ثلاث استراتيجيات إسرائيلية لانهاء حرب غزة..

Avatar18013/07/2024
"كلما اقتربت مرحلة القتال الشديد من نهايتها، كلما ترددت إسرائيل بين 3 استراتيجيات أساسية من أجل تحقيق أهدافها المعلنة: القضاء على "حماس"، عسكرياً وسلطوياً؛ تحرير كل المخطوفين؛ خلق وضع جديد في غزة يمنع تحوُّل القطاع إلى قاعدة للهجوم على إسرائيل مستقبلاً". هذه السيناريوهات (الإستراتيجيات)، يُفندها الكاتب الإسرائيلي يوسي كوفرفاسر في مقالة له في موقع القناة "N12".

“الاستراتيجيا (أ):  تؤيد قبول شروط “حماس”، وتحرير المخطوفين، ووقف الحرب، وخروج الجيش من غزة في أقرب وقت ممكن. وحجة هذه الاستراتيجيا (وهي حجة تتبناها عائلات المخطوفين، ومحللون كبار، وأطراف في اليسار الإسرائيلي، وكثيرون في المجتمع الدولي، وبحسب النيويورك تايمز بعض كبار القادة في الجيش)، هي: أنه لا يمكن تحرير المخطوفين، وخصوصاً الذين ما زالوا أحياء بطريقة أُخرى، ويأتي هذا الاعتبار فوق أيّ اعتبار آخر. علاوةً على ذلك، إسرائيل ضربت “حماس” والمؤيدين لها من سكان غزة بقوة، لذلك، من الصعب على الحركة إعادة بناء قوتها في المستقبل المنظور، ولن تملك القوة التي تجعلها قادرة على القيام بهجوم 7 أكتوبر من جديد.

بالإضافة إلى ذلك، ليس في إمكان إسرائيل تحمُّل عبء استمرار الحرب، ومن الأفضل وقفها الآن. هذه الاستراتيجيا ستؤدي، وفقاً للمؤيدين لها، إلى وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية، كما تعهّد حزب الله، وإلى وقف تآكل التأييد الدولي لإسرائيل، وتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة، مع احتمال الدفع قدماً بالتطبيع المنشود مع السعودية.

المشكلة في أن المغزى الفعلي لهذه الاستراتيجيا هو الإبقاء على “حماس” بصفتها القوة المسيطِرة في غزة، والتنازل عن المسعى لمنع تعاظُم قوتها من جديد، وكذلك فكرة محاربة الأصولية، ومؤيدو هذه الاستراتيجيا مستعدون لدفع هذه الأثمان. هم يعتقدون أنه من الصعب القضاء على “حماس” كفكرة، لذلك، من الأفضل، من وجهة نظرهم، نشوء أيّ حُكم في القطاع غير الحكم الإسرائيلي، أو الفوضى في “اليوم التالي للحرب”. وتطبيق هذه الاستراتيجيا معناه إعلان إسرائيلي لا مفرّ منه، أن “حماس” هي المنتصرة في الحرب.

الاستراتيجيا (ب): التي تؤيدها المؤسسة الأمنية، تعتبر أن الجهد الأساسي في غزة يجب أن يكون عبر الاستمرار في الضغط على “حماس” من أجل تفكيكها في نهاية الأمر. وذلك من خلال المرحلة الثالثة من الحرب، أي الاقتحامات والهجمات المركزة التي تدفّع التنظيم “الإرهابي” ثمناً مؤلماً، وستدفعه إلى قبول صفقة المخطوفين التي اقترحتها إسرائيل، وأيّدتها الولايات المتحدة التي تقوم بدور الوساطة، وسائر المجتمع الدولي (المرونة التي أبدتها “حماس”، اعتبرها مؤيدو هذه الاستراتيجيا دليلاً على صحة ادّعائهم). وسينخفض الثمن الذي ستدفعه إسرائيل لقاء استمرار القتال، بينما ستدفع “حماس” ثمناً كبيراً، وستواصل دفعه، وربما سيشمل ضرب كبار قادتها.

في المقابل، ومن أجل ترميم شرعيتها، ستواصل إسرائيل الجهود الإنسانية، وتحاول الدفع، بالتدريج، نحو نشوء بنية للحكم لا علاقة لها بـ”حماس”، أو “بالإرهاب”، مع تفضيلٍ للعناصر التي لا تنتمي إلى “فتح”، لكن من دون استبعادهم. وبحسب هذه الاستراتيجيا، سيستمر الجيش في تحمُّل المسؤولية الكاملة عن محاربة “الإرهاب” في غزة، وسيبقى موجوداً في محور فيلادلفيا في هذه المرحلة (إلى حين التوصل إلى حل مع مصر يمنع التهريب)، وفي ممر نتساريم، وكذلك في المنطقة المحيطة بالقطاع.

هذه الاستراتيجيا ستُبقي سيطرة “حماس” على أغلبية الأراضي في القطاع، وعلى الجزء الأكبر من السكان، لكنها ستسمح لإسرائيل بمعالجة التهديدات الموجهة إلى أمنها، من دون قيود، وفي الوقت عينه، الامتناع من إدارة حياة المواطنين في القطاع (بما يشبه الوضع في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية). في المقابل، يستطيع الجيش توجيه جهوده إلى معالجة التهديد في الشمال، إذا فشلت محاولة التوصل إلى تسوية بالوسائل الدبلوماسية.

لهذه الاستراتيجيا عدد كبير من المشكلات ونقاط الضعف. أولاً؛ هي تترك “حماس” في الحكم فترةً من الزمن، وتتيح للإيرانيين وحلفائهم أن يأملوا بأن هذا هو الوضع الدائم والجديد. ثانياً؛ الحل الذي تقترحه لمسألة المخطوفين، يمكن أن يكون جزئياً، لأن التخلي عن كل المخطوفين، من دون تعهدات إسرائيلية بشأن وقف القتال بصورة مطلقة والانسحاب الكامل من غزة، لن يصبّ في مصلحة “حماس”. وستستغل إيران و”حماس” هذه الاستراتيجيا لجعل وضع إسرائيل سيئاً. كما تتجاهل هذه الاستراتيجيا مشكلة أساسيةـ وهي الحاجة إلى تغيير السردية الفلسطينية، أي محاربة النزعات الأصولية (على الرغم من أن مؤيدي هذه الاستراتيجيا يأملون بازدياد الانتقادات لحركة “حماس”، كلما ازدادت وطأة الواقع على الناس).

الاستراتيجيا (ج): وهي التي تؤيدها الحكومة الإسرائيلية (وأنا أميل إليها أيضاً)، والتي ترى أن على إسرائيل، بعد استنفاد فرص تحقيق صفقة لتحرير المخطوفين، استناداً إلى المبادىء التي وضعتها (ليس واضحاً في هذه المرحلة إلى أيّ حد تتطابق هذه المبادىء مع الصيغ التي نشرتها “الواشنطن بوست” فيما يتعلق بالاتفاقات التي جرى التوصل إليها، وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية من الصفقة)، أن تسعى للقضاء على “حماس”، عسكرياً وسلطوياً،  بكل ما أوتيت من قوة، أي الاستمرار في توجيه قوات كبيرة من أجل استكمال مهمة معالجة البنى التحتية لـ”حماس”، وفي مرحلة أولى، استبدال سلطتها بحكم عسكري إسرائيلي. وبعد وقت غير طويل، وبعد أن يتضح لـ”حماس” أنها لن تعود إلى الحكم، ستبذل الجهود من أجل نقل الصلاحيات إلى أطراف فلسطينية لا علاقة لها بـ”الإرهاب”، وإلى إدارة دولية – عربية موقتة تهتم بمسألة إعادة إعمار القطاع.

إقرأ على موقع 180  غانتس لو استقال.. هل يُسقط نتنياهو؟   

مشكلات هذه الاستراتيجيا تكمن في إمكان تطبيقها، من دون أن تُلحق ضرراً بالعلاقات مع الولايات المتحدة وشرعية إسرائيل في المجتمع الدولي. عموماً ـ الادعاء أنه من المستحيل القضاء على “حماس”، كفكرة مزروعة عميقاً في قلوب الغزّيين وعقولهم، وأن التكلفة المتعلقة بالسيطرة الإسرائيلية على القطاع، من أجل طرد “حماس” من السلطة، كبيرة جداً، سواء بالنسبة إلى حجم القوة العسكرية المطلوبة، أو الخسائر التي ستنتج من الوجود المستمر في منطقة مليئة “بالمخربين”، أو بشأن الثمن الاقتصادي لمثل هذه العملية، أو فيما يتعلق بالعلاقات مع الإدارة الأميركية التي أعلنت معارضتها العلنية لسيطرة إسرائيل على غزة.

ما العمل؟

أولاً، يجب التعامل باحترام وجدية مع الاستراتيجيات الثلاث، ومع الذين يؤيدونها، وإجراء نقاش معهم بشأنها.

ثانياً، نفحص أهداف الحرب من جديد ومدى ملاءمة كل استراتيجيا مع هذه الأهداف. الاستراتيجيتان (أ) و(ب) تقترحان التنازل، عملياً، عن هدف القضاء على “حماس”. الاستراتيجيا الأولى تعطي الأولوية المطلقة لتحرير المخطوفين، ثم معالجة القضاء على “حماس” في المستقبل، بعد فترة من إعادة التنظيم وترميم الثقة بالجيش، وعندما تقدّم لنا “حماس” الذريعة لذلك. مؤيدو الاستراتيجيا الثانية، ببساطة، هم يغيّرون المصطلحات، ولا يستخدمون مصطلحات “انتصار” و”هزيمة حماس”، و”الحسم”، وبدلاً من ذلك، يتحدثون عن تفكيك “حماس”. بالنسبة إليهم، من المهم جداً التقدم نحو تحقيق هذا الهدف، من أجل تحقيق هدف إطلاق المخطوفين، الأكثر إلحاحاً. وفي رأيهم، في الإمكان التوجه نحو عقد صفقة والعودة إلى تفكيك “حماس”، بعد وقف إطلاق النار، وربما وقف الحرب. وبينما يقترح مؤيدو الاستراتيجيتين (أ) و(ب) تغيير أهداف الحرب وإعادة صوغها، يعتقد مؤيدو الاستراتيجيا (ج) أنه يجب التمسك بهذه الأهداف، لكن مع تغيير طريقة العمل. وبدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال التي ستركز على الاقتحامات المحدودة، يجب العمل مع قوات كبيرة، وفي آن معاً، في شتى أنحاء القطاع، من أجل توجيه ضربة قاسية جداً إلى “حماس” وطردها من الحكم خلال عدة أشهر. وإقامة حُكم عسكري موقت، مع تخصيص القوات والميزانيات المطلوبة.

ثالثاً، يجب إجراء نقاش نوعي ومثمر يستند إلى معلومات.. نحن بحاجة إلى قاعدة معلومات مشتركة تتعلق بحصانة المجتمع الإسرائيلي وقدرة مؤسستنا الأمنية، ووضع “حماس” والسكان في غزة، ومواقف الإدارة الأميركية من السيناريوهات، وغيرها.

رابعاً، في هذه الأثناء، يجب المضيّ قدماً في التقدم في المسار الذي جرى اختياره، أي الاستمرار في الضغط العسكري على “حماس” بصورة متفاوتة الشدة، والدفع بصفقة المخطوفين التي اقترحتها إسرائيل. ويشكل هذا المسار حلاً وسطاً بين الاستراتيجيات الثلاث، يمكن أن يؤدي إلى تحرير جزء من المخطوفين على الأقل، وإتاحة فرصة من الزمن لإجراء نقاش عميق إزاء الآتي من الأيام…

خامساً، يجب التأكد من أن كل قرار نتخذه يتلاءم مع التفكير الذي يجب أن نقوم به من أجل صوغ عقيدة أمنية جديدة، بدلاً من تلك التي انهارت في 7 أكتوبر. مبادىء الإنذار والردع والحسم والدفاع وجزء أساسي من النظريات التي كانت في أساس هذه العقيدة (التطلع إلى حرب قصيرة في مواجهة جيوش، وتفوّق استخباراتي وجوي، والاحتواء، ومحاولة زيادة الفترة الزمنية التي تفصل بين اندلاع قتال عنيف، ومبدأ “ندافع عن أنفسنا بقوانا الذاتية”، وغيرها)، يجب أن تتغير ويجري تحديثها. ومن المهم أن تكون سياستنا في غزة مرتبطة بعقيدة جديدة”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  ضابط إسرائيلي: الساعة الدولية تدق أسرع في حربنا مع لبنان!