يجيب عن هذه الأسئلة المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل في هذه المقالة التي ترجمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية من العبرية إلى العربية:
“الجدول الزمني لاتفاق محتمل بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البحرية بين الدولتين يتقلص. “إنيرجيان”، الشركة البريطانية صاحبة امتياز إجراء الحفريات في حقل “كاريش”، تطالب ببدء الحفريات في منتصف تشرين الأول/أكتوبر (بدأت تجهز لبدء عملية ضخ عكسي من الشاطئ إلى المنصة، قبل البدء بالضخ إلى الشاطئ). أما المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، فمن المفترض أن يقدم للطرفين مقترحه النهائي مكتوباً في الأيام (وربما الساعات) المقبلة، بعد أن طرح أمامهما الأفكار الأساسية شفوياً قبل عدة أسابيع.
ومن المتوقع أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر لبحث التسوية المقترحة يوم الخميس المقبل (ومن الممكن أن يكون قبل يوم الغفران الذي يبدأ مساء الثلاثاء ويستمر حتى مساء الأربعاء). الجو العام هو تفاؤل حذر، على عكس المخاوف التي وصلت إلى ذروتها هذا الصيف، حين أسقطت إسرائيل أربع طائرات مسيّرة أطلقها “حزب الله” باتجاه “كاريش”. الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصرالله لا يزال يُهدد، ولكن بصورة أقل. هناك مَن يرى في تصريحاته إشارات مشجعة على قبول التسوية، إذا ما تم التوصل إليها، مع محاولاته أن ينسب إلى نفسه إنجازات لبنان في المفاوضات.
إسرائيل هنا تتنازل بشكل تكتيكي محسوب، وتتوقع الحصول على أرباح استراتيجية: التقاسم سيسمح أخيراً للبنان بالبدء باستغلال الغاز لديه. الاقتصاد اللبناني بحاجة إلى هذه الجرعة من التشجيع، ويطمحون في القدس إلى أن يشكل وجود منصتين، الواحدة مقابل الأُخرى، أداة ردع متبادَل في الجبهة الشمالية لأعوام
بحسب ما نُشر في “هآرتس”، فإن الاقتراح الأميركي يستند إلى الخط 23، الموجود إلى أقصى شمال الصيغة التي طرحها اللبنانيون قبل عدة أعوام. “كاريش” يقع إلى جنوب غرب هذا الخط، بما معناه أنه سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. الحقل الموجود في الشمال الشرقي، (حقل قانا)، سيُعطى إلى اللبنانيين. ومن الممكن أن تحصل إسرائيل على تعويضات مقابل استعمال لبنان جزءاً صغيراً من الحقل الموجود في منطقتها.
مؤخراً، طرح الأميركيون اقتراحاً إضافياً، ومقبولاً من الإسرائيليين: بما أن المشكلة الأساسية تتعلق بخط الحدود الساحلي بحد ذاته، فإن الاتفاق لن يحسم هذه القضية، وسيتركها مفتوحة. عملياً، ترسيم الخط سيبدأ على بُعد عشرات الأمتار غربي الشاطئ. إسرائيل هنا تتنازل بشكل تكتيكي محسوب، وتتوقع الحصول على أرباح استراتيجية: التقاسم سيسمح أخيراً للبنان بالبدء باستغلال الغاز لديه. الاقتصاد اللبناني بحاجة إلى هذه الجرعة من التشجيع، ويطمحون في القدس إلى أن يشكل وجود منصتين، الواحدة مقابل الأُخرى، أداة ردع متبادَل في الجبهة الشمالية لأعوام.
هذا الرهان لا يخلو من المخاطرة، لسببين: أولاً، ترك الساحل من دون حسم واضح من شأنه السماح لحزب الله باستغلال الخلاف، بهدف التصعيد مستقبلاً (الشيء ذاته بالنسبة إلى 13 نقطة نزاع لا تزال مفتوحة على طول الحدود البرية، بالإضافة إلى الخلاف على مزارع شبعا). وثانياً، نظرية الردع المتبادَل تستند إلى الافتراض أن اللبنانيين، ومن ضمنهم حزب الله، سيصدقون أن إسرائيل سترد بقصف منصة الغاز الخاصة بلبنان، في حال حاول حزب الله استهداف أحد حقول الغاز الخاصة بها. لكن الدولة لا تتساوى مع “تنظيم إرهابي”، وستضطر إسرائيل إلى أخذ الموقف الدولي بعين الاعتبار قبل أن ترد. وبكلمات أُخرى، يجب أن يقتنع حزب الله بأن إسرائيل جاهزة للعمل بطريقة “صاحب المنزل جُنّ جنونه”، لتكون معادلة الردع موثوقاً فيها.
خلال المحادثات مع الأميركيين مؤخراً، تم طرح قضية الكوابح التي من شأنها تقوية الاتفاق-الضمانات الدولية. الوسيط الأساسي بين الطرفين هي إدارة جو بايدن، لكن إذا كان ممكناً جلب المزيد من الدول أو الجهات الدولية لتكون ضامنة، فهذا سيقوّي احتمالات صمود الاتفاق أمام فترات التصعيد والتوتر التي من الممكن أن تنشب مستقبلاً.
الحكومة واعية أيضاً لاحتمالات أن تحاول المعارضة تشويش المصادقة على الاتفاق. زعيم الليكود بنيامين نتنياهو هاجم رئيس الحكومة يائير لبيد، بسبب تنازلات غير مسؤولة ينوي الأخير القيام بها، بحسب نتنياهو، لمصلحة حزب الله في قضية الغاز. في أوساط نتنياهو بدأوا يتحدثون عن إقامة مجموعات احتجاج بشأن هذا الموضوع أمام بيت لبيد في تل أبيب. ومن المتوقع أيضاً أن يتم تقديم التماسات إلى المحكمة العليا، للمطالبة بطرح الاتفاق على الاستفتاء العام”.(المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).