على أبواب ساعتنا الأخيرة.. ليت لبنان لم يكن!

دخلنا النفق. إنه الثقب الاسود. لا تراجع عن الهاوية. الشواهد كثيرة ومكررة.

اللبنانيون لا يفكرون بالنجاة. مع هذه الطبقة، مستحيل. يفكرون بلا جدوى النضال. يخشون الفوضى والعنف. خلفهم جدران منيعة وامامهم انعدام. لا يبحثون عن خلاص. يئسوا، وهذا حقهم. لديهم فضيلة فضلى: يلعنون المجرمين السياسيين، سراً وعلناً. يستحقون أكثر من اللعنة. ليتهم.. (ضع ما تراه مناسباً مما يخطر لك من اللعنات).

هذا غير كافٍ أبداً. الذين قتلوا لبنان، يستحقون العقوبة التي توازي جريمة القتل. غير ان لكل طائفة سياسية ودينية، حاميها وحراميها. يحمون الحامي، ويغفرون للحرامي. ينضم إلى هذه القائمة السياسية، المالية، المافيوية، رجال دين، ومرجعيات مذهبية، لا تحيد أبداً عن نهج قادة الخراب الراهن.

كثر الحديث عن تدخل مرجعيات دينية. غريب ذلك قليلاً. لقد طلّقوا الصلاة والتقوى والامانة والمحبة والرعاية من زمان. ثبّتوا مواقعهم، إما بالتسلط او بالتبعية. لا شواذ على القاعدة. كل مرجعية دينية، هي في خدمة فريقها الطائفي السياسي. لا غرابة في ذلك، فمجد الطائفية، اعطي لهم. ولا يُستثنى أحد من المرجعيات، من تهمة الالتحاق برئيس القطيع المطيع.

يُقال، والقول واقعي ملموس، من حق رجال الدين التدخل في السياسة والاقتصاد والمال والقضاء ومصرف لبنان. فلبنان بلد أنشئ لطائفة “رائدة”، ثم لطوائف مشاركة في الاقتسام والقسمة. فأين الخطأ؟ هذا البلد يشبههم ويشبهونه.

إلا أن هناك ملاحظة يلزم أخذها في الاعتبار. القيادات السياسية المذهبية، تتعرض للنقد، وحالياً تتعرض للتشهير، وبلغ التشهير حداً فظاً في اساليب الشتم والتعبير القذر. “من الزنار وبالنازل”، وهذا لا علاقة له بالسياسة. له علاقة فقط باليأس، مُولّد الاحقاد، ومُوقظ النزاعات المذهبية.

صوناً، لمقامات الرئاسات المذهبية ومرجعياتها، لا بد من ايضاح خالص: لسنا ضد تدخل رجال الدين، والمرجعيات تحديداً، في السياسة. علماً أن عواقب ذلك وخيمة وعقيمة. بلى، في بلد كلبنان، هم أعمدة الهيكل الطائفي.

إلا أن لذلك شروطاً. من يتعاطى السياسة، عليه أن يتوقع أن هناك من معه “عالعمياني”، ومن ضده “عالعمياني”. على رجل الدين السياسي أن يتقبل النقد أولاً، فهو ليس معصوماً. بل انه في نظر خصومه، مشبوه، مرتبط، فاسد، فاجر، ومتآمر. أليست هذه الصفات تلصق اليوم بمعظم، إن لم يكن كل، القيادات السياسية الطائفية والمذهبية؟. من ينجو اليوم من تهمة “الخيانة” للبنان، خاصة وان مرابط خيول الزعماء، هي عواصم اقليمية ودولية. لبنانيتهم مشكوك بها. حتى غلاة الادعاء بلبنانية الكيان الابدية، متورطون ومشبوهون ومرتبطون. كأن، لا وجود للبناني يكون لبنانياً فقط. الانتماء إلى لبنان وحده نادر الوجود. لبنان مشلوح في كل مكان. هو هنا، وفي دول الاقليم، وإيران، وفرنسا، وخاصة اميركا العظمى. اللبناني الحاف، يطلق على مثاليته، لقب الأهبل. ودليلنا عل ذلك، وسائط الاعلام. الاعلام اللبناني، ليست عاصمته بيروت. وهذا تقليد قديم جداً. اللبنانيون، لا يكفيهم لبنان، ولو وضعوه على السنتهم، تحت مرتبة الالوهة قليلاً. لبنان اللبناني كذبة. لبنان الداشر عربياً واقليمياً ودولياً، هو سيرته الذاتية.

كأننا على ابواب الساعة الأخيرة. لبنان على عتبة نهاياته. الشعب “في كل وادٍ يهيمون”. القضايا، معروضة للبيع. الإنسان؟ ابحثوا عنه. ستجدونه فقط، بين المطلوبين والمضطهدين والهائمين والجائعين والمهاجرين. تباً. ليت لبنان لم يكن، منذ بداياته، مُلكاً لشياطين الطوائف

لنعد إلى رجال الدين. هؤلاء رجال الدنيا اولاً واخيراً، ولو نطقوا باسم الله والابن والروح القدس، او باسم الله الرحمن الرحيم. وأضيف، لسنا ضد أن يتعاطى هؤلاء بالسياسة، بشرط أن يتقبلوا النقد والتجريح والكاريكاتور والسخرية.

تصوَّروا أن يحصل ذلك. الجحيم تحت اقدام هؤلاء. يريدون الدين والدنيا معاً. بل يريدون الدنيا على حساب الدين. ينفقون منه ويفرقون.

في كل إجمالٍ ظلم. هذا الكلام اعلاه، يظلم رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات. الدين عندهم اولاً، ايمان وتقوى وقيم واخلاق وانسجام تام، بين القول والفعل. مثل هؤلاء، في لبنان، وفي العالم العربي، كثر، ولكنهم مكتومون. فكرياً وثقافياً وسياسياً وإعلامياً. الدين عندهم تربية على الفضائل والاخلاق والانسانية، وعندهم ايضا فضيلة الفضائل، نبذ التعصب واعلاء الاعتراف بالاختلاف، ولا علاقة للدين بالسياسة، لأن السياسة تصيب في الدين مقتلاً. لمثل هؤلاء، رجالاً ونساءً، ألف تحية، وانحناءة احترام، وشكر على مسار.

هؤلاء أعلاه، لا يمتون بصلة، لزعيم طائفي، او ديكتاتور طغياني، او آفاك سياسي. انه نقيض لرجال الدين السياسيين، الذين إذا صلوا، فمقابل عائد مالي او سياسي او اجتماعي. تهمهم الوضعية أكثر من الآية. ولا نظلم طائفة او مذهباً سياسياً. فكلهم والمال على صداقة وتبعية.

هل يقبل رجال الدين السياسيين أن يعَاملوا كزملائهم في السياسة والاقتصاد والمال. لقد بلغنا الحافة. ما قيل من اتهامات وما يُساق من شتائم بذيئة، (وهي عملة السفهاء) وما تتعرض له  “مقامات” رفيعة، قد يسفر عن إشعال نار الفتنة في لبنان. “الحياد” مشروع فتنة. ألم يقل الآخرون ذلك؟ الاتهامات باتت علنية ومندلقة في وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل، وبواسطة “جيوش النمل” السخية؟ ألم توصف المقاومة وسيدها، بالعمالة والانصياع واحتلال لبنان؟ إلى اين سنصل عندما تبدأ الفتنة؟

إقرأ على موقع 180  "أيام لبنانية حاسمة".. حكومة دياب إلى الإنتخابات دُرْ!

كأننا على ابواب الساعة الأخيرة. لبنان على عتبة نهاياته. الشعب “في كل وادٍ يهيمون”. القضايا، معروضة للبيع. الإنسان؟ ابحثوا عنه. ستجدونه فقط، بين المطلوبين والمضطهدين والهائمين والجائعين والمهاجرين.

تباً. ليت لبنان لم يكن، منذ بداياته، مُلكاً لشياطين الطوائف.

Print Friendly, PDF & Email
نصري الصايغ

مثقف وكاتب لبناني

Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  "الخميس الحكومي" من بعبدا إلى نصرالله: لا حكومة!