رونين بيرغمان
يقول محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان إن الكثير من وثائق أرشيف البرنامج النووي الإيراني، التي سرقها “الموساد” وأحضرها إلى إسرائيل، في العام 2018، كانت ممهورة بتوقيع فخري زاده “وبقلم حبره السائل، ما يدل على دوره الكبير في تطوير البرنامج النووي”.
ويضيف “اذا كان الموساد يقف بالفعل، كما أفادت مصادر اميركية خلف اغتيال فخري زاده فالأسباب ثلاثة، اولها، ان الموساد اثبت نفسه، وكم هي عميقة ونادرة قدرة تسلله الى اعماق إيران، ثانيها أن الوثائق اثبتت ما كان معروفا، ولكن اكثر بكثير، أي ان فخري زاده هو الدماغ خلف الجزء العسكري من المشروع النووي. ولكن تل أبيب أثبتت شيئا ثانياً هو أنه بخلاف ما قيل عنه انه مدير فاشل وشخص مشتت جدا بشكل عام، هو كفؤ ليس فقط في الجانب العلمي بل وايضا في الجانب الاداري. ثالثها، أن كل ما فعله فخري زاده، يواصل (الإيرانيون) فعله. وواضح من الوثائق لماذا سيرغب الموساد في موته ولماذا قال بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصحافي الذي كشف فيه سرقة الارشيف الإيراني: “تذكروا هذا الاسم”.
وختم بيرغمان مقالته بالقول “مشكوك جدا ان يرد الايرانيون. الآن ينتظرون كانون الثاني/يناير (تسلم جو بايدن). في حينه، هم يأملون، سيتمكنون ربما من الشروع في مفاوضات مع بايدن لاستئناف توريد اموالهم المجمدة في ارجاء العالم. من الصعب الافتراض بانهم سيلقون بكل هذا الان فقط من اجل الرغبة في الثأر فيخاطروا بقوة نار الولايات المتحدة”.
يوسي ميلمان
وبعد أن تحدث المحلل في “هآرتس” يوسي ميلمان عن الضربة ودلالتها الإيرانية، قال إنه يجب علينا أن لا ننسى بأنه مع كل اهمية الانجاز الاستخباري، إلا أنهم في ايران سارعوا الى اتهام الموساد، وكل شخص يوجد له بديل. هذا الامر صحيح ايضا عندما يتعلق الامر بعالم كبير. فمهما كان مهما، يمكن ايجاد بديل لفخري زاده لا يقل عنه تأهيلا. أمر آخر، من المهم ايضا تذكره هو أن إيران تملك اليوم معرفة كافية تمكنها من انتاج سلاح نووي اذا ارادت ذلك”.
عاموس هرئيل
ويشير المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل إلى أن “الضرر الأهم للإيرانيين باستهداف فخري زاده هو أنه سيشكل رادعا تجاه علماء آخرين”، ويضيف أن “الجهة التي استهدفت فخري زاده، شرق طهران، دمجت بين معلومات استخباراتية دقيقة وقدرة عملانية ذكية من أجل تشخيص هذا العالم ومرافقيه، واستهداف حراسه، وقتله والهروب بسلام. ويتضح مجددا أن طهران مخترقة جدا لعمليات استخباراتية غربية. وتبين أن شخصا مهددا، وحافظ على الحذر وعدم الظهور، مكشوف وقابل للاستهداف”.
لكن هرئيل حذر من أمرين. الأول، هو أن ضررا سيلحق بإسرائيل بسبب اغتيال فخري زاده، إذ أنها “بدأت العلاقات مع إدارة بايدن بالقدم اليسرى. والرئيس المنتخب صامت حاليا، لكن مسؤولين سابقين في إدارة أوباما أصدروا تعقيبات مفاجئة في شدتها تجاه الاغتيال. ورئيس الـ”سي آي إيه” السابق جون برينان، وصف الاغتيال بأنه “عمل جنائي، عديم المسؤولية، والذي قد يكلف بانتقام فتاك ومواجهة إقليمية”. ووصف الاغتيال بأنه “جريمة قتل، إرهاب ممول من دولة”، ودعا الإيرانيين إلى انتظار وصول قيادة مسؤولة إلى واشنطن. كذلك وصف نائب مستشار الأمن القومي السابق، بن رودس، الاغتيال بأنه خطوة مزعزعة، هدفها عرقلة المفاوضات السياسية التي أعلن بايدن أنه سيجريها مع إيران.
وأشار هرئيل إلى أنه “لا شك في أن موت شخص أدى دورا مركزيا كهذا في البرنامج النووي الإيراني يعبر عن نجاح عملاني مثير للإعجاب. ومن الجهة الأخرى، لا تُستبعد إمكانية أن هذا الانتصار التكتيكي سيعقبه تصعيد إقليمي، إستراتيجي وربما هذا هو الهدف من الاغتيال”.
أليكس فيشمان
ورجح المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أليكس فيشمان، أنه “لا توجد مصلحة لدى إيران بأن تقود المنطقة إلى حالة فوضى عسكرية بواسطة عمليات حربية، عشية دخول بايدن إلى البيت الأبيض. لكن كل شيء مفتوح، لأن الرغبة هي الانتقام، الردع وترميم العزة الوطنية موجودة داخل إيران. والآن، باتت هذه مسألة فرصة وقدرة”.
وتوقع فيشمان أن يبذل الرئيس السوري بشار الأسد، مجهودا من أجل منع رد إيراني ضد إسرائيل من الحدود السورية. “فمنذ سنتين، يبث تجاه الإيرانيين أن نظامه يواجه صعوبة في امتصاص ثمن المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية في أراضيه. ولأنه يسود توازن رعب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، فعلى الأرجح أن ردا إيرانيا على اغتيال فخري زاده سيُنفذ خارج البلاد.. وفي موازاة ذلك، إذا كانت لدى الإيرانيين خلية سرية داخل الخط الأخضر أو في المناطق (الفلسطينية المحتلة عام 1967)، فإن هذه فرصتهم لاستخدامها”.
وحذّر فيشمان من أن “الجميع ينفذون اغتيالات باسم المصلحة القومية: الأميركيون، الفرنسيون، البريطانيون، الروس. وإسرائيل أيضا. غير أنه في السنتين الأخيرتين، تحولت مباهاة القيادة (الإسرائيلية) بالعمليات التي تُنفذ تحت الرادار العام إلى ظاهرة منتشرة. إسرائيل تتبنى، مباشرة أو بالتلميح، عمليات سرية، وتقضي بيديها على حيز نفي العدو وتكاد ترغمه على الرد”.
طال ليف رام
وكتب المحلل في “معاريف” طال ليف رام إن التصفية “تغيّر قواعد اللعبة وترفع بشكل فوري مستوى التوتر في المنطقة. صحيح أن اسرائيل تحافظ على الصمت والاميركيون لم يتحملوا اية مسؤولية، الا انهم في ايران يوجهون منذ الان اصبع الاتهام الى اسرائيل. وعليه فان المعنى هو انه في الاشهر القريبة المقبلة سنجد ان مستوى التأهب في ضوء امكانية ثأر ايرانية ضد اهداف اسرائيلية في العالم او اعمال معادية اخرى يجب ان يبقى في اعلى المستويات – ولزمن طويل. ومع ذلك، يخيل أن تصفية فخري زاده تدخل القيادة في ايران في معضلة بالنسبة إلى ردها. من جهة، يوجد ترامب الذي ينتظر في ايام حكمه الاخيرة الخطأ من الجانب الايراني والذي سيؤدي الى رد اميركي قاسٍ. من مثل هذه العملية يخافون في ايران، ولا سيما قبيل عهد ادارة اميركية جديدة، قد يكون ممكنا معها فتح صفحة جديدة نحو استئناف الاتفاق، ومن جهة ثانية، في ظل هذا الوضع الذي يتعين فيه على حكم آيات الله ان يختار بتعقل طريقة الرد دون أن ينجر الى مواجهة خطيرة مع الاميركيين، من غير المستبعد ان تكون السرعة التي اختار بها الحكم في ايران توجيه اصبع الاتهام تجاه اسرائيل يلمح ايضا بقدر كبير الى الرد المتوقع. وعليه، ففي الاشهر القادمة سيكون جهاز الامن – الموساد، المخابرات والجيش – مطالبين بان يكونوا جاهزين لامكانية محاولة ضرب هدف اسرائيلي في العالم، على طول الحدود او في داخل اسرائيل”.
تسفي برئيل
وحسب محلل الشؤون العربية في “هآرتس” تسفي برئيل، فإن “توقيت الاغتيال، يحمل رسالة واضحة لبايدن، غايتها إظهار الانتقاد الإسرائيلي حول عزمه العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، والمبادرة لاتصالات دبلوماسية حول شروط العودة ومحاولة توسيع حجم الاتصالات مع إيران إلى مواضيع أخرى، مثل تجميد برنامج الصواريخ البالستية مقابل تعاون اقتصادي”. وأضاف برئيل أن “حيز العمليات الإسرائيلية قد ينكمش إذا قرر بايدن أن أي عملية إسرائيلية ضد إيران من شأنها إلحاق ضرر في جهوده للعودة إلى الاتفاق النووي، الذي يرى فيه أساسا لائقا من أجل لجم البرنامج النووي الإيراني وسد الطريق أمام قدرة إيران لتطوير سلاح نووي”.
يوآف ليمور
من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، إلى أن العام الحالي بدأ باغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وانتهى باغتيال فخري زاده. وأضاف أن لا يوجد شخص لا يوجد بديل له.
وفي ما يتعلق بغياب فخري زاده، اعتبر ليمور أنه سيكون هناك خلف له، بين أحد المسؤولين في البرنامج النووي، “لكن ثمة شكا إذا كان خلفه سينجح بأن يكون مهيمن مثلما كان فخري زاده، الذي كان ضالعا منذ البداية في البرنامج النووي، والأهم أنه كان يتمتع بثقة كاملة من جانب الزعيم علي خامنئي”.
ورأى ليمور أن “على إسرائيل أن تأخذ التهديدات الإيرانية بالانتقام على محمل الجد. سليماني اغتاله الأميركيون، وهم خصم كبير وخطير جدا بالنسبة للإيرانيين. فخري زاده اغتاله، على ما يبدو، الإسرائيليون، وهم خصم يسهل التعامل معه أكثر. ورد الفعل قد يكون بعدة طرق، بدءا من عمليات على طول الحدود في سوريا وباحتمال أقل من لبنان، مرورا بمحاولات استهداف شخصيات إسرائيلية، وانتهاء باستهداف سفارات إسرائيلية في أنحاء العالم”.
ورجح ليمور ألا يكون الرد الإيراني فوريا، “فمصلحة إيران الأولى هي إزالة العقوبات الاقتصادية عنها، والطريق إلى ذلك تكون بالعودة إلى الاتفاق النووي، وهذه غاية مشتركة لإيران وبايدن. ولذلك، ثمة شك إذا كانت إيران ستخاطر بحدث قد يحبط هذه الغاية الإستراتيجية، وعلى الأرجح أن تبحث عن غاية تكون مؤلمة لإسرائيل، ولكن لا تكسر قواعد اللعبة”.
نوعا لنداو
وقالت نوعا لنداو المحللة في “هآرتس” إنه يمكن الآن التخمين “لماذا سارعوا في السعودية الى النفي بشكل علني وجود لقاء ثلاثي كما يبدو بين ولي العهد محمد بن سلمان ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في بداية الاسبوع الماضي في مدينة نيوم في السعودية. ويمكن التخمين ايضا لماذا تم تأجيل فجأة زيارة نتنياهو إلى البحرين والامارات”.
وقالت:”بقي علينا الآن أن نأمل حدوث أحد سيناريوهين: أن يفضل الايرانيون الانتظار الى الأداء القريب للقسم من قبل بايدن بدلا من أن ينفذوا فورا تهديداتهم بالانتقام ويكون لم يتبق لترامب المزيد من من اعواد الثقاب في العلبة. أن يكون هناك تصعيد كبير مع ايران في ذروة ازمة صحية واقتصادية خطيرة، وفي ظل وجود رئيس حكومة غارق حتى عنقه في محاكمته ويميل الى أن يقصي بفخر وزراء دفاعه وخارجيته، وهو سيناريو جنوني متطرف جدا” (المصادر: عرب 48 ومركز الناطور، 180).