هل إنتهى زمن “صُنع في ألمانيا”؟

الشركات الصناعية قد تنزح خارج حدود ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد صناعي في أوروبا، بل وخارج التكتل الأوروبي، والحكومة الألمانية قد تلجأ بنفسها إلى إغلاق بعض القطاعات الصناعية، بسبب نقص إمدادات الطاقة الروسية، عصب الصناعة الألمانية، وتكاليفها المرتفعة.. هذا الكلام ليس لخبراء اقتصاديين بل تحذيرات جدية من الحكومة الألمانية نفسها.

ماذا لو توقف إمداد الغاز الروسي نهائياً إلى ألمانيا؟ هل تحزم الصناعة الألمانية أمتعتها وتغادر إلى غير رجعة؟ كل شيء ممكن، خاصة أن الحرب الأوكرانية أثبتت أن فلاديمير بوتين لا يعرف المحظورات!

قبل عام تقريباً، كان سعر الغاز في ألمانيا حوالي 50 يورو لكل ميغاوات/ساعة، أما اليوم، وبعد 6 أشهر من الحرب الأوكرانية، وصل سعر الغاز إلى حوالي 237 يورو لكل ميغاوات/ساعة.. الحكومة الالمانية قررت اعادة تشغيل محطات الطاقة المغلقة التي تعمل بالفحم بسبب تقييد امدادات من روسيا.

الشركات الصناعية حالياً تقيّد إنتاجها أو تتخلى عن جزء منه.. أكبر مصانع السيارات في ألمانيا، مثل BMW وVW، توقفت عن الإنتاج بسبب توقف توريد أسلاك الكابلات التي كان يتم إنتاجها في أوكرانيا.

ألمانيا، ماكينة العالم الصناعية، ومقر الشركات العالمية العملاقة، تئنّ تحت وطأة الرد الروسي على العقوبات الأوروبية، والخسائر الاقتصادية قد تصل إلى نحو 230 مليار يورو في عامي 2022 و2023 إذا توقفت إمدادات الغاز الروسي فجأة، بحسب خبراء اقتصاديين.

وحسب بيانات غرفة التجارة والصناعة الألمانية فإن دراسة شملت شمل 3500 شركة، تبين من خلالها أن 25 بالمائة بصدد تخفيض الإنتاج أو التخلي عن جزء من مجالات عملها. كما تبين أن 50 بالمائة منها تخطط لخطوات مشابهة مستقبلاً.

ويقول رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية، بيتر أدريان: «لم يعد أمام الكثير من الشركات شيء آخر سوى الإغلاق أو نقل الإنتاج إلى مقرات أخرى”.

وحذر اتحاد الصناعات الألمانية من أنها مسألة وقت فقط قبل أن تضطر مصانع الكيماويات والصلب إلى التوقف، ولا تصل الزيوت المعدنية ومواد البناء إلى وجهتها أو يتعذر إجراء عمليات نقل كبيرة وثقيلة الحجم.

ومن سخرية القدر، أن مصيبة جديدة حلّت على القطاع الصناعي في ألمانيا، بعد انخفاض منسوب المياه في نهر الراين إلى أدنى مستوى تاريخي، ما يؤثر على الشحن التجاري النهري.. يعني «فوق الموتة عصّة القبر”!

وحسب موقع “دويتشه فيلله” فإن آخر البيانات الصادرة عن مكتب الاحصاءات الاتحادي في برلين أظهرت أن الناتج المحلي الإجمالي الألماني لم يحقق أي نمو خلال الربع الثاني من العام 2022 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. يأتي ذلك في الوقت الذي بلغت فيه معدلات التضم مستويات مخيفة وغير مسبوقة تراوحت بين 5 و9 بالمائة خلال الأشهر الستة الأخيرة من 2022. وخلال الربع الأول من هذا العام لم تتجاوز نسبة النمو 0,8 بالمائة. وتذهب توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل نمو الاقتصاد الألماني هذه السنة سيكون فقط بحدود 1,2 بالمائة”.

ويقول المستشار في الحكومة الألمانية، أكيم تروجر: «إذا نظر أي شخص إلى ألمانيا على أنها نموذج يحتذى، فربما حان الوقت للحصول على نظرة واقعية أكثر عن نقاط القوة والضعف، لم يعد أحداً مثالياً”.

هذا التحول الاقتصادي يرافقه تحول سياسي غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، دشّنه الخطاب التاريخي للمستشار الألماني أولاف شولتز في 27 شباط/فبراير 2022، أي بعد ثلاثة أيام من إندلاع الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وشدد فيها على ضرورة إعادة الإعتبار إلى الجيش الألماني المهمل منذ عقود وذلك بإنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار دولار لتمويل المشتريات العاجلة لهذا الجيش. يطرح تعزيز الجيش الالماني اسئلة المانية واوروبية واميركية كثيرة ربطا بتاريخ المانيا.. ومستقبلها.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الحرب السيبرانية بين طهران وتل أبيب.. تندلع "رسمياً"!
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  ثورات لا اتحاد.. أزمات متنقلة في الفضاء السوفياتي