كتاب “نساء عدن تنوير وتحرير”.. المرأة اليمنية في الضوء
A Bedouin woman wears a traditional costume as she sits in her tent during the Sanaa Summer Festival in Sanaa August 28, 2013. The two-week festival aims to stimulate domestic tourism and reassure local and international tourists about Yemen's stability. REUTERS/Mohamed al-Sayaghi (YEMEN - Tags: TRAVEL SOCIETY)

بلغةٍ أنيقةٍ وجملة رشيقةٍ وقلمٍ يسيل منه حبر الأديب تبدأ الكاتبة اليمنيّة الأستاذة سعاد عقلان العلس مشروعها البحثي التاريخي (نساء عدن تنوير وتحرير) بتدوين مرحلة مهمّة من التاريخ النضالي في جنوب اليمن، وذلك من خلال سيرة عدد من النساء اللواتي ساهمن في الحركة الوطنية اليمنيّة بمختلف تياراتها.

بقدر ما للمصادر التاريخية من أهميّة، خصوصاً لما هو مكتوب في حينه أو في ما بعد، فإن القراءة الإرتجاعية والرؤية النقدية التي حاولت أن تعكسها سعاد العلس باطلاعنا على نصوص وحوارات وسِيَر وما تردّد شفاهاً على ألسنة النساء اللواتي قابلتهنّ أو تابعت مسارهنّ، أعطت نكهة متميّزة أخرى لعملها البانورامي. وحسب اطلاعي المتواضع فإن هذا هو أول بحث شامل وجاد لتاريخ الحركة النسائية بفسيفسائها الإجتماعية وموزائيكها الثقافي ومصادرها المتنوّعة، وخصوصاً للطبقة الوسطى، كجزء عضوي من تاريخ الحركة الوطنية، وتلك ميزة البحث الأولى.

***

الميزة الثانية للكتاب أنه يسلّط ضوءًا كاشفاً على جزء غير ظاهر أو غير معلومٍ أو منسيٍّ أو مسكوت عنه، أو كان يُنظر إليه كجزء ملحقٍ أو غير مؤثّر، وعلى أحسن تقدير جزءٍ مكمّل أو متمّم، إلاّ أنّه غير أساسي، أو يمكن القول، حتى مهمل، ومثل تلك النظرة المسبقة بقدر ما فيها من جهل أو عدم معرفة، فإن فيها استصغاراً لدور المرأة ومساهمتها في الحركة الوطنية لا تخلو من قصديّة وإغراض تنمّ عن رؤيةٍ تمييزيةٍ ضدّ المرأة ودورها والمهمات الموكولة إليها. وإذا بسعاد تزيح الغبار عنه وتجلي صورته ببهائها وجمالية جوهرها وعذوبة صوتها.

***

أمّا الميزة الثالثة فالبحث هو عبارة جولة فكرية وثقافية واجتماعية وسياسية في إرهاصات التنويري لتاريخ اليمن عموماً وعدن بشكل خاص في الفترة التي يغطّيها الكتاب، أي ما قبل الاستقلال وما بعده. وليس عبثاً حين نراجع تطوّر الحركة الوطنية اليمنية بعد العام 1967 وحصول اليمن الجنوبية على استقلالها وإجلاء المستعمرين البريطانيين بانتصار ثورة ردفان، التي انطلقت في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963، نفاجأ بدور النساء والأشكال التنظيميّة الأوليّة التي اتخذتها الحركة النسائية في إطار النضال الوطني التحرري العام، الأمر الذي انعكس على دستور اليمن الأول المؤقّت، الذي شرّع في العام 1970 وأصبح إسم اليمن “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” وجاء الدستور متطوّراً ومتقدّماً في الموقف من المرأة على العديد من الدساتير العربية في حينه والذي تعمّق في دستور العام 1978.

إن المجهود البحثي الذي قامت به سعاد استهدف إظهار كفاح المرأة من أجل حقوقها ومساواتها مع الرجل باعتبارها نصف المجتمع ولا يمكن تقدّمه من دونها تقدمها وتمكينها لتحتلّ مكانها اللائق، ذلك إنّ مبدأ المساواة بين الجنسين يتمثّل بالحقّ في الحياة أولاً وقبل كل شيء والحقّ في العمل والحقّ في التعليم وحقّ اختيار شريك الحياة وغير ذلك من الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها.

وبالعودة إلى دور المرأة اليمنية التي هو موضوع الكتاب فيمكن تسجيل بعض اللقطات التي تدلّ على دورها ومكانتها المتقدّمة منذ ذلك الوقت على بنات جنسها في دول الخليج العربي. وربما بعجالة يمكن الإشارة إلى بعضها مقارنة بدول الخليج حيث أخذت تشارك الرجل في الكثير من المهمّات ما بعد الإستقلال، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد شغلت المناصب الآتية:

– وكيل وزير منذ بداية العام 1970.

– عمادة كليّة قبل الكثير من الدول الخليجية والعربية.

– أول مذيعة تلفزيونية وأول مذيعة إذاعية (قياساً بالخليج).

– أول رئيسة تحرير لصحيفة.

– أول قاضية.

– أول كابتن (قائدة) لطيارة مدنية.

– أول امرأة تقود سيارة في الخليج.

***

إن مبادرة سعاد العلس إلى توثيق وأرشفة وكتابة أحداث ومواقف وحكايات نضال المرأة مهم لجهة قراءة التاريخ، لأن “كثيراً من أبطالها والشواهد عليها يرحلون تباعاً أو تضعف ذاكرتهم” ولكي لا يحصل فراغ تاريخي فقد لجأت إلى العودة للبحث في تراث الحركة الوطنية وموقع النسوة فيه ودورهنّ الفاعل في أدقّ مفاصله وأحلك ظروفه، وذلك في إطار مشروع ثقافي، أرادت أن تجعله في دائرة الضوء كي لا يطويه النسيان أو يصبح من الصعب بمكان، حفظه أو تدوينه بعد حين.

وبالطبع لم تخلُ مبادرتها من مغامرة لا بدّ منها، فالباحثة أو الباحث عن الحقيقة يغامر دائماً، خصوصاً حين تبتعد الأحداث ويغادر الكثير من الفاعلين أو الفاعلات والمشاركين أو المشاركات مواقعهم أو حتى يرحلون إلى العالم الآخر أو توهن ذاكرتهم بسبب التقادم الزمني أو النسيان أو غير ذلك، لكنها حاولت معالجة ذلك من خلال مقارنات لسرد تاريخي لعدد من النساء من كادر الصفّ الأول والثاني لتستخلص منها ما هو مشترك وأقرب إلى الحقيقة.

وتقول عن هذه الطريقة أنها اُتّبعت لحفظ التاريخ قديماً ولحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبويّة وكذلك لرواية الشعر عبر السرد الشفوي والذاكرة والحافظة، وهو ما اعتمدته سواء في فترة الإستعمار البريطاني أي قبل اندلاع الثورة وحتى الإستقلال وما بعده، إذ لا يوجد تدوين كتابي أو تاريخ مكتوب يمكن الرجوع إليه أو اعتماده كتاريخ موثّق ودقيق، وهذه مهمّة صعبة وقاسية، خصوصاً التفتيش في ذاكرة من ساهم في صنع الحدث أو شارك فيه أو كان شاهداً عليه أو من خلال نقله الرواية.

وقد قرّرت سعاد العلس أن “تركب الصعاب وتطلق سهماً حادّاً أحدّ من هذا الزمن” كما تقول بجرأة بدلاً من الصمت، وهدفها إنارة طريق الحاضر ليشرق من جديد بعد ظلام دامس، كيما لا تكون تلك الومضات في دائرة النسيان أو الغياب، فقد أرادتها أن تكون حاضراً، حتى وإن كان الماضي قد مضى، والهدف ليس استعادته، إذ لا يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، بل الإفادة من دروسه وعبره وإجلاء حقيقة حركة التنوير “العدنية” التي لعبت فيها المرأة دوراً مهمّاً.

إنه استحضار أيضاً للجمال ضدّ القبح، وللحقّ ضدّ الباطل، وللنور ضدّ العتمة، وللأمل ضدّ اليأس، ومهما بدت الصورة الراهنة كئيبة وقاسية، إلاّ أنها لن تدوم، وذلك أحد أهداف سعاد من إعداد بحثها التي أرادت التعبير عنها، وتلك ميزته الرابعة.

***

لقد كانت سعاد تحرث في أرض بكر حتى وإن بأدواتٍ بسيطة، لكن ما ساعدها هو التربة الخصبة غير المستثمرة، وإذا بها تزهر لنا ثمراً طيباً من خلال عملٍ جديد وصورة جديدة لمجتمع فيه التطلّع إلى الحداثة والمدنية كان أكثر من إرهاص. ولم يكن ذلك بمعزل عن مساهمة ودور المرأة التي قدّمت لنا أنشطة مدهشة ومؤثّرة وتستحق الإحترام

هكذا استند الكتاب في جوهره إلى سرديّات لا تخلو من حبكة درامية لرواياتٍ شفوية شائقة وممتعة، بل طازجة وشفيفة، وعلى مذكّراتٍ وأحاديثٍ وذاكرات بعضها وحفنة كُتب لتغطية فترة طويلة ممتدّة منذ الحكم البريطاني بأشكاله المختلفة وتركيباته المتعدّدة 1839 – 1967، ولحين اندلاع الثورة ثم انتصارها بنيل الإستقلال، متابعة لمحاولة رسم حضور أنثوي في جميع المراحل.

ولعلّ تلك كانت مهمّة شاقّة لكنّها حاولت تذليلها بحشدٍ كبير من اللقاءات والحوارات والمناقشات والإقتباسات والمقارنات والمقاربات لعشراتٍ من الشخصيات النسوية البارزة دون أن تنسى بعض رجال تلك المرحلة أزواجاً أو أخوة أو أبناء أو مسؤولين سياسيين، إضافة إلى بعض الوثائق والمذكّرات والصحف والمجلاّت التي غطّت بعض تلك الأحداث أو استعادتها بعد حين.

***

وتأتي ميزة الكتاب الخامسة باعتماده على خياراتٍ واختياراتٍ لمن توجّهت لهنّ أو اختارت نصوص منهنّ أو وثّقت حواراتٍ معهنّ أو نقلت عنهنّ، وذلك جهدٌ كبيرٌ لم يكن بالإمكان الحصول عليه في ظروف المنافي والغربة والتباعد الجغرافي والعزلة الإجتماعية في ظلّ وباء كورونا الذي داهم العالم في حين كانت منغمرة في أرشفة وتدوين وتوثيق واستخلاص واستنتاج بعض الدروس والعبر من حوارات ولقاءات مباشرة وغير مباشرة.

ولم يكن ذلك ممكناً لولا الثقة التي حصلت عليها مصحوبة باحترام لما تقوم به وما تريد إنجازه، وهو عملٌ فكري وثقافي تأريخي إجتماعي يحتاج إلى مهارات خاصة وكفاءة ودقّةٍ وموضوعيةٍ لا تترك للهوى أن يتغلّب على البحث العلمي موثّقة ذلك برسائل ومهاتفات وزيارات شخصية مباشرة وتسجيل أشرطة صوتية لتكوين ذخيرة معلوماتية تسمح لها بتأسيس شبكة تواصل تخدم أهداف البحث.

***

أما ميزة الكتاب السادسة فإنه حاول إلى حدود غير قليلة أن لا يقدّم نظرةً مسبقةً أو مؤدلجةً بشأن مشروعه الثقافي، وإنما جمع سرديّات متعدّدة من خلال ذاكرات متنوّعة ليستخلص الرواية الصحيحة التي لا تمتلكها ذاكرة واحدة أو سرديّة منفردة أو وجهة نظر خاصة، حتى وإن كان في كل سرديّة جوانب من الصحة، ولكنها تبقى أحاديةً تحتاج إلى تلقيحها بذاكراتٍ وسرديات أخرى لتشكّل كل رواية أو سرديّة نقطة انطلاق تتقاطع مع سرديّات وذكريات أخرى.

إقرأ على موقع 180  لن يختفي الساخرون العرب

ولذلك جاء نصّها حسب ما أعتقد رصيناً وشاملاً واحتوى على اجتهاداتٍ كانت بمثابة دليلٍ لاستنتاجاتٍ مفيدة. وعلى الرغم من أن ثمّة صعوبات واجهتها كما تقول منها فقدان الذاكرة لأسباب صحيّة أو وفاة المناضلة المعنية دون أي مذكّرات أو حتى امتناع بعض النسوة من الإدلاء بشهاداتهنّ وعدم وجود أرشيف وارتباك المعلومات ومحاولة بعضهنّ تلميع دورها أو الانتقاص من أدوار الأخريات، وكل ذلك تمّ حتى دون أي أرشيف للثورة حتى بعد نجاحها وتأسيس الحكم الوطني بعد العام 1967.

***

وميزة الكتاب السابعة، أن سعاد كانت تنقّب من خلال بحثها عن الجديد وغير المطروق أو حتى غير المألوف، بمعول جيولوجي، لتكتشف تاريخ مخبوء أو غير معروف فتقدّمه للقارئ والقارئة بعنوان تشذّبه وتؤطّره وتنقّحه ليصبح بالإمكان الإستدلال عليه، مثلما كانت تفحص بعين ويد وعقل حكيم لتتعرّف على حقيقة ما يجري وتقارنه بذاكرات وروايات وحكايات مستخدمة مبضع جراحٍ ماهر في نظرةٍ تمنح عافيةً للتاريخ، بتسجيلها سرديتها الخاصة حتى وإن كانت من بين السطور، في طريقة اعتقدت أنها أقرب إلى الواقع.

لقد كانت سعاد تحرث في أرض بكر حتى وإن بأدواتٍ بسيطة، لكن ما ساعدها هو التربة الخصبة غير المستثمرة، وإذا بها تزهر لنا ثمراً طيباً من خلال عملٍ جديد وصورة جديدة لمجتمع فيه التطلّع إلى الحداثة والمدنية كان أكثر من إرهاص. ولم يكن ذلك بمعزل عن مساهمة ودور المرأة التي قدّمت لنا أنشطة مدهشة ومؤثّرة وتستحق الإحترام.

***

تعرّفنا سعاد على منهجية بحثها الذي تقسّمه إلى ثلاثة أقسام، متعرّضة إلى بعض الصعوبات التي واجهتها وإلى طريقتها التي تعتمد على الرواية الشفوية التي تطعّمها بشيء مكتوب أحياناً، سواءً إن كان لإحدى الفاعلات أو المشاركات أو لصحيفة أو كتابٍ صدر في وقتٍ لاحق كما هو إضراب الطالبات في كليّة البنات (2 فبراير/شباط 1962) ضدّ سياسة التعليم البريطانية وقد استندت على بعض ما نشر في صحيفة الأيام وكُتب عدد من المناضلات، أي قامت بتعشيق ما هو نظري بما هو فعلي، وما هو شفوي بما هو كتابي.

ويتناول الفصل الأول الموسوم “مرهصات الحركة الوطنية التحررية”، الفترة التي سبقت ميلاد الثورة المسلّحة في 14 اكتوبر/تشرين الأول 1963 وما بعدها أي منذ الإحتلال البريطاني العام 1839 ولغاية الإستقلال العام 1967. فتشير إلى وعي مبكّر للمرأة اليمنيّة، وخصوصاً في عدن العاصمة، الميناء التجاري ومستعمرة التاج البريطاني والقاعدة العسكرية للقوات البريطانية في الشرق الأوسط، حيث تمّ تشكيل لجنة دعم القضية الفلسطينية برئاسة السيدة نور حيدر (أم البشر).

كما تلقي الكاتبة ضوءًا حول تأثير الثورة المصرية عام 1952 على رفع الوعي الوطني بصعود تيارالقومية العربية والمطالبة بالتحرّر من السيطرة الإستعمارية، وفي العام 1956 شكّلت النسوة العدنيات لجنة مقاطعة البضائع الإنكليزية والفرنسية “خلال العدوان الثلاثي الأنغلو فرنسي – الإسرائيلي”، التي ضمّت عديلة غالب أحمد ونجيبة محمد عبد الله العلبي ونبيهة ناصر علي. مثلما تبيّن مساهمة النساء اليمنيات الطليعيات في الصحافة بخوض قضيتين متلازمتين هما: التعليم كطريق لتحرّر المرأة والحجاب كطريق لتحرير عقل المرأة، كما أسّست النساء عدداً من الروابط والجمعيات النسوية مثل: “جمعية المرأة العربية” و”نادي سيدات عدن” و”جمعية المرأة العدنية” وغيرها.

أما القسم الثاني والموسوم “بدء الحركات الوطنية في الظهور الميداني” فقد اختصّ بمذكّرات بعض المناضلات منذ بدء الحركة الوطنية التي طالبت بتعليم المرأة ومساواتها بالرجل وحقّها في العمل والإنتخاب وتحمّل واجبها إزاء الوطن، فاعتمدت سعاد إضافة إلى الرواية الشفوية، على بعض ما كُتب، وخصوصاً لـ رضية إحسان الله في كتابها “عدن الخالدة ميناء عالمي حر” وكتاب أسمهان العلس (شقيقتها الكبرى) التي تحدّثت عن أوضاع المرأة التعليمية، مشيرة إلى إضراب الطالبات واعتصام النساء في مسجد العسقلاني “بُعيد الثورة” في 27 ديسمبر/كانون الأول 1963 إلى 10 يناير/كانون الثاني 1964. وتناولت في هذا الفصل المرأة والأحزاب السياسية، سواءً حزب الشعب الإشتراكي أو الجبهة القومية أو غيرها.

وخصّصت القسم الثالث لرائدات التنوير في عدن في مرحلة ما بعد الثورة 1963 وهي ذكريات وسرديّات مباشرة ممن شاركت فيها أو من أسرهنّ كذاكرة بديلة أو جماعية حيّة للأحياء والأموات على حدٍّ سواء.

ومن رائدات التنوير نور حيدر سعيد (رائدة تعليم البنات في عدن) ورقية ناصر مؤسسة جمعية المرأة العدنية وماهية محمد عمر الشيبة (ماهية نجيب) التي شاركت في تمثيل المرأة اليمنيّة في المحافل العربية والدوليّة، ومنها مؤتمر نساء آسيا وأفريقيا في القاهرة 1961، وزينب ديريه خيري المتخصّصة في العمل الإجتماعي والخيري والتي انضمت إلى الكفاح المسلّح لجبهة التحرير ورضية احسان الله التي كانت تدير فندق والدها في حي كريتر وعبر نشاطها دخلت في حوارات وسجالات مع الإتجاهات المحافظة التي تتعكّز على الدين وتضعه عقبة بوجه التقدّم.

ومن رائدات الحركة الوطنية تذكر صافيناز خليفة التي كانت مناضلة من أجل خلع الحجاب والتي تعرّضت للإعتقال من أيام البريطانيين، وزهرة هبة الله علي عضو شعبة في تنظيم الجبهة القومية، وعايدة علي سعيد يافعي التي كانت إحدى المؤسسات للتنظيم النسائي للجبهة القومية، وعضو قيادة الجبهة لاحقاً وعضو رئاسة مجلس الشعب الأعلى ورئيسة اتحاد النساء ونائبة وزير الثقافة والإعلام، ونجوى مكاوي التي تطلق عليها سيدة الفوضى اللذيذة والحنو الشفيف ذات الحضور الجماهيري والتي قامت بدعم الفدائيين كما يقول رفيقها محسن (محمد سعيد عبد الله)، ونجيبة محمد عبد الله أول امرأة يمنية انضمت إلى حركة القوميين العرب، وفتحية باسنيد وفطوم عبد اللطيف وثريا منقوش وسميرة قايد أغبري، التي قالت عن دورها النضالي أنها تأثرت بثورة يوليو والثورة الجزائرية، وعيشة سعيد ونايلة محمد ورجاء أحمد سعيد وشفيقة علي الصالح وخديجة قاسم عوض ووديعة عبد الله فارع عزعزي (اسمها الحركي وفاء) كأعضاء في الجبهة القومية.

أما مناضلات جبهة التحرير فتذكر منهنّ: نعمة سلام عقلان ورجاء علي عبد الله عمر العيدروس ورضية شمشير وأنيسة أحمد هادي ونجاة حيدر وفتحية ناجي الصياد ورجاء عبدالله حيدره ونجوى سعد أحمد فرج ونادية محمد قايد أغبري ووفاء عبد سعد وأسماء حمود محمد علي الحاج (صباح) ووفاء عبد الملك عبد مقبل ونعمة علي أحمد وجوهرة سيف قايد مرشد، إضافة زوجات وأسر من المناضلين من أهالي عدن، من الحاجة عيشة عيد (أم الفدائيين) إلى ناديا المفلحي إلى سعاد النهدي إلى نور حسين الأدهل إلى فتحية قاسم شعيبي إلى نور محمد سعيد وأم الخير حيدره زوجة أنيس حسن يحيى أمين عام حزب الطليعة الشعبية وأنيسة أحمد صالح المخوري ورقية حمود وماطرة ماطر سعيد الشيخ عثمان. وإنني إذ استعرضت عدداً من الأسماء فإنما قصدت أن أبيّن الخريطة الإجتماعية والثقافية والسياسية الواسعة التي شغلت الساحة العدنية، خصوصاً واليمن الجنوبي عموماً.

***

في الختام، يمكنني القول من الصفحة الأولى وحتى الصفحة الأخيرة تشدّك سعاد، سواءً كنت مطّلعاً أو غير مطّلع على أوضاع اليمن لموضوع متماسك وفيه حبكة درامية أحياناً لتعرض عليك صوراً من الماضي، لكن عقلها يتطلّع إلى المستقبل، والهدف ليس استعادة تلك الصور، بقدر تجاوز الحاضر، وأعتقد أن ذلك أحد أهدافها من تأليف هذا الكتاب.

وبقدر اهتمامي بالتجربة اليمنية، تضامناً وقراءة وتفاعلاً ونقداً وانشغالاً وصداقة، إلاّ أنني وجدت نفسي أكثر انفعالاً وأنا أقرأ سطور الصديقة سعاد العلس التي أضاءت جوانب خافية لم يكن بالإمكان جمعها وتأطيرها إلاّ بجهود مضنية، وهو ما فعلته بجدارة ومسؤولية.

(*) النص هو مقدمة كتاب “نساء عدن تنوير وتحرير” لمؤلفته سعاد العلس؛ والصادر عن دار بسمة 2022

 

 

 

 

 

Print Friendly, PDF & Email
عبد الحسين شعبان

أكاديمي، باحث ومفكر عراقي

Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  السعودية وأمريكا.. من "زواج كاثوليكي" إلى "زواج إسلامي"!