المغرب.. مملكة مرتبكة بالتجسس والفساد وتراجع الهيبة!

Avatar18017/05/2023
قضية بيغاسوس، شكوك حول إِفْساد أعضاء من البرلمان الأوروبي، سجن الصحفيين والمعارضين.. ما انفكت الصورة الإيجابية؛ إلى حدّ ما؛ التي كانت المملكة لفترة طويلة تسوّقها لوسائل الإعلام والدول الأوروبية، تتدهور، بحسب عمر بروكسي (*) في تقرير نشره موقع "أوريان 21" و ترجمه إلى العربية حميد العربي من أسرة الموقع نفسه.

لفترة طويلة، اعتُبرت المملكة المغربية “التلميذ النجيب” في منطقة من الكسالى. كانت هناك إشادة بـ “استقرارها” بفضل قوة شرطة تذكّر من نواحي كثيرة بشرطة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وبفضل إسلامها “المتسامح” وأمير مؤمنيها “المنفتح والمعتدل”. وأيضاً بفضل انفتاحها السياسي النسبي والحريات التي يسمح بها نظام محمد السادس، مقارنة مع جيرانها في المغرب العربي والعالم العربي. لكن أشياء كثيرة تغيرت في السنوات الأخيرة، وصارت المملكة تُرسل اليوم، بما في ذلك إلى حلفائها التقليديين، صورة مضطربة، هي نتيجة لسلسلة من “القضايا” التي أضرّت بـ“رأسمال التعاطف” الذي استثمرت فيه حتى ذلك الحين بشكل كبير، من حيث القوة الناعمة وممارسة الضغط.

آلية تجسّس مخيفة

في 18 تموز/يوليو 2021، كشف “ائتلاف” مكوّن من 16 وسيلة إعلام دولية مجتمعة حول منظمتي “قصص محرّمة” و”العفو الدولية”، عن آلية تجسّس عالميّة مخيفة وفعّالة، تُعرف باسم “مشروع بيغاسوس”، وهو اسم برنامج تجسس باعته إلى حفنة من الديكتاتوريات مجموعة NSO  الإسرائيلية. هدف هذا البرنامج هو التحكم عن بُعد بالهواتف المحمولة، إذ يمكنه استعادة المحادثات؛ بما في ذلك تلك الواردة ممّا يسمّى بالتطبيقات “الآمنة” مثل “واتساب” أو “سينيال”. كذلك يستطيع البرنامج التحكم ببيانات الموقع الجغرافي والصور، وتسجيل مكالمات وتحركات صاحب الهاتف الذكي الملاحق، دون علمه.

إلى جانب قطر، يُستهدف المغرب علناً باتهامات إفساد أعضاء من البرلمان الأوروبي، على الرغم من استمراره في إنكار الحقائق “بشكل قاطع”

المغرب هو أحد أهم زبائن برنامج بيغاسوس. “المملكة تستخدم البرنامج بشكل مفرط، مما ينتهك الحقوق الأساسية”، وفق تقرير أعده “الائتلاف”. وحسب البيانات التي جمعها “الائتلاف” كجزء من المشروع، فقد استهدف المغرب لوحده 10 آلاف رقم هاتف من بين 50 ألف هدف محتمَل. وتؤكد الأبحاث أن الرباط استعملت هذا البرنامج لاستهداف صحافيين ومسؤولي وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد. وبدت هذه الاكتشافات صادمة ومقلقة أكثر عندما تبين أن أجهزة المخابرات المغربية استعملت البرنامج لاستهداف صحافيين خارج حدودها. طبعاً، نفت المملكة كليّا هذه الاتهامات التي لا تتعلق فقط بالصحافيين والناشطين المغاربة. ووفقاً للتقرير ذاته، قامت المخابرات المغربية بالتجسس أيضاً على شخصيات فرنسية رفيعة المستوى، بينهم الرئيس إيمانويل ماكرون. وبالتالي دخلت العلاقات الفرنسية المغربية، التي تتميّز بتواطؤ أسطوري، فترة من البرودة القطبية لا تزال قائمة حتى اليوم (…).

“المغرب-غيت”.. قنبلة في بروكسل

في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2022، انفجرت قنبلة أخرى. فبعد انتهاء أجهزة المخابرات البلجيكية من تحقيق مُفصّل، وبعد أن تم تنبيه هذه الأخيرة من قبل خمسة “أجهزة” أوروبية أخرى، بما في ذلك المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي، ألقى القضاء البلجيكي القبض على النائب الإيطالي السابق، بيير أنطونيو بانزيري. ويُشتبه في أن بانزيري تلقى مبالغ كبيرة من خلال وسطاء مغاربة، بمن فيهم السفير السابق في بروكسل عبد الرحيم عثمون. وقد عثرت الشرطة البلجيكية على 600 ألف يورو نقداً في منزل بانزيري في بروكسل، و17 ألف يورو في منزله في إيطاليا. أشار فرانشيسكو جيورجي، وهو مساعد سابق لبانزيري، في محضر أقواله في كانون الأول/ديسمبر 2022: “كان السيد عثمون يأتي بأموال من وقت لآخر، ولكن ليس بصفة منتظمة، إلى شقته في باريس. وعندما كنَّا نذهب لجلب المال، كنَّا نقول إننا ذاهبون للحصول على ربطات عنق أو بدلات”.

المغرب هو أحد أهم زبائن برنامج بيغاسوس. “المملكة تستخدم البرنامج بشكل مفرط، مما ينتهك الحقوق الأساسية”، وفق تقرير أعده “الائتلاف”. وحسب البيانات التي جمعها “الائتلاف” كجزء من المشروع، فقد استهدف المغرب لوحده 10 آلاف رقم هاتف من بين 50 ألف هدف محتمَل

إلى جانب قطر، يُستهدف المغرب علناً باتهامات إفساد أعضاء من البرلمان الأوروبي، على الرغم من استمراره في إنكار الحقائق “بشكل قاطع”. وبعد عام واحد فقط من فضيحة بيغاسوس، التي اتُهمت فيها المخابرات المغربية التي يرأسها منذ 2005 عبد اللطيف حموشي، أحد أكثر الرجال نفوذاً في المملكة، جاء دور مديرية مكافحة التجسس المغربية (المديرية العامة للدراسات والمستندات)، التي يقودها ياسين منصوري، وهو زميل دراسة سابق للملك محمد السادس. حيث وجّه القضاء البلجيكي أصبع الإتهام للمديرية، وكذلك فعل.. البرلمان الأوروبي. وفي قرار تم تبنيه في 16 شباط/ فبراير 2023، أعرب الأخير “عن قلقه العميق إزاء مزاعم الفساد من قبل السلطات المغربية (…) ويحث على تعليق تصاريح دخول ممثلي مصالح” المغرب إلى مقر البرلمان الأوروبي.

استعادة هيبة السلطة الملكية

على المستوى الداخلي، لا تزال الملكية المغربية تهيمن على الحياة السياسية، كمؤسسة تحتكر المجال الديني والدنيوي، لكن صورتها كسلطة مستقرة، سلطوية، ومنفتحة في الوقت نفسه قد تلاشت إلى حد ما خلال السنوات الأخيرة. فغياب الملك محمد السادس بصفة متكرّرة (في فرنسا، ومؤخراً أربعة أشهر في الغابون) من ناحية، ومن ناحية أخرى، “ظاهرة أبو زعيتر”، أولئك الأشقاء ذوو الماضي المشبوه، والذي يثير قربهم من الملك القلق الأكبر في أعلى مستوى دوائر الحكم، يعكسان صورة متذبذبة عن السلطة العُليا، ويغذيان أعمدة الصحافة الدولية1 ويثيران الفضول في ممرات السفارات الهادئة.

إقرأ على موقع 180  شيراك عرّاب الأسد.. وألد خصومه 

لا شكّ أن قرار الملك، منذ عودته من الغابون؛ عشية رمضان (22 مارس/آذار 2023)؛ أن يكون حاضراً أكثر من أي وقت مضى، كان لمواجهة هذا الوضع. وبصفته أميراً للمؤمنين، ترأس جميع المناسبات الدينية (الحسنية الرمضانية) التي تمت خلال الشهر الكريم. وكرئيس للسلطة التنفيذية، أعاد إحياء التدشينات الشهيرة من خلال القيام، على وجه الخصوص، برحلة إلى طنجة في منتصف شهر رمضان، لتدشين مستشفى جامعي، واتخاذ قرار جعلِ رأس السنة البربرية؛ يوم 13 كانون الثاني/يناير؛ عطلة رسمية. وقام أخيراً، كقائد عسكري، بتعيين مفتش عام جديد للجيش. الهدف من كل هذا استعادة هيبة السلطة الملكية، وهي سلطة شخصية لا تعتمد على الأداء المنتظم للمؤسسات، بقدر ما تعتمد على الحضور الجسدي للملك. لكن استعادة الصورة الإيجابية التي تميزت بها المملكة لفترة طويلة يعتمد، من جانبه، على إطلاق سراح السجناء السياسيين. فبالإضافة إلى الصحافيين المذكورين، هناك المحامي محمد زيان (80 عاماً)، وحوالي عشرة من النشطاء السيبرانيين، يُضاف إليهم مناضلو الريف (شمال المغرب) الذين حُكم على قادتهم بالسجن من 15 إلى 20 عاماً.

-راجع النص كاملاً في “أوريان 21“.

(*) عمر بروكسي، صحافي وجامعي، يدرِّس في جامعة “سطات” في المغرب. صدر له كتاب “محمد السادس بدون قناع”، و”نجل صديقنا”، و”فرنسا-المغرب: علاقات ارتباط خطيرة”، و”جمهورية جلالته”.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  من غزة إلى بعبدا.. الفرصة مفتوحة حتى الانتخابات الأميركية