معركة جنين.. حالة فلسطينية متمددة

ما عاشه مخيم جنين على مدى الأيام الماضية أعاد إلى الأذهان عدوان الاحتلال على جنين قبل عقدين من الزمن، وارتكابه مجازر أسفرت عن تدمير المخيم، وارتقاء مئات الشهداء العزّل نتيجة ذلك العدوان.

في ظل العدوان الجديد ضد جنين، يسعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى تحقيق العديد من الأهداف، فهو يحاول جاهدًا الهروب إلى الأمام من أزمته الداخلية والصراعات السياسية المتفاقمة في المجتمع الإسرائيلي من قضايا الفساد والمحاكمات التي يواجهها إلى موضوع الإصلاحات القضائية التي يسعى لتحقيقها وإرضاء حلفائه المتطرفين في الحكومة، كما يسعى لاستعادة سياسة الردع التي هشّمتها المقاومة الفلسطينية في جنين ومدن شمال الضفة الغربية المحتلة.

ربما يكون هدف الاحتلال من عمليته الأخيرة في جنين هو إضعاف المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة، لكن الهدف الأهم لحكومة نتنياهو المتطرفة هو كسب الهدوء على الأرض لأطول مدة ممكنة بما يتيح لها تنفيذ مشروعها الاستيطاني الكبير الذي تسعى به إلى حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني بالسيطرة التامة على جميع مناطق الضفة المحتلة، وإنهاء حلم بناء الدولة الفلسطينية المستقلة في المستقبل.

إن الغطاء السياسي والدبلوماسي الأميركي والأوروبي هو أكثر ما يساعد حكومة الاحتلال في مواصلة انتهاكاتها  للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وضربها عرض الحائط اتفاقيات جنيف وجميع المواثيق الدولية التي تكفل حماية  الفلسطينيين تحت الاحتلال، وضمان حقوقهم بحياة كريمة، فضمان كيان الإحتلال للفيتو الأميركي في مجلس الأمن، وتدخل الإدارة الأميركية لمنع ملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية إنما يمثل شراكة فعلية في ارتكاب جرائم الإحتلال سواء في جنين أو في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي تعمّدها انتهاك القوانين الدولية دون ملاحقة قضائية.

ويستفيد الإحتلال من واقع التطبيع العربي، وهرولة بعض الأنظمة الخارجة عن وجدان شعوبها المعادية للاحتلال الأمر الذي يُمثّل تشجيعًا للاحتلال لمواصلة عدوانه ضد الفلسطينيين، كما أن التعاون العسكري والأمني والاقتصادي البغيض لعدد من الأنظمة العربية مع كيان الاحتلال هو شراكة فعلية في جريمته ضد الفلسطينيين، كما أن الصمت الرسمي العربي، إلا من بعض بيانات الإدانة الخجولة، هو إقرار للاحتلال بالاستمرار في ارتكاب جرائمه ضد المدنيين العزل.

أما نحن كفلسطينيين فلا شك أن الجميع يشعر بغصة كبيرة إزاء تمسّك البعض من أصحاب المصالح الخاصة بالتنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال بذرائع ومبررات واهية، ونراها جريمة لا تقل خطورة عن جريمة الاحتلال، فتحرير فلسطين يبدأ من وحدة الكلمة والميدان تحت راية المقاومة، وتطهير الصف الداخلي، وإنهاء الانقسام البغيض الذي يمثل عقبة أساسية في طريق الوحدة والتحرر ومبررا للاحتلال وغيره من قوى اقليمية ودولية في الحديث عن الخلاص من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية.

إننا على ثقة بأن استئصال المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة بات حلمًا إسرائيليًّا بعيد المنال، فخلايا المقاومة الفلسطينية اليوم هي في حالة تمدد جغرافي، والحاضنة الشعبية التي تدعم استمراريتها برغم ضربات الاحتلال القاسية لها.

اليوم تعود جنين من جديد لتقول كلمتها في ساحة المواجهة مع الاحتلال، فهي ما تزال صامدة في المواجهة، وقد نجحت مقاومتها الباسلة في الصمود وصد العدوان بما يشير إلى صلابة المقاومة، وقدرتها على تحدي قوة وعنجهية الاحتلال برغم ضعف الإمكانيات وفارق القوة الكبير بينها وبين الاحتلال.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الشرق الأوسط "المزعج" لأوباما: داعش عاصفة في فنجان! (5)
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  السيرك العربي الكبير.. بلغة محمد الماغوط