
جاء إلينا عدنان الحاج، وكنا في الطريق، ليكون "الترجمان" الخاص للإقتصاد، تحت رعاية عصام الجردي، وعندما "تمكن" صُرنا نقول له في إجتماعات هيئة تحرير "السفير": "هات لنا يا كابتن من يُترجم لنا أرقامك ومقالاتك"!
جاء إلينا عدنان الحاج، وكنا في الطريق، ليكون "الترجمان" الخاص للإقتصاد، تحت رعاية عصام الجردي، وعندما "تمكن" صُرنا نقول له في إجتماعات هيئة تحرير "السفير": "هات لنا يا كابتن من يُترجم لنا أرقامك ومقالاتك"!
لم يكن 13 نيسان/أبريل 1975 يوماً مفاجئاً لي. عندما غادرت منزلي في شارع أسعد الأسعد في الشياح، كعادتي كل صباح، متوجهاً إلى "السفير" في نزلة السارولا في الحمرا، كنت أرى في الشوارع والأزقة والأحياء الضيقة وجوهاً كئيبة وقلقة، فالناس تركض إلى يومياتها من خبز ومأكل ومشرب وملبس، وما لم يكن مُنتظراً أن يكون هذا تاريخ بداية حربنا الأهلية التي إندلعت شرارتها الأولى من شارع قريب من منزلي في عين الرمانة.
تسنى لي أن اعرف «الهيكلين»: الأول، محمد حسنين هيكل القريب من جمال عبد الناصر إلى حد اعتباره المعبّر الدقيق عن آرائه، المبشر برؤيته التاريخية، والناقل الأمين لأفكاره ومواقفه؛ الثاني، محمد حسنين هيكل صاحب التجربة الغنية والذاكرة الهائلة التي لا تنسى رجلاً أو واقعة أو حدثاً.
بين الصحافة والسياسة والثقافة خيط رفيع. قد يختلف البعض في ترتيب أولوية هذا إلى ذاك، لكن الأرجح، من وجهة نظر شخصية، أن السياسة هي الأصل، فإذا حلّقت تزدهر الصحافة والثقافة وإذا هبطت يهبطان معها.
"السفير" جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان. عبارة لم تفارق هذه الصحيفة العربية طوال مسيرتها التي إمتدت من 1974 تاريخ إنطلاقتها وحتى 2016، تاريخ توقفها. 42 عاماً كانت هذه الجريدة في صلب تكون وعي أجيال عربية، ومنها جيلنا في المغرب العربي.
في خضم التخبط السياسي والانهيار الإقتصادي والمالي الذي عصف بلبنان، من كل جنبٍ وصوب، قال الرئيس اللبناني ميشال عون في كلمته لمناسبة مئوية دولة لبنان الكبير "لإنني مؤمن أن الدولة المدنية قادرة على حماية التعددية وصونها وجعلها وحدة حقيقية.. فإني أدعو إلى إعلان لبنان دولة مدنية".
الوقت. تحتاج إلى الوقت لكي تستعيد وعيك وتعود إلى متابعة حياتك واستذكار مواعيدك واسماء اصحابها ومناصبهم. لقد سقطت الارقام والساعات والهويات، لم يبق في الذاكرة شيء من الماضي. من اين سيأتيك المستقبل، اذن؟
كانت الساعة الواحدة صباحا حين عدت، مع زوجتي إلى البيت من سهرة عن الراحل سمير فرنجية وصحبة من الاصدقاء.. ولان مرض المهنة يشغلني فقد بادرت إلى مهاتفة زملائي بشخص باسم السبع للاطمئنان إلى أن كل شيء على ما يرام.. وان لا طوارئ تفرض أي تغيير في الصفحة الأولى.
بعد عمر مديد، وإثر مرض عضال عانى منه في السنوات الأخيرة، رحل المناضل الكبير محسن ابراهيم عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.
ولقد اخترت أن تغادرنا، يا ابا خالد، مع آخر لحظة ضوء في دنيانا.. عشية 5 حزيران/يونيو التي غدت بداية لتاريخنا- الضد!