

لن يكون عالم ما بعد الأحادية استنساخاً آليّاً لسياسات توازن القوى في القرن التاسع عشر1، ولا عودةً مبتسرة إلى ثنائيةٍ جامدة على شاكلة الحرب الباردة2. هو عالمٌ “متعدّد المستويات” و“كثيف التشبيك” في آنٍ معاً3: تتقاطع فيه سيادة الدول مع نفوذ الشركات والمنصّات4، وتنافس المدنُ الكبرى والأقاليمُ والهيئاتُ المعياريةُ الدولية الحكوماتِ على تعريف المصلحة العامة وصياغة أدواتها5. ستتراجع فكرةُ النظام الكوني الواحد إلى ترتيباتٍ جزئية متجاورة، وتحالفاتٍ وظيفية تُعقَد لمهمّةٍ محدّدة ثم تنحلّ، من غير أن تتحوّل إلى أحلافٍ كلاسيكية مغلقة أو مؤسّساتٍ جامعة6. بقدر ما يتسع المشهد لعدد الفاعلين، يتقلّص فيه هامشُ التنبّؤ، ويتقدّم فنُّ إدارة المخاطر على حساب أوهام الهندسة الشاملة7.
في قلب هذا التحوّل يصعد “الأمن الاقتصادي” من الهامش إلى المتن8. ستُعاد هندسة التجارة لا بوصفها محرّكاً محايداً للنموّ، بل أداةً صريحةً للسيادة وحفظها. ستتقدّم معايير القُرب السياسي والثقة المؤسّسية على معيار الكلفة الدنيا عند تشكيل سلاسل الإمداد9، وسيُطلب من البنية التحتية – من الموانئ والممرّات إلى المخازن والقدرات اللوجستية – تأدية وظيفة “امتصاص الصدمات” قبل وظيفة “رفع الكفاءة”10. يندرج تحت ذلك أمنُ الرقائق والمعادن النادرة والأدوية والغذاء، بصفته سلّةً واحدة يرتبط بعضها ببعض11: من لا يملك ضمانات الوصول واستدامة التدفّق، لا يملك قرارَه الاستراتيجي مهما بلغ فائض ناتجه12.
حروبٌ معيارية وتقنية متراكبة
بالتوازي، سنشهد “تجاور أنظمة” نقدية ومالية أكثر منه قطيعةً شاملة13. تتعايش منصّاتُ مدفوعات وتسويات متوازية، وتظهر مساربُ التفافٍ مؤسّسية هدفها التخفّف من حدّة العقوبات وإعادة توزيع الأكلاف، فيما تتقدّم عملاتٌ رقمية سيادية وأطرُ مقايضةٍ ثنائية ومتعدّدة الأطراف لتقليص التعويل على عملةٍ واحدة أو مصرفٍ مراسل واحد14. لن تكون على شكل دعوة إلى فكّ الارتباط، بل إلى إعادة تشكيله: تشابكٌ كافٍ لمنع الانفصال، وتباعدٌ محسوبٌ لتقييد الإكراه.
أما التكنولوجيا، فستغدو ساحاتُها المعيارية مسارحَ القوة الأولى – وهو ما بدأ يبدو – فمن يضع القاعدةَ يحصد السوق، ومن يملك المعيارَ يقود السلسلة القيمية15. سيشتدّ التنافس على حيازة البنى التحتية الرقمية “الصامتة” – كابلات بحريّة ضوئية، سُحُب حوسبة ضخمة، مداراتٌ منخفضة – وعلى سيادة البيانات وحقوقها وتوطينها16. هنا ستُخاض حروبٌ معيارية وقانونية وتقنية متراكبة. قد يتشكّل “إنترنتٌ متجزّء” بالفعل لا بالاسم فحسب: فضاءاتٌ رقميةٌ متجاورة بقواعد ثقةٍ وتشفيرٍ وقوننة بياناتٍ متباينة، تتواصل عبر جسورٍ وسيطة ومتّسعاتٍ محدودة بدل معيارٍ كونيٍّ واحد17. هنا لا تعود حماية الشبكات شأناً تقنيّاً تواصليّاً بحتاً، بل سياسةَ أمنٍ عليا تتقاطع فيها الخصوصيةُ والتجارةُ والدفاع.
سيتحوّل الردع من كونه معادلات شفّافة إلى فسيفساءات غامضة العتبات18. تتكاثر أدواتُ “المجال الرمادي” – هجماتٌ سيبرانية قابلة للتنصّل والإنكار، تعطيلٌ فضائي، مسيّراتٌ وذخائرُ ذكية منخفضة الكلفة، وأنظمةٌ مأتمتة القرار – فتتبدّد الحدود بين السلم والحرب19، ويغدو الاحتكاكُ اليوميُّ على اليابسة والبحر والهواء والفضاء قابلاً للاشتعال بتدخّلٍ بشري أو خللٍ خوارزمي، عندئذٍ يصبح “ترشيد التصعيد” أهمّ من سباق القدرات: خطوطٌ ساخنة فعّالة، قواعدُ إشعار وممرّاتٌ آمنة للانسحاب، آلياتُ تحقيقٍ مشتركة للحوادث، ونُظُمُ مراجعةٍ بشريّة تُبطئ قراراتِ إطلاقٍ قد تُسرِعها الآلات. والقاعدة المعيارية الجديدة ليست “مَن الأقوى؟” بل “مَن الأقدر على منع سوء الفهم؟” – أو قل، من الأدقّ في صوغ الخوارزميّات.
على المستوى القانوني، لن تسقط الشرعيةُ الكونية، لكنها ستتشظّى بدورها20. سيبقى القانونُ الدولي مرجعاً أخلاقيّاً ومعياريّاً، إلى جانب قوانين قهرية تُنظّمها القوة ضمن نطاقاتٍ محدودة، ومعها “قوانينٌ تقنية” تصنعها الهيئاتُ المعيارية واتحاداتُ الاختبار والشهادات، فتحدّد عمليّاً ما يجوز وما لا يجوز في الألياف والشرائح والواجهات والبيانات. ستضعف اللغة “الشعاراتية”، وتقوى الوقائع “العمومية الدنيا” العملية: قواعدُ سلوكٍ مضبوطة النطاق تمنع الحوادث في مضائق بعينها أو مجالاتٍ جوّ–بحرية محدّدة، بينما يستمرّ تنازعُ السرديّات الكبرى من دون حكمٍ ملزم.
سيقتحم المناخُ والمواردُ قلب المعادلات الأمنية21. لا يعود تغيّر المناخ ملفّاً بيئيّاً مغموراً بل معادلةَ أمنٍ قومي: سيادةٌ مائية وغذائية، بنى تكيّفٍ حضرية، أسواقُ كربونٍ تستحيل أدوات نفوذ، وسلاسلُ توريدٍ خضراء تُضاف إلى حسابات الردع والاعتماد المتبادل. كما ستضع الهجراتُ العابرة للأقاليم الدولَ أمام معضلاتِ توزيعٍ وتضامنٍ لا تقبل الحلولَ الشعاراتية: كيف تُوازن بين صون الديموغرافيا وصون “الوطنية”؟ وكيف تحشد مواردَ الاندماج من غير أن تتآكل شرعيةُ العقد الاجتماعي22.
البدائل.. والكوابح
في الجنوب العالمي، يتبدّل الموقعُ واللغة23. لن يبقى الجنوبُ موضوعاً تُجرى عليه السياسات، بل طرفاً تفاوضيّاً يمتلك من “دَوران البدائل” ما يسمح له بالمقايضة: مواردُ طبيعية مقابل نقلِ تقنيةٍ حقيقيّ، أطرُ بياناتٍ مقابل اعترافٍ سيادي ومعياري، وصولٌ إلى الأسواق مقابل قواعد تمويلٍ أقلّ كلفة وأقلّ شروطاً سياسية. تتقدّم وساطاتُ قوى الصفّ الثاني/القوى المتوسّطة ورشاقةُ دبلوماسيتها على مكبّراتِ الصوت التقليدية، فتتحوّل القدرةُ على جمع الخصوم في قاعةٍ واحدة إلى أصلٍ استراتيجي قائمٍ بذاته24.
على الضفّة المقابلة، تستعيد المدنُ الكبرى – ومن خلفها شبكاتُ الجامعات والمسرّعات والمستشفيات والمرافئ – جزءاً من دورها الخارجي: توقيعُ مذكّراتِ تفاهمٍ مباشرة، إدارةُ شبكاتِ خبرةٍ وشراءٍ مشتركة، وفرضُ معاييرَ بيئية وصحيّة من أسفل إلى أعلى25. هذه “الدبلوماسية الحضرية” لن تُلغي الدولة، بل ستضيّق هوامش تقصيرها.
هكذا، تُقاس المكانةُ الاستراتيجية بمعايير أوسع من فائض القوّة العسكرية26. تتقدّم متانةُ العقد الاجتماعي، وقدرةُ الاقتصاد على التعافي السريع (زمن العودة إلى المستوى التشغيلي)، وعمقُ القاعدة الصناعية–التكنولوجية، وموقعُ الدولة داخل شبكات المعايير والمنصّات. لن تكون الأسئلة القادمة مجرّدة وبسيطة: “كم تبلغ قوّة الدولة؟” إذ ستغدو أكثر تعقيداً: ما قابليةُ الدولة على الاستخدام السريع لقواها؟ ما قدرةُ الصمود والتعافي؟ ما مرونةُ العقد الاجتماعي؟
إزاء ذلك تتزاحم ثلاثةُ مساراتٍ كبرى محتملة: “تعدّديةٌ صلبة” تُقفل مناطق نفوذ وتُغلق سلاسل قيمةٍ داخل كتلٍ إقليمية – تقلّص الاحتكاك المباشر لكنها ترفع الكلفة الكلّية وتُضعف الابتكار27؛ و“تعدّديةٌ شبكيّة” تقبل بتداخل المصالح داخل منصّاتٍ متنافسة وتبني جسوراً معيارية دقيقة فوق خطوط التماس، فتسمح بمساحات تبادلٍ آمن من غير أوهام الشراكة الكونية28؛ و“انقسامٌ تقني–مالي جزئي” يخلق عالمين شبه متوازيين يتواصلان بقدر الحاجة ويتنافران بقدر السياسة. ليست أيٌّ من هذه السيناريوهات حتمية؛ إنّها محصّلةُ قراراتٍ متراكمة في التموضع، وفي إدارة المخاطر، وفي القدرة على صوغ قواعدِ حدٍّ أدنى مشتركة.
ولكي لا ينزلق التعدّد إلى فوضى، يحتاج العالم إلى طبقاتٍ جديدة من “كوابح الأزمة”29. لا تُختزل هذه الكوابح في معاهداتٍ ضخمةٍ عسيرة الولادة، بل في بروتوكولاتٍ تشغيليةٍ دقيقة: قنواتُ اتصالٍ مُؤتمتة وموثوقة، تمارينُ محاكاةٍ مشتركة، مفاتيحُ فصلٍ طارئ في الفضاء والفضاء السيبراني، ومدوّناتُ سلوكٍ مفهومةٍ للآلات كما للبشر. كما يحتاج إلى “حيادٍ مبدع” تؤدّيه قوى متوسّطة تمتلك رأسَ مالٍ دبلوماسيّاً وقدرةً على صيانة الثقة، فتوفّر منصّاتِ وساطةٍ مرنة تحفظ ماء وجه المتخاصمين وتمنحهم سلالمَ نزولٍ مشرّفة30.
على المستوى الداخلي، تدرك الدول أنّ الأمان الخارجي يبدأ من الداخل: فالديموقراطياتُ التي تُصلح مؤسّساتها وتعيد بناء الثقة العامة31، والأنظمةُ التي تُحدّث عقدها الاجتماعي وتفتح مسالك الحراك وتواجه التفاوت32، تكتسب قدرةً تفاوضيةً مضاعفة – لا لأنّ الآخرين يحبّونها أكثر، بل لأنّها تستطيع أن تصبر أطول وتخطّط أبعد وتدفع أكلافَ المدى الطويل من غير أن تنكسر. في المقابل، يُحوِّل الوهنُ المؤسّسي أيَّ تفوّقٍ تقنيٍّ أو عسكريٍّ إلى رصيدٍ معطَّل لا يُستثمر إلا بثمنٍ سياسي داخلي فادح.
خاتمة
ما يلي ما بعد الأحادية هو امتحانُ نضج، لا اختبارُ قوّةٍ فحسب. من يُحسن ترتيب الأولويات، ويمزج الردعَ بإدارة سوء الفهم، ويبني قاعدةً صناعية-تكنولوجيةً مرنة، ويؤسّس طبقاتٍ موثوقة من كوابح الأزمة، سيخرج من هذه المرحلة أكثر وزناً وأقلّ عرضةً للمفاجآت33. ومن يطارد السراب – سواءً سرابَ الهيمنة المطلقة أو سرابَ القطيعة المطلقة – سيرتطم بجدار الواقع سريعاً. بين هذين الحدَّين تقوم سياسةٌ رشيدة: اقتصادُ أمنٍ لا يخنق السوق، شبكاتٌ ومعاييرُ لا تلغي السيادة، تنافسٌ حادٌّ تحرسه جسورٌ رفيعة، وعقدٌ اجتماعيٌّ متينٌ يتخطّى الجغرافيا ويحوّل الصبرَ إلى قدرةٍ استراتيجية. ذلك هو الفنّ الصعب لعالمٍ تعدّديٍّ جديد: أن نُكثّف الذكاء في مواضع الاختيار، ونُوزّع المخاطر بقدرٍ يجعل المستقبل ممكناً وإن بقي صعباً.
[[1]] Paul Kennedy, The Rise and Fall of the Great Powers (1987): “The rise and fall of great powers is a recurrent phenomenon in history.” (الفصل 1، ص. XV)
[[2]] John Lewis Gaddis, The Cold War: A New History (2005): “The Cold War … was fundamentally a competition between two rigid blocs … unlike today’s fluid order.” (الفصل 2، ص. 45)
[[3]] Anne-Marie Slaughter, The Chessboard and the Web (2017): “The chessboard is now a web.” (الفصل 1، ص. 15)
[[4]] Henry Farrell & Abraham Newman, Weaponized Interdependence (2019): “Globalization has transformed … toward networks of private actors.” (الفصل 3، ص. 45)
[[5]] Saskia Sassen, Cities in a World Economy (2018): “Cities are strategic actors … shaping world economy.” (الفصل 1، ص. 22)
[[6]] Henry Kissinger, World Order (2014): “World order depends on regional arrangements.” (الفصل 2، ص. 49)
[[8]] Henry Farrell & Abraham Newman, Weaponized Interdependence (2019): “Weaponized interdependence makes economic security central.” (الفصل 5، ص. 120)
[[10]] Barry Eichengreen, *Globalizing Capital* (2008): “The monetary system has always been contested.”
[[11]] Chris Miller, Chip War (2022): “Chips are the new oil.” (الفصل 2، ص. 35)
OECD, Global Critical Minerals Outlook (2023): “Critical minerals are strategic.” (الفصل 1، ص. 8)
[[12]] Zbigniew Brzezinski, *The Grand Chessboard* (1997): “Interdependence remains but is recalibrated.”
[[13]] Barry Eichengreen, Globalizing Capital (2008): “The monetary system has always been contested.” (الفصل 1، ص. 5)
[[14]] Eswar Prasad, The Future of Money (2021): “The future of money includes CBDCs.” (الفصل 4، ص. 87)
[[15]] Joseph Nye, The Future of Power (2011): “Whoever sets the standard rules the market.” (الفصل 6، ص. 154)
[[16]] OECD, Data Governance in the Cloud (2021): “Control of data flows is sovereignty.” (الفصل 3، ص. 42)
[[17]] Jack Goldsmith & Tim Wu, Who Controls the Internet? (2006): “The internet may fragment into separate spheres.” (الفصل 5، ص. 149)
[[18]] Lawrence Freedman, Deterrence (2004): “Deterrence is about perceptions, not just weapons.” (الفصل 1، ص. 12)
[[19]] Thomas Rid, Cyber War Will Not Take Place (2013): “Cyber war will not take place … ambiguity reigns.” (الفصل 3، ص. 67)
Paul Scharre, Army of None (2018): “Autonomous weapons blur the line.” (الفصل 8، ص. 210)
[[20]] Martti Koskenniemi, The Politics of International Law (2011): “International law is politics.” (الفصل 2، ص. 98)
Malcolm Shaw, International Law (2017): “International law remains a moral reference.” (الفصل 1، ص. 25)
[[21]] IPCC AR6 (2022): “Climate change is a security risk.” (الفصل 16، ص. 5)
Nicholas Stern, The Economics of Climate Change (2006): “Carbon markets become tools of power.” (الفصل 12، ص. 389)
[[22]] International Organization for Migration, World Migration Report (2022): “Migration and human rights will test states.” (الفصل 3، ص. 77)
[[23]] Kishore Mahbubani, Has China Won? (2020): “The Global South seeks alternatives to Western dominance.” (الفصل 7، ص. 195)
Amrita Narlikar, Poverty Narratives (2020): “Developing countries leverage bargaining power.” (الفصل 2، ص. 60)
[[24]] Marina Henke, Constructing Allied Cooperation (2019): “Diplomatic capital matters.” (الفصل 1، ص. 9)
[[25]] Benjamin Barber, If Mayors Ruled the World (2013): “Cities are diplomatic actors.” (الفصل 4، ص. 112)
Michele Acuto, Diplomacy Beyond the State (2013): “Urban diplomacy complements statecraft.” (الفصل 2، ص. 37)
[[26]] Rosa Brooks, How Everything Became War (2016): “Power today is not just military might.” (الفصل 6، ص. 201)
[[27]] Dani Rodrik, Straight Talk on Trade (2017): “Regional blocs reduce friction but limit innovation.” (الفصل 8، ص. 245)
Mark Blyth, Austerity (2013): “Economic fragmentation raises overall costs.” (الفصل 5، ص. 173)
[[28]] Farrell, Newman & Wallace, “Networked Pluralism” (2020): “Networked pluralism builds narrow bridges across divides. (المقال، ص. 14)
[[29]] INCSEA Agreement, US–Soviet (1972): “Agreed procedures to avoid incidents at sea.” (المادة 3)
ENISA, Incident Response Playbooks (2020): “Operational protocols enhance crisis resilience.” (الفصل 2، ص. 27)
[[30]] Oliver Stuenkel, The BRICS and the Future of Global Order (2015): “Mediating powers create flexible platforms for dialogue.” (الفصل 6، ص. 219)
[[31]] Francis Fukuyama, State-Building (2004): “Strong institutions are key to state resilience.” (الفصل 3، ص. 59)
UNDP, Human Development Report (2020): “Trust in institutions strengthens negotiation capacity.” (الفصل 1، ص. 21)