محمد حسنين هيكل هو أهم صحفى مصرى وعربى وربما واحد من ألمع الصحفيين العالميين، وحسب ما قاله الدكتور والمفكر السياسى الكبير د. مصطفى الفقى رئيس مكتبة الإسكندرية فإن هيكل ظاهرة لا تتكرر فهو المفكر الاستراتيجى والسياسى المحنك، والكاتب والمحلل الصحفى والأديب والروائى. والعديد من الأجيال تدين لهيكل بثقافتها السياسية من خلال عموده «بصراحة» كل يوم جمعة فى “الأهرام”.
هيكل هو من كتب كل وثائق ثورة يوليو/تموز ١٩٥٢، من أول فلسفة الثورة إلى الميثاق إلى بيان ٣٠ مارس/آذار، نهاية بنعى جمال عبدالناصر وأخيرا كتابة التوجيه الاستراتيجى لحرب أكتوبر/تشرين ١٩٧٣ المجيدة.
وحسب قول الفقى فإن هيكل كان هو المنارة والعقل الراجح، وأنه يعتز بأنه استطاع أن يجذب مكتبة ومقتنيات هيكل إلى مكتبة الإسكندرية حافظة التاريخ والتراث والتى سيضيف إليها هيكل الكثير بمتحفه.
الطبيعى أن كل عارفى هيكل ومحبيه قرأوا كتبه واستمعوا إلى أحاديثه أو شاهدوها عبر التلفاز والوسائط الإلكترونية المختلفة، لكن الجديد فى المتحف هو أنه سيكون منارة للباحثين والدارسين والأجيال الجديدة التى تريد أن تعرف الكثير عن هيكل الإنسان والظاهرة المتفردة.
المتحف يضم ٤٠٠ كتاب تشمل كل مؤلفات هيكل. لكنه يضم أيضا كل مقتنياته ومتعلقاته الشخصية وخرائط تاريخية نادرة لمصر، وبعض الوثائق المكتوبة بخط يد جمال عبدالناصر، وعددا من مسودات كتب هيكل.
الأجيال الجديدة، وكل من لم يعرف هيكل عن قرب سيعرف من خلال هذا المتحف كل ما يتعلق بهيكل الإنسان من أول شهادة ميلاده الصادرة فى ٢٤ سبتمبر/أيلول ١٩٢٣ بعد يوم واحد من مولده من قسم الجمالية، مرورا ببطاقته الشخصية الورقية الصادرة عن شياخة الدقى، وشهادته من مدرسة الظاهر وكذلك العديد من جوازات سفره العادية والدبلوماسية.
من المقتنيات أيضا بعض الأقلام الرصاص والجاف والحبر التى كان يكتب بها هيكل والنظارات، والأنتيكات الصغيرة والأوراق الخاصة، ودفاتر توضح كيف كان هيكل يدون مواعيد لقاءاته مع أصدقائه ومعارفه، وإحدى هذه الأوراق توضح أنه فى أسبوع واحد أعطى مواعيد مرتين للمهندس إبراهيم المعلم ومرة لأيمن الصياد، وأحد كبار المسئولين عقب ثورة ٣٠ يونيو/حزيران ومرة للمرحوم ياسر رزق.
فى المتحف أيضا مكتب هيكل الخاص وعرفت من ابنه الدكتور أحمد هيكل أن هذا هو المكتب الأصلى الذى كان موجودا فى الدقى بجوار منزله، إضافة إلى عدد كبير من الصور الشخصية لهيكل مع العديد من كبار زعماء العالم ومفكريه، وفى هذه الصور ستجد جمال عبدالناصر وأنور السادات وهما يزوران هيكل فى “الأهرام” ويجلسان على مكتب رئيس التحرير، إضافة إلى صور مع نجيب محفوظ وأم كلثوم.
كل مؤلفات هيكل نقلت للمتحف الجديد، إضافة إلى أبرز الكتب التى كان يقتنيها فى مكتبته.
السيدة هدايت تيمور زوجة الكاتب الراحل ورفيقة المشوار الطويل قالت فى كلمتها إن يوم افتتاح المتحف يصادف مرور ٨٠ عاما على تعيين هيكل فى صحيفة “الإيجيبشيان” جازت فى ٨ فبراير،شباط ١٩٤٢، وأن الأسرة عملت طويلا مع مكتبة الإسكندرية حتى يكون جناح ومتحف هيكل معبرا وناقلا أمينا لكل القيم الصحفية والمهنية.
دار الشروق كانت حاضرة بقوة فى هذا الجناح فهى الناشر الحصرى لكل مؤلفات هيكل فى السنوات الأخيرة، وأصدرت له طبعة خاصة مجلدة وأنيقة، وشرح لى المهندس إبراهيم المعلم بداية العلاقة منذ أن طبعت له دار الشروق كتابا حينما كانت تعمل انطلاقا من بيروت، نهاية بكل إصداراته مرورا بمجلة “وجهات نظر” التى كان يكتب لها هيكل مقالا شهريا مطولا ينتظره الكثيرون.
فى يوم افتتاح المتحف كان هناك العديد من أصدقاء ومحبى ومريدى هيكل ومنهم إبراهيم المعلم وعبدالعزيز سيف الدين ومحمد فائق وجميل مطر ومنير فخرى عبدالنور وأحمد الجمال وعبدالله السناوى وعمرو الشوبكى ويوسف القعيد وهدى جمال عبدالناصر ود. محمد عبداللاه وأيمن السيد فؤاد وحسين عبدالغنى وأميره أبوالمجد وهانيا الشلقانى وشريف عامر ويحيى قلاش ومحمد شعير وجمال فهمى وإبراهيم منصور وأحمد طلال سلمان، إضافة بالطبع إلى أبناء هيكل الثلاثة الدكتور على والدكتور أحمد وحسن وأسرهم، وكاتب هذه السطور.
افتتاح هذا المتحف يُحسب لمكتبة الإسكندرية ولرئيسها الدكتور مصطفى الفقى الذى يسعى دائما لاجتذاب مكتبات ومقتنيات كبار المفكرين والمثقفين والمبدعين.
(*) بالتزامن مع “الشروق“