
لم يكن الاتفاق السياسى، الذى عاد بمقتضاه «عبدالله حمدوك» إلى منصبه رئيسا لوزراء السودان، مفاجئا تماما، فالشارع الغاضب يدعو إلى عودته والقوى الدولية تضغط من أجل تلك العودة، والجيش نفسه لا يتحفظ على شخصه بل على من حوله.
لم يكن الاتفاق السياسى، الذى عاد بمقتضاه «عبدالله حمدوك» إلى منصبه رئيسا لوزراء السودان، مفاجئا تماما، فالشارع الغاضب يدعو إلى عودته والقوى الدولية تضغط من أجل تلك العودة، والجيش نفسه لا يتحفظ على شخصه بل على من حوله.
تمثل السودان منطقة رمادية فى تصنيف الدول طبقا لعلاقتها مع الولايات المتحدة، فلا هى دولة حليفة ذات أهمية استراتيجية كما الحال مع المملكة العربية السعودية أو مصر، ولا هى دولة يجمعها عداء مع واشنطن مثل سوريا أو إيران.
إلى أين من هنا فى الأزمة السودانية المتفاقمة؟ بأى سيناريو ممكن تصعب العودة إلى شراكة السلطة بين المكونين المدنى والعسكرى على الصورة التى كانت عليها قبل فضها بالقوة بإعلان الطوارئ وحل مؤسسات المرحلة الانتقالية واحتجاز أعداد كبيرة من الوزراء والسياسيين.
تلفّت عبد الفتاح البرهان حواليه، فوجد أن كل شيء يُغري لتنفيذ إنقلابه والتخلص من شركاء مدنيين زاحموه على السلطة وليس على السيادة، منذ خلع عمر البشير في 11 نيسان/أبريل 2019. وقتذاك، إنحنى العسكريون لعاصفة الإنتفاضة الشعبية ووافقوا مرغمين على إشراك المدنيين في جنة الحكم المعقود للجيش معظم الوقت منذ الإستقلال عام 1956 إلى يومنا هذا.
ثمة وجه آخر للسودان، غير وجوه الجنرالات والسياسيين الذين تطرفوا وأفرطوا بإحدى أغنى دول العالم، ففي السودان رجال من طينة الطيب الصالح و"موسم الهجرة إلى الشمال"، وفيه أيضاً "أغداً ألقاك" للهادي آدم، إحدى غرر القصائد العربية التي غنتها أم كلثوم، وذهبت معها إلى سدرة الخلود.
متأخراً جداً، ومرتبكاً جداً.. اتخذ الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية مجموعة قرارات لحل أزمة الشراكة المختلة في حكم الفترة الانتقالية عقب اسقاط حكم الرئيس السابق المشير عمر البشير وحلفائه الإسلاميين.
مرة أخرى، وقع السودان في المحظور. إنقلاب عسكري "منتظر" بعد عامين ونصف من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير. كيف تطور الوضع؟ وماذا عن التوترات التي تراكمت منذ العام 2019 وأدت إلى الأحداث الأخيرة؟ هذا ما تجيب عليه كلوي بينوسيت في هذا التقرير الذي نشره موقع "ميدل إيست آي"..
أحد أكبر نواقص السياسة وممارسة السلطة والحكم والإدارة في بلادنا أن العمل يسبق الفكرة، وأن التنفيذ يسبق النظرية لذلك فإن الساسة عادة ما يسلكون طرقاً وعرة للحصول على السلطة بما في ذلك القتل، والسجن بما يشمله من تعذيب قد يؤدي إلى الموت هو الآخر، والفساد الإداري والمالي، والعمالة للأجنبي والخيانة الوطنية بطبيعة الحال.
ليس أسهل لفهم وتفكيك وقائع ومستقبل الحياة السياسية في السودان وتحولاتها من النظر في التأريخ السياسي لمصر، وليس، في هذا السياق، أيسر من القول بأن الكثير من مظاهر الحياة في السودان انعكاس - يتواصل أو يتقطع - للحياة في الجارة الشمالية الكبرى، وإن بدا في بعض الأحيان مكرراً بصورة تبعث على السأم، وفي البعض الآخر مشوشاً يبعث على الضجر!
يدور في الساحة السياسية السودانية جدل كبير هذه الأيام حول طلب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بشكل فردي ودون حوار داخلي مع أطراف السلطة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل بعثة للسلام في البلاد بموجب الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية.