مع اقتراب نهاية عهد الرئيس ميشال عون، تُطوى صفحة من تاريخ لبنان السياسي. لا يمكن الحديث عن صفحة رئاسية جديدة من دون مراجعة للواقع الإقليمي والمحلي، مع أرجحية طاغية للعامل الخارجي. هذا ما علمنا إياه تاريخ لبنان الحديث على الأقل.
مع اقتراب نهاية عهد الرئيس ميشال عون، تُطوى صفحة من تاريخ لبنان السياسي. لا يمكن الحديث عن صفحة رئاسية جديدة من دون مراجعة للواقع الإقليمي والمحلي، مع أرجحية طاغية للعامل الخارجي. هذا ما علمنا إياه تاريخ لبنان الحديث على الأقل.
على مرمى حجر من نهر النيل العظيم، التقينا مجموعة أصدقاء من أجيال مختلفة. الدبلوماسي المصري السابق الذي لم يغادر يوماً متعة الكتابة الدقيقة المتماسكة؛ الصحافي اللبناني جامع المتناقضات والأصدقاء، وثلة من رجال الأعمال من جنسيات عديدة، بينهم المثقف و"الثائر الجديد" و"الساداتي"، إضافة الى ناصري تقليدي جعل لنفسه مسافة من طاولة الحيرة والقلق. لم تستمر القطيعة الطوعية له حتى أقحمه أحدنا على انفراد في الحوار. بادره سائلاً ما إذا كان قد تغيّر جريان نهر النيل؟ فأجاب "النيل لم ولن يتغير.. العالم العربي يتغير".
تتعرض الولايات المتحدة إلى ما يُشبه عملية القضم المتدرج لنفوذها في النظام العالمي، لكن ذلك لا يُبدل حقيقة أنها ما زالت القطب الأول منذ قررت النزول إلى بر أفغانستان في العام ٢٠٠١ ثم بر العراق في العام ٢٠٠٣، فكان أن تسيّدت دولياً وإنطوت حقبة الحرب الباردة.. ولو إلى حين!
دخل كوكب الأرض عصراً جديداً في اللحظة التي عبرت فيها الدبابات الروسية حدودها مع أوكرانيا. تماماً كمقولة رائد الفضاء نيل أرمسترونغ حين وطأ سطح القمر "خطوة صغيرة للإنسان وقفزة كبيرة للإنسانية".
منذ النزول الأميركي الى البر الأسيوي في مطلع القرن الحادي والعشرين، دخلنا حقبة عصر الفوضى. فوضى سُرعان ما تعولمت بفضل الميديا والسوشيل ميديا الجديدة. يستطيع أي مواطن ولو كان يقيم في غابة معزولاً عن العالم أن يصبح وكالة أنباء. دقة الخبر تفصيل. المهم التعميم. إنتفت الحدود الفاصلة بين الحقيقة والشائعة أو الكذبة.
منذ حوالي الشهر ومن بين كل شوارع العالم الخطيرة والمحكومة من قبل العصابات، اتجهت الأنظار نحو شارع صغير يفصل بين الشياح وبدارو (عين الرمانة) فى مدينة بيروت. استطاع شارع بما يرمز إليه من تاريخ وسياسة ودم وبشر وحجر أن يستقطب معظم القنوات الإعلامية، المحلية والأجنبية، ناهيك عن استعادة مفردات من قاموس الحرب الأهلية اللبنانية.
غريبٌ عجيبٌ أمرُ لبنان، البلد الصغير مساحة والكبير سياسة. بقدرة قادر ووسط كل هذه الفوضى المحلية والإقليمية والدولية، أبصرت حكومة نجيب ميقاتي الثالثة النور.. وهذا هو الأساس. نعم صار للبنان وللبنانيين حكومةٌ.
سقطت هيبة الولايات المتحدة الأمريكية في مستنقع هزيمة استراتيجية في أفغانستان لم ينتج عنها عودة طالبان إلى السلطة وحسب بل إستشعار كل حلفاء أمريكا في شتى أنحاء العالم بالعراء والبرد. هزيمة لا بد وأن تَستدرج لاعبين دوليين أو إقليميين لملء الفراغ. ربما نكون أمام إعادة صياغة نظام دولي وإقليمي جديد مع الانسحاب الأمريكي من كابول.. والشرق الأوسط حتماً لن يكون بعيداً عنه أو خارجه.
لا يمكنك أن تفصل المكان عن الناس. المكانُ مُجرداً هو جغرافيا. مجرد هياكل. عندما يحضر الناس يتغير مفهوم المكان. كل حجر له حكاية. كل حكاية تستولد حكايات. يغيب الناس، تغيب الحكاية.
أطلنا الغياب عن بيروت. لؤم الفيروس التاجي ليس صحياً. التباعد بين البشر. بين الشعوب. بين الأحبة، وهل من حبيبة أغار عليها من أمها وأبيها أكثر من بيروت؟