أجمعت أحزاب المعارضة القومية في تركيا على تأييد الهدف من العملية في شمال سوريا، وشارك في إتخاذ القرار حزب “الحركة القومية” الحليف الأقوى للرئيس أردوغان الذي يتصدّر التيارات السياسية المعادية للأكراد في تركيا وفي المنطقة، حيث وصف العملية بـ”الجهاد المقدس”.
“الحزب القومي” الذي تراجعت شعبيته في آخر انتخابات خاضها كحليف حزب الحاكم، يعتبر العملية العسكرية شرق الفرات فرصة ذهبية لاستجماع مناصريه ورصّ الصفوف لانتخابات عام 2023.
“حزب الشعب الجمهوري” صوّت في البرلمان لصالح المذكرة البرلمانية التي تجيز للرئيس رجب طيب أردوغان إرسال الجنود الأتراك في عملية عسكرية خارج الحدود، لكنه تمنى السلامة للجنود، وقال في بيان إنه يتمنى أن تحقق العملية الأمن والأمان لتركيا وأن تكون عملية محدودة.
نائب زعيم الحزب فائق أوزتورك طالب حكومة بلاده بالتعاون مع دمشق لتحقيق الأمن والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وقال “إذا كانت حكومة أنقرة جادة في محاربة الإرهاب فعليها دعم الجيش السوري والسلام مع دمشق هو السبيل الوحيد لتحقيق مصالح تركيا”، واتهم حكومة أردوغان بجر تركيا إلى “مستنقع” الشرق الأوسط.
الموقف الأكثر تطرفا جاء من “حزب الشعوب الديمقراطي” (الكردي) الذي وصف العملية بالاحتلال، وقال إنها تتنافى وتتعارض مع كافة القوانين والمعايير الدولية، وندد بها بأشد العبارات، قائلاً في بيان إن الحل في سوريا يجب أن يكون بالحوار الديمقراطي.
واجتمعت أحزاب كردية وماركسية وعلمانية في مقر “حزب الشعوب الديمقراطي” لصياغة موقف موحّد للجبهة المعارضة للعملية العسكرية.
وقالت كوليستان كيليج في بيان مشترك لأبرز الأحزاب الكردية، أن العملية التركية هي إعتداء “إرهابي” تهدف منه أنقرة إلى إبادة الأكراد والشعوب المتعايشة بسلام في شمال سوريا.
أما دوغو برينشك، زعيم “حزب الوطن”، فرأى أن من حق تركيا محاربة التنظيمات الأرهابية ” الكردية” و”داعش”، لكن ليس بالغزو، وعليها ألا تتجاهل وجود حكومة شرعية وجيش شرعي في سوريا يجب التنسيق والتعاون معه في أية عملية عسكرية مع الحفاظ على وحدة التراب السوري وعدم المساس بالسيادة الوطنية.
الأتراك، معارضة وموالاة، يجمعون على ضرورة محاربة الإرهاب وتقويض مساعي الأكراد الإنفصالية، وعرقلة الحلم الكردي، لكنهم يختلفون في الطريقة والأسلوب لتحقيق ذلك.
وتتفاوت التوقعات من الآثار المرتقبة للعملية العسكرية بين أقصى الإيجابية وأقصى السلبية، فينتظر الموالون لأردوغان وحزبه والمؤيدون للعملية نتائج إيجابية تعيد للحزب شعبيته وترفع من مستوى التفاؤل في صفوف الحزبين الحليفين، “الحركة القومية” و”العدالة والتنمية” بعدما تعرضا لضربات قاسية بسبب التراجع الدراماتيكي في أداء الاقتصاد التركي والهزيمة في الانتخابات البلدية وانشقاق الحزب الجيد عن الحركة القومية والإعلان عن انشقاقات منتظرة لقياديين مؤسسين عن “حزب العدالة والتنمية”.
لكن إذا ما جرت رياح الشمال السوري بما لا يناسب أهداف العملية العسكرية وقرر الأكراد خوض حرب استنزاف ضد تركيا ستنقلب الآية وستزيد العملية في الطين بلة، فقد يشهد الإقتصاد التركي ضربات قاسية هدد بها ترامب وستدفع الإخفاقات العسكرية بعجلة الانشقاقات داخل الحزب الحاكم وتمنح أحمد داوود أوغلو ورفاقه أوراق قوة للذهاب في الإنفصال و تأسيس أحزاب من رحم الحركة السياسية التي يقودها أردوغان.
تولّي تركيا ملف محاربة “داعش” بدلا عن التحالف الدولي أثار الكثير من الإنتقادات في أوساط العسكريين والسياسيين الأتراك واعتبروا قبول أردوغان بذلك أمراً غير مفهوم ويدعو للريبة والشك بخاصة بعد تملّص الأوروبيين من المهمة وتهرّب الجميع من تحمّل مسؤوليتهم في محاربة التنظيم.
وترى المعارضة أن حكومة أردوغان ستحمل حملا لاتقوى على تحمله، بينما تقول أوساط مقربة من الرئاسة التركية إن أنقرة تمتلك بهذه المهمة الموكلة إليها مبرراً شرعياً و قانونياً لدخولها شمال سوريا، ولن تكون مجبرة على الخروج منها حتى في حال هزيمة الأكراد، لأنها تمتلك ذريعة أكبر للبقاء طويلا بتفويض أميركي.