لا بأس من بعض الأدب. وهو عموماً، أي الأدب، يكثر في أزمنة الخيبة، تماماً كما تكثر المواعظ الدينية.
لا بأس من بعض الأدب. وهو عموماً، أي الأدب، يكثر في أزمنة الخيبة، تماماً كما تكثر المواعظ الدينية.
أتذكَّر ليلة ذاك الخميس من عام 2003. كنّا انتهينا للتوّ من "عجقة" النشرة الإخباريّة المسائيّة. فجلسنا في الـ news room لنستريح قليلاً. فجأةً، سمعنا صياحاً وصخباً. ركضنا إلى أسفل، مُعتقدين أنّ عراكاً قد اندلع في المحطّة (حيث كنتُ أعمل). فإذا بشبابٍ يتقدَّمون بسرعة داخل المبنى، ويهتفون "بالروح بالدم...". على أكتافِ أحد "المغاوير"، كانت تتدلَّى ساقا رجلٍ سبعيني. كان يبتسم (ببلادة)، ويرفع يديْه ملوِّحاً لمَن هُرِع إلى المكان.. للفُرْجَة.
دقّت مداولات مجلس الدفاع الاعلى في لبنان، للمرة الاولى، ناقوس الخطر الحقيقي في مسألتين: خطر تفشي فيروس كورونا في المناطق اللبنانية النائية، وخطر الانفجار الشعبي الكبير.
عندما أطلقنا، قبل خمس سنوات، في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية اختصاص ماستر(2) في "الصحافة البيئية والصحّية"، واجهَنا سؤالٌ عويصٌ: مَن هو الصحافي المؤهّل الذي يمكننا الركون إلى مهاراته، لتدريب طلابنا على آليات إعداد وتنفيذ المواد الإعلامية المقرّرة لهذا المسار الأكاديمي غير المسبوق في جامعات لبنان (والعالم العربي)؟ فإعلامنا اللبناني لا يستطيع أن يلبّي مطلبنا، بعدما نأى بنفسه، ومنذ عقود طويلة، عن كلّ ما له صلة بالصحافة والإعلام المتخصّصيْن في الشؤون والقضايا والمواضيع الاجتماعية (إقتصاد، بيئة، صحّة، تربية،...). لينصبّ كلّ اهتمامه على السياسة بوصفها، بالمفهوم الإعلامي اللبناني، المجال الوحيد الذي يستحقّ الجهد والمال والاهتمام. هبطت الكورونا علينا كقنبلة عنقودية، فأيقظ صوتُ ارتطامها بالأراضي اللبنانية إعلامَنا من سباته، وبدأ يتمتم فزِعاً : ماذا سنفعل؟