أُرهقت محاولات التحول إلى اللامركزية عبر تاريخ سوريا بإرث ثقيل من المخاوف والهواجس والتنميط السلبي الذي وصل حد الاتهام ومقاومة أي طرح دون التعمق في فهم اللامركزية، شكلاً ومضموناً وممارسة.
أُرهقت محاولات التحول إلى اللامركزية عبر تاريخ سوريا بإرث ثقيل من المخاوف والهواجس والتنميط السلبي الذي وصل حد الاتهام ومقاومة أي طرح دون التعمق في فهم اللامركزية، شكلاً ومضموناً وممارسة.
يكثر الحديث في العديد من الدول العربية اليوم عن اللامركزية، وخصوصاً في الدول التي تعاني من صراعات أو تشهد تقهقراً في مؤسساتها. كما يتعمق النقاش في متاهات اللامركزية المنشودة، أهي لا مركزية إدارية أم لا مركزية سياسية؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ موقف المطالبين بإصلاح و/أو بتغيير النّظام السّياسي اللّبناني الحالي ـ ولو من خلال مختلف الطّروحات الفيدراليّة واللّامركزيّة ـ هو أكثر واقعيّة، بل وأكثر أخلاقيّة حتّى، من موقف الذين لا يزالون مرابطين خلف هذا النّظام الطّائفي الفاشل.
يكثر الكلام حول الفيدرالية في هذه الأيام. لبنان هو في الأساس، ومنذ أن أنشئ، فيدرالية طوائف، لكنه كان فضاء إدارياً واحداً. تريد بعض الطوائف أن تجعل منه عدة فضاءات إدارية. لكل طائفة إدارتها ذات مجتمع منغلق، وكما يقول البعض، يتظهّر فيه "الوجدان" الطائفي. وقد استخدم هذا التعبير أحد عتاة الدعوة الى الفيدرالية. ولا تجتمع الطوائف-الأقوام إلا في مسائل تتعلق بالسياسة الخارجية. وربما العملة الموحدة.
عرف لبنان نظراً للتركيبة الاجتماعية التي تمّ تأسيسه عليها منذ نشوئه، نعمة وجود حيّزٍ كبيرٍ من الحريّات العامّة وتداولٍ على السلطة ورخاءٍ نسبيّ لمواطنيه برغم أنّه ليس بلداً نفطيّاً.
لا يختلف إثنان حول أهمية الكهرباء في بناء إقتصاد حديث؛ في الصناعة، والزراعة، والنقل، والخدمات، الخ.. كذلك حول أن تكون للدولة سياسة حازمة لكهرباء البلد، سيّان في ذلك أن يكون عن طريق القطاع الخاص أو القطاع العام. في الحالتين، يتطلّب الأمر وجود إدارة حكومية صاحبة قرار تستطيع التخطيط له وتنفيذه، بالأحرى فرضه.
تقف جميع الطوائف اللبنانية بمكنوناتها الداخلية أمام أسئلة كبرى. ما يحدث في المنطقة وما ستفرضه الأحداث كبير جدا بالنسبة إليهم. ماذا سيحدث في سوريا؟ وكيف ستُرسم خواتيم هذه المعركة؟ وماذا عن العراق؟ ما هي نتائج التطبيع العربي مع العدو؟ وأين وكيف سيكون حل الدولتين وقضية اللاجئين؟ ما هو مستقبل المعارك الأوروبية التركية متوسطيا؟ أين يتجه النظام اللبناني بعد موت الطائف سريرياً؟ وكيف ستتصرف الطوائف اللبنانية حيال ذلك؟ الحديث بالطبع هو عمن يفكر "طائفيا" وهم ليسوا بقلة في لبنان، حيث تكبر الأسئلة وتصغر وفقا لحجم منظّري وأحزاب الطوائف وتأثيرهم.
إنها لحظة سقوط الأقنعة. سقوطها عن المشاريع الحقيقية للأحزاب اللبنانية التي تمثِّل المجموعات الطائفية بوجدانها وهواجسها وشهيتها المفتوحة على السلطة وتناتش مواقعها، وسقوطها أيضاً عن المصالح الكامنة للقوى الجديدة الوافدة بعنوان ما يُعرف بـ"قوى المجتمع المدني".
كثر الكلام عن تأثيرات الفيروس التاجي على الانظمة وعلى مستقبل العلاقات بين الدول والشعوب، وعن بعض دعوات القوقعة خوفاً من الاختلاط، وزدْ على ذلك ما قد ينتج من افكار يتسم بعضها بالبدائي وآخر بالحالم وغير الواقعي. بين هذه وتلك، اعجبتني مقاربة الصديق والزميل حسين ايوب حول الكورونا ولبنان الذي ليس بخير، وهو اصلاً ليس بخير من دون الحاجة الى كورونا، وعن كيف ارتدّت "شعوبه" الى دواخلها، فكان ان رغبتُ [في محاكاة شخصية لواقع الحال] مشاركته بعض الافكار علّها تغني النقاش.
تبين المقارنة بين مضامين المفاهيم المروجة في الأدبيات التأسيسية للتوجهات الدولية الجديدة الصادرة في "تقرير التنمية البشرية - 1993" الصادر عن برنامج الامم المتحدة من جهة وبين مضامين المفاهيم الواردة في التقرير الصادر عام 2003 من جهة أخرى، أن التطور في التعريف بمفاهيــم اللامركزيـــة والتمكين والمشاركة كشروط متلازمة في المنهج التكاملي الديموقراطي للتنمية المحلية كان تطوراً محدوداً.