بنود العرض الأميركي للبنان.. وأسئلة في “حضرة الترسيم”!

في الموعد المحدد، وصل العرض الاميركي الخطي من الوسيط عاموس هوكشتاين وهو يقع في 10 صفحات فولسكاب باللغة الإنكليزية ومن المقرر تحريره باللغتين العربية والعبرية أيضاً تجنبا للتفسيرات المتعارضة كما حصل مع قرارات دولية كثيرة تخص الصراع العربي ـ الاسرائيلي طوال العقود الماضية.

لم تكد السفيرة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا تنتهي من جولتها على الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، حتى بدأ بعض “المحيطين” بتسويق مضمون العرض الخطي الأميركي، وهو لم يزل قيد الترجمة من الانكليزية الى العربية، وكأنهم كانوا يعلمون سلفاً مضمون ما حملته دوروثي شيا، في حين ان البيان الصادر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية كان  حذراً، إذ اكتفى بالاشارة الى اللقاء وتسلّم العرض ومبادرة عون الى التشاور مع كل من بري وميقاتي “حتى يكون الرد اللبناني سريعاً”. في حين اعتبر بري ان مسودة الاتفاق النهائي حول ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ايجابية وتلبي “مبدئياً” المطالب اللبنانية، مع اهمية التوقف عند عبارة “مبدئياً” تحسباً للالغام في متن العرض المقدم. بينما التزم ميقاتي الصمت بانتظار الدراسة القانونية والتقنية والفنية والامنية التي يتولاها فريق عسكري لبناني متخصص بتكليف من قيادة الجيش اللبناني.

ثمة إهتمام أميركي بالتوقيت، ربطاً بالأزمة الطاقوية العالمية، ولكن في الوقت نفسه، يريدون الإستثمار في الواقع السياسي اللبناني، قبل بدء مرحلة الفراغ الرئاسي وما يمكن أن يليها من إحتمالات صعبة قد تقفل الأبواب أمام الترسيم. وهذا الأمر يسري على إسرائيل أيضاً، فالأميركيون ضغطوا لأجل حصول الإتفاق قبل الإنتخابات الإسرائيلية المبكرة

ماذا يتضمن العرض الخطي الأميركي؟

أولاً؛ إقرار أميركي ـ إسرائيلي بحدود لبنان البحرية على أساس الخط 23 والجزء الجنوبي من حقل قانا.

ثانياً؛ إلتزام شركة “توتال” الفرنسية بالبدء بالحفر الإستكشافي في البلوك رقم 9 (حق قانا ضمن هذا البلوك أيضاً).

ثالثاً؛ ترتيبات أمنية تبدأ من عند نقطة بحرية تبعد حوالي خمس كيلومترات عن البر تتولاها من الجانب اللبناني قوات “اليونيفيل”.

رابعاً؛ لا علاقة ولا ترابط بين الترسيم البحري من جهة والترسيم البري من جهة ثانية، وبالتالي عدم المس بالنقطة B1 التي رفض لبنان أي محاولة إسرائيلية للمس بها ومن ثم محاولة فرض واقع جديد على طول خط الحدود البرية الجنوبية.

خامساً؛ يحصل الإسرائيليون على نسبة من أرباح شركة “توتال” في الجزء الجنوبي من حقل قانا، خلافاً لرغبة الشركة بأن تكون هذه الحصة من ضمن أرباح لبنان. وهذه النقطة تحديداً إحتاجت تدخلاً سياسياً من الجانبين الأميركي والفرنسي من أجل إقناع شركة “توتال” ومن ثم التوصل إلى صيغة محددة بينها وبين الجانب الإسرائيلي.

سادساً؛ تأجيل الإستخراج والنقل من حقل كاريش لمدة 15 يوماً بطلب من شركة “إنرجيان” لأسباب فنية، بينما يتصل الأمر بإنجاز الإتفاق.

ماذا عن الآلية؟

بعد تسليم العرض الخطي لكل من لبنان وإسرائيل، تبلغت الدوائر الرئاسية اللبنانية أن هناك محاولة لتقريب موعد إنعقاد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) من الخميس المقبل إلى يوم غد من أجل إعلان موافقة تل أبيب على العرض الأميركي. في الوقت نفسه، من المقرر أن يعقد إجتماع للترويكا الرئاسية اللبنانية (عون وبري وميقاتي) في القصر الجمهوري في بعبدا يوم غدٍ (الإثنين) بحضور ضباط وخبراء دققوا بالبنود القانونية والتقنية للإتفاق تمهيداً لإعلان موقف لبنان الرسمي من العرض الخطي، على ان تكون الخطوة التالية الدعوة الى مفاوضات غير مباشرة في الناقورة بحضور الامم المتحدة والاميركيين.

وبالتزامن مع وصول العرض الخطي الاميركي، كان لافتا للانتباه موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الهادئ الذي وضع الكرة كلياً في خانة الدولة اللبنانية والقيادات المسؤولة، بعدما جدد التأكيد ان المسؤولين في الدولة هم الذين يتخذون القرار لمصلحة لبنان، ونحن امام ايام حاسمة في هذا الملف، آملا ان تكون النتيجة طيبة.

عمليا، تقاطعت مصادر الرئاسات الثلاث على عبارة شبه موحدة بان لبنان يدرس العرض الاميركي بروح ايجابية “وهناك فصل بين البر والبحر”.

ثمة إهتمام أميركي بالتوقيت، ربطاً بالأزمة الطاقوية العالمية، ولكن في الوقت نفسه، يريدون الإستثمار في الواقع السياسي اللبناني، قبل بدء مرحلة الفراغ الرئاسي وما يمكن أن يليها من إحتمالات صعبة قد تقفل الأبواب أمام الترسيم. وهذا الأمر يسري على إسرائيل أيضاً في ظل حالة الإشتباك بين رئيس الوزراء الحالي يائير لبيد وخصمه المعارض بنيامين نتنياهو، فالأميركيون ضغطوا لأجل حصول الإتفاق قبل الإنتخابات الإسرائيلية المبكرة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مخافة أن يطير الإتفاق بفعل المزايدات الإنتخابية.

وهنا لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة في “حضرة الترسيم الموعود”:

-هل صحيح أنه يتوجب على الشركات العاملة في لبنان اخذ اذن العدو الاسرائيلي للتنقيب في حقل قانا ومن ثم استخراج المخزون اذا تحققت الاكتشافات؟

-ماذا لو وجد حقل عابر للخط 23 في الحقل الرقم 8 وهذا محتمل؟ وعلى ماذا حصل لبنان مقابل تخليه عن الرقعة 72 لاسرائيل والواقعة بين الخطين 23 و29؟ وايضا ماذا لو أفضت الاستكشافات الاسرائيلية في الرقعة 72 إلى وجود حقل عابر الى لبنان؟

إقرأ على موقع 180  بايدن في الشرق الأوسط ولبنان.. إدارة الأزمات

-ماذا يعني الترسيم من البحر؟ وهل النقطة المعتمدة هي بعد ما سمي “خط الطفافات” بحيث ابقت اسرائيل على هذه الرقعة التي تحتلها من المياه الاقليمية اللبنانية تحت سيطرتها؟ وهل اعتماد هذه الصيغة الملتبسة في الترسيم تبقي اوراقا بيد اسرائيل تستعملها ضد لبنان ساعة تشاء؟.

-هل صحيح ما تسرّب عن رفع الحظر الأميركي عن استيراد الفيول الايراني والغاز المصري والتزود بالكهرباء من الاردن؟ وهل هذا يعني ان هناك ملاحق سرية للاتفاق، وما الثمن الذي سيدفعه لبنان؟.

-ماذا إذا وجدت اسرائيل كميات من الغاز في الرقعة 72 عابرة للحدود مع لبنان ورفض لبنان ان تباشر اسرائيل الانتاج، هل تسقط الضمانات بالحفر والانتاج في الرقع اللبنانية وهل تتوقف الشركات الدولية عن العمل؟

-اذا وافق لبنان على العرض الخطي الاميركي، هل يكون بمثابة خطوة اولى للتطبيع البحري بين لبنان واسرائيل مع وجود منصات وشركات دولية ومليارات الدولارات في الجانبين، علما أن لبنان لا يملك لا محطة للتسييل ولا أي أنبوب حتى يُصرف إنتاجه عبره إلى أوروبا في مواجهة الغاز الروسي؟

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  النفط الأميركي... ما وراء "السقوط الحر"