عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. ما بعد “الفيتو” الأميركي؟

في العام 1945 وغداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة بهدف المحافظة على السلم والأمن الدوليين عن طريق اتخاذ تدابير وقرارات فعّالة في وجه أي تهديد أو خطر على السلام العالمي؛ تنمية العلاقات الودية بين الأمم على أساس الاحترام المتبادل والمساواة بين الشعوب دون أي تفرقة وحق الشعوب بتقرير مصيرها وتحقيق التعاون الدولي في كافة المجالات.

تُعتبر الأمم المتحدة من أشهر المنظمات الدولية في القرن العشرين، وخير دليل أن عدد الدول الأعضاء عام 1945 بلغ 51 دولة ووصل في العام الحالي إلى 191 دولة. تتألف المنظمة من ستة أجهزة رئيسية لمعاونتها في القيام بعملها وأولها الجمعية العامة التي تضم جميع الدول الأعضاء وتعطي لكل دولة مقعداً واحداً وصوتاً واحداً بشكل متساو؛ وثانيها مجلس الأمن الذي يتألف من 15 عضواً: 10 دول غير دائمة العضوية يتم انتخابها لمدة سنتين و5 دول دائمة العضوية وتتمتع بامتيازات محددة أبرزها حق النقض (الفيتو) الذي يُلغي أي قرار إجرائي تتم المصادقة عليه بأغلبية لا تقل عن تسعة أصوات.

كيف يُصبح البلد عضواً في الأمم المتحدة؟

بموجب المادة الرابعة من الفصل الثاني من ميثاق الأمم المتحدة، تعتبر عضوية الأمم المتحدة متاحة لجميع الدول التي ترغب في أن تنضم ولكن ضمن شروط منها أن تكون الدولة محبة للسلام وأن تقبل بالالتزامات التي يفرضها ميثاق الأمم المتحدة وأن تكون لها القدرة على أن تنفيذ هذه الإلتزامات.. والأهم أن يصدر قرار قبول العضوية بموافقة أغلبية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بناءً على توصية من مجلس الأمن الدولي.

ثمة دول تشعر باليأس عند لجوئها إلى الأمم المتحدة التي تعتبر الطريق السلمي لحل المشاكل التي تطرأ بين الدول، بخاصة بعد أن وقفت هذه المنظمة عاجزة عن التصدي لأزمات تُهدّد السلم العالمي كما هو الحال مع الأزمة الأوكرانية وأزمة غزة التي ستترك لطخة سوداء على جبين المجتمع الدولي

ما هي حيثيات “الفيتو” الأميركي؟

في 18 أبريل/نيسان 2024، طُرح أمام مجلس الأمن مشروع قرار يتضمن الاعتراف بعضوية دولة فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وانتهى التصويت عليه إلى موافقة 12 دولة وامتناع 2 ورفض الولايات المتحدة الأميركية فقط. وعلى الرغم من أن القرار في مجلس الأمن يحتاج أغلبية لا تقل عن 9 من أصل مجموع الأعضاء، إلا أنه يحتاج أيضاً عدم معارضة أي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية له، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أعاقت عبر استخدام “الفيتو” انضمام فلسطين كدولة مكتملة العضوية إلى منظمة الأمم المتحدة، على الرغم من كون الولايات المتحدة، وبخاصة الحزب الديموقراطي يتشدق منذ سنوات بما يُسمى “حل الدولتين”. حتى أن واشنطن ومنذ اليوم الأول لحرب “طوفان الأقصى” التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تُردّد أن جوهر خلافها مع إسرائيل يتصل بـ”اليوم التالي”، أي ما بعد انتهاء الحرب، ذلك أن واشنطن تُعارض فكرة اعادة احتلال القطاع وتعتبر أن “حل الدولتين” يُمكن أن يُدشّن مرحلة جديدة على صعيد تطوير الإتفاقات التطبيعية الإبراهيمية، ولا سيما مع المملكة العربية السعودية.

الجدير ذكره أن فلسطين تحمل صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة منذ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وهذا امتياز يُعطى للدول غير الأعضاء والمنظمات غير الحكومية بهدف المشاركة في أنشطة هذه المنظمة.

وإلى يومنا هذا بلغ عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين نحو 140 دولة من الدول الـ193 الأعضاء في الجميعة العامة للمنظمة الدولية، وهذا يعني أنه في حال صدور توصية من مجلس الأمن بشأن عضوية هذه الدولة وانتقال القرار للتصويت عليه في الجمعية العامة، فإن هذا الأخير يحظى بأغلبية الثلثين التي يحتاجها أي تصويت في هذه الجمعية. لذلك لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى استعمال “الفيتو” ومنع انتقال القرار للجمعية العامة.

أزمات دولية مفتوحة!

يُمكن القول إن دعوات دولية عديدة تكرّرت من أجل تعديل صيغة مجلس الأمن بعدما أصبح في العقود الأخيرة حكراً على الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية فيه، وهذا الأمر يضرب عرض الحائط الثقة التي سعت هذه منظمة الأمم المتحدة إلى تكوينها عبر حل العديد من النزاعات والأزمات التي أنهكت المجتمع الدولي.

ثمة دول تشعر باليأس عند لجوئها إلى الأمم المتحدة التي تعتبر الطريق السلمي لحل المشاكل التي تطرأ بين الدول، بخاصة بعد أن وقفت هذه المنظمة عاجزة عن التصدي لأزمات تُهدّد السلم العالمي كما هو الحال مع الأزمة الأوكرانية وأزمة غزة التي ستترك لطخة سوداء على جبين المجتمع الدولي، فهل نحنُ على مشارف تغيير كبير سيطرأ على آليات عمل منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها أم أن الأزمات ستتوالى ولن تجد من يُواكبها أو يُوفر حلولاً لها وبالتالي سيكون علينا انتظار لحظة إعلان وفاة هذه المؤسسة الأممية؟

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  دراسة مصالحة: "الترانسفير" من هيرتسل إلى نتنياهو
رواد منذر

باحث لبناني متخصص بالقانون الدولي العام

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  عن فلسطين التي عادت لتخرج على "إسرائيل"