الإعلام العبري: إيجابيات وقف النار مع لبنان أكبر من سلبياته

حتى الأمس القريب، كانت الأجواء تشي بأن الاتفاق على وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل مؤجل إلى حين قدوم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، فيُبادر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الطامح إلى التعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة إلى تقديم ما ينبغي تقديمه إلى ترامب وليس إلى إدارة جو بايدن!.

لم تأتِ نتائج الميدان البري بما كانت تشتهيه آلة الحرب الإسرائيلية، وقد آلمت الجبهة الشمالية نتنياهو وأوجعته إلى حدّ المسارعة إلى قبول وقف إطلاق النار، وعلى الرغم من ذلك، رأت الصحافة العبرية بأن إيجابيات الاتفاق تتقدم على سلبياته.

ويقول عاموس يادلين وأودي أفينتال، في مقالة مشتركة لهما على موقع “قناة N12″، إن أبرز إيجابيات وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية هي امتناع إسرائيل عن حرب الاستنزاف، على اعتبار “أن الاستنزاف هو استراتيجيا العدو؛ أمّا رؤيتنا الأمنية، فهي الحروب القصيرة والحسم السريع والواضح، وعلى الرغم من ذلك، فسيكون من الصواب التوجّه دبلوماسياً إلى أطر معنية يمكن أن تدفع إلى تنفيذ القرار 1559، والذي طالب بتفكيك جميع الميليشيات في لبنان كمصدر للشرعية وأفق للمستقبل”.

ويختم الكاتبان مقالتهما بالتأكيد أنه ” في نهاية المطاف، فإن الاتفاق مع لبنان يمنح إسرائيل سلسلة إيجابيات، وفرصة لترجمة الإنجازات العسكرية الواضحة إزاء حزب الله إلى وضع استراتيجي أفضل. وهذه خطوة صحيحة، وهذا طبعاً إذا ما قارنّاها بالبديل؛ حرب استنزاف طويلة وغرق في الوحل اللبناني خلال الشتاء القريب، ومن جهة رؤية أوسع لمجمل الجبهات ووضع الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، فإن الانتصار في الحرب في مقابل الحزب لن يتم التوصل إليه من دون ضبط عسكري استكمالي واستثمار حكومي بحجم تاريخي، وترميم الشمال وتطويره بصورة تضمن ازدهاره مستقبلاً”.

يتفهم مايكل أورن، في “يديعوت أحرونوت”، العوامل التي دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى الموافقة على وقف إطلاق النار. انطلاقاً من أن الجيش منهك، وهناك نقص في الذخيرة. ويعترف أرون بأنهم في ورطة بقوله نحن في ورطة بصورة مأساوية لأننا، مرة أُخرى، أوكلنا عناصر أجنبية بأمننا الأساسي

 من جهته، الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط في إسرائيل، أورنا مزراحي، يؤكد على أنه “في ظل الإنجازات العسكرية التي نجحت إسرائيل في تحقيقها حيال حزب الله، فإن إيجابيات قبول الاتفاق أكثر من سلبياته: الفصل بين الساحات أبقى “حماس” من دون دعم حزب الله؛ تحويل الاهتمام إلى إيران؛ انتعاش قوات الجيش الإسرائيلي المنهكة؛ تجديد مخازن العتاد العسكري الذي تقلص”. ويضيف الباحث بأنه “من المهم ألّا تتغاضى إسرائيل، مثلما فعلت في الماضي، عن التهديدات المباشرة، وعن الخروقات غير المعالجة التي يقوم بها حزب الله، وألّا تتردد في استخدام القوة في مواجهة الحزب عند الحاجة. إظهار التصميم الإسرائيلي على التطبيق العسكري الفعال أمر ضروري من أجل صوغ قواعد لعبة جديدة بين إسرائيل ولبنان، وهذه المرة، قواعد تفيد إسرائيل، وتردع لبنان”.

في المقابل، مئير بن شابات، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، في مقالة له في “يسرائيل هيوم”، يخالف مزراحي الرأي، لجهة ضرورة استخدام إسرائيل القوة في مواجهة الحزب عند الحاجة، حيث يرى “أن حزب الله سيضع إسرائيل أمام اختبارات صعبة. فهو سيمارس نشاطه تحت غطاء مدني، وبحماية السكان والمساعي الإنسانية”. ويضيف العميد المتقاعد بأن “الخوف من عودة اشتعال الوضع بسبب الأثمان السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن ضغوط واعتبارات تتعلق بجدول الأعمال القومي، أمور كلها يمكن أن تدفع صنّاع القرار إلى تفضيل المحافظة على الهدوء على مصلحة منع تسلّح حزب الله”.

وبدوره، يعارض غيورا آيلاند، الذي تولى رئاسة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أيضاً، في مقالة له في موقع “قناة N12″، مبدأ اعتماد القوة العسكرية فقط لتحقيق أهداف الكيان، ويقول “يجري أمر مشابه على جبهتَي لبنان وغزة – نجاح عسكري من جهة، ومن جهة أُخرى، عدم القدرة على ترجمة هذا النجاح إلى إنجاز استراتيجي. سبب الفشل واحد: التبني التلقائي للنهج الذي يؤمن بأن القوة العسكرية وحدها هي ما سيؤدي إلى تحقيق أهداف القتال.. القوة العسكرية الإسرائيلية مذهلة، وهذا ما ثبت في غزة ولبنان وسوريا، وأيضاً في إيران. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نفشل استراتيجياً، المرة تلو الأُخرى”.

ويتفهم مايكل أورن، في “يديعوت أحرونوت”، العوامل التي دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى الموافقة على وقف إطلاق النار. انطلاقاً من أن الجيش منهك، وهناك نقص في الذخيرة. ويعترف أرون بأنهم في ورطة بقوله نحن في ورطة بصورة مأساوية لأننا، مرة أُخرى، أوكلنا عناصر أجنبية بأمننا الأساسي. إن الجهود التي بذلتها لجان الإشراف على اتفاقات الهدنة، التي شُكلت للرقابة الدولية مع مصر وسوريا والأردن في سنة 1949، فشلت تماماً في المحافظة على السلام. وكذلك قوات حفظ السلام في سيناء، وفي لبنان. وفي كل مرة، تخلينا عن الدفاع عن أمننا بأنفسنا، وأوكلنا الآخرين، انتهى الأمر بسفك دماء الإسرائيليين”.

إقرأ على موقع 180  الحرب الباردة تشتعل مُجدداً

ويتخوف الكاتب نفسه من اندلاع حرب جديدة، انطلاقا من تفهمه أيضاً “أن بين جموع اللبنانيين العائدين إلى قراهم هناك “مخربو” حزب الله، الذين بدأت إيران بتسليحهم من جديد. وأفهم أن الـ5000 جندي لبناني لا يستطيعون لجمهم. وأفهم أنه لم يكن أمام إسرائيل خيارات كثيرة، ومع ذلك، آمل بأن يتحول وقف إطلاق النار إلى وقف دائم. لكنني مدرك أن الأرضية قد أُعدّت للحرب المقبلة”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، صحيفة “الأيام” الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
مهدي عقيل

أستاذ جامعي، كاتب لبناني

Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  قوى التغيير.. تمثلني