
في الجزء الأول من هذه المقالة، قاربت كيفية تناول العلماء قضية الخيانة الوطنية ودوافعها والظروف التي تصنع الخونة في أوطانهم.. وفي هذا الجزء الثاني والأخير، ثمة تأملات أولية من وحي "حرب الخرطوم".
في الجزء الأول من هذه المقالة، قاربت كيفية تناول العلماء قضية الخيانة الوطنية ودوافعها والظروف التي تصنع الخونة في أوطانهم.. وفي هذا الجزء الثاني والأخير، ثمة تأملات أولية من وحي "حرب الخرطوم".
اندلعت الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يتولی رئاسة مجلس السيادة الانتقالي؛ و"قوات الدعم السريع" بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس المذكور؛ والعنوان الصارخ لهذه الحرب "السلطة" ـ "الثروة" ـ "إسرائيل".
ليس جديداً أن النظام العالمي غير قادر على حماية نفسه. اعتبر أنه انتصر على شعوبه بعد ثورة 2011. فإذا التشققات تظهر في تلافيفه.
إلى جانب الخصائص المحلية للصراع في السودان، لن يستغرق الوقت كثيراً حتى تبدأ الجوانب الإقليمية والدولية بالظهور، شأنها شأن الحروب السابقة التي مرّ بها هذا البلد وغيره من البلدان، وتأثرت بالخارج وتأثر الخارج بها.
تضع المواجهة بين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي" وحدة السودان ومكانة المناطق الطرفية على المحك.. الصحفية المتخصّصة في العالم العربي وبلدان شرق أفريقيا غوينايال لونوار كتبت تقريراً بالفرنسية في موقع "أوريان 21"، حول مجريات الوضع السوداني، ترجمه الزميل حميد العربي من أسرة الموقع نفسه إلى العربية.
لم يغادر السودان والكثير من بلدان العالم الثالث حقبة الخمسينيات والستينيات الماضية، وتقبع في الذاكرة التاريخية طائفة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها منذ استقلالها في العام 1956.
عرف السودان حروباً كثيرة منذ إستقلاله عن بريطانيا عام 1956. لكن الحرب التي تفجرت في 15 نيسان/أبريل الجاري بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تختلف إلى حدٍ كبيرٍ عن سابقاتها، شكلاً ومضموناً.. وربما على صعيد النتائج التي ستسفر عنها.
لم يكن الاتفاق السياسى، الذى عاد بمقتضاه «عبدالله حمدوك» إلى منصبه رئيسا لوزراء السودان، مفاجئا تماما، فالشارع الغاضب يدعو إلى عودته والقوى الدولية تضغط من أجل تلك العودة، والجيش نفسه لا يتحفظ على شخصه بل على من حوله.
تمثل السودان منطقة رمادية فى تصنيف الدول طبقا لعلاقتها مع الولايات المتحدة، فلا هى دولة حليفة ذات أهمية استراتيجية كما الحال مع المملكة العربية السعودية أو مصر، ولا هى دولة يجمعها عداء مع واشنطن مثل سوريا أو إيران.
إلى أين من هنا فى الأزمة السودانية المتفاقمة؟ بأى سيناريو ممكن تصعب العودة إلى شراكة السلطة بين المكونين المدنى والعسكرى على الصورة التى كانت عليها قبل فضها بالقوة بإعلان الطوارئ وحل مؤسسات المرحلة الانتقالية واحتجاز أعداد كبيرة من الوزراء والسياسيين.