هدنة بين السعودية وقطر.. أين الإمارات؟
DOHA, QATAR - DECEMBER 5: King of Saudi Arabia Salman bin Abdulaziz (L) is welcomed with an official ceremony by Emir of Qatar Sheikh Tamim bin Hamad Al Thani (R) at Royal Palace in Doha, Qatar on December 5, 2016. (Photo by Bandar Algaloud/ Saudi Kingdom/ Handout/Anadolu Agency/Getty Images)

في مثل هذه الايام من كل سنة، يكثر الحديث عن حل الازمة الخليجية التي نشبت في حزيران/يونيو 2017، مع إعلان السعودية والامارات والبحرين ومصر قطع العلاقات مع قطر وفرض حصار عليها ووضع لائحة من 13 شرطا للتصالح معها، وأبرزها التوقف عن دعمها للارهاب.

يتزامن الحديث هذه السنة عن المصالحة الخليجية مع اقتراب موعد عقد قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تعقد في شهر كانون الاول/ديسمبر من كل عام. وبدا واضحا خلال السنوات الثلاث الماضية ان الاتصالات التي تجري لتحقيق المصالحة الخليجية كان ينتج عنها مجرد “تهدئة إعلامية” بين السعودية وقطر.

وكان الملاحظ أيضاً أن إتصالات التهدئة التي كان يرعاها امير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح ينجم عنها تمثيل قطر لكن ليس بشخص أميرها للقمم الخليجية التي إنحصر انعقادها مؤخراً بين الكويت والرياض بعد ان كانت تتناوب العواصم الخليجية الست على استضافتها سنوياً، ما أضفى طابعاً بروتوكولياً على القمم التي لم تكن تتخذ أية قرارات سياسية أو حتى تشاركية (إقتصادية أو غيرها)، وبالتالي أصاب الجمود مؤسسة مجلس التعاون الخليجي، وزاد الطين بلة أن الأمين العام للمجلس البحريني عبد اللطيف الزياني “كوفىء” بتعيينه وزيراً لخارجية بلاده حتى يقود مهمة التطبيع مع كيان العدو الصهيوني. وهذا الأمر إنعكس سلباً أيضاً على إدارة المجلس.

هذا المسار إستمر طوال السنوات الثلاث الأخيرة، وكان لافتاً للإنتباه أنه ما أن تنتهي “الهدنة” الخليجية – الخليجية خلال فترة انعقاد القمة والتحضير لها، حتى تعود الخلافات الى سابق عهدها ويتبادل إعلام الطرفين المختلفين القصف المتبادل.

الدوحة اكدت تمسكها بدور الكويت بالوساطة لتحقيق اتفاق المصالحة الذي تريده قطر ان يكون مع السعودية فقط من دون أن يشمل دولة الامارات ومصر والبحرين

في هذه الايام، إنطلقت مساعي الوساطة لتحقيق مصالحة سعودية – قطرية برعاية جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي ستنتهي ولايته بعد شهر ونيف، وترافقت هذه المساعي مع اتصالات سعودية وقطرية مع دولة الكويت.

وبالفعل اجتمع كوشنر الاربعاء الماضي مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة ولكن لم يذكر الاعلام القطري اي شيء عن نتائج الاجتماع ولم تعط اية معلومات حول ما إذا كان كوشنر قد زار السعودية والتقى ولي عهدها صديقه الامير محمد بن سلمان.

ولكن مصادر خليجية عليمة قالت لموقع (180 بوست) إن الدوحة اكدت تمسكها بدور الكويت بالوساطة لتحقيق اتفاق المصالحة الذي تريده قطر ان يكون مع السعودية فقط من دون أن يشمل دولة الامارات ومصر والبحرين، ولكن تم الاتفاق مع كوشنر على بعض المقترحات والخطوات (سيعلن عنها لاحقاً) التي ستبني الثقة المتبادلة لاستعادة العلاقات والثقة بين الدوحة والرياض أولاً ومن ثم بين قطر وبقية دول المقاطعة، وبينها فتح المجال الجوي السعودي للطيران القطري؛ فتح الحدود البرية بين البلدين وكلها مغلقة منذ حزيران/يونيو 2017؛ وقف الدعم القطري (الإعلامي) للحوثيين في اليمن؛ وقف الحملات الاعلامية بين البلدين.

وتفيد المعلومات الخليجية ان كوشنر ترك الامر للكويت من أجل مواصلة المساعي لتحقيق الاتفاق السعودي ـ القطري، وهذا ما جرى فعلاً حيث واصلت الكويت اتصالاتها مع الدوحة والرياض (قام بالدور الاكبر فيها وزير الخارجية الشيخ الدكتور احمد ناصر الصباح) الى ان اعلنت الكويت بلسان أميرها نواف الأحمد الجابر الصباح التوصل إلى “اتفاق نهائي” لحل الأزمة الخليجية، واصفاً الاتفاق بأنه “إنجازٌ تاريخيٌ”، موجهاً في رسائل منفصلة شكره لكل من أمير قطر وملك السعودية والرئيس الأمريكي المنتهية ولايته. واستذكر جهود أمير الكويت الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح، قائلاً إنه قاد جهود الوساطة “منذ اليوم الأول لنشوب الخلاف”، وإن جهوده أرست “قواعد الاتفاق” المُتوصّل إليه.

أما وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان فقد اعرب عن تفاؤله بان الازمة الخليجة “قد تقترب من نهايتها”، مضيفاً “نأمل أن يؤدي هذا التقدم إلى اتفاق نهائي يبدو في متناول اليد”. في حين بدا وزير الخارجية القطري  الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني متحفظاً في تصريحه حين قال “بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية”.

والتزمت الامارات والبحرين ومصر – شركاء السعودية بمقاطعة قطر –  الصمت تجاه الاعلان عن الاتفاق.

هل فعلا ستتحقق المصالحة بين قطر والسعودية وبالتالي بين قطر والدول الثلاث شريكة السعودية في الحصار، ام انها مجرد هدنة تسبق قمة مجلس التعاون الخليجي المقرر عقدها خلال هذا الشهر، كما جرت العادة سنويا؟

بات مرجحاً تأجيل القمة الخليجية الى حين تبلور اتفاق المصالحة القطرية ـ السعودية أو نقل القمة إلى الكويت أو الرياض. والملاحظ انه لم تعقد حتى الآن اية اجتماعات وزارية خليجية – كما جرت العادة – تحضيراً للقمة

في هذا السياق لا بد من تسجيل الملاحظات الآتية:

أولاً، السعودية راغبة فعلاً في استعادة تدريجية لعلاقاتها مع قطر وفق إجراءات تقوم بها قطر، وأولها وقف الدعم القطري (لا سيما الاعلامي) للحوثيين في اليمن، ويعتقد ان الرياض تأمل من المصالحة مع الدوحة ان تُبعد الاخيرة عن طهران لا سيما بعد ازدياد التقارب الايراني ـ القطري ومن وقائعه تلك الاتصالات الهاتفية المتكررة مؤخراً بين الرئيس الايراني حسن روحاني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

إقرأ على موقع 180  أميركا وإيران.. "شراكة" في منع الحرب الإقليمية!    

ثانياً، لم يتم التطرق خلال إتصالات تحقيق المصالحة الحالية إلى الشروط  الـ 13 التي كانت وضعتها دول مقاطعة وحصار قطر والتي تراجعت وباتت ستة شروط فقط.

ثالثاً، لم يجر الحديث – حتى الآن – عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي المقرر عقدها خلال الأسبوع المقبل في أبو ظبي، وفق ما تقرر في القمة السابقة التي عقدت قبل عام في الرياض. وصار معروفاً أن الدوحة ترفض حضور مثل هذه القمة اذا عقدت في العاصمة الاماراتية، ومن هنا بات مرجحاً تأجيل القمة الى حين تبلور اتفاق المصالحة القطرية ـ السعودية أو نقل القمة إلى الكويت أو الرياض. والملاحظ انه لم تعقد حتى الآن اية اجتماعات وزارية خليجية – كما جرت العادة – تحضيراً للقمة، ما يرجح أكثر فرضية التأجيل.

رابعاً، يتزامن اهتمام الرئيس الاميركي دونالد ترامب – الذي سيغادر البيت الابيص قريباً – بتحقيق المصالحة السعودية مع قطر مع التوقعات التي تتحدث عن أن ترامب يعد العدة لتوجيه ضربة عسكرية لإيران بمشاركة إسرائيلية قبيل مغادرته البيت الابيض وان الادارة الاميركية الحالية تنتظر ردة فعل ايران انتقاماً لاغتيال العالم الايراني محسن فخري زاده، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه!

خامساً، إذا تعززت فرضية الضربة، فإن ترامب يبدو مستعجلاً لحل الازمة الخليجية حتى يضمن موقفاً خليجياً موحداً وداعماً لضرب ايران لا سيما مشاركة قطر فيها، ذلك ان اية عمليات عسكرية ضد ايران ستشارك فيها حتماً القوات الاميركية المتواجدة في قاعدة “العيديد” في قطر، وتلك المتواجدة أيضاً في قاعدة الامير سلطان بن عبد العزيز جنوب العاصمة السعودية.

سادساً، كان لافتاً للإنتباه أن رسالة الشكر التي وجهها أمير الكويت إلى الملك السعودي تعمدت الإشارة إلى أن الرياض كانت تمثل في الإتفاق الثلاثي الذي شاركها حصار قطر (مصر والإمارات والبحرين)، إذ قال الصباح إن “تمثيل المملكة العربية السعودية الشقيقة للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، إنما يعكس المكانة المرموقة لها ودورها الرائد في سبيل السعي لدعم أمن واستقرار المنطقة، وحرصها على التكاتف ووحدة الصف في ظل الظروف الدقيقة التي يعيشها العالم والمنطقة”.

Print Friendly, PDF & Email
سليمان نمر

كاتب عربي متخصص بالشؤون الخليجية

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  أميركا وإيران.. "شراكة" في منع الحرب الإقليمية!