قارب المحلل العسكري في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية طال ليف تقرير التقييم السنوي لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، وما يتضمنه من إشارات مستقبلية للتطورات العسكرية والأمنية المحتملة في غضون سنة، “والتي تنطوي على تهديدات وفرص يُفترض أن تشكل أساساً لاتخاذ القرارات من طرف المؤسسة السياسية وقيادة الجيش منذ الآن”.
ويشير طال ليف إلى أن إيران ونفوذها في المنطقة، يقعون في صلب تقييم “أمان”… “لكن في المدى الزمني القصير، فإن التهديد الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل يأتي من طرف حزب الله الذي واصل تعاظمه العسكري والسياسي في لبنان. ومن المتوقع أن يستمر الحزب في خوض كفاح مستقل ضد إسرائيل. وهو لن يسارع إلى إدخال صراعات إيران مع إسرائيل، في حال استمرار سلاح الجو الإسرائيلي في مهاجمة أهداف إيرانية في سوريا، إلى الأراضي اللبنانية. لكن القيام بمس مصالحه في لبنان سيكون قصة أُخرى تماماً. وفي هذا الشأن، سيكون حزب الله مستعداً لأن يجازف بتصعيد مهم ضد إسرائيل من خلال الإصرار على ألّا يتيح لهذه الأخيرة إمكان تغيير معادلة الرد”. يعني هذا التحليل، حسب المحلل نفسه “أنه إلى جانب مركزية إيران في تقييم الأوضاع الاستخباراتية، باعتبارها المسبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، فإن الاحتمال الأكبر لاندلاع حرب هذه السنة مرتبط أكثر من أي شيء آخر بتطور أي أحداث عملانية بين إسرائيل وحزب الله”.
ورأى أن ما يمكن أن يؤثر بصورة خاصة في هذه الأحداث “هو مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله. ففي إسرائيل، يفترضون أنهم نجحوا حتى الآن في كبح المشروع الذي كان متأثراً أيضاً برغبة إيرانية قادها قاسم سليماني. وحالياً هناك تقديرات في إسرائيل أن هناك احتمالاً أن يقرر حزب الله استثمار موارد أقل في المشروع بسبب الضائقة الاقتصادية وحسابات التكلفة والفائدة في المدى القصير”.
ويرى أن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وحزب الله، “مرتبطة أولاً وقبل أي شيء بالقرارات التي سيتخذها حزب الله وبما إذا كان سيستمر في الدفع قُدماً بالمشروع (الصواريخ الدقيقة)، وكذلك بإسرائيل”.
بالنسبة إلى ما تعتبرها شعبة “أمان” التهديدات “البعيدة المدى”، لا يزال التهديد النووي الإيراني “هو الأخطر”. وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن طهران “لم تتخذ بعد قراراً للسير في سكة إنتاج القنبلة النووية، وأن خطواتها تهدف أساساً إلى تحسين شروط المساومة على أعتاب تجدد المفاوضات بخصوص الاتفاق النووي. ومع ذلك، يعتقدون في إسرائيل أن التغيير في السياسة الإيرانية يُلزم المؤسسة الأمنية الاستعداد لاحتمال أن تختار إيران السير في سكة إنتاج سلاح نووي. وهناك من يعتقد في المؤسسة الأمنية أن اغتيال سليماني يقنع النظام الإيراني بأنه يمكن الحصول على حصانة حقيقية لاستمرار تصدير الثورة فقط مع امتلاك سلاح نووي. وبناء على ذلك، ستظل إيران في رأس سلم الأولويات في الفترة القريبة أيضاً”، على حد تعبير المحلل في “معاريف” طال ليف.
أوراق مركز بيغن السادات
وفي أوراق مركز “بيغن – السادات”، كتب رفائيل أوفيك، وهو خبير إسرائيلي في التكنولوجيا النووية، وضابط إحتياط، تقييماً تناول فيه تقييم شعبة “أمان” وقال بوجوب التذكير بأن إيران “بدأت، في تموز/يوليو 2019، بخرق الصفقة النووية على عدة مراحل، بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي كي يعمل على تحييد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها. وشملت هذه الخروقات تخصيب اليورانيوم بما يتخطى الكمية القصوى المحددة بـ300 كيلوغرام UF6، على درجة 3.67%، التي يسمح بها الاتفاق؛ رفع درجة التخصيب إلى 4.5% – وهو ما يتخطى الدرجة المسموح بها، وهي 3.67%؛ إنتاج مخزون من المياه الثقيلة يتخطى الكميات المسموح بها وهي 130 طناً، والاحتفاظ به؛ تشغيل مراكز طرد متطورة ذات قدرة تخصيب كبيرة جداً؛ استئناف تخصيب اليوارنيوم في منشأة التخصيب تحت الأرض في فوردو في بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2019”.
وبعد أن إستعرض المواقف الأميركية المؤيدة للإنسحاب من الإتفاق النووي أو المعارضة للإنسحاب، قال رفائيل أوفيك “لو لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ولم تجدد فرض العقوبات على إيران، لكان النظام الإسلامي في طهران عند انتهاء الصفقة النووية بعد 15 عاماً – 10 سنوات من الآن – سيندفع بكامل قوته لإنتاج سلاح نووي من دون وجود قدرة دولية توقفه، الأمر الذي سيقود على الأغلب إلى حرب واسعة في ضوء المخاطر التي ينطوي عليها وجود سلاح نووي إيراني على المنطقة وخارجها”.
ويضيف متسائلاً: “إلى أي حد يبدو النظام في طهران مستعدا للذهاب في المجال النووي؟ حتى الآن، يبدو أنه على الرغم من الخروقات التي حدثت للصفقة النووية في السنة الأخيرة، والتنصل منها مؤخراً، لا تزال إيران تتعامل مع هذا الموضوع بحذر، وبخطوات مدروسة. وذلك لعدة أسباب هي:
- تخوّف طهران من أن يؤدي كشف عمليات أحادية تدل بشكل قاطع على أنها تبذل جهداً للتقدم نحو سلاح نووي، إلى تعرضها لهجوم من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل وتدمير بنيتها التحتية النووية، وخصوصاً منشآت تخصيب اليورانيوم في نتانز وفي فوردو. وفعلاً الرئيس ترامب الذي يعي جيداً التهديد النووي الإيراني غرّد في أعقاب إعلان إيران إلغاء التزامها بالصفقة النووية “أبداً لن تحصل إيران على سلاح نووي”.
- عدم الرغبة في التسبب بمزيد من التوترات وانهيار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، الذي أظهر حتى الآن تعاطفاً لا بأس به مع طهران.
- التخوف من أن يمنع اقتصاد إيران الضعيف مواصلة الاستثمار في مشروع السلاح النووي”.(المصادر: مؤسسة الأبحاث الفلسطينية، معاريف، مركز الناطور)