بلغ عدد الناخبين في دائرة البقاع الغربي وراشيا 153975 ناخباً وهم 4.11% من إجمالي الناخبين في لبنان ويتوزعون حسب الطوائف على المسلمين 121493، (سنة: 76004)، (شيعة: 23007)، (دروز: 22482). والمسيحيين 32482، (ماروني: 10540)، (روم ارثوذكس: 10444)، (روم كاثوليك: 10762)، (ارمن ارثوذكس: 30)، (ارمن كاثوليك: 46)، (انجيلي: 510)، (اقليات: 150). ويتوزعون حسب الإقامة الى 104088 مقيماً و49887 في الإغتراب[1]، وهم ممن تجاوزت اعمارهم الـ 21 سنة، الامر الذي يعني استثناء من هم بين سن البلوغ (18) وسن الإنتخاب (21) ويبلغ عددهم في الدائرة 10932 ناخباً محروماً[2].
وبلغ عدد المقترعين 68.346 (بينهم 2.198 ملغاة) ونسبتهم 44.38% من الناخبين، فتكون الاصوات المحسوبة 66148 (وبينها 616 ورقة بيضاء). والحاصل الإنتخابي 9.997 وتوزعت كالآتي:
- لائحة الغد الأفضل نالت 28.920 صوتا بنسبة 43.720% من المقترعين، والاصوات التفضيلية لكلٍ من مرشحيها هي:
- قبلان قبلان 10143 صوتا بنسبة 17.667% من اصوات المقترعين ونسبة 35% من أصوات اللإئحة.
- حسن مراد 9157 صوتاً بنسبة 15.946% من أصوات المقترعين ونسبة 31.663 % من أصوات اللائحة.
- شربل مارون 3576 بنسبة 6.227% من اصوات المقترعين ونسبة 12.365% من أصوات اللائحة.
- طارق الداود 2670 صوتاً بنسبة 4.649% من اصوات المقترعين ونسبة 9.232% من أصوات اللائحة.
- ايلي الفرزلي 2304 صوتاً نسبة 4.012% من أصوات المقترعين ونسبة 7.966% من أصوات اللائحة.
- لائحة القرار الوطني المستقل نالت 19,054 بنسبة28.805% من المقترعين والاصوات التفضيلية لمرشحيها هي:
- وائل ابو فاعور 9202 صوتاً بنسبة 16.024% من أصوات المقترعين ونسبة 48.294% من أصوات اللائحة.
- محمد القرعاوي 4811 صوتاً بنسبة 8.378% من أصوات المقترعين ونسبة 25% من أصوات اللائحة.
- علي ابو ياسين 2928 بنسبة 5.099 %من أصوات المقترعين ونسبة 15.366% من أصوات اللائحة.
- غسان سكاف 776 بنسبة 1.351% من أصوات المقترعين نسبة 4.072% من الصوات اللائحة.
- جهاد الزرزور 571 بنسبة 0.994 %من أصوات المقترعين. ونسبة 2.996% من اصوات اللائحة.
- عباس عيدي 294 بنسبة 0.512 % من أصوات المقترعين ونسبة 1.542% من أصوات اللائحة.
- لائحة سهلنا والجبل نالت 11,397 بنسبة 17.229% من اصوات المقترعين وحاصلها 1 والاصوات التفضيلية لمرشحيها هي:
- ياسين ياسين 6004 أصوات بنسبة 10.445% من اصوات المقترعين ونسبة 52.680% من أصوات اللائحة.
- ماغي عون 1825 صوتاً بنسبة 3.178% من اصوات المقترعين ونسبة 16.012% من أصوات اللائحة.
- بهاء الدين دلال 1609 صوتاً بنسبة 2.802% من أصوات المقترعين بنسبة 14.117% من أصوات اللائحة.
- سالي شامية 992 صوتاً بنسبة 1.737% من أصوات المقترعين بنسبة 8.704% من أصوات اللائحة.
- حاتم الخشن 565 صوتاً بنسبة 0.984% من اصوات المقترعين ونسبة 4.957% من اصوات اللائحة.
- بقاعنا أولا 5.316 صوتا بنسبة 8.036% من اصوات المقترعين، بدون حاصل، وكان الصوت التفضيلي فيها لمرشح القوات 4761 صوتا بنسبة 7.19% من أصوات المقترعين وبنسبة 89.55% من اصوات اللائحة.
- لائحة قادرين 653 صوتاً بنسبة 0.929% بدون حاصل.
- نحو التغيير 192 صوتاً بدون حاصل (انسحبت قبل يوم الإقتراع).
- إستنتاجات:
يقود هذا العرض الى جملة إستنتاجات، سنختصر المعروف منها ونتوسع، قليلا، في الملتبس منها:
- التأثر الشديد بالظروف الإستثنائية التي يمر بها لبنان: إنْ بحدة الصراعات الدولية والإقليمية أو بالإنهيار الإقتصادي-الإجتماعي- المالي وتحلل مؤسسات الدولة وإداراتها، الأمر الذي أدى الى مزاج شعبي متذمر وناقم ضد الوضع القائم والمسبّين له، اي القوى الحاكمة، وتقاذفته ثلاثة اتجاهات؛ يحمّل الأول القوى السياسية المندرجة ضمن المحور الإيراني المسؤولية عن تردي الوضع ويحمل الثاني القوى السياسية المندرجة ضمن المحورالاميركي- السعودي المسؤولية ويحمل الثالث الطرفين المسؤولية دون قوى سياسية ترعاه، لتشتت التشكيلات التى قامت لتعبر عنه وضعفها ولتخبط القوى اليسارية المؤهلة، نظريا، لقيادته، وكان للإتجاهين الأولين وسائل إعلام وشركات تضخ لبلورته على وسائل التواصل الإجتماعي والبرامج في حين لم يكن للإتجاه الثالث سوى وسائل التواصل الإجتماعي وتدافع القوى السياسية في الإتجاهين الأولين لإحتوائه.
- إنحكام الإنتخابات بمستجدات ما بعد الطائف، وابرزها:
- تعميق الطائفية في النظام، وعُبر عنها في السنوات الأخيرة بـ:قانون الإنتخابات الذي جمع بين متناقضات (التمثيل النسبي والتمثيل الأكثري، التمثيل الوطني والتمثيل الطائفي)، توسيع دائرة التوزيع الطائفي في كل الوظائف، حصر التوظيف والخدمات عبر الزعماء.
- إنماء قطاع الخدمات على حساب القطاعات الأخرى.
- التفلت من أحكام الدستور والقوانين في السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية وإستبدالها بعلاقات زعاماتية- زبائنية، والأمثلة كثيرة ومتداولة.
- إنحكام الإنتخابات بطبيعة المنطقة الحدودية وجغرافيتها، والقلقة بفعل تعرضها المعاصر لإحتلال اسرائيلي ووجود عسكري للفلسطينيين والسوريين وما استتبع ذلك، والمتفاوتة الفئات المجتمعية بفعل نمو قطاع الخدمات والهجرة على حساب الزراعة والحرف، فبرز ثلاث منها يتباين موقفها من القضايا، ومنها الانتخابات، وهي:
- الفلاحون المتباينة مواقعهم، جغرافيا وإنتاجيا، والأميل الى التقليد والمحافظة.
- المهاجرون، المتباينون في مرحلة الهجرة وفي مواطن الإستقرار، وهم في ما يعني البحث، عائدون للإستقرار ويغلب عليهم التقليد وعائدون للإستثمار يغلب عليهم الإنفتاح على قوى السلطة ومستقرون في المهجر ويغلب على القدامى منهم والعاملين في قطاعات هامشية التقليد وعلى الجدد والعاملين في قطاعات إنتاجية التحديث.
- العاملون في قطاع الخدمات، وهم، في ما يعني البحث، عاملون في ادارات الدولة ويغلب عليهم التوظف خارج الأصول القانونية والسكن في قراهم وعاملون في القطاع الخاص ويغلب عليهم التوظف بمؤهلاتها والسكن في العاصمة والحواضر، وهم في موقع الانفتاح على الحديث في العلاقات الإجتماعية وفي موقف التذبذب في السياسة، تبعاً لموقعه الإنتاجي وسكنه وثقافته.
- إنحكام الإنتخابات بالتشكيك بإجرائها، إذ بالرغم من ثبات موعدها، قانونيا، فقد تأخر تحديد موعدها الى ما قبل الثلاثة أشهر، وساد التشكيك حتى الأسبوعين السابقين لموعدها بإمكانية حصولها، الأمر الذي أضعف قدرة القوى الجديدة توفير مستلزماتها، فضلا عن إضعاف بديهية دوريتها، وهو سلوك دأبت عليه القوى الحاكمة والمتحكمة بعد الطائف.
- تحكم المال، بوضوح، وهو وإنْ كان موجودا في الإنتخابات النيابية منذ قيامها، فقد بلغ درجة عالية من الفجاجة، وشمل الدوائر كلها، ومنها هذه الدائرة.
- تمثل تحكم المال في:
- مفاصل فرضها القانون، وابرزها إثنان: الاقتراع حسب مكان الولادة والتسجيل، وفي الإغتراب في القنصليات، التركيب الهجين للائحة (نسبي وفردي)، السقف المرتفع للإنفاق الإنتخابي.
- مفاصل فرضها الانهيار الإقتصادي -الإجتماعي- المالي.
- مفاصل فرضها إنحلال مؤسسات الدولة وإداراتها، وابرزها عدم قدرة أو رغبة الأجهزة الرسمية مراقبة الإنفاق الإنتخابي، وعدم قدرتها على تأمين النقل بين المناطق.
- مفاصل فرضها التطور التكنولوجي المتمثل بتعدد وسائل الإعلام، وبخاصة التلفزيونات، ولكل جمهوره، الأمر الذي يتطلب إنفاقا كبيراً، وبالعملات الصعبة للإطلالة عبرها.
تعني هذه المفاصل حضور المال وتأثيره، وهو على تفاوت بين المرشحين، في العملية الإنتخابية؛ إنْ بتأثير المرشحين على الناخبين أو بالكلفة المرتفعة لممارسة حق الإقتراع وضعف المناعة تجاه تأمين حاجات العيش الضرورية.
ويبرز التحكم في الآتي:
- تشكيل اللوائح، إذ يفترض التشكيل في غياب الإتجاهات الحزبية التي بُنيت النسبية على أساسها التنافس بين المرشحين على رئاستها والتفتيش عن مرشحين للتشكيل، وكلاهما مكلف ماليا، كما أن ثنائية الإقتراع تفرض على المرشح نوعين من الإنفاق: إنفاق تفرضه اللائحة كلائحة وإنفاق يفرضه الصوت التفضيلي.
- آليات إشتغالها في الإعلام والإعلان والحراك الميداني، وكل منها يتطلب إنفاقا وتحدد الفعالية مدى جذب الناخبين، فحضور المرشح الاكثر في المحطات التلفزيونية ولوحات الإعلانات وكثافة زياراته للقرى وللأفراد يتيح تفضيله.
- عمليات الإقتراع، وهي على مستويّي المرشح والناخب، فالمرشح يحتاج للإنفاق “الشرعي” على المندوبين، وقد تكون “البحبحة” فيها مدعاة حماسة، وهي لا تقتصر على يوم الإقتراع؛ إذ تتطلب تحضيراً يسبق الإقتراع وليكوّن المندوبون جهازهم الحزبي، في ظل غياب الأحزاب. والناخب/الناخبون في منطقة واسعة ونسبة النزوح الى العاصمة والحواضر الأخرى في لبنان وسوريا مرتفعة (32.4%) يحتاج الى إنفاق غير متوفر لغالبية اللبنانيين للوصول الذاتي اليها، والناخب/ الناخبون بغالبيتهم غير متحمسين للمشاركة لتقديرهم تعذر تجاوز الوضع الإنهياري عبر الإنتخابات، والحماسة يحدوها الهوى الطائفي، عند البعض، كبر الأمل بالتغيير، عند البعض الآخر، وهذا ما يدفع كثرة من الناخبين المكويين بالإنهيار الى تدبر امرهم الشخصي بقبول المساعدة المالية، باشكالها المختلفة، وقد غلب عليها التوفيق بين الهوى في التمسك بخيار اللائحة والمصلحة في إختيار المرشح المفضل.
- تحكم الطائفية وتمثل، في ما يتجاوز تحكم الإطار القانوني الذي تجري بموجبه (قانون الإنتخابات) والممارسة الطائفية للسلطة السياسية والقوى المتحكمة بها في كل مرافق الدولة وخدماتها، بـ:
- تشكيل اللوائح، وهو طائفي بالقانون، وبرز في هذه الدورة بضعف الإتجاه السياسي فيه وغلبة البعد المالي والقدرة التجييرية في الاقتراع، إذ عمد مشكلو اللوائح الى البحث عن مرشحين من الطوائف الأخرى لإكمال لوائحهم وتعزيزها، ولو استدعى الأمر إعفاء من النفقات المالية دون اشتراط التوافق السياسي، ويستثنى من ذلك لائحتا: سهلنا والجبل وقادرين، وإن كانت الأولى اعطت رئاسة اللائحة للمرشح السني وقبلت بحصر التمثيل السني به.
- خطاب المرشحين، وقد شهدت انتخابات الدائرة إحتداماً طائفيا بين مكونيين اساسيين في لائحتي الغد الأفضل والقرار الوطني المستقل، وهما مكونان وطنيان، ايضاً، حزب الله الداعم الأكبر للائحة الغد والحزب التقدمي الإشتراكي، ومرشحه الأفعل في لائحة القرار، وهو، وإن حمل عنوانا غير طائفي، السيادة مقابل المقاومة، فقد استبطن الدفاع عن الدروز وزعامتهم مقابل الدفاع عن الشيعة وقيادتهم. ولم يخرج مرشحو اللائحتين عن هذا التوجه، بخاصة مرشحي السنة في اللائحتين الذين طعموها بالخلاف حول الدفاع عن السنة، وكذا كان مرشح التيار في دفاعه عن موقع الموارنة في الدائرة بمواجهة زميله فيها، المرشح الأرثوذكسي وبمواجهة وائل ابو فاعور ومحمد قرعاوي في اللائحة الأخرى ومرشح القوات في بقاعنا اولا. ولم يظهر في اللوائح الأخرى خطاباً طائفياً، باستثناء خطاب مرشح القوات في لائحة بقاعنا أولاً.
- آليات الإشتغال، وتتجلى بصور كثيرة في الخطاب وتشكيل اللوائح والجولات الإنتخابية، لكن غير المرئي والمسموع منها هو الهمس المتداول بين المرشح – الزعيم ومفاتيحه الإنتخابية والمقترعين حول الخطر على وجود الطائفة.
- الإقتراع، تجلت نتائج طائفية قانون الانتخاب، وتجاوز الدستور والقوانين بأعراف طائفية بحتة والخطاب الطائفي المتفاقم، وطنيا ومناطقيا، بالاقتراع، وتظهر نتائج الإقتراع ذلك بوضوح:
- في القرى والبلدات السنية، توزعت الأصوات بين لوائح الغد الأفضل والقرار الوطني وسهلنا والجبل، وكان الصوت التفضيلي في كل منها للمرشح السني، وكان لافتاً حصول المرشح الدرزي في لائحة القرار على نسبة ملحوظة من الاصوات التفضلية في غالبية القرى السنية، واحيانا فاقت المرشحين السنة، ولم يكن للمرشحين الآخرين من الطوائف الأخرى في كل اللوائح صوتا تفضيليا، وكان لافتا في بعض القرى السنية صوتا تفضيلياً لمرشح القوات في لائحة بقاعنا وصوتا تفضيليا للمرشح الشيعي في لائحة سهلنا والجبل.
- في القرى والبلدات الدرزية، توزعت الأصوات بين اللوائح الثلاث مع أرجحية واضحة للقرار، وكان الصوت التفضيلي في لائحة القرار للمرشح الدرزي في حين لم يكن كذلك في لائحتي الغد الافضل وسهلنا والجبل، إذ توزعت بين مراد والداود في الأولى وبين دلال وشامية وعون في الثانية.
- في القرى والبلدات الشيعية، كانت لائحة الغد الافضل هى الأكثر اصواتا وكان الصوت التفضيلي للمرشح الشيعي طاغيا، ونال المرشحون الآخرون أصواتا تفضيلية قليلة جدا، وغلب على الصوت التفضيلي في لائحة القرار للمرشح الدرزي وتوزع الصوت التفضيلي في لائحة سهلنا بين المرشح الشيعي والمرشحين المسيحيين.
- في القرى المسيحية، توزعت الأصوات بين لائحة الغد الأفضل وبقاعنا، وكان الصوت التفضيلي للمرشح الماروني، مع حضور ملحوظ للقرار وسهلنا، والصوت التفضيلي في القرار، على قلته، للماروني وفي سهلنا للماروني ثم الأرذثوكسي.
- في القرى المختلطة، توزعت الاصوات بين لائحة الغد الأفضل وبقاعنا والقرار وسهلنا في مشغرة مع غلبة واضحة للغد والصوت التفضيلي لقبلان، وتوزعت في جب جنين وعيثا الفخار بين الأربعة بتوزان بين الغد والقرار وتوازن ثان بين بقاعنا وسهلنا. وتوزعت في راشيا بين القرار وتوازن بين الغد وسهلنا، وكان الصوت التفضيلي تبعا للتوزيع الطائفي فيها، كما القرى الأخرى.
- وكان لافتا في ثلاث قرى شيعية (عين التينة، زلايا، وميدون) اقتصار كل الأصوات للغد الأفضل والصوت التفضيلي لقبلان قبلان وكذا في قرية سنية (لوسيا) للغد الأفضل ولمراد، فضلا عن الغلبة الساحقة في الصوت التفضيلي لقبلان ولمراد وابو فاعور في غالبية قرى طوائفهم، وكذا لمارون وخاطر في القرى المسيحية.
- تحكمت بالإنتخابات ثنائية البرنامج – الشخص، وهي ثنائية متناقضة، فقانون الإنتخابات فرض الترشيح على اساس اللائحة التي تفترض وجود أحزاب تتحالف على أساس برنامج والقانون ابتدع صوتا تفضيليا لاحد المرشحين في اللائحة الذي يفترض تنافساً فردياً بين مرشحي اللائحة الواحدة، وأدى ذلك الى هجانة في التمثيل أعاقت الإتجاه الذى دفع لتبني اللائحة ومن ثم النسبية في التمثيل لتعزيز الإنتماء الوطني والممارسة الوطنية، وتمثل ذلك في الدائرة، وقد يكون في كل الدوائر، بـ:
- التكوين المتناقض للوائح الذي برز في لائحتي الغد والقرار، ووقائعه متداولة في المنازلات بين مرشحي الغد والتباينات في لائحة القرار المستمرة حتى ليلة الإقتراع. وكذا في لائحتي بقاعنا ونحو التغيير، وتستثنى لائحة قادرين من ذلك، وكذلك سهلنا الى حد كبير؛ إذ لم تتمكن من تجاوز مسألة الصوت التفضيلي.
- غياب البرنامج في لائحتي الغد والقرار، وإقتصاره في لائحتي بقاعنا ونحو التغيير على الشعار، وجنوحه في سهلنا وقادرين نحو الرؤية.
- ضعف الإشتغال اللائحي (من لائحة) في كل اللوائح، على تفاوت بينها.
- الجنوح الفردي في طرح الرؤى والشعارات وفي التمويل والممارسة، وقد كان الأضعف بين مرشحي سهلنا وقادرين.
- تفاوت الحضور الحزبي في الإنتخابات؛ أظهرت انتخابات هذه الدورة الحضور الحزبي في تشكيل اللوائح وإشتغالها ونتائجها، وإقتصر الفردي على مرشحين ثانويين، إلا أن هذا الحضور كان متفاوتا، وهنا يُميّز بين الاحزاب السلطوية والأحزاب المعارضة.
فالأحزاب السلطوية وهي طائفية، وإنْ آل بعضها الى ذلك بحكم الضرورة السلطوية، وهي الأكثر فعالية في الإنتخابات لأسباب ثلاثة: بنية النظام، التفلت الراهن من موجبات القانون، الخطاب الطائفي السائد وتظهر فعاليتها في الأصوات الوازنة التي نالها كل من مرشح الحزب التقدمي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحركة أمل وحزب الله، وفي الفعالية الكامنة لتيار المستقبل، ويسجل أربعة إسثناءات:
- حصول المرشح وائل ابو فاعور على اصوات وازنة في البلدات السنية ونيله الصوت التفضيلي الأكبر، على قلته، في البلدات الشيعية، وقد يكون ذلك عائدا الى إرث حزبي من مرحلة سابقة وحضور جنبلاطي أسبق والى خدمات قدمها المرشح أبو فاعور وحزبه في المنطقة.
- حصول جان خاطر على اصوات تفضيلية في بعض البلدات السنية وبعض أقل في الدرزية، ولم يكن في لائحته مرشح سني أو درزي، وقد يكون ذلك عائداً لخدمات شخصية له أو لحزبه أو لتركيز حزبه على نزع سلاح حزب الله.
- تعذر التمييز بين القوة التجييرية لكل من حزب الله وحركة أمل، وهي قوة ساحقة في البلدات الشيعية وشبه معدومة في البلدات السنية والدرزية والمسيحية.
- تعذر معرفة القوة التجيرية لتيار المستقبل وقد كانت الأكبر في الدورة السابقة، فالتيار، رسميا، اعلن العزوف عن الترشح في كل لبنان، لكن، عمليا، كان له مرشح في البقاع الثانية، وإن لم يكن عضوا فيه، وربط ترشحه، قبل قرار العزوف، برئيس التيار. وقد ترشح بشروط التيار وبلائحة مناوئة لحزب الله وبعدم التعاون مع القوات اللبنانية ودعمه مستقبليون، كما ترشح مسؤول سابق لهذا التيار على لائحة القوات وانسحب. ولا يمكن إستناج القوة التجيريية للمستقبل من أصوات المرشح القريب لقرار عزوف التيار، أولا، ولحيثية خاصة بالمرشح، ثانيا، ولأقوال غير مثبتة بعدم دعم مستقبليين آخرين له، لا بل اقتراعهم لآخرين. الامر الذي يعني تشتتا في قوته وانقساما فيه.
والاحزاب المعارضة على نوعين: طائفية وعابرة للطوائف: تمثلت الطائفية في الدائرة بحزبي الكتائب والجماعة الاسلامية اللذين جهدا لتثبيت مرشحيهما في لائحة القرار، فنجح الثاني وشكل الأول لائحة لم تكتمل وناشدت مناصريها التصويت للائحة سهلنا وللمرشحة المارونية فيها، وحضوره غير وازن في الدائرة، ولم تتح الإنتخابات تقدير وزنه وإنتشاره، ويقدر أنه في القرى المسيحية دون القوات والتيار قوة. أما الجماعة الأسلامية فوجودها وازن في بعض القرى السنية ونال مرشحها في لائحة القرار 2928 صوتا.
وتتمثل الأحزاب العابرة للطوائف بخمسة احزاب قديمة الحضور في الدائرة، وبهيئات مدنية معارضة لم يتبلور عبورها للطوائف، وقد دعم ثلاثة منها (الشيوعي ومنظمة العمل والطليعة) لائحة سهلنا والجبل وكان للمنظمة حضورها بمرشح حزبي، وسبق للشيوعي ترشيح احد قياديه في اكثر من دورة بعد الطائف وحصوله على أصوات وازنة بلغت في إحداها حد الفوز، كما سبق لحزب الطليعة[3] قبل الطائف أن دعم مرشحا شديد القرب منه وكاد ان يفوز في إنتخابات 1972 (الياس الفرزلي). وكان قرار قيادتي الحزبين الآخرين (القومي والبعث) بدعم لائحة الغد الأفضل، ومالت الهيئات المدنية لتشكيل لوائح وكان الابرز والأنجح بينها تشكيل ثوار راشيا وثوار البقاع الأوسط إئتلاف سهلنا والجبل بالتنسيق مع الشيوعي ومنظمة العمل وحزب الطليعة، وحصدت اصواتا في غالبية القرى، مع وزن راجح في القرى السنية وفاعل في الدرزية والمسيحية.
وفيما لم تتح نتائج الإنتخابات تقدير القوة التجييرية الدقيقة لكل حزب من الأحزاب الخمسة، فإن الاوضاع الداخلية لكل منها أدت دورا معيقا للفعالية فمنظمة العمل وحزب الطليعة تجدد نشاطهما السياسي حديثا، لظروف ضاغطة بعد الطائف، والحزب الشيوعي حكمت مشاركته تباين الاراء داخله في الموقف من المشاركة، برغم إعلان القيادة الواضح بدعم سهلنا وبالصوت التفضيلي لحاتم، والقومي حكمه الإنقسام الى تنظيمين وانكفاء كتلة وازنة عن الانقسام الثنائي، وبرغم قرار القيادتين دعم لائحة الغد، فإنّ تصويت القوميين “حكمه خيار الإقتراع للضمير لا للقرار”، على حد قول أحد الأصدقاء القوميين، وكذا كان وضع حزب البعث الذي حكمته البلبلة داخل صفوفه بفعل التباينات المعلنة ضمنه.
وتطرح فعالية وتنظيم الهيئات المدنية، وبخاصة ثوار راشيا والبقاع الأوسط، ونجاحهم في تشكيل إئتلاف حقق نتيجة ملحوظة في الإنتخابات سؤالا، ليس مكان نقاشه هنا، هل ستشكل هذه الاطر الشكل الحديث للأحزاب السياسية، وبخاصة ان ما تعانيه الاحزاب الحديثة، وهي العابرة للطوائف في الدائرة، تعانيه الأحزاب على مستوى العالم؟
- الأسلوب الهجين في الحراك الإنتخابي، فقد اعتمد المرشحون الاسلوب الحديث في الحملات وتسابقوا على الظهور في المحطات التلفزيونية، كل حسب قدرته المالية، وهي كانت متفاوتة، وجهدوا، بتخطيط أو عفو الخاطر، للحضور على مواقع التواصل الإجتماعي، وبالمقابل استمروا على الاسلوب التقليدي بالقيام بالزيارات الشخصية والعامة للقرى وللفاعلين فيها، فضلا عن المشاركة في الأتراح والأفراح، وقد تراكب الأسلوبان عند المرشح وعند الناخب كما تفاوتا بين المرشحين.
ولم يكن التقليدي غائبا عن الحديث ولا الحديث عن التقليدي في الحملات عند المرشحين والناخبين، فقد عمد المرشحون الى مراعاة تقليدية الناخبين ومزاجهم، لا بل غذوها، وعمدوا ايضا الى التغطية الاعلامية، عبر مراسلي وسائل الاعلام لمن يقدر أو عبر الانصار على وسائل التواصل الإجتماعي، وقد تجاوز النشر الجانب الإجتماعي الى الجانب السياسي في النشر.
وقد ساهم الاسلوبان في تحديد خيار الناخب، وكثيرا ما تتردد بين الناخبين عبارة “إجا عزانا” و”وحضر عرس الصبي”، كما كان السهر مع المرشح أو حضور الفاعلين منهم في نشرات الأخبار ومحاكاته لهوية الناخبين التقليدية وهمومها محددا آخر في الخيار.
- تظهر نتائج الإقتراع في الدائرة، قياساً على نتائج إنتخابات العام 2018 الآتي:
- التحول من الثنائية الحزبية الى التعددية، ففي إنتخابات العام 2018 كانت هناك لائحتان تمثلان الإصطفافان اللذان حكما لبنان منذ إغتيال الرئيس رفيق الحريري (2005): 8 و14 آذار وعرفا بلائحة الغد الافضل والمستقبل، ولم ترق اللائحة الثالثة (المجتمع المدني) الى مستوى مزاحمتهما، أما في هذه الإنتخابات فاستمرت هذه الثنائية بلائحتي الغد الأفضل والقرار الوطني المستقل وبرز لائحة ثالثة وازنة (لائحة سهلنا والجبل) مع لائحتين أخريين تنحو إحداهما (بقاعنا أولاً) لتكون ضمن الثنائية السابقة وتنحو الثانية (قادرين) لتتكامل مع الثالثة، والسؤال المنهجي الذي يفترض نقاشا لاحقا، هل تحل الثالثة محل إحداهما بإعادة تشكيل الثنائية، كقوى تحكم الحقل السياسي، أو تبقى إتجاها إعتراضيا؟
- لم ترق الثنائية الحزبية ومن ثم التعددية الى المستوى العابر للطوائف في الدائرة؛ إذ برغم تعمد معدي اللوائح شمول لوائحهم كل مكونات المنطقة، جغرافيا وطائفيا، فنجح البعض وفشل البعض الآخر، واقتصرت اللائحة المكتملة على واحدة (القرار)، طائفيا، وشمل الإختلال الجغرافي كل اللوائح، الإ أنّ هذا العبور الشكلي للمناطق والطوائف لم يكن عبورا في العمق من ناحيتين:
الأولى؛ ناحية تشكيل كل لائحة محورا عابرا للطوائف، إذ برغم حصول اللائحتين السلطويتين على ارقام في كل الطوائف والقرى، فقد كان عبورا شكليا عُبّر عنه بالصوت التفضيلي الطائفي، وإقتصر عبور سهلنا على المناطق السنية والدرزية، وبدرجة اقل على المسيحية والشيعية، وكان الصوت التفضيلي فاقعا في القرى السنية والمسيحية ومتوازنا في الدرزية والشيعية، وانحصر حضور بقاعنا بالقرى المسيحية لعدم اكتمالها، ولا تتيح اصوات قادرين الحكم عليها لصغرها المتناهي.
الثانية؛ ناحية التعددية في الطوائف؛ إذ اظهرت النتائج تعددية في القرى السنية والدرزية والمسيحية وغيابها في القرى الشيعية؛ ففي القرى السنية، برزت بشبه توازن بين حسن مراد ومحمد القرعاوي وياسين ياسين وبدرجة أقل لعلي أبو ياسين، وفي القرى الدرزية برزت ثلاثية وائل أبو فاعور- طارق الداوود- بهاء الدين دلال مع ارجحية واضحة لأبو فاعور. وفي القرى المسيحية ثنائية جان خاطر – شربل مارون مع حضور لماغي عون. وفي القرى الشيعية، لم يبلغ الحضور المعارض درجة تتيح تشكل قوة ثانية، دون أن ينفي الثنائية التي يفرضها منطق الاجتماع السياسي، وتلحظها المعاينات الميدانية وهي ثنائية امل- حزب الله المضمرة.
- تبدل ميزان القوى بين الدورتين:
- ففي نسبة المقترعين، تراجعت من 45.93 % الى 42.9%.
- في توازن القوى بين لائحتي الثنائية الحاكمة (الغد والقرار)، تراجعت لائحة القرار، بشكل لافت للإنتباه، من46.6% الى 28.8% من اصوات المقترعين في حين كان تراجع لائحة الغد محدودا من 47.7% الى 43.7%، وكان التراجعان لصالح لائحة سهلنا والجبل (17.42%)، أولا، ولائحة بقاعنا أولا (8.53%)، ويحتاج معرفة مواقع التراجع والصعود الى تدقيق لاحق.
- في توازن القوى بين المقاعد يلحظ:
- المقعد السني في لائحة الغد هو اعلى (22.14%) من اي من المرشحين في لائحة المستقبل (12.16% و12.85%) وأدنى من مجموعهما في الدورة السابقة، وكذلك في الدورة الحالية (15.94% مقابل 8.37% و5.39%)، الا أن النسبة العامة تراجعت في الحالية عن السابقة، وكان المرشح في سهلنا والجبل دون مرشح الغد (10.44% واعلى من أي من المرشحين في القرار)، وتراجعت قوة مرشح لائحة الغد في لائحته من 46,3% الى 31.66%، الا انها كانت اعلى من أي مرشحي لائحة المستقبل (27.55% و26.09%) وأدنى من مجموعهما في الدورة السابقة، وكذا في الدورة الحالية (27.55% و26.09%)، الإ انه دون المرشح في سهلنا (52.68%).
- المرشح الشيعي في الغد (13.4%) أعلى من المرشح في المستقبل (1.58%) في السابقة واعلى منه في الحالية (17.66% مقابل 0.99%) وتقدم في المجموع العام من 13.04% الى17.66%، وكذلك ضمن لائحته، إذ ارتفعت نسبة أصواته من 27.33% الى 35%، ومثله مع المرشح الشيعي في سهلنا والجبل (0.948%).
- المرشح الدرزي في الغد اقل نسبة من المرشح في لائحة المستقبل (2.99% مقابل 15.64%) في الدورة السابقة وكذا في الدورة الحالية (4.03% مقابل 16.024%)، وأن إرتفعت قليلا، ونسبته في لائحته 4.3% مقابل 15.64% في الدورة السابقة و5.3% مقابل 33.55% في الدورة الحالية. واعلى من المرشح في سهلنا (2.8%) وأدنى منه ضمن لائحته (14.11%).
- المرشح الارثوذكسي في الغد أعلى نسبة من مرشح المستقبل في الدورة السابقة (7.18% مقابل 0.78%) وفي الدورة الحالية (4.012% مقابل 1.87%)، الا انه ادنى من السابقة، ونسبته ضمن اللائحة انخفضت في الحالية عن السابقة من 15.03% الى 9.232% الإ انها اعلى من مرشح القرار التي إرتفعت من 1.65% الى 4.072%، وكانت أعلى من مرشحة سهلنا (1.7%) وادنى منها في لائحتها (8.7%).
- المرشح الماروني في لائحة الغد أدنى من مرشح القرار (1.22% مقابل 2.32%) في الدورة الأولى واعلى منه في الثانية (6.22% مقابل 4.97%) وهو كذلك ضمن لائحته، وكان كذلك مع مرشحة لائحة سهلنا والجبل في المحصلة العامة (3.15%) وأدنى منها في لائحتها (16.02%) لكنه كان أدنى من مرشح بقاعنا (8.36%).
[1] ) إعتمدنا في إستخراج النسب على أرقام لوائح الشطب الصادرة عن وزارة الداخلية للعام 2022، وعلى دراسة القوى العاملة 2018-2019 التي أجرتها إدارة الإحصاء المركزي، والمعدلة في العام 2020. وقدرت الدراسة نسبة المقيمين خارج أماكن تسجيلهم بـ 32.4%.
[2] ) إذ تبلغ نسبة البالغين الذين لم يدرجوا في قوائم الناخبين (18-21) 7% من عدد المقيمين (3.8 مليون) فيكون عددهم 266000 نسمة في لبنان ويكون عددهم في الدائرة 10932 بالغ محروم (استخرجت النسبة من قسمة عدد الناخبين في الدائرة على عدد الناخبين في لبنان وهي (4.11%). واستخرجنا النسبة بالإعتماد على دراسة القوى العاملة 2018-2019 التي أجرتها إدارة الإحصاء المركزي، وكانت الفئة المقصودة (18-21) هي ضمن فئتين عمريتين (15-19) و(20-24) تبعا للجنس، كما في الجدول 3.1، فبلغت النسب السنوية، للاناث وللذكور، للسنتين 18 و19 من الفئة الأولى 1.68% وللسنتين 20 و21 من الفئة الثانية 1.82% فتكون النسبة في السنوات الأربع 7%.
[3] ) حزب طليعة لبنان هو اسم حزب البعث العربي الإشتراكي (الجناح العراقي) الذي حلّ اثناء الوجود السوري.
(*) راجع الجزء الأول من هذه الدراسة بعنوان: دلالات انتخابات البقاع الغربي وراشيا.. التغيير ممكن