أما وقد وقعت الواقعة، فالسودان اليوم في مفترق طرق، إما انزلاق تام في هوة الفوضى والضياع، أو انتزاع عصي لنشأة مستأنفة من براثن المستحيل. وكلا الخيارين يعتمدان في الأساس على الكيفية التي ستنتهى بها الحرب، وهي واحدة من احتمالات ثلاثة:
أما وقد وقعت الواقعة، فالسودان اليوم في مفترق طرق، إما انزلاق تام في هوة الفوضى والضياع، أو انتزاع عصي لنشأة مستأنفة من براثن المستحيل. وكلا الخيارين يعتمدان في الأساس على الكيفية التي ستنتهى بها الحرب، وهي واحدة من احتمالات ثلاثة:
بعد حوالي الشهرين على الحرب غير المسبوقة في الخرطوم وما تعرض له المواطنون من جرائم قتل، واختطاف، وتعذيب، واغتصاب، وانتهاك للحرمات، ونهب وسرقات، وحصار ونزوح إلى الداخل والخارج بمئات الآلاف إن لم يكن بالملايين، وتدمير معظم المنشآت المدنية ومؤسسات الدولة، فإنه يصعب العثور على شخص واحد من مواطني الخرطوم يرفض تحقيق انتصار حاسم للجيش على قوات الدعم السريع (ق د س) المتمردة سوى القائد العام للجيش نفسه، الفريق أول عبد الفتاح البرهان!
خلال العام الماضي، تركز اهتمام العالم على الحرب الروسية الأوكرانية والتصعيد بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان؛ وهي نقاط اشتعال من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين القوى الكبرى أو حتى إلى حرب نووية. لكن القتال الدائر في السودان أيضاً حدثٌ من شأنه أن يُشعل موجة حروب مدمرة وحقبة جديدة من عدم الاستقرار والفتن في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، بحسب "فورين أفيرز"(*).
لم يكن الصدام الذي وقع في السودان في نيسان/أبريل الماضي مفاجئاً لمتابعي الشأن السوداني في العقود الأخيرة، فهذا البلد يختزن انقسامات اثنية ودينية وقبلية طالما تحركت منذ استقلاله عام 1956.
في العام 2019، وفي أعقاب سقوط عمر البشير - الذي استولى بنفسه على السلطة في انقلاب مدعوماً من الجيش في عام 1989 - كانت احتمالية حدوث انشقاقات في التسوية السياسية الوليدة في البلاد واضحة بالفعل. كيف؟ هذا ما يشرحه مراسل "الغارديان" بيتر بومونت (*) في هذا التقرير.
مرة أخرى، وقع السودان في المحظور. إنقلاب عسكري "منتظر" بعد عامين ونصف من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير. كيف تطور الوضع؟ وماذا عن التوترات التي تراكمت منذ العام 2019 وأدت إلى الأحداث الأخيرة؟ هذا ما تجيب عليه كلوي بينوسيت في هذا التقرير الذي نشره موقع "ميدل إيست آي"..
ليس أسهل لفهم وتفكيك وقائع ومستقبل الحياة السياسية في السودان وتحولاتها من النظر في التأريخ السياسي لمصر، وليس، في هذا السياق، أيسر من القول بأن الكثير من مظاهر الحياة في السودان انعكاس - يتواصل أو يتقطع - للحياة في الجارة الشمالية الكبرى، وإن بدا في بعض الأحيان مكرراً بصورة تبعث على السأم، وفي البعض الآخر مشوشاً يبعث على الضجر!
كأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عاد أمس بالزمن إلى 29 آب/أغسطس 1967 وتسلل إلى القاعة التي عقدت فيها القمة العربية وشُطبَ من محضر بيانها الختامي: "لا للصلح ولا للتفاوض ولا للإعتراف بإسرائيل". تلك "اللاءات الثلاث" التي كانت ردّاً معنوياً للعرب على هزيمة ساحقة في "حرب الأيام الستة".