بلاد التأجيل.. خلاصها مؤجّل!

قُضيَ الأمر. "الانتخابات" مؤجلة مرة أخرى. كاتب هذه السطور لا يُعوّل على نتائج انتخابات بلدية أو إختيارية. لا تراوده أحلام تحوّل زعامات المناطق أو الطوائف إلى كذبة. لا يرى في الأفق بلداً علمانياً أو أفولاً للأحزاب الطائفية والمذهبية. هو يكتب فقط عن "مزحة ثقيلة جداً" إسمها "إحترام المواعيد الدستورية".

رئاسة الجمهورية “مؤجّلة” منذ 18 شهراً؛ تعيينات إدارية وعسكرية وأمنية “مؤجّلة” منذ سنوات؛ تشكيلات ديبلوماسية وترقيات عسكرية “مؤجلة”؛ وهنا التأجيل يُولّد الفراغ. “انتخابات بلدية” ستؤجل للمرة الثالثة، وهنا منعاً للفراغ، هكذا يقولون. يقول آخرون: ثمة حربٌ وشهداء في الجنوب. لو لم تؤجّل أكبر أزمة اقتصادية مصرفية أكثر من أربع سنوات، ورئاسة جمهورية سنة ونيّف، وغيرها من الإستحقاقات، لاقتنع المرء أن الحرب تمنع الإستحقاق هذه المرة، وذلك بقوة المنطق!

تصوّروا أن المجلس النيابي “مؤجلة” جلساته حتى صار شبه معطل. ينعقد “À LA CARTE”.

المجلس العسكري غرق طويلاً في الفراغ. يسري الأمر على مجلس القضاء الأعلى البلا تشكيلات قضائية من سنوات طويلة.

أكثر من ثلاثة آلاف أستاذ متعاقد في الجامعة اللبنانية، جامعة الفقراء، مؤجلٌ قرار تثبيت من يستحق منهم.

الناجحون في وظيفة حراس أحراج منذ ثماني سنوات ما زالوا ينتظرون قراراً مؤجلاً بالتثبيت في ملاك وزارة الزراعة.

مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، وهي الأكثر حيوية من غيرها لأنها على تماس مع أكل اللبنانيين وشربهم وخبزهم وصحتهم، تكاد تفرغ من الموظفين الذي يُحالون على التقاعد، الواحد تلو الآخر.

المراقبون الجويون في مطار بيروت أجروا امتحانات ونجح العشرات منهم وممنوع تعيينهم ولو كان الثمن اغلاق مطار بيروت الدولي.

المستشفيات الحكومية معظمها بلا مجالس إدارات..

ولو أخذنا بأرقام مجلس الخدمة المدنية، نجد أن الشغور في الملاك الوظيفي بلغ معدلات مرتفعة جداً (56% في المؤسسات العامة الخاضعة لمجلس الخدمة؛ 82% في البلديات الخاضعة لمجلس الخدمة؛ 72% في ملاك الإدارات العامة).

لا منطق عند ساستنا. هم ليسوا أصلاً بحاجة إليه. هل في منع أكثر من مليون مودع من سحب “جنى أعمارهم” منطق؟ هل في تسيير شؤون دولةٍ بلا رأس، منطق ما؟

هنا المنطق “مؤجّل” أيضاً، وإلى ما شاء الله.

بلادنا بلاد “التأجيل”، إذاً. قادتها والمقررون فيها يؤجلون الإصلاح والتشكيلات والتعيينات والإنتخابات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وكلّ شيء. شعبها بدوره عازم على تأجيل المحاسبة. كلاهما يؤجلان الإستيقاظ على حقيقة أن خلاص هذه البلاد، هو بحكم المؤجّل أيضاً.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  هل يتخلص بايدن من "أمريكا أولاً"؟
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  لن ينفرط عقد "ورقة التفاهم"