“وضعت إدارة الرئيس جو بايدن لنفسها هدفاً طموحاً جداً، وهو الوصول إلى تطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية. أولاً، الجدول الزمني الذي تعمل الإدارة وفقاً له مضغوط؛ فكما يبدو، الهدف هو الوصول إلى اتفاق في الخريف، قبل الدخول في الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية. وثانياً، المطالب السعودية طويلة ومهمة بالنسبة إلى الأميركيين – وأيضاً بالنسبة إلى إسرائيل.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وضع هدف الوصول إلى اتفاق مع السعودية خلال الجلسة الأولى لحكومته الحالية. لإسرائيل مصلحة واضحة في تقوية العلاقات مع السعودية وتحويلها إلى علنية، لأنها الدولة القائدة اليوم بين الدول العربية، وأيضاً بسبب مكانة المملكة كـ”حارسة الأماكن المقدسة للإسلام”. التقدير هو أن اتفاقاً مع السعودية سيمنح دولاً إضافية في العالم الإسلامي، كأندونيسيا مثلاً، شرعية أكثر بكثير، حتى لو لم تكن مُطلقة، لإقامة علاقات مع إسرائيل.
ماذا ستربح السعودية من الاتفاق؟
للسعودية مصلحة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، وذلك بالأساس بسبب الأرباح التي تستطيع جنْيها من الولايات المتحدة نتيجة لذلك. التقديرات تشير إلى أن العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج “اتفاقيات أبراهام”. المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً، وذلك بسبب الحساسية والمميزات الخاصة بالمملكة.
منذ وقت طويل، يدير السعوديون محادثات مع الأميركيين بشأن مطالبهم من الولايات المتحدة في مقابل خطوة باتجاه إسرائيل. هذه المطالب تتضمن بالأساس ضمانات أمنية أميركية، وحتى الوصول إلى اتفاق دفاع رسمي بين الدولتين، تريده السعودية بشدة. هذا بالإضافة إلى أن السعوديين قدموا للإدارة “قائمة مشتريات” لأسلحة أميركية متطورة، ومن ضمنها، كما يبدو، الطائرات المقاتلة المتطورة F-35. وفي النهاية، يطالب السعوديون أيضاً بمساعدة أميركية في إقامة بنية تحتية نووية مدنية في المملكة، تتضمن القدرة على تخصيب اليورانيوم.
القضية الفلسطينية لم تعد مهمة كما كانت عليه سابقاً بالنسبة إلى المملكة، لكنها لا تزال مركزية من أجل التقدم والحصول على شرعية عربية وإسلامية لخطوة كهذه. ولكن، على عكس ما يتمنون في إسرائيل، سيطلب السعوديون خطوات عملية لمصلحة الفلسطينيين، سيكون من الصعب على إسرائيل القيام بها بسبب تركيبة الحكومة الحالية
يجب ألا تعارض إسرائيل قيام اتفاق دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية. على العكس – لإسرائيل مصلحة، ليس فقط في أمن المملكة، بل أيضاً في زيادة الالتزام الأميركي حيال الحلفاء في المنطقة. أما بشأن كل ما يخص التزويد بأدوات قتالية متطورة، فهنا يفرض على إسرائيل التأكد من أن الموضوع لا يُلحق الضرر الكبير بالتفوق العسكري النوعي الخاص بها، عليها أن تطلب تحسين قدراتها.
وفي النهاية، الموضوع الأكثر حساسية، دخول السعودية إلى النادي النووي هو قضية كبيرة، ويمكن أن يكون له إسقاطات بعيدة المدى في مجال الانتشار النووي في المنطقة، حتى لو كان الحديث يدور حول برنامج مدني، وبرقابة أميركية. إذ يمكن أن تطلب دول أُخرى في المنطقة أيضاً قدرات تخصيب يورانيوم في مناطقها، حتى الدول التي تنازلت عن ذلك في مقابل مساعدة في المجال النووي، كالإمارات. وأكثر من ذلك، للسعوديين تاريخ إشكالي في المجال النووي والصواريخ، وفي المستقبل غير البعيد، يستطيعون تأميم مصنع تخصيب اليورانيوم، كما فعلوا سابقاً مع شركة “أرامكو”.
وماذا عن المطالب السياسية؟ التقديرات هي أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة كما كانت عليه سابقاً بالنسبة إلى المملكة، لكنها لا تزال مركزية من أجل التقدم والحصول على شرعية عربية وإسلامية لخطوة كهذه. ولكن، على عكس ما يتمنون في إسرائيل، سيطلب السعوديون خطوات عملية لمصلحة الفلسطينيين، سيكون من الصعب على إسرائيل القيام بها بسبب تركيبة الحكومة الحالية.
وعلى الرغم من أن الأثمان المركزية للتطبيع يطلبها السعوديون من الولايات المتحدة، فإنهم بحاجة إلى تقديم إنجاز وثمن من إسرائيل في السياق الفلسطيني، يستطيعون طرحه على أنه إنجاز يساهم في تحقيق فكرة حل الدولتين، كتجميد البناء الاستيطاني، وتحويل أراضٍ إلى السلطة الفلسطينية وغيرها. هذا في وقت قد يكون من الصعب على السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية خلق ظروف مريحة للتقدم في القناة الإسرائيلية – السعودية في الوقت الحالي”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).