اللامركزية والمحددات السياسية في اعتمادها لبنانياً

تبين المقارنة بين مضامين المفاهيم المروجة في الأدبيات التأسيسية للتوجهات الدولية الجديدة الصادرة في "تقرير التنمية البشرية -  1993" الصادر عن برنامج الامم المتحدة من جهة وبين مضامين المفاهيم الواردة في التقرير الصادر عام 2003 من جهة أخرى، أن التطور في التعريف بمفاهيــم اللامركزيـــة والتمكين والمشاركة كشروط متلازمة في المنهج التكاملي الديموقراطي للتنمية المحلية كان تطوراً محدوداً.

ففي الحديث عن اللامركزية، ورد في تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة عام  1993([1]) أن “نقل السلطات من العواصم إلى المناطق والبلدات والقرى قد يكون أحد أفضل طرائق تمكين الناس والنهوض بالمشاركة العامة وزيادة الكفاءة… واللامركزية تؤدي أيضاً إلى زيادة الضغط على الحكومات لكي تركز على الإهتمامات البشرية ذات الأولوية”. وتتكرر المضامين الرئيسية لهذا التعريف للمشاركة في “تقرير التنمية البشرية للعام 2003″، وإن بصياغات معدّلة أو إضافات ميسّرة، وذلك في إشارات إلى “علاقة الحكم المحلي المباشر مع الناس وقربه منهم وسرعة إستجابته لاحتياجاتهم وتوفير الشفافية والمحاسبة وتحصيل أسرع للمعلومات” ([2] ).

وإذا كان قد أُشير في تقرير التنمية البشرية لعام 1993 إلى مخاطر تطبيق اللامركزية وإمكانية أن تنتهي “إلى تمكين الصفوة المحلية بدلاً من تمكين الناس المحليين” ولم يُشِر إلى مواقع و تفصيل أنواع المخاطر، فإن ذلك يعود إلى أن تقرير (1993) كان قد صدر قبل ترسّخ تجارب البلدان الأوروبية الشرقية الخارجة من الأنظمة المركزية السوڤياتية أو من حكم أنظمة إستبدادية في بلدان فقيرة. وكان صدوره في قمة موجة التبشير باللامركزية بعد الإنهيار السوﭭياتي وصعود موجة التنظير لفرص الخلاص من الإستبداد والفقر التي سبق لدعاة النيوليبرالية أن روجوا لها خلال الثمانينيات. وجاءت الإضافات البالغة الأهمية في التقرير الثاني (2003) لتمثل تطويراً لمفهوم اللامركزية مستندة إلى خلاصات عن التحولات التي شهدتها الدول النامية والدول ذات التوجه السوﭭياتي السابق خاصة من المركزية إلى اللامركزية بعد مرور عشر إلى خمس عشرة سنة على تجارب تحولها. وقد جاء في تلك الخلاصات أن أبرز شروط التحول إلى اللامركزية هو أن تكون المركزيــة “مستقرة وموسرة بما يكفي للوفاء بالتزاماتها المالية… وأن تكون ملتزمة بتحويل المسؤوليات والموارد معاً… وعندما تكون هناك مشاركة فعالة من الفقراء ومن مجتمع مدني منظم جيداً” ([3]) يوفر ضغطاً على الحكم المحلي من المركزية القادرة (أي من فوق) ومن المشاركة الشعبية (أي من تحت).

متى تُصبح اللامركزية شرطاً للتنمية؟

تختلف التشريعات لأنظمة اللامركزية الإدارية باختلاف الخيارات السياسية الدستورية للمشرعين في الدولة. وإذا كان الإصلاح  السياسي المقترح للنظام اللبناني في وثيقة الطائف (1989)  قد هدف إلى إصلاح إداري ـ سياسي من خلال  تجاوز نظام الحصرية (Consentration) في الإدارة الحكومية المركزية لشؤون الناس، وهو نظام يتدرج صعوداً في هرمية المراكز الإدارية المتراتبة وصولاً إلى قمتها السياسية أي إلى الوزير مروراً بالمراكز العليا المعنية غالباً على مستويات المحافظة والقائمقامية، إلاّ أن إختيار أي نظام لمثل هذا الإصلاح، سواء اكتفى بالإنتقال إلى اللاحصرية أو ذهب إلى اللامركزية، لا يقترن بمواكبة إنماء يتراتب على مستويات بنية المجتمع من مركزيتها إلى محلياتها، لا يشكل بالضرورة خلاصاً من الترهيل السياسي المتوارث للإدارة ومن فسادها المعوق للتنمية. لا بل يمكن أن تؤدي بعض التشريعات الآيلة إلى اللاحصرية الإدارية ذاتها إلى تقوية وتحصين نفوذ القوى السياسية المهيمنة على أجهزة الإدارة العامة في المناطق، وإلى شرعنة زبائنيتها في تصريف شؤون المواطنين. وهذا ما برز في رصد برنامج الأمم  المتحدة الإنمائي لتجارب تطبيق اللامركزية في بعض البلدان النامية حيث “تبين أنه لا تتسنى اللامركزية الفعالة بدون إصلاح هياكل السلطة القائمة. فعندما تكون السلطة  مركزة في أيدي الصفوه – كما هو الحال في كثير من البلدان الناميـة  فإنها تؤدي إلى زيادة في تمكين الصفوه  بدلاً من تمكين الناس…” ([4]).

 

يمكن أن تؤدي بعض التشريعات الآيلة إلى اللاحصرية الإدارية ذاتها إلى تقوية وتحصين نفوذ القوى السياسية المهيمنة على أجهزة الإدارة العامة في  المناطق، وإلى شرعنة زبائنيتها في تصريف شؤون المواطنين

وفي المقابل، فان التشريعات الهادفة إلى لامركزية بمعايير تنموية لا يمكن إلاّ أن تتعارض مع مصالح الزعامات السياسية  في لبنان التي استفادت طويلاً من نظام الحصرية بفعل تراكم قدراتها وتسلطها الزبائني المباشر على الإدارات المحلية خاصة. وتتمثل المعايير التنموية لنظام اللامركزية بسياسات تعتمدها الحكومات لتجاوز تفاوتات النمو التي تعانيها المناطق المحرومة. سياسات تعتمدها في تمويل برامج التنمية في هذه المناطق تتناسب عكسياً مع مستويات النمو فيها وتعتمدها في تحديد نسبة لامركزية الإنفاق التي تتولاها الإدارة المحلية. وهي نسبة تراوح في البلدان الإسكندينافية بين 35 و51 % وتراوح في الهند والصين ونيجيريا بين 45 و66 % ([5]).

الادارة اللامركزية في مواجهة تفاوت النمو

تواصلت دينامية التمركز والتطريف داخل النظام السياسي – الإقتصادي في لبنان وظلت  تفعل فعلها في ترسيخ التفاوت في نمو المناطق اللبنانية. وبلغ هذا التفاوت ما بلغه في تقرير بعثة إيرفد الفرنسية (IRFED) (1960 _ 1961 ) حيث لحظت في تقريرها ظواهر تورط الحكومات اللبنانية المتعاقبة طيلة عقد ونصف بعد الإستقلال (1943) في تعويق تثمير موارد الدولة وهدر فرص التنمية لإقتصادها الوسيط المُفرط في ليبراليته الطرفية. وقد زاد ذلك في تهميش الأرياف والقطاعات السلعية وتوسع النزوحات والهجرات والإختلالات البالغة بين مستويات النمو في وسط البلاد من جهة وبين مستوياته في أريافها النائية من جهة أخرى مما أدى إلى مواجهات أهلية مدعومة إقليمياً ودولياً كادت تُهدد صمود الكيان اللبناني بفعل المعارك العسكرية الداخلية عام 1958. إلاّ أنه توفرت آنذاك فرصة توافق ناصري – أميركي وضع حداً لتلك المعارك وفرض الإتيان بحكم جديد يرأسه اللواء فؤاد شهاب وحكومته التعددية. وكان هذا الرئيس يتميز بنهج إصلاحي دفعه الى استدعاء بعثة إيرفد الفرنسية (معهد الأبحاث والتأهيل من أجل التنمية) لتشخيص “حاجات وإمكانات التنمية في لبنان”. وقد توصلت هذه البعثة على مدار سنتين من أعمال فرق متخصصة في أبحاث مفصّلة حول أوضاع المناطق والقطاعات وحاجاتها إلى إصدار تقرير في ثلاثة أجزاء باللغة الفرنسية صنّفت فيه المناطق اللبنانية وفقاً لخمسة نماذج لجهة مستويات النمو ومؤشـراته الكمية:

  1. الوحدات غير النامية.
  2. الوحدات المتدنية النمو كلياً.
  3. الوحدات المتدنية النمو جزئياً.
  4. الوحدات التي تشهد إقلاعاً في عملية النمو.
  5. الوحدات النامية.

وتبين:

  • أن في لبنان الأوسط (بيروت + القسم الأكبر من جبل لبنان + زحلة) 5% من الوحدات الريفية تصنف في النموذجين الأول والثاني وأن 70 % من هذه الوحدات تصنف في الرابع والخامس.
  • وأن في لبنان الشمالي 46 % من الوحدات الريفية من النموذجين الأول والثاني وأن 23 % من النموذج الرابع ولا وجود لأي وحدة في النموذج الخامس.
  • تصنف في لبنان الجنوبي 100% من وحداته الريفية في النموذجين الثاني والثالث.
  • وفي البقاع 35 % من وحداته الريفية تصنف في النموذجين الأول والثاني و24 % في الرابع والخامس.

فيأتي ريف عكار في شمالي لبنان، والحالة هذه، في أدنى درجات النمو، ويأتي بعده الريف البقاعي الشمالي ومن ثمّ يأتي الريف الجنوبي المتشابه إلى درجة كبيرة حيث لوحظ أن جميع قراه على الإطلاق تصنفت في النموذجين الثاني والثالث ([6]).

وإذا ما استقصينا التفارقات بين أرياف المحافظات الأربع غداة الأحداث الأهلية لعام (1958)، لوجدنا أن ريف ما سُمي بلبنان الأوسط المتميز بمستوى نموه نسبياً لا يخلو من دوائر (Sous – zones) تعاني تخلفاً في إقليم الخروب يُشار إليه بارتفاع مستوى الأمية في أوساط النساء مثلاً أو بتدني المستوى الصحي المرتبط بقلة المياه. كما ويُلاحظ على مستوى لبنان الأوسط تحولاً إلى التثمير في البناء والخدمات وإعراضاً عن تطوير التقنية الزراعية والحِرف يؤدي في الأرياف البعيدة إلى النزوح.

 

التخفيف من أشكال تسلط وجهاء العائلات ومفاتيح تزلُّمها للزعامات النافذة يمكن أن يتمّ من خلال تشريع يُعتمد فيه النطاق الموسع في تشكيل المجلس البلدي (15 – 20 الف مسجل)

ضيق التمثيل المحلي يُعوّق التنمية

أكثر فأكثر تضيق حدود النطاقات العقارية للقرى والبلدات على توسعات مصالح وأسواق المسجلين في قيود نفوسها، فهم ينتقلون بالضرورة والإضطرار من نمط عيش ريفي _ زراعي داخل القرية وجوارها إلى نمط عيش داخل تجمع قرى أو (Cluster) حيث يتكيفون في علاقاتهم ومبادلاتهم في سوق مناطقي داخل بلدة أكبر في جوارهم (pôle) تستقطب القرى المحيطة بها مباشرة لتفتحها على أسواق مناطقية ومركزية أكبر تتوزع فيها القطاعات الإنتاجية والخدمية.

وينتقل سكان المجتمع المحلي القروي بالضرورة أو الإضطرار من ثقافة محلية إندماجية تقوم على ممارسة التقاليد والقيم وعلاقات الإنتماء والولاء القرابية إلى ثقافة تعدددية تتجاور في نطاق مناطقي هذا النطاق حيث تتفاوت الجماعات في تقبُّلها للعلاقات والقيم المختلفة بسبب تفاوت إنفتاحاتها التحديثية على أسواق أوسع وعلى إدارات ومؤسسات عامة وخاصة.

إقرأ على موقع 180  الموسكوفي «المجنون»

وينعكس هذا الإنتقال في توسع حدود المجتمع المحلي وانفلات العمران إلى خارج الحدود العقارية للقرية وينتشر باتجاه نطاق البلدة الأكبر التي تشكل قطباً محورياً في ناحيتها تتنوع فيها فرص العمل والإستثمار وتتوفر فيها الخدمات الأساسية وفروع المؤسسات الحكومية والتجارية. وتتوسع علاقات المجتمع المحلي من خلال الشخوص الأطول باعاً وقدرات تمثيلية في البلدة المستقطبة أو  في حارات المدن الريفية الثالثية.

 إن التوسع البشري والإقتصادي والثقافي والمؤسسي الذي انتهى إلى تشكل مجتمع محلي بنطاق متوسع  يفرض موضوعياً وتنموياً التحول بالتمثيل البلدي عمّا كان عليه في نطاق بلدية القرية إلى نطاق البلدية الموسعة الأوفر لجهة مواردها البشرية ونخبها الثقافية والمهنية. هذه النخب التي تُمكّنها كفاءاتها النائية بالضرورة عن عصبياتها القروية الضيقة من أن تشكل إدارة محلية للتنمية قادرة على تثمير قيم المشاركة والطوعية وعلى تجاوز التحسسات العائلية القروية. وهذا ما سنفّصل له في عرضنا أدناه عن البلديات كمؤسسات قاعدية للامركزية وللمشاركة في التنمية المحلية ولاعتماد التخطيط والتقييم والجباية وفرض القوانين.

المجالس البلدية وقدراتها على التنمية المحلية

 يضيق التمثيل البلدي في الأرياف في ظل التشريع اللبناني الذي، لا زال لتاريخه، يعتمد حدود الخراج العقاري للبلدة أو القرية  كنطاق للتمثيل المحلي بحسب قانون البلديات المرعي الإجراء. وهو نطاق يمكن أن يقل فيه عدد المسجلين عن ألف نسمة وعدد الناخبين عن خمسماية نسمة. ويمكن أن يقل فيه عدد المقيمين شتاءً بفعل النزوح والهجرة بنسبة الثلث أحياناً كثيرة. ويُختزل بانتخاب مجلس البلدية القروية مفهوم الديموقراطــية والمشاركة القاعدية ليقتصر على تجذير الوجاهة الزبائنية القادرة، بحكم تنفذها العائلي والمالي على صعيد السلطة الأهلية المحلية، على إشغال دور الموقع الوسـيط بين قواعد ناخبيها من جهة وبين الزعامة النيابية النافذة في الدوائر الحكومية من جهة ثانية.

وساهم في تعطيل ديموقراطية التمثيل في الإنتخابات البلدية ما نصّ عليه المرسوم الاشتراعي رقم 665 الصادر عام 1997 الذي أعطى الحق بانشاء بلدية في القرية التي يقل فيها عدد المسجلين عن ألف نسمة. ونحن نعلم أن في لبنان يوجد حوالي 1500  وحدة سكنية إجتماعية يقل عدد المسجلين في النصف منها عن 3000 نسمة. ولا تتجاوز نسبة المشاركين في الإنتخابات المحلية للكثير منها، بفعل النزوح والهجرة، نصف الناخبين أي ما لا يزيد، في أقصى إحتمالات المشاركة عن 800 ناخب.

لهذا نرى أن مثل هذا الحجم للجماعة الناخبة يُبقيها تحت نفوذ ولاءاتها العائلية وأن التخفيف من أشكال تسلط وجهاء العائلات ومفاتيح تزلُّمها للزعامات النافذة يمكن أن يتمّ من خلال تشريع يُعتمد فيه النطاق الموسع في تشكيل المجلس البلدي (15 – 20 الف مسجل). وهو تشريع قد لا يكون كافياً لتحرير الجماعة الناخبة كلياً من الضغوط على خيارات الأفراد الإنتخابية. ولكنه تشريع يُمكِّن من اختزال عدد البلديات في لبنان من 950 بلدية إلى حوالي 195 بلدية تُضاف إليها بلديتا العاصمة وطرابلس ([7]).

ويمكن توزيع هذا الإختزال على جميع الأقضية وبشكل يتناسب مع كثافة المسجلين في كل منها. فتصبح أعداد البلديات في إقضية محافظة الشمال على سبيل المثال كما يبين الجدول التالي:

إن عملية الإختزال هذه تُمكِّن الوحدات البلدية من رفع مستوى معايير إنتخاب أعضائها لمجالس قادرة على توفير الكفاءات الطوعية والخبرات الهندسية أو القانونية المتمكنة من فهم صلاحياتها وإنجاز إنشاءاتها بمعايير جدوى الحجم وقادرة على فهم معوقاتها في إدارة مواردها والتعامل مع جهات الرقابة الضاغطة على مبادراتها من مستوى القائمقامية إلى المحافظة وصولاً إلى وزارة الداخلية والوزارات الأخرى المعنية بمشاريعها وخدماتها.

هل اعتماد النطاق البلدي الموسع هو الحل؟

إن شمولية اقتصاد السوق وتوسع شبكات البُنى التحتية والاتصالات والتسويق على مساحة لبنان المحدودة نسبياً مكّنت المجتمعات القروية، على امتداد عقود عديدة، من تجاوز محدودية أسواقها الزراعية المحلية إلى الأسواق المناطقية الأكبر. وهذا ما ظل يحصل على مدار أكثر من نصف قرن، وظلّ يدفع هذه المجتمعات المحلية  القروية المتجاورة للترابط اليومي في تجمع محوري متداخل متفارب عُمرانيا ومتفاعل يومياً (cluster) كما سبق وأشرنا.

لقد رسّخ هذا الترابط داخل التجمع المحوري نظامية كيانية مترسخة ومعترف إدارياً وإقتصادياً وثقافياً بقطبيتها وبات من غير المُجدي الفصل في تخطيط وتنفيذ برامج إنماء وتثمير موارد أي قرية من قُراه بشكل منعزل عن جوارها. وهذا ما استندت إليه الدراسة التي أجرتها مؤسسة الحريري عام (1987) لإعمار المناطق وصدرت عنها تقارير مُفصّلة تحت عنوان “لبنان الواقع وحاجات التأهيل والتنمية”. وقد اعتمدت الدراسة، في مسح الحاجات، تقسيم لبنان، ما عدا المناطق المحتلة في الجنوب آنذاك، إلى 194 تجمع محوري (73 تجمع في جبل لبنان والضواحي، و52 تجمع في البقاع، 26 تجمع في الجنوب، و8 تجمعات في محافظة النبطية). واعتُمدت في كل تجمع بلدة تتوفر فيها المزايا التي تمكنها من أن تشكل قّطباً يستقطب بقية القرى المحيطة بها إلى سوقها ومؤسساتها. وتم اختيار هذه البلدة ذات المزايا التي جعلتها أكثر تقدماً في نموها العائد للمعايير التالية:

  • الموقع المتوسط على عقدة المواصلات، الأكبر سكانياً من القرى المجاورة، كبر مساحة الخراج والموارد، غناها بالثروات الطبيعية والسياحية، توافر الخدمات التي تجعلها مركزاً وسوقاً لمحيطها.

قد يُقال إن توسيع النطاق الجغرافي البشري للبلدية لا يلغي آليات تنفذ الزعامات السياسية ومفاتيحها المحليين على المجالس البلدية الموسّعة. ولكن التوسيع المقترح يمكن، في تقديرنا، أن يُغري في الترشُّح لإنتخابات مجلس لبلدية موسّعة فعاليات محلية أكثر خبرة وأوسع علاقات ومسؤولية أهلية وأقل إلتزاما بالحساسيات العصبوية الضيقة المتوارثة بين عائلات أو جماعات القرية، وأن الأهالي لا يواجهون الحرج القرابي التقليدي ذاته في اختيار مثل هؤلاء المرشحين من قرى مجاورة. مرشحون يختارونهم لأدوار أعقد كفاءة لناحية التعامل مع الإدارة الحكومية وأكثر إحراجاً لنواب المنطقة وإداراة القضاء والمحافظة.

ولهذا نرى من الأفضل أن يُنتخب المجلس البلدي الموسع  في نطاق سكاني  يتكون من بلدة قطبية بفضل مزايا جغرافية واقتصادية مشهودة لها لا يقل حجم  الناخبين المسجلين  في لوائح الشطب العائدة لها عن 3000 ناخب يُضاف اليهم ناخبون عن قرى صغيرة مجاورة تعتمد على سوقها ومدارسها وخدمات بُناها التحتية. ويُوزع أعضاء المجلس البلدي الموسع بمعدل عضو واحد عن كل 1000 الى 2000 ناخب. يُنتخب اعضاء المجلس البلدي لتمثيل النطاق الموسع وفقاً لكفاءاتهم وليس لقيد نفوسهم في نطاقات ضيقة مجتزأة داخله.

  • أولاً، فئة المنتخبين ليمثلوا بلداتهم في المجلس البلدي الموسّع في قريتهم ويشكلون 80 % من أعضاء هذا المجلس يتوزعون على القرى والبلدات بنسب أحجام المسجلين فيها على الشكل التالي:
    • عضوان يُمثلان سكان قرى قطبية وأخرى صغيرة تُلحق بها يصل إجمالي عدد الناخبين فيها بين 3.000 و3.500 ناخب.
    • ثلاثة أعضاء يُمثلون سكان قرى قطبية بالإضافة إلى قرى تُلحق بها ما يجعل إجمالي عدد الناخبين فيها يراوح بين 3.500 و5.500 ناخب.
    • وخمسة أعضاء ينتخبون من البلدات التي يتراوح إجمالي عدد الناخبين المسجلين فيها بين  5.500  و8.500 ناخب.
    • عدد من الأعضاء ينتخبون لتمثيل مركز القضاء حيث يزيد عدد الناخبين فيها عن 8.500 ناخب.
  • ثانياً، فئة المنتخبين للمجلس الموسّع على مستوى النطاق البلدي الموسع ويشكلون 20% من مُجمل عدد أعضائه ويتم إنتخابهم من خارج قيود القرى أو البلدات ([8]).

*****

([1] )  تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 1993، ص 6 .

([2] )  تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2003، ص 134 .

([3] )  المرجع نفسه، ص ص 137 _ 140 .

([4])  تقرير التنمية البشرية لعام 1993  الفصل الرابع بعنوان: الناس والإدارة، ص 79 .

([5] )  تقرير التنمية البشرية 1993 _ صفحة 79 .

[6]  Rapport IRFED , Op.cit, Tome ∏, P: 77 .

([7] )  أحمد بعلبكي، “ايديولوجيا التنمية في ظل الأسواق المفتوحة والهويات المنغلقة”، دار الفارابي، بيروت، عام 2016، ص ص 253 _ 254 .

([8] )  احمد بعلبكي، مرجع سابق، ص ص 224 _ 229.

Print Friendly, PDF & Email
أحمد بعلبكي

باحث سوسيو-أنتربولوجي في التّنمية وخبير في التّخطيط وتقييم برامج التّنمية

Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  صيف 2006.. عندما توهم حلوتس بهزيمة حزب الله بالحرب الجوية (119)