رون بن يشاي: إسرائيل لن تتردد في مهاجمة مطار بيروت!

Avatar18003/01/2023
يتناول الصحافي الإسرائيلي رون بن يشاي (محلل عسكري في "يديعوت أحرونوت")، في أول مقالة له في الصحيفة في السنة الجديدة الرسائل التي تنطوي عليها الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي إستهدفت سوريا في اليوم الثاني من العام 2023.

“النشاط العملاني الأول للمؤسسة الأمنية بقيادة وزير الدفاع يوآف غالانت يشير إلى الاستمرارية. من المحتمل أن الجيش بدأ بالتحضير للهجوم الدقيق المنسوب إليه في سوريا يوم الاثنين، ولعملية هدم منازل فلسطينيين في قرية دان بالقرب من جنين، قبل أداء الحكومة الجديدة القسم، لكن الموافقة النهائية على العملية أعطاها في نهاية الأسبوع وزير الدفاع يوآف غالانت، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وبعد التشاور معه. ولم تشمل عملية اتخاذ القرار أي شيء استثنائي، وهي تدل على الاستمرارية في سياسة وزارة الدفاع، كما تدل على أنه من غير المتوقع في الفترة المقبلة حدوث تغييرات في سياسة استخدام القوة ضمن إطار المعركة بين الحروب الدائرة في سوريا، وكذلك في سياسة استخدام القوة والعقاب في الضفة الغربية.

في كلا الحادثتين، وفي أثناء التخطيط لهما والحصول على موافقة على الخطة، جرى تقييم دقيق وحذر للنتائج والتداعيات التي يمكن أن تنتج من العمليتين. ومن المحتمل التقدير أنه فيما يتعلق بسوريا، جرى تنسيق مسبق مع الجيش الروسي الموجود في سوريا. لكن من غير المؤكد أنه جرى تقدير للنتائج والتداعيات في وزارة الأمن القومي بشأن رغبة الوزير الجديد إيتمار بن غفير في زيارة الحرم القدسي اليوم (الثلاثاء).

زيارة الحرم القدسي يجب أن تكون أمراً روتينياً، لكن بالاستناد إلى تجربة الماضي وتصريحات جهات مختلفة في إسرائيل، وفي المناطق، وفي الدول المجاورة، من الواضح جداً أنها قد تكون حدثاً مفجّراً. مجرد إعلان زيارة الحرم في الظروف الحالية – تأليف الحكومة وعرض خطوطها الأساسية – يُعتبر استفزازاً سياسياً.

التصريحات الصادرة عن الناطق بلسان “حماس” في الأسبوع الماضي، والمقابلة التي أجرتها الـ “سي أن أن” مع العاهل الأردني الملك عبد الله، والتي حذّر فيها من خطوات تؤدي إلى تغيير الوضع القائم في الحرم، تفرض اهتماماً أكبر وإعداداً من الشرطة والجيش الإسرائيلي.

لا يجب أن نخاف من تهديدات “حماس” وقبول إملاءات عمّان عندما يكون المقصود زيارة روتينية إلى الحرم. لكن في الظروف الحالية، حيث الأجواء وسط الفلسطينيين مشبعة بالتوتر، والدول العربية والعالم يفحصون بدقة الخطوات الأولى للحكومة القومية – الدينية التي أُلّفت الآن في القدس، فإن قيام بن غفير بزيارته سيؤثر سلباً في علاقاتنا، ليس فقط مع الأردن، بل مع الدول العربية والعالم الإسلامي عموماً.

ويجدر بنا في هذا الإطار أن نتذكر أن زيارة أرييل شارون إلى الحرم شكلت ذريعة لياسر عرفات والذين يأتمرون بإمرته لإشعال الانتفاضة الثانية التي سُميت انتفاضة الأقصى، والتي أدت إلى سقوط أكثر من ألف قتيل إسرائيلي وقرابة 5000 قتيل فلسطيني.

المكوّن الديني في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يُعتبر المكون الأكثر خطراً في الأسباب والدوافع إلى المواجهات، من هنا، أي شيء له علاقة بالحرم – حتى قبل قيام دولة إسرائيل – يشكل مادة متفجرة يجب التعامل معه بحذر، حتى لو كان المقصود حركة رمزية، مثل جولة وزير في حرم المسجد الأقصى.

بالعودة إلى العملية في سوريا، يبدو أن الغرض منها تحقيق هدفين: الأول، تدمير شحنات تحمل مكونات وقطعاً لها علاقة “بمشروع الصواريخ والقذائف الدقيقة” الذي ينفَّذ بتوجيه وقيادة الإيرانيين في معامل الصناعات العسكرية في سوريا، وفي ورشات سرية تابعة لحزب الله في لبنان. مجموعة الأهداف الأُخرى التي هوجمت ليلة الإثنين الماضي هي منشآت تتمركز فيها ميليشيات شيعية بقيادة الحرس الثوري الإيراني في جنوبي دمشق، بالقرب من مزار السيدة زينب الذي يُعتبر من الأماكن المقدسة لدى الشيعة.

هذه القواعد والمنشآت الموجودة في جنوبي دمشق، من المفترض أن تستخدمها الميليشيات الشيعية وحزب الله في العمليات في داخل الأراضي الإسرائيلية الواقعة على بُعد 50 كيلومتراً عند نشوب الحرب. الهدف من الهجوم إجهاض عمليات التمركز المادي لهذه القوات وتدمير العتاد العسكري الذي تقوم بتخزينه، قبل فتح جبهة إيرانية في سوريا ضد المستوطنات في هضبة الجولان والجليل.

مشروع الصواريخ الدقيقة وتمركُز الميليشيات الشيعية وحزب الله في الأراضي السورية هما تحقيق لرؤية قاسم سليماني الذي اغتاله الأميركيون قبل 3 أعوام بالضبط، إذ تصادف الذكرى الثالثة لاغتياله، وعلى ما يبدو، فإن هذه الذكرى كانت بين اعتبارات توقيت الهجوم.

عموماً، حمل الهجوم أمس (الإثنين) على سوريا رسائل كثيرة: للإيرانيين، لن نسمح لكم بنقل مكونات لمشروع الصواريخ الدقيقة والقذائف والمسيّرات التي تنقلونها إلى حزب الله وسوريا. في العام الماضي، شنّت إسرائيل 30 هجوماً على سوريا، وأغلقت بصورة فعالة قنوات تهريب الصواريخ الدقيقة ومعدات دقيقة وعتاد عسكري إلى حزب الله وسوريا، عبر البر والبحر، أو بواسطة طائرات شحن خاصة في الجو.

إقرأ على موقع 180  "فورين أفيرز" عن غزة والشارع العربي: الغضبُ الساطعُ آتٍ!

لذلك، يحاول الإيرانيون الآن التهريب بواسطة طائرات ركاب مدنية إيرانية تحمل معها إلى مطار دمشق الدولي القطع والأجهزة التي تسمح بتحويل الصواريخ والقذائف العادية إلى صواريخ دقيقة قادرة على إصابة الهدف على مسافة أمتار قليلة، وربما أقل. وسبق أن لمّحت إسرائيل إلى ذلك، بينما تحدث أفيف كوخافي (رئيس الأركان) علناً عن عدم السماح بتهريب صواريخ وعتاد دقيق بواسطة طائرات ركاب مدنية وخطوط طيران، يُفترض أنها بريئة، بين طهران ودمشق.

بالتأكيد، لا تسمح إسرائيل لنفسها بمهاجمة الطائرات المدنية التي تحمل العتاد العسكري الإيراني، لكن من المؤكد أنها قادرة على وقف العمل في المطار الذي تهبط فيه طائرات ركاب إيرانية مدنية، وحيث يُستخدم الركاب كدرع بشري.

لكن الضرر الذي لحِق بمطار دمشق ليس بالأمر الأساسي. الأساس هو التلميح للنظام في سوريا إلى أن إسرائيل لن تسمح للإيرانيين بنقل سلاح فتاك، وبالتمركز في سوريا، حتى لو أدى ذلك إلى شلّ حركة الطيران المدني في سوريا، وكلما منحت الحكومة السورية الإيرانيين حرية العمل، فإن الثمن الذي سيدفعه نظام الأسد سيزداد. رسالة مشابهة أُرسلت إلى الروس في الحديث الهاتفي الذي جرى في الأسبوع الماضي بين نتنياهو وفلاديمير بوتين، وفي الأمس (الإثنين)، عبر الهجوم الصاروخي على مطار دمشق.

لكن التلميح الأكبر في عملية سوريا كان موجهاً إلى لبنان. مؤخراً، حاول الإيرانيون نقل عتاد لمشروع الصواريخ الدقيقة مباشرةً إلى حزب الله، بواسطة رحلات طيران مدنية مباشرة إلى مطار بيروت. من المعقول الافتراض أن حزب الله والإيرانيين واثقون بأن إسرائيل لن تهاجم مطار بيروت كما تفعل في مطار دمشق لأنها تخاف من ترسانة الصواريخ الهائلة التي يملكها حزب الله. يجب الاعتراف، بصدق، أن الصواريخ لدى حزب الله تخلق ردعاً في مواجهة إسرائيل، لكن وفقاً لتقارير أجنبية، الجيش الإسرائيلي والأذرع الأمنية تعمل في لبنان أيضاً.

الهجوم على مطار دمشق يمكن أن يحمل رسالة مهمة جداً للبنان: إذا واصلتم محاولات نقل عتاد للصواريخ الدقيقة في طائرات ركاب مدنية إلى مطار بيروت، فإن الجيش الإسرائيلي لن يتردد في مهاجمة المطار. وستكون النتيجة شلّ مطار بيروت، بالإضافة إلى الأزمات الأُخرى التي يعانيها الاقتصاد والحياة اليومية في لبنان. وهذا من دون شك تهديد لحزب الله، الذي يخطط اليوم وغداً لإقامة عدة احتفاليات لإحياء الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني. التوقيت يزيد في حدة التحذير الذي يرسله الجيش الإسرائيلي، والذي سيبقى سارياً، ليس فقط ما دام أفيف كوخافي رئيساً للأركان، بل أيضاً عندما سيصبح هرتسي هليفي قائداً للجيش. ومن المفترض أن يفهم نصرالله الرسالة..”.

(*) المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  ليلى خالد لا تستسلم.. إلا لفلسطين