هل يقوم “الإله” بانقلاب داخل المختبرات العلميّة (2)؟

بالفعل، عندما تتنقّل بين أبواب كتاب بولوريه وبوناسييس الذي بدأنا الحديث حوله في الجزء السّابق: تشعر وكأنّ "الإله" قد قام، وما يزال، منذ ما يقارب النصف قرن بانقلاب حقيقيّ وكبير وعميق، داخل الجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث الخاصّة بالعلوم الطّبيعيّة، ولا سيّما في الدّول الغربيّة.

إنّها ذات الدّول الغربيّة، حيثُ حاول الكثيرون ابعادَ “الإله” هذا، أو اقصاءَهُ أو قمعَ فرضيّة امكانيّةِ وجودهِ أصلاً أو البحث في ذلك من أساسه.. وما إلى ذلك من مواقف ومحطّات تاريخيّة وفكريّة معروفة في الغرب.

لماذا نتحدّث، مع الكاتبَين، عن “انقلاب” واقعاً؟

في الجزء السّابق (الأول)، بدأنا بالحديث عن بزوغ فجر فرضيّة “الموت الحراريّ للكون” من جهة؛ وبالأخصّ، فقد بدأنا بالحديث عن بزوغ فجر نظريّة “الانفجار العظيم” والدّويّ الكونيّ المُبين أي نظريّة الـBig Bang من جهة ثانية.

وقد رأينا كيف أنّ هاتَين النّظريَّتَين أو هذَين الاكتشافَين المركزيَّين قد أعادا فرضيّة “وجود الإله” إلى السّاحة العلميّة وبمختلف الطّرق.. بل وإلى ساحة التّرجيح العلميّ الصّريح كما يريد هذا الكتاب اثباتَه وببراعة شديدة برأينا.

من هنا، يُمكننا الانتقال إلى النّقاط التّالية في سبيل اكمال هذا التّفسير العامّ لحديثنا، مع الكاتبَين، عن انقلاب حقيقيّ تقوم به حاليّاً “فرضيّة الإله” ضمن هذا الصّنف من العلوم:

  • النّقطة الجوهريّة الثّالثة: كورت غودل، عالِم المنطِق والرياضيّات الكبير، ومُبرهنة أو نظريّة عدم الاكتمال (Théorème d’incomplétude).

قضيّة “الانفجار العظيم” هذه خطيرة جدّاً، كما سبق وذكرنا، بالنّسبة إلى تاريخ العلوم الحديث، بل وبالنّسبة إلى تاريخ الفلسفة الحديث برمّته. فلو أنّ الزَّمَكان (L’espace-temps)، والمادّة، وربّما الحَرَكة بالمعنى الفيزيائيّ: قد بدأوا جميعاً مع الـBig Bang العظيم.. فمِنَ المنطقيّ-العقلانيّ الادّعاء بأنّ “ما-قبلَ” هذه “البداية” لا بدّ وأن يكون من النّوع: ما-فوق المكان، وما-فوق الزّمان، وما-فوق المادّة، وما-فوق “الحركة”.

وقد تعمّق هذا التّفكير إذن، وأصبح أكثر صلابةً وقوّةً وعمقاً وتأثيراً مع ظهور، ثمّ تطوّر وانتشار نظريّة أو مُبرهنة عدم الاكتمال (Théorème d’incomplétude) على يد عالم الرّياضيّات وعالم المنطق التّشيكيّ، كورت غوديل، وهو الصّديق العزيز لألبيرت آينشتاين، ذاك الفيزيائيّ الجنّيّ (Génie) العجيب أيضاً.

مع أخِ عَبْقَر، وحَجَرِ المناطِقةِ الحكيمِ الأخْضَر، غوديل، وهو المُعتبر عادةً أهمّ المناطِقَة فعلاً منذ الشّيخ الاغريقيّ الرّئيس، والحَجَر العقلانيّ النّفيس، أي المعلّم الأوّل أرسطو طاليس.. مع العالم غوديل إذن، أصبحنا نعلم وباختصار: أنّ نظاماً رياضيّاً متناسقاً، لا يُمكن أن يُبرهَنَ (أو يُفسَّر) رياضيّاً[1].. إلّا بنظامٍ غيرِه! وبالتّالي، وبما أنّ الكون المادّيّ يَظهَر لنا على شكل نظام رياضيّ متناسق شبه مُتكامل.. فلا يُمكن بذلك أن يُبرهَن أو يُفسَّرَ.. إلّا بغيره! هل قُلتم “بِغَيره”؟ ماذا يُمكن أن يكون “غيرُ-الكَون” هذا؟

القضيّة أخطر بكثير ممّا يُمكن تصوّره للوَهلة الأولى. إنّه على الأرجح: انقلابٌ رياضيٌّ-منطقيٌّ خطير جدّاً على أسس الفلسفات المادّيّة-الالحاديّة بشكل عامّ. ويُمكن للقارئ العزيز أن يستشعر معنا، أكثر فأكثر، معالم ما اعتبرناه الانقلاب الكبير الذي ما يزال يحصل مع هذه الاكتشافات وآثارها وتبعاتها. إنّ “الما-قبل” أو “الما-فوق” (أو ما يُمكن تسميته بالأبعاد “الرّوحيّة”): يفرضان نفسَيهما، وبشكل متصاعد ومتكرّر.. على العلوم التّجريبيّة، ولكن أيضاً، على المنطق والرّياضيّات كما بَيّنت وتُبيّن أعمال غوديل (ومواقفه الفلسفيّة أيضاً، كما يُفصّل الكاتبان، ولكن هذا بحثٌ آخر).

إذا كان الكون المادّيّ الظّاهر في جوهره، أو من خلال تصوّراتنا العقليّة القَبليّةِ-القوالبِ حولَه (حتّى لا يغضب عمانوئيل كانط منّا): هو نظام رياضيّ متناسق.. فلا يُمكنه أبداً أن يُبرهِنَ أو يُفسِّرَ نفسَه بنفسِه! لا بُدّ أن يُفسَّر بنظامٍ غيرِه، وبالتّالي، يُمكننا بسهولة تخيّل تبعات ذلك على الإطار المفاهيميّ العامّ للفلسفات والنّظريّات المادّيّة. بالتّأكيد أنّ غوديل قد قام بثورة كبيرة في العلوم الحديثة بشكل عامّ، ولا عجب من مرافقة المُعلِّم آينشتاين له.. وذلك على المستوَيين الأكاديميّ والشّخصيّ معاً.

نحن نشهد إذن، في ما يظهر، ثورةً معرفيّةً حقيقيّةً قد يُحاول البعض الهروب من الإقرار بها، أو حتّى من الحديث عنها.. لاعتقاد أبستيمولوجيّ-معرفيّ معيّن (كبعض الكهنة الكانطيّين مثلاً)، أو بسبب عقائد مادّيّة-إلحاديّة شخصيّة أو حزبيّة أو عائليّة-تربويّة معيّنة، أو بسبب مُشكلة شخصيّة مع “الإله” و/أو مع بعض أتباعه.. وما إلى ذلك من زوايا فرديّة وجماعيّة تؤثّر على الحُكم الحياديّ في القضيّة أحياناً كثيرة للأسف

إذن، يبدو أنّ “ما-قبل”، ومن خلال التّفكير المنطقيّ-العقلانيّ، هو مُجدّداً: ما-فوق المكان والزّمان والمادّة.. وهو أيضاً “ذكيٌّ” إلى حدٍّ شبه لا-متناهٍ إن لم يكن لا-متناهياً بالفعل (كما سنرى بتفصيل أكبر في ما سيلي).

هنا يسأل الباحثان، على غرار عدد كبير من العلماء الغربيّين والعالميّين المعاصرين ممّن سنحاول ذكر بعضه في ما يلي: أليس هذا “الما-قبل” شبيهاً إذن – بل شبيهاً جدّاً – بإله التّوراة والإنجيل والقرآن، وإله أهل الدّيانات السّماويّة، وإله أمثالهم أجمَعين؟ إذا ما وضعنا جانباً مسائل العناية، العدل الإلهيّ، النّبوّة، المعاد، الشّرائع، وما إلى ذلك.. فبالفعل، نحن أمام “ما-قبل” كونيّ وربّما وجوديّ يبدو أنّه شبيه جدّاً.. بصفات “الإله” هذا كما تُنقل إلينا ليلَ نهار!

نحن نشهد إذن، في ما يظهر، ثورةً معرفيّةً حقيقيّةً قد يُحاول البعض الهروب من الإقرار بها، أو حتّى من الحديث عنها.. لاعتقاد أبستيمولوجيّ-معرفيّ معيّن (كبعض الكهنة الكانطيّين مثلاً)، أو بسبب عقائد مادّيّة-إلحاديّة شخصيّة أو حزبيّة أو عائليّة-تربويّة معيّنة، أو بسبب مُشكلة شخصيّة مع “الإله” و/أو مع بعض أتباعه.. وما إلى ذلك من زوايا فرديّة وجماعيّة تؤثّر على الحُكم الحياديّ في القضيّة أحياناً كثيرة للأسف.

هذا وقد يكون التّجلّي الأكثر عجباً لهذا “الانقلاب الإلهيّ” هو الظّاهر من خلال النّقاط التّالية والمُكمّلة لما سبق حول غودل:

  • النّقطة الجوهريّة الرّابعة: الـFine Tuning (أو النّظم الدّقيق، الضّبط الدّقيق) للكون المادّيّ الظّاهر. المقصود هنا هي ظاهرة تتأكّد وتتعمّق أكثر فأكثر، ويوماً بعد يوم، بالنّسبة إلى العلماء. إنّها ظاهرة التّنظيم الدّقيق للكون وبشكل لا-متناهي الدّقّة (أو شبه لا-متناهي الدّقّة: حتّى نحترم تحفّظات بعض علماء الرّياضيّات على مفهوم اللّا-متناهي هذا). كلّما تقدّمت العلوم الطّبيعيّة، وكلّما توسّعت وتشعّبت الاكتشافات: كلّما قويت ظاهرة ومفهوم الـFine Tuning. باختصار: إنّ الكونَ المادّيّ الظّاهر هذا يُبيّن لنا، يوماً بعد يوم، أنّه محكوم بقوانين غريبة وعجيبة الدّقّة (وهي من النّوع الرّياضيّ كما رأينا، أو يُمكن تصوّرها من خلال المفاهيم الرّياضيّة).
إقرأ على موقع 180  حفتر على خطى القذافي.. إكمال مسيرة التطبيع

لا يُمكنك ادراك غرابة الأمر إلّا إذا اطّلعت على بعض تفاصيل هذه الظّاهرة: كلّ شيء منظّم ومضبوط بشكل عجيب، خصوصاً على المستوى الكونيّ (أي الكوسمولوجيّ). كلّ الأرقام دقيقة إلى حدّ العَجَب بل وإلى حدّ الاعجاز: قوّة الجاذبيّة (والثّابتة المعروفة بG)؛ القوّة الكهرومغناصيّة (والثّابتة ألفا)؛ القوّة النّوويّة “القويّة”؛ القوّة النّوويّة “الضّعيفة”، والعلاقة الثّابتة والدّقيقة ما بين هذه وتلك؛ سرعة الضّوء c؛ ثابتة بلانك h (الثّابتة العجيبة، والأكثر عجباً هو صاحبها أبو الفيزياء الكمّيّة، أي البروفسور بلانك)؛ ثابتة بولتزمان k في ما يخصّ الدّيناميكا الحراريّة المذكورة في الجزء الأوّل؛ شحنة البروتون وشحنة الإليكترون؛ كتلة البروتون وكتلة النّترون والعلاقة الرّياضيّة الدّقيقة ما بينهما… وصولاً إلى: سرعة توسّع الكون منذ الانفجار العظيم والدويّ المُبين؛ إلى: الثّابتة العجيبة جدّاً، وهي الثّابتة الكونيّة أو الكوسمولوجيّة التي جعلها المُعلّم آينشتاين مشهورةً من خلال استعمالها في البدايات ضمن معادلات نظريّة النّسبيّة؛ إلى: ثابتات بلانك العجيبة كلّها (كتلة بلانك، طول بلانك، زمن بلانك، حرارة بلانك).. إلى ما هنالك من قياسات وأرقام لا-متناهية الدّقّة أو شبه لا-متناهية الدّقّة.

من أين جاءت هذه الأرقام العجيبة ومن قدَّرَها وثبَّتَها؟ “مَن أو مَا” وراء هذه الدّقّة، بحيث أنّه لو تغيّر أحد هذه الأرقام ولو بنسبة شبه لا-متناهية الصّغر.. لما كانَ ما كان، ولا قام الكون كما قام؟

“إنّ الضّبط الدّقيق (أو الـFine Tuning، حسب عبارة أخرى لفريد هويل عام ١٩٥٣) للمعطيات الأوّليّة، والقوانين، والثّابتات، والبُنى الخاصّة بالكون، هو حقيقة لا مفرّ منها لم يعد أحد يناقشها اليوم، كما يقرّ أكبر العلماء، وهم لا-أدريّون في أحيان كثيرة، ممّا يُلبس آراءهم بذلك قيمةً عاليةً جدّاً”. (ص. ١٧٦)

لكن، إن لم يكن “الإله” المذكور آنفاً مع بعض صفاته: فمَن؛ مَن وراء هذه الأرقام.. مَن وراء هذه الدّقّة الاعجازيّة كما نُعبّر عادةً بالعربيّة؟ الغريب أنّ بعض العلماء والمفكّرين المادّيّين ما يزالون يهربون من هذه التّطوّرات المفروضة من قبل الوقائع، ويختبئون وراء حجاب.. الصّدفة! هل يستوي ظهور دقّة من النّوع اللّا-متناهي (أو شبه اللّا-متناهي) مع فرضيّة الصّدفة؟ هنا، يُمكن لأيّ متابع أن يلاحظ بنفسه شدّة الضّربات التي تُسدّدها “فرضيّة الإله” هذه، أيضاً ضمن علم الاحتمالات:

فالاحتمالات التي نتحدّث عنها شبه خياليّة (وخياليّة فعلاً في أحيان كثيرة)، ولكن من المهمّ الإشارة إلى بعضها ولو سريعاً (راجع أيضاً، باللّغة العربيّة، سلسلة مطرقة البرهان وزجاج الالحاد للشّيخ الدّكتور عدنان إبراهيم على موقعه وعلى يوتيوب، وكذلك سلسلة حوار مع الملحدين للسّيّد الغائب كمال الحيدريّ – مع تفضيلي لمراجعة كتاب بولوريه وبوناسييس لشدّة تنظيمه ولحداثته النّسبيّة).

يذكر الكاتبان مثلاً العالمَ الفيزيائيَّ ذا العقيدة المادّيّة الصّريحة، ليي سمولين، وينقلان تعجّبَه أمام الـFine Tuning المبين (ص. ص. ١٧٦-١٧٧): “كيف حصل أن تكون المقاييس (أو القياسات) التي تتحكّم بالجزيآت الأوّليّة وتفاعلاتها منظّمةً على أساس توازن بحيث يظهر كونٌ مُعقّد ومتنوّع إلى هذا الحدّ؟ (مثلاً:) لو أنّ الكونَ مخلوقٌ من خلال خيار عشوائيّ للمقاييس، فإنّ احتمال أن يحويَ نجوماً يُعادل ١ على ١٠ ^ ٢٢٩”.

احتمال ١على ١٠ ^ ٢٢٩: أن تظهر نجومٌ بالمطلق، ومنها شمسُنا الحبيبة التي نعيش ضمن نظامها.. الشّمسيّ؟

هذا رقم شبه خياليّ إذا لم يكن خياليّاً أصلاً في واقع الأمور، علماً بأنّ “الصّفر الاحتماليّ الفيزيائيّ” في المتعارف عليه عادة هو ١ على ١٠ ^ ١٢٠ عند أكثر الفيزيائيّين تشدّداً ربّما.. وعلماً بأنّ ١٠ ^ ٨٠ مثلاً هو العدد المُقدّر لجميع.. جميع الذّرّات في الكون كلّه! هل يستوي احتمالٌ كهذا ليُثبت فرضيّة الصّدفة؟

هو مُجرّد مثالٍ بين أمثلة كثيرة مذكورة في الفصل الثّامن من كتاب بولوريه وبوناسييس. وكثير من هذه الأمثلة متواجد في المواقع والكتب والمقالات المتخصّصة، ولكن دعني أيّها القارئ العزيز أذكر معك هذا المثال العجيب أيضاً، وهو مثال يتحدّث عن دقّة الثّابتة الكوسمولوجيّة المذكورة أعلاه.

ينقل الكاتبان عن البروفيسور المعروف في الفيزياء النّظريّة من جامعة ستانفورد، وعالم الكونيّات المادّيّ العقيدة بشكل صريح أيضاً، ليونارد سوسكيند.. ينقلان قولَه المتعجّب:

“إنّ أغلب الثّابتات مضبوطة بدقّة تقارب ال١٪. بعبارة أخرى: إذا ما عدّلناها بنسبة ١٪، يُصبح كلّ شيء كارثيّاً. يُمكن للفيزيائيّين أن يدّعوا أنّها لَضَربات حظّ، ولكنّ هذه الثّابتة الكوسمولوجيّة مضبوطةٌ بدقّة تُقارب نسبة ١ على ١٠ ^ ١٢٠! لا أحد يعتقد أنّ ذلك هو لِمجرّد صدفة”. (ص. ١٩٢)

إنّ احتمال ١ على ١٠ ^ ١٢٠ الذي تُظهره لنا الثّابتة الكوسمولوجيّة، حسب هذا العالِم المذكور، هو عجيبٌ وعجيبٌ جدّاً. والأمثلة المُشابهة، كما أشرنا، هي كثيرةٌ جدّاً كما يُبيّن الكاتبان. غيرَ أنّ الأرقام الاحتماليّة تنفجر جميعُها وكُلّيّاً.. وينفجرُ معها التّعجّب البشريّ، وتنفجرُ معها نظريّة الصّدفة بشكل كلّيّ وعميق أيضاً: عندما نقترب من البيولوجيا وعلوم الحياة، كما سنرى في الجزء التّالي.

لذلك، فقد تشعر أحياناً بأنّ بعض الكتّاب والباحثين في الموضوع يكتبون وهُم سُكارى.. وما هُم بسُكارى واقعاً، ولكن يبدو أنّ انقلاب “فرضيّة الإله” شَديد!

[1] ومنطقيّاً أيضاً بطبيعة الحال، ونترك التّفاصيل والمعاني الكبرى الممكنة لذلك.. لمناسبات أخرى.

(*) راجع الجزء الأول بعنوان: هل لدينا أدلة علمية حقاً على وجود.. “الإله”؟

Print Friendly, PDF & Email
مالك أبو حمدان

خبير ومدير مالي، باحث في الدراسات الإسلامية، لبنان

Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  الشّعور الفردي.. السلاح الحقيقي للغرب! (2/2)