إيران تُوحّد أوروبا وأميركا في مفاوضات فيينا!

مع إنتهاء الإجتماع الذي عقد في بروكسل بين نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري ونظيره الأوروبي إنريكي مورا، أعلنت طهران أن الجولة السابعة من محادثات فيينا ستبدأ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.

كانت حجة الحكومة الإيرانية منذ ولادتها قبل ثلاثة أشهر أنه لا بد من تأليف فريق تفاوضي جديد، ومراجعة الجولات الست السابقة من المفاوضات والتركيز على جدول أعمال المفاوضات المقبلة لضمان نتائجها.

تعتقد طهران أن الهدف من المشاركة في الجولة السابعة من محادثات فيينا يبدأ برفع العقوبات وينتهي بإعادة ربط اقتصاد إيران بالإقتصاد العالمي، فالعقوبات الدولية لا تضر بالولايات المتحدة وحلفائها اقتصادياً بل بإيران وهي تُكبّد إقتصادها خسائر بعشرات ملايين الدولارات يومياً ويقع العبء الأكبر جرّاء هذه العقوبات على كاهل الشعب الإيراني، وهذه هي النقطة التي تهدف من خلالها العقوبات الأميركية إلى تعميق الفجوة بين النظام والشعب.. وعبر هذا الممر في الداخل، تأمل أميركا بإنهيار النظام السياسي الإيراني.

إذا أخذنا هذه الفرضية في الإعتبار، فإن الحكومة الإيرانية الجديدة أهدرت حوالي 60 يومًا تقريبًا منذ وصولها إلى السلطة في 11 آب/أغسطس الماضي، وهذا الفاصل (التأخير) تسبب بأضرار اقتصادية للهيكل المالي والتجاري الإيراني. لماذا التأخير وما هي عقدة العقد التي تحول دون إنطلاق المفاوضات؟

تطلب إيران من الولايات المتحدة تقديم ضمانة أميركية دائمة بعدم الإنسحاب مُستقبلاً من الاتفاق النووي، وأصبح هذا المطلب من أبرز عناصر جمود محادثات فيينا. بالمقابل، تعتبر الولايات المتحدة أن تقديم ضمانة من هذا النوع مخالفٌ للدستور الأميركي من جهة ومخالف للاتفاق النووي من جهة أخرى. يُردد الأميركيون أنه لا توجد مثل هكذا ضمانة وأن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 هو اتفاق سياسي قائم على التزامات سياسية فقط. وتقول واشنطن إنه إذا أرادت إيران تغيير الاتفاق، فإن للولايات المتحدة مطالب جديدة ستضعها على الطاولة أيضاً.

وتقول سارة معصومي الباحثة السياسية الإيرانية، إنه في حين تحدث علي باقري، في لقائه الأخير مع نظيره الروسي سيرغي ريابكوف، عن المساعدة الروسية لإيران في محادثات فيينا، فإننا شهدنا في الضفة الاخرى كيف أن الترويكا الأوروبية وأميركا أعادوا إحياء جبهة موحدة ضد إيران.

ربما تكون الرسالة التي تريد إيران إيصالها بطريقة غير مباشرة إلى الولايات المتحدة تتعارض مع مصالح الوسطاء (الأوروبيين)، لذلك، تصبح احتمالات التلاعب واردة. ويعتقد بعض الخبراء أن زيارة باقري الأخيرة إلى بروكسل باءت بالفشل

وفي هذا المجال يقول نصرت الله تاجيك الدبلوماسي الإيراني السابق إنه يجب على إيران تغيير مسار المحادثات لأنه من الواضح أن الجانب الأميركي لا يمكنه تقديم ضمانة دائمة وإلزام حكومات أميركية مستقبلية بالاتفاق النووي. هذا التحدي له حل دبلوماسي، “لكن لا ينبغي الإصرار عليه لأنه سيتسبب في خسارة إيران للنقاط الأخرى التي كسبتها في مفاوضات فيينا”، يقول تاجيك.

ويعتقد تاجيك أن فريق السياسة الخارجية لحكومة ابراهيم رئيسي يبدو مرتبكًا ويفتقر إلى التماسك اللازم ويجب أن يعلموا أن مرور الوقت ليس في مصلحة إيران لان الولايات المتحدة وحلفاءها يستخدمون كل الوسائل ضد إيران، وفي المقابل، لا نرى نهجًا متماسكًا وشفافًا من فريق السياسة الخارجية للمفاوضات. ويضيف تاجيك: “المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة لا تحمي مصالح إيران”.

ربما تكون الرسالة التي تريد إيران إيصالها بطريقة غير مباشرة إلى الولايات المتحدة تتعارض مع مصالح الوسطاء (الأوروبيين)، لذلك، تصبح احتمالات التلاعب واردة. ويعتقد بعض الخبراء أن زيارة علي باقري الأخيرة إلى بروكسل ومحادثاته مع إنريكي مورا لم تحقق أي نتائج لإيران، بل على العكس، قرّبت الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في نظرتهما السلبية إلى مطالب إيران. لذلك، على إيران إجراء مقاربة مختلفة للمفاوضات غير المباشرة على قاعدة أولوية مصالحها الوطنية.

ويشير الباحث الإيراني محمد يوسفي إلى إن التأخر في بدء التعامل مع الغرب والتقرب المبالغ به مع روسيا والصين “ربما يكون أكبر خطأ استراتيجي ترتكبه إيران، في الوقت الذي تعلن فيه روسيا صراحة أن إيران ليست حليفاً سياسياً لها والتجارب السابقة تثبت أن الصين تركت المشاريع التي كانت تنفذها في إيران قبل إكمالها، وهذا يعني أن إيران ومن خلال التعامل بندية مع الغرب يمكن أن تحقق مكاسب أفضل من وجهة النظر التجارية والرفاه الشعبي”.

وفي ما يتعلق بالإتهامات الموجهة لإيران حول مساعيها لإنتاج القنبلة النووية، يقول يوسفي إن السؤال الأهم هو ما هي فوائد وأضرار حصول إيران على القنبلة النووية؟ الحصول على قنبلة نووية في الوقت الراهن لن يضيف أي فائدة لإيران، فحال القنبلة النووية كحال المنظومة الصاروخية التي تمتلكها إيران. هي منظومة ردعية فقط.

أما الخبير في السياسة الخارجية رحمان قهرمانبور فيقول إن نافذة إحياء الاتفاق النووي تقترب من الاغلاق، فإيران تحاول الاستفادة من انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي بزيادة قدرتها التقنية النووية، “فهل ستكسر هذه الاستراتيجية الإيرانية الجمود هذه المرة أيضًا وهل ستكسب إيران المزيد من النقاط”؟

إقرأ على موقع 180  الجنائية الدولية.. هل تجعل إسرائيل سجناً لقادتها؟

أصبحت سياسة الفريق الإيراني المفاوض برئاسة علي باقري الآن أمام أعين الرأي العام الإيراني وبطبيعة الحال تتعرض لانتقادات وأسئلة، أبرزها كيف يمكن لعلي باقري الذي كان معارضًا قويًا للإتفاق النووي أن يدافع الآن عن سياسات إيران النووية خلال الجولة السابعة من محادثات فيينا؟

من الواضح أن مفاوضات الجولة المقبلة في فيينا لها تعقيداتها الخاصة، ولكن طالما أن الاتفاق النووي للعام 2015 هو أفضل خيار أميركي للرقابة على برنامج إيران النووي وأفضل خيار لإيران لرفع العقوبات.. هناك أمل بأن تؤدي الجولة السابعة من مفاوضات فيينا إلى نتائج إيجابية.

 

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  "الاثنين الأسود" بين النفط الصخري واكتتاب "أرامكو"