“بلاك فرايدي” .. قضت بقطع الرأس
تقول صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن السبب الذي دفع بالقيادة العسكرية الإسرائيلية إلى القيام بعملية تصفية الطبطبائي، والتي أسموها “بلاك فرايدي”، ليس محصوراً بالموقع الذي يشغله كرئيس أركان أو رقم 2 في “حزب الله” وحسب، إنما لقيامه بأدوار عديدة في إعادة بناء التنظيم استناداً لتقرير أعدّته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، والذي يفيد؛ بأنه “في موازاة عمليات الجيش الإسرائيلي المستمرة في لبنان، يعمل حزب الله على تهريب الأسلحة باستمرار، ويسعى في الوقت عينه لتجنيد عناصر جديدة في صفوفه”، ووُصف الطبطبائي بأنه عنصر “حاسِم” في هذه الجهود. وبصفته “أحد أعلى قادة التنظيم الذين بقوا على قيد الحياة، بعد موجة الاغتيالات خلال الحرب”.
ويقول المحلل العسكري في “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، “إن لإسرائيل مصلحة في قطع رأس قائد رفيع المستوى وذي خبرة واسعة في “حزب الله”، قاد عمليات المحور الشيعي في اليمن وسوريا والعراق، وكان قائد الجبهة الجنوبية لـ”حزب الله” في الحرب الحالية، بعد تصفية قائد الجبهة الجنوبية السابق، علي كركي، في صيف العام 2024″ ويتابع الكاتب “أن غياب أي قائد كبير ومتمرس يُقصى، حتى لو عُيّن بديل له، يُضرّ، ولو مؤقتاً، بفعالية الأداء العسكري للمنظمة”.
يتفوق على الأمين العام!
بدوره، يتطرق الجنرال السابق في “لواء جولاني”، كوبي ماروم، في مقالة له في موقع قناة N12، إلى شخصية الطبطبائي، فيقارنه بالأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، ويقول “إنها عملية إحباط تستهدف قائداً عسكرياً لديه خبرة واسعة في مختلف المواجهات مع إسرائيل، في وقتٍ يفتقر زعيم التنظيم (الشيخ) نعيم قاسم إلى خبرة مشابهة. كان الطبطبائي أيضاً من الذين حاولوا الدفع في اتجاه ردّ قوي على الهجمات الإسرائيلية المتكررة والتصعيد، في أعقاب الخسائر المتواصلة في صفوف مقاتلي حزب الله”.
ويشير الجنرال ماروم إلى هدف إضافي، “هو إيصال رسالة واضحة لرئيس لبنان، ولحكومة لبنان، وللجيش اللبناني، ولحزب الله، مفادها بأن إسرائيل لن تتساهل، ولن تسمح للتنظيم بإعادة بناء قدراته. إنه خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل. ومن المهم الإشارة إلى القدرات الاستخباراتية والعملياتية للجيش الإسرائيلي، الذي استغل فرصة عملياتية استثنائية، مع قبول مخاطرة مدروسة في إمكان التصعيد في الشمال”.
كيف سيرد الحزب؟
يحصر الجنرال ماروم خيارات الرد المتاحة أمام حزب الله بأربعة:
“1-إطلاق طائرات مسيّرة، أو مسيّرات انتحارية في اتجاه أهداف في إسرائيل.
2-إطلاق رشقات صاروخية نحو الشمال.
3-إطلاق صواريخ بعيدة المدى نحو العمق الإسرائيلي (احتمال منخفض).
4-تنفيذ عملية في الخارج ضد سفارة أو إسرائيليين”.
لم يهزم “حزب الله”
من جهته، يتساءل تامير هايمان، رئيس جهاز الاستخبارات الأسبق، ومدير معهد دراسات الامن القومي الإسرائيلي، وأحد أبرز الذين يقف عند رأيهم أصحاب القرار الأمني والعسكري في الكيان، في مقالة له في موقع القناة N12 نفسه، “ماذا سيحدث إذا وصلنا فعلاً إلى خوض أيام قتال، أو تصعيد إضافي في الشمال؟ .. لم يُهزَم الحزب، فهناك بديل من كل قائد يُغتال، وإن لم يكن في مستواه، ونعم، لا يزال لدى حزب الله صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة قادرة على إصابة العمق الإسرائيلي، ولو بكميات أقل”. ويتابع الباحث “لكن مجرد فكرة أننا نناقش السؤال عمّا إذا كان حزب الله سيردّ أصلاً، بعد اغتيال رئيس أركانه، وبأيّ حجم، يجسّد الوضع الجديد الذي نشأ في الشمال ما بعد الحرب”.
“مبدأ الوقاية” بعد 7 اكتوبر
ويشدد رون بن يشاي على مبدأ الوقاية لحماية سكان الشمال، بقوله “تُثير جهود “حزب الله” لإعادة الإعمار العسكري قلقا في إسرائيل، كما تصطدم بمبدأ جديد في مفهوم الأمن القومي – مبدأ الوقاية. ينص هذا المبدأ على أن إسرائيل لن تسمح للأعداء الذين يشكلون تهديدا عمليا وملموساً لدولة إسرائيل، وخاصة لسكان المناطق الحدودية، بتعزيز قوتهم والاستعداد لاقتحام أراضينا. هذا المبدأ هو درس مباشر من أحداث 7 تشرين الأول في الجنوب”.
ويقول عازر غات، رئيس برنامج الأمن والدبلوماسية في كلية العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، “أنه لم يعد “حزب الله” موجوداً كجيش “إرهابي” قوي على ‘,G الحدود الشمالية لإسرائيل، أو قادراً على غزو سريع لأراضيها والتهديد بغزو الجليل”، ومن ثم يستدرك “هذا لا يعني أن “حزب الله” لم يعد يُشكل تهديداً. الآمال في نزع سلاح المنظمة ضئيلة. في الواقع، يبذل “حزب الله” جهوداً حثيثة لإعادة تأهيل نفسه، ومن المتوقع بالتأكيد اندلاع معارك ضده. مع ذلك، أصبح “حزب الله” اليوم أضعف بكثير مما كان عليه، بعد أن خسر جبهته الداخلية في سورية، ولن تسمح له إسرائيل – لا سيما من خلال سلاح الجو والقوات الخاصة – بالعودة بقوة إلى جنوب لبنان”.
