ترامب 2028.. رئيسا لولاية ثالثة!

مع بدء الرئيس دونالد ترامب لرحلته الآسيوية يوم الأحد الماضى، ألقى ستيف بانون أحد المنظرين الرئيسيين لحركة "ماجا" (لنجعل أمريكا عظيمة من جديد)، والمستشار السابق للرئيس ترامب، بقنبلة سياسية من جديد فى حديث لمجلة "الإيكونوميست" حول مستقبل الشعبوية اليمينية حول العالم، وقال إن «ترامب سيكون رئيسا فى عام 2028. الناس عليهم أن يتقبلوا هذه الفكرة»، وأضاف «هناك خطة من أجل تحقيق ذلك.. وستُعلن فى الوقت المناسب».

من على متن طائرته الرئاسية، رد دونالد ترامب على أسئلة الصحفيين المرافقين حول رأيه فى مقولات بانون، وقال «لى الحق أن أفعل ذلك، لكننى لن أفعله»، مشيرا إلى أن الناس لن يعجبهم أن يترشح للمنصب، وأضاف «سيكون ذلك تصرفا ماكرا، ليس جيدا».
لم تكن هذه المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التى يتطرق فيها إلى هذه القضية، إذ تكرر الحديث عنها عدة مرات منذ وصول ترامب الثانى للبيت الأبيض فى كانون الثاني/يناير الماضى. وتولى ترامب البالغ من العمر 79 عاما، رئاسة الولايات المتحدة بين عامى 2017 و2021، ثم بدأ ولايته الجديدة التى تنتهى رسميا ظهر يوم 20 كانون الثاني/يناير 2029.

***

بالفعل، لم تكن هذه المرة الأولى التى يترك فيها ترامب الباب مفتوحا أمام سيناريو ترشحه فى انتخابات 2028، إذ سبق وقال ترامب، فى آذار/مارس الماضى، إن «الكثير من الناس يريدون منى أن أفعل ذلك، وأن أترشح لانتخابات 2028، لكننى أقول لهم ببساطة إن أمامنا طريقا طويلا»، وقبل ذلك، طرح ترامب بسخرية وهزل فكرة احتمال الترشح لولاية ثالثة فى مزحة أمام اجتماعات للمشرعين الجمهوريين فى مجلس النواب بعد أسبوع من فوزه بانتخابات 2024 فى تشرين الثاني/نوفمبر الماضى، وقال «أظن أننى لن أترشح مرة أخرى إلا إذا فعلتم شيئا. سيكون ذلك أمرا جيدا علينا فقط معرفة ذلك».
يرى بانون من جانبه أنه لا يمكن أن يقف الدستور عائقا أمام رغبة الشعب الأمريكى فى استمرار ترامب رئيسا لفترة حكم ثالثة ليُكمل ما بدأه من أجندة طموحة تعيد لأمريكا قوتها وكرامتها واحترام العالم لها. وكرر بانون أن الدستور فى خدمة الشعب ولا يجب أن يحد من رغبات وتطلعات الجماهير.

***

يقترح الراغبون فى بقاء ترامب رئيساً لولاية ثالثة حلولا منها أن يترشح لمنصب نائب الرئيس فى الانتخابات المقبلة، فى حين يترشح نائبه الحالى جى. دى. فانس لمنصب الرئيس. وفى حال فوز فانس، يستقيل بحسب هذا المقترح، مفسحا لترامب العودة إلى البيت الأبيض رئيسا

طبقا للدستور الأمريكى، وتحديدا التعديل رقم (22)، يُمنع الرؤساء الأمريكيون ممن خدموا فترتين فى البيت الأبيض، من الترشح لفترة حكم ثالثة، وهو ما احترمه كل الرؤساء الأمريكيين منذ إقرار التعديل فى بداية خمسينيات القرن الماضى.
ويضع التعديل الـ22 حدا لعدد المرات التى يكون فيها الفرد مؤهلا للانتخاب لمنصب رئيس الولايات المتحدة. وقبل التصديق على التعديل، لم يكن الرئيس خاضعًا لحدود الفترات، لكن جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة، أسس تقليدا أصبح عرفا لوضع حد من فترتين للحكم وتبعه كل الرؤساء الآخرين.
لكن الرئاسة الأمريكية شهدت استثناء واحدا، ففى الانتخابات الرئاسية عامى 1940 و1944، والتى جاءت وسط انخراط الجيش الأمريكى فى الحرب العالمية الثانية، أصبح فرانكلين روزفلت أول رئيس يفوز بولاية ثالثة ثم بعد ذلك لفترة حكم رابعة.
وبعد انتهاء الحرب، خشى الكونجرس من عدم الرجوع الطوعى للعرف القديم المتمثل فى حد فترتى الحكم، ووافق على التعديل الـ22 للدستور فى 21 آذار/مارس 1947، وقدمه إلى الهيئات التشريعية فى الولايات للتصديق عليه. واكتملت هذه العملية فى 27 شباط/فبراير1951، بعد أن تم التصديق على التعديل من قبل 36 ولاية فى ذلك الوقت.
وجاء نص الدستور متضمنا لغة واضحة وصريحة تمنع الترشح لفترة حكم ثالثة تحت أى ظروف. ويقول نص الدستور «لا يجوز انتخاب أى شخص لمنصب الرئيس لأكثر من دورتين، كما لا يجوز لأى شخص تقلد منصب الرئيس أو قام بمهام الرئيس لأكثر من سنتين من أصل مدة ولاية انتخب لها شخص آخر رئيسا، أن ينتخب لمنصب الرئيس لأكثر من دورة واحدة».
وللالتفاف حول هذه العقبات، يقترح الراغبون فى بقاء ترامب رئيساً لولاية ثالثة حلولا منها أن يترشح لمنصب نائب الرئيس فى الانتخابات المقبلة، فى حين يترشح نائبه الحالى جى. دى. فانس لمنصب الرئيس.
وفى حال فوز فانس، يستقيل بحسب هذا المقترح، مفسحا لترامب العودة إلى البيت الأبيض رئيسا.

***

يتطلب تعديل الدستور موافقة ثلثى المشرعين فى مجلسى الكونجرس (النواب والشيوخ)، فضلا عن تصديقه من قبل سلطات 38 ولاية، وجرى إجراء آخر تعديل دستورى (رقم 27) عام 1989. وفى ظل الانقسام الكبير والاستقطاب غير المسبوق فى تاريخ السياسة الأمريكية، يستحيل تخيل تعديل أى من مواد الدستور الخلافية فى الوقت الراهن، فما بالك بالمواد غير الخلافية كتعديل مدة حكم الرئيس.
وعلى الرغم من ذلك، قدم النائب الجمهورى من ولاية تينيسى آندى أوجلز، مقترحا بإدخال تعديل على دستور الولايات المتحدة من شأنه أن يسمح للرئيس دونالد ترامب بالترشح لولاية ثالثة فى البيت الأبيض حتى تتمكن البلاد «من الحفاظ على القيادة الجريئة التى تحتاجها أمتنا بشدة»، كما قال فى مشروع القرار الذى قدمه لمجلس النواب فى آذار/مارس الماضى.
واقترح أوجلز أن ينص التعديل على أنه «لا يجوز انتخاب أى شخص لمنصب الرئيس أكثر من 3 مرات، ولا يتم انتخابه لأى فترة إضافية بعد انتخابه لفترتين متتاليتين». إلا أنه وبالنظر لعدم جدوى المقترح، أهمل الجمهورى مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، والمقرب من ترامب، مناقشة المقترح ناهيك عن طرحه للتصويت.
يبعث ترامب برسائل مخيفة للأمريكيين من خلال نشر قوات الجيش فى شوارع العديد من المدن، منها واشنطن العاصمة، وممفيس بولاية تينيسى، وبورتلاند بولاية أريجون، وشيكاغو بولاية إلينوى، ولوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، إذ يراها كثيرون تمهيدا لعدم مغادرته البيت الأبيض فى تمام الثانية عشرة يوم 20 كانون الثاني/يناير 2029 كما ينص الدستور.

إقرأ على موقع 180  كيف أصبحت قطر "الوسيط" بين أميركا و"طالبان"؟

***

وليغلق الجدل حول هذه القضية، لم يعلن ترامب رفضه الصريح لهذه المقترحات، بل عرض مؤخرا قبعات كُتب عليها «ترامب 2028» على مكتبه فى البيت الأبيض. وقال ترامب إنه لم يكن يمزح بشأن السعى لفترة رئاسية ثالثة برغم أن الدستور الأمريكى يحظرها، لكنه أضاف أنه من السابق لأوانه التفكير فى ذلك.

(*) بالتزامن مع “الشروق

Print Friendly, PDF & Email
محمد المنشاوي

كاتب متخصص في الشؤون الأميركية، مقيم في واشنطن

Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  التهديد الجهادي في سوريا.. كيف يُواجهَهُ أحمد الشرع؟