في سوريا مثلًا، يُولد الانسان فلسطينيًا. من أب فلسطيني يولد في سوريا، من جد فلسطيني ولد في سوريا، ومع ذلك دائمًا ما يقال له “أنت فلسطيني ولست سوريًا” وطبعًا لا يُعامل معاملة المواطن السوري!
وربما في الأردن ولبنان يتكرر الأمر ذاته.
هنن أصلًا العرب شو موقفن من فلسطين كلها ع بعضها؟
باعوا واشتروا بحقها غنم، لا وكمان اتطبعوا مع “إسرائيل الحبيبة” وعملوا معها معاهدات سلام.
***
معظم العرب لا تعرف أن اليمن بقيت أكثر من 8 سنوات تغرق بويلات الحرب التي أحد أطرافها “التحالف العربي” بقيادة المملكة “العربية” السعودية والإمارات “العربية” المتحدة بالاشتراك مع دول عربية أخرى!
حرب من أسوأ الحروب و الكوارث الانسانية في عصرنا.
هل من احد انتفض؟ أو ندّد؟ او حتى استنكر؟ أو بالأحرى حدا بيعرف؟
***
كم مضى من الوقت على حرب العراق وهي تحصد أرواحًا؟
والحرب في سوريا التي تجاوزت العشر سنوات، هل من أحد انتفض؟ هل من أحد ندّد؟ أو استنكر؟ أو بالأحرى هل من استقبلنا عندما هاجرنا؟
السوري بعد الحرب اصبح “نكرة” بالنسبة للعرب. مُنع عليه دخول بلادهم، ليس له تأشيرة أو فيزا أو إقامة. منبوذ، إذا في بلد عربي بيقدر يدخلو ف بالواسطة او بطريقة غير شرعية، وإذا دخل احتمال كبير ينام بالشارع وياكل من الفضلات او ما تيسر له من فتات، في حال ما لاقى شغل، وتهمة “أنت سوري” ملاحقتو متل خيالو!
بالمقابل؛
القارّة الأوروبية انتفضت ونددت بالحرب ع أوكرانيا وتضامنت شعوبًا وحكّامًا معها.
الحدود انفتحت أمام الهاربين من الحرب.
ألمانيا سمحت ان يستخدموا المواصلات والقطارات مجانًا بشكل كلّي لتسهيل وصولهم الى مكان آمن.
وأصدرت قرارات بمنحهم إقامات لا تقل عن ثلاث سنوات من دون الحاجة لمعاملات بيروقراطية وخصصت ميزانية للدعم الانساني للمتضررين من الحرب.
تمامًا مثلما تعامل معنا الوطن العربي عندما هاجرنا.
(فرد شكل).
خُلاصة القول؛
العنصرية والنبذ!
***
ليس كل ما تسمعه في قلبك صوتك الشخصيّ. نعتاد اختزان أصوات منتقدينا ومؤنّبينا في الطفولة المبكرة ونكبر لنرتكب أذاهم في حقنا نيابة عنهم.
عطفًا على ما سبق. نحن مجموعة من الأصوات وليست كلها أصيلة. مهمتك إيجاد صوتك الشخصي وتمكينه لينتصر على البقية.
لما بدك تنتخب جرّب صوتك، واسمعو منيح.
***
إنّ سرعةَ تسلّل العجز في هذه البلاد ظاهرةُ لا تستطيعُ حتّى ورقةٌ من فئة الخمسة آلاف أن تمحوها من على وجهِ طفلٍ لا يملك الكثير من الخيارات، فإما وجبةُ طعامٍ لا تستطيع حتى أن تملأ إحدى زوايا معدته، وإما لعبةٌ لا تعبّر عما يحبّه، بل تعبّر عن أنّ ما يملكه من مال لا يجلبُ له أفضل منها.
تماماً كعجزِ الناسِ في أن تدسّ أكفّها في جيوب ثقبَها تراكم الحاجة.
***
محدودية الخيارات لا تعبّر إلا عن اختناقِ الراحةِ في صدور الناس، وعن تفضيلِ التردد على المبادرة، وعن اعتياد الانسان على الخوف، وأنّ هؤلاء باتوا يعلمون من خلال التجربة والسنين أن الإرتجاف خيرٌ من المجازفة.
تمامًا كما ترتجفُ نصف العوائل اليوم خوفاً مِن فكرةِ أن ابنهم لن يخرج من المعتقل او السجن، وتماماً كما يرتجفُ النصف الآخر خوفاً أن يخرج فقيدهم بنصف عقل، بنصف شخصية، بنصف جسد.
وجهُ هذا العيد أو ذاك لا يستطيع طمسَ معالم العجزِ في أنحاء البلاد، ولا يستطيع أن يزيح عن الصدور ثِقَل التفكير في شكل الغد، ولا يعطي فرصةً لتذكّر الأمس ماذا جمع من الوجوه والصدور ورحل!
لا تنسوا ذاكرتكم خلفكم، أحضروها معكم وافتحوها مثلما تفتح الصرر، دلوا الأمهات المنتظرات على شرفاتهن على ابنائهن، دلوا الآباء المحطمين اين أولادهم.
وعرّفونا الحقيقة، كيف استطاعوا أخذ ذاكرتكم.
حرقتم المشهد المشوّق في مسرحية الله على أرض هذه البلد.
إنّنا كبشرٍ نعيشُ على بعض القرارات والأطعمة، ونستقلّ خيالنا الوردي مع الباصات، ونمشي على الأرصفة التي لا نعلم ماذا تحملُ تحتها، لا نحمل من الحياة إلا اللحظة، فنعيش اللحظة عاريةً كما يدسّها الظلم، بلا أن يجرّب الذينَ أجبرونا على ذلك أن يكذبوا علينا،
لدرجةِ أنّ الناس أصبحت تنتظر أن يعود أبناءها بعد سنوات، فاختارت مكاناً وزماناً دون سبب، لانتظار الغائبين الذين لن يعودَ حتّى ربعهم، ثمّ تمنّي نفسها بأن يوزعوا الأموال من فئة الخمسة آلاف حصرًا على الأطفال إن خرجَ فلان، وهي لا تملك ثمنَ غداء الغد!
***
شيء ثابت. ومن يراهن على صمود الأشياء وقتًا أطول من عمرها، يبدو أحمق الشخصية، فقد عزّزت الحياة مرّات كثيرة حقيقة التغيير كشيء أساسيّ وضروري أحيانًا، والنضوج ليس في توقّفك عن الإحتفال بذكرى مولدك مثلاً، إنما يتجلّى في قراراتك، كأن تبدأ في تشطيب الأشياء من دفتر الأبديّة، ببطء.. وسقوطًا بعد آخر، تضطر لإحراقه.