علينا أن نشتري ورداً، لنضعه على قبر أمة. الأمة لم تولد بعد في جغرافيا العرب. علينا أن نسأل من أفسد الأديان في مهبط الوحي والإيمان. لا تنقصنا الأدلة: السياسة تسيء إلى الدين، والدين يسيء إلى السياسة.
علينا أن نشتري ورداً، لنضعه على قبر أمة. الأمة لم تولد بعد في جغرافيا العرب. علينا أن نسأل من أفسد الأديان في مهبط الوحي والإيمان. لا تنقصنا الأدلة: السياسة تسيء إلى الدين، والدين يسيء إلى السياسة.
يُعدُّ الشرق العربي أو الهلال الخصيب أو ما أصبح يعرف بـ غرب آسيا واحداً من أقدم المناطق التي عرفت أو أنتجت السياسة في العالم.([1]) وهذا ما يفخر به أهل المنطقة، ويحقُّ لهم ذلك، إلا أنَّه مع ذلك يثير أسئلة من قبيل: لماذا لا ينعكس ذلك على أحوال مجتمعاتها ودولها اليوم، ولماذا يمثّل تاريخها تراجيديا دائمة (أو شبه دائمة) في السياسة؟
من عاداتي الطيبة الاستيقاظ متفائلاً ومقبلاً على صباح سعيد. كتبت ذات صباح من الأسبوع الماضي متأثراً بهذه الحالة وبتطورات على أرض الواقع ونتيجة مناقشات مع أصحاب رأي أحترمهم، كتبت متطلعاً إلى نهاية قريبة لحرب دائرة بين العالم الغربي وروسيا على أرض أوكرانيا وبشعبها.
تأسست الدولة اللبنانية عام 1920. كان للاحتلال الفرنسي وللموارنة يد كبرى في ذلك. لكن المخيلة اللبنانية تمتد لآلاف السنين حول كيان لبناني، حقيقي أو موهوم، أنتج ما يسمى الثقافة اللبنانية التي شاءت الظروف أن تكون لغتها العربية، الفصحى والعامية، لكنها كعادات وتقاليد تختلف بين منطقة وأخرى، وأحيانا بين قرية وأخرى.
على الرغم مما ظهر لدى العرب من انخراط فائق في السياسة، منذ العام 2011، إلا أن السياسة تبدو لديهم كما لو أنها "صفحة بيضاء"! بتعبير مستعار من بول ريكور، بمعنى أنها لم تنزل منزلتها المطلوبة في فضاء التفكير والتقدير والتدبير، وقد يمضي وقت طويل قبل أن يحدث ذلك. وتبدو السياسة هي الغائب الأكبر في المشهد.
عدم انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان يعني فقدان نصاب الدولة. عباقرة السياسة في لبنان "يعجزون" عن انتخاب رئيس أو لا يريدون ذلك. هذا الأمر تعبير عن اللادولة العميقة.
من الصّعبِ جدّاً، بل إنّهُ لَمِنَ المُحالِ ربّما، أن يمرَّ يومٌ على سالكٍ في طريقٍ روحيٍّ ما ـ من أيّ خلفيّة دينيّة أو ثقافيّة كان ـ من غيرِ أن يسألَ نفسَهُ: ماذا أفعلُ وسطَ هذا الضّجيجِ ووسط هذه الأحداث.. ووسط كلّ هؤلاء، من أهل الحُجُبِ والأهواء؟ هل عليّ البقاءُ هنا معهم.. أم عليَّ "الخروج" سريعاً على طريقة من فرَّوا من الحياة الدّنيا ـ ظاهراً وباطناً ـ و"ماتوا قبلَ أن يموتوا"؟
منذ أن انكفأت الطموحات الشعبيّة التي علا صوتها خلال موجة ما سمّي "الربيع العربي"، ظهرت مقولة على الساحة السياسيّة والإعلاميّة مفادها أنّ فشل التحوّلات يعود إلى "التصحُّر السياسيّ". أي أنّ السياسيين الذين تنطّحوا لقيادة موجة التغيير أو تمّ إبرازهم في وسائل الإعلام لم يمتلكوا الخبرة السياسيّة بالأساس لأنّ بلادهم افتقدت للحريّات العامّة منذ زمنٍ طويل.. فانجرّوا إلى أخطاءٍ على صعيد السياسة الداخليّة والخارجيّة أدّت إلى الفشل. ليس الذنب ذنبهم بالتالي، وإنّما "الصحراء السياسيّة" هي السبب!
في كتابه الجديد، بعنوان “تأملات 2022 في الحرية والسياسة والدولة” لمؤلفه الفضل شلق (الدار العربية للعلوم ـ ناشرون؛ 2023)، يسرح الكاتب في حقل سياسي فكري مترامي الأطراف. يناقش قضايا الحرية والهوية والثورة والثورة المضادة والإستبداد والطغيان، كما تشي عناوين هذه المقالة.
سئمنا الاستبداد باسم التحرر الوطني، وأضر بنا طغيان التحرر المجتمعي أو الجماعي على الحرية الفردية.