالي.

توضيحات حول زيارة الحريري

الاوساط الفاتيكانية أوضحت ظروف هذا اللقاء المرتقب على الشكل الآتي:

أولاً، ليس في القاموس الديبلوماسي الفاتيكاني “توجيه دعوة” من قبل بابا روما لأي شخصية كانت لزيارته او “استضافة الفاتيكان” لهذا المسؤول او تلك الشخصية. بل ان الدوائر الفاتيكانية تحدد موعداً للقاء البابا بعد أن تتلقى “طلباً رسمياً” من الجهة المعنية وبعد دراسة هذا الطلب من كل جوانبه.

سارعت الأوساط المتابعة لملف العلاقات الفاتيكانية اللبنانية الى الاشارة الى ان الكرسي الرسولي حريص على عدم استغلال هذا الموعد واستثماره سياسياً وتوظيفه اعلامياً، وبالتالي زج الفاتيكان في الخلافات السياسية الداخلية وتصوير الموافقة على طلب اللقاء وكأنه تغليب لفريق على آخر

لذلك استغربت هذه الدوائر التسريبات والأخبار التي تحدثت عن “دعوة عاجلة” من الفاتيكان الى الحريري لزيارة روما خلال 48 ساعة (هكذا أشيع في الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل الحالي)، في وقت كان الكرسي الرسولي منهمكاً في احتفالات اسبوع الآلام وعيد الفصح عند الطوائف الكاثوليكية والعطلة التي تلتها. حقيقة الأمر أن الحريري طلب لقاء البابا (تولى المهمة أحد مستشاريه عبر السفارة البابوية في بيروت) وذلك قبل اسابيع، وقد تم تحديد الموعد بعد انتهاء عطلة عيد الفصح. والملفت للإنتباه ان كلاً من السفارة البابوية في لبنان والسفارة اللبنانية في الفاتيكان استغربتا ما كتب وأذيع عن هذه “الدعوة العاجلة المختلقة والمزعومة”، على حد تعبير هذه الدوائر الديبلوماسية.

ثانياً، سارعت هذه الأوساط المتابعة لملف العلاقات الفاتيكانية اللبنانية الى الاشارة الى ان الكرسي الرسولي حريص على عدم استغلال هذا الموعد واستثماره سياسياً وتوظيفه اعلامياً، وبالتالي زج الفاتيكان في السجالات والخلافات السياسية الداخلية وتصوير الموافقة على طلب اللقاء.. وكأنه تغليب لفريق لبناني على آخر، لا سيما وأن البعض راح يقول في بيروت أنه في الوقت الذي يشكو فيه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من إستهداف “الحقوق المسيحية” في عملية تأليف الحكومة، قرر الفاتيكان إستقبال رئيس الحكومة المكلف، للإيحاء بأن الزيارة موجهة ضد طرف لبناني، وهذا الأمر ليس صحيحاً، إذ أن الفاتيكان لا يقارب الملف اللبناني، على طريقة السياسيين اللبنانيين.

ثالثاً، توضح هذه الأوساط ان الموافقة على طلب الحريري واللقاء معه ينطلق من اعتبارين: الاول، يندرج في اطار اعتماد الفاتيكان سياسة الحوار وكذلك الانفتاح على مختلف المكونات والمراجع والقيادات الاسلامية في العالم العربي، وأعادت التذكير بلقاء البابا فرنسيس مع كل من شيخ الأزهر احمد الطيب في دولة الامارات والمرجع الشيعي السيد علي السيستاني في العراق. اما الاعتبار الثاني فهو التواصل المستمر مع مختلف الفرقاء اللبنانيين أكان في بيروت من خلال السفارة البابوية في حريصا او من خلال الدوائر الفاتيكانية في روما.

رابعاً، تأكيد الدوائر الفاتيكانية على ان الكرسي الرسولي على مسافة واحدة من مختلف الفرقاء والمراجع السياسية والحزبية والطائفية في لبنان ومع الاستعداد الكامل في النظر بكل طلب موعد او لقاء وبالتالي التشديد على ان ابواب الفاتيكان مفتوحة أمام جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم.

التوجهات البابوية حيال لبنان

من هنا ترى هذه الأوساط المناسبة سانحة للتذكير بأبرز توجهات الفاتيكان حيال واقع الامور الحالية في لبنان:

أولاً، الدعوة المباشرة والمتكررة الى “جميع القادة السياسيين والدينيين” في لبنان من اجل “وضع مصالحهم الخاصة جانباً لتنفيذ الاصلاحات (الإقتصادية والمالية) الحقيقية والتصرف بشفافية وتحمل مسؤولية أفعالهم”.

ثانياً، ابراز، موضوع “الوجود المسيحي” في لبنان واظهار دوره المميز داخل المجتمع اللبناني بصفته “النسيج الرابط التاريخي والاجتماعي” لهذا البلد، مع التشديد على وجوب توفير “ضمانة استمرارية عمل المسيحيين من اجل خير البلد الذي كانوا من مؤسسيه وتقديم مساهمتهم فيه”.. والتحذير من “ان اضعاف هذا الوجود من شأنه ان يتسبب بفقدان التوازن الداخلي والواقع اللبناني نفسه”.

ثالثاً، وضع اشكالية المحافظة على “الهوية الفريدة” للبنان و”المعرضة للفقدان” في اطار اقليمي اوسع واشمل وهو “ضمان شرق اوسط متعدد ومتسامح ومتنوع”.

إقرأ على موقع 180  هل ينجح العقلاء في إنقاذ الإتفاق النووي؟

رابعاً، التحذير من ان “خطر افلاس” لبنان قد ينتج عنه “انحرافات متشددة خطيرة”. من هنا اهمية الاسراع في تأليف حكومة لبنانية جديدة وأيضاً الإسراع في عملية “انعاش الاقتصاد واعادة الاعمار”.

(*) غداً: ما هي نظرة الفاتيكان إلى طروحات الحياد والتدويل التي طرحتها البطريركية المارونية؟

Print Friendly, PDF & Email
باريس ـ بشارة غانم البون

صحافي وكاتب لبناني مقيم في باريس

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  الغاز "أفخم" من رئاسة الجمهورية!