كروغمان عن جانيت يلن وزيرة الخزانة.. “أعطِ خبزك للخبّاز”!
WASHINGTON, DC - FEBRUARY 24: Federal Reserve Board Chair Janet Yellen holds up a copy of the 100th annual report of the Federal Reserve from 2013 as she testifies during a hearing before the Senate Banking, Housing and Urban Affairs Committee February 24, 2015 on Capitol Hill in Washington, DC. Yellen gave the Federal Reserve semiannual monetary policy report to the Congress. (Photo by Alex Wong/Getty Images)

Avatar18011/12/2020
بول كروغمان الاقتصادي والأكاديمي الأميركي، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، كتب مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" يشيد فيها بإختيار جانيت يلن وزيرة للخزانة في إدارة جو بايدن. ماذا يقول كروغمان عن يلن؟

“من الصعب المبالغة في وصف حماسة الاقتصاديين على خلفية اختيار جانيت يلن وزيرة الخزانة المقبلة. بعض هذه الحماسة يعكس الطابع التاريخي لتعيينها. لن تكون أول امرأة تشغل هذا المنصب فحسب، إنما ستكون أيضاً أول شخص يشغل كل المناصب الثلاثة الأولى التقليدية في الاقتصاد الأميركي: رئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين؛ رئيسة الاحتياطي الفدرالي؛ ووزيرة الخزانة حالياً.
في هذا التعيين بعض الانتقام الجزئي من دونالد ترامب، الذي حرمها من ولاية ثانية مستحقة لها كرئيسة للاحتياطي الفدرالي، لأنه كان يعتقد أنها أقصر قامة مما ينبغي، كما قيل!

الخبر السار بشأن تعيين يلن يتعدى مسيرتها المهنية المتميزة في الوظيفة العامة، ذلك أنها قبل أن تتولى هذا المنصب، كانت باحثة رصينة وإحدى الشخصيات الرائدة في حركة فكرية ساعدت على إنقاذ الاقتصاد الكلي (…) وقبل الخوض في ذلك، في ما يلي بعض الكلمات عن الوقت الذي قضته يلن على رأس الاحتياطي الفدرالي، ولا سيما الفترة التي كانت فيها عضوا في المجلس الإداري لـ«الاحتياطي» في أوائل العقد الثاني من القرن الحالي، قبل أن تصبح رئيسة له.

حينذاك، كان الاقتصاد الأميركي قد بدأ يتعافى من الركود الإقتصادي الكبير ببطء. هذا التعافي عرقله جمهوريو الكونغرس الذين ادّعوا أنهم يكترثون للدين العام وفرضوا خفض الإنفاق الذي أضر بالنمو الاقتصادي كثيرا. غير أن الإنفاق لم يكن الموضوع الوحيد المثير للجدل، بل كانت هناك أيضا نقاشات شرسة حول السياسة النقدية، وكان هناك أشخاص كثيرون على اليمين ينددون بجهود الاحتياطي الفدرالي الرامية إلى إنقاذ الاقتصاد من تأثيرات أزمة 2008 المالية. وبينهم، بالمناسبة، جودي شيلتون، الموظفة غير المؤهلة تماماً التي ما زال ترامب يحاول تنصيبها عضوا في مجلس الاحتياطي الفدرالي، والتي حذّرت في 2009 من أنه من شأن أعمال الاحتياطي الفدرالي أن تؤدي إلى «تضخم مدمر». (ذلك لم يحدث).
حتى داخل «الاحتياطي»، كان هناك انقسام بين «الصقور» القلقين من التضخم و«الحمائم» الذين كانوا يشددون على أن التضخم لا يمثّل تهديداً في اقتصاد يعاني الكساد، وأن محاربة الكساد ينبغي أن تحظى بالأولوية. وكانت جانيت يلن واحدة من أبرز الحمائم – وقد أظهر تحليل لصحيفة «وول ستريت جورنال» في العام 2013 أنها كانت واحدة من أدق المتنبئين من بين صناع سياسات الاحتياطي الفدرالي.

يلن لم تنس أبداً أن الاقتصاد الكلي يتعلق أولاً وأخيراً بالناس، الذين ليسوا الآلات الحاسبة عديمة الإحساس والعقلانية إلى الحد المفرط التي يتمنى الاقتصاديون أحياناً أن يكونوها. خلاصة القول إنه لأمر يبعث على الارتياح والاطمئنان أن توكل السياسة النقدية إلى شخص يعرف ما يفعل

لماذا أصابت يلن في تنبؤاتها؟

جزء من الجواب، باعتقادي، يعود إلى العمل الأكاديمي الذين قامت به في الثمانينيات. وقتذاك، كان الاقتصاد الكلي النافع يتعرض للهجوم. وما أقصده بـ«الاقتصاد الكلي النافع»، هو التفاهم الذي كان يتقاسمه علماء الاقتصاد، من جون مينارد كينز إلى ميلتون فيردمان، والذي كان يقول إن السياسة المالية والنقدية يمكن أن تُستخدم لمحاربة فترات الركود وتقليص تأثيراتها البشرية والاقتصادية. هذا التفاهم لم يرسب في امتحان الواقع؛ بل على العكس، فإن تجربة أوائل الثمانينيات أكدت تنبؤات الاقتصاد الكلي الأساسي بقوة، بيد أن الاقتصاد النافع كانت تحت التهديد. من جهة، انصرف السياسيون اليمينيون عن الاقتصاد المستند إلى الواقع لصالح مذاهب غريبة مختلة، وخاصة لجهة الزعم بأن الحكومات تستطيع تحقيق نمو يشبه المعجزة عن طريق تقليص الضرائب المفروضة على الأغنياء. ومن جهة أخرى، رفض عدد مهم من علماء الاقتصاد أنفسهم أي دور للسياسات في محاربة فترات الركود، زاعمين أنه لن تكون هناك أي حاجة لمثل هذا الدور لو كان الناس يتصرفون بعقلانية على نحو يخدم مصلحتهم، وأن التحليل الاقتصادي ينبغي دائما أن يفترض أن الناس عقلانيون. هنا أتى دور جانيت يلن؛ فقد كانت شخصية بارزة في صعود الاقتصاد الكينيزي الجديد، الذي كان يقوم على فكرة أساسية: الناس ليسوا أغبياء، ولكنهم ليسوا عقلانيين وأنانيين على نحو مثالي. لاحقاً، أظهرت يلن أن نتائج سوق العمل تعتمد كثيرا ليس فقط على حسابات نقدية خالصة، ولكن أيضا على تصورات العدالة. كل هذا قد يبدو معقداً وعصياً على الفهم، ولكن تجربتي الخاصة تؤكد أن هذا العمل كان له تأثير كبير جداً على الكثير من علماء الاقتصاد الشباب – إذ يمكن القول إنه منحهم رخصة ليكونوا عقلانيين، ويبدو لي أن هناك خطاً مباشراً يربط بين الواقعية المنضبطة لبحث جانيت يلن الأكاديمي ونجاحها كصانعة سياسات. فقد كانت دائماً شخصاً يفهم قيمة البيانات والنماذج، ثم إن التفكير الرصين يصبح أكثر أهمية، وليس أقل أهمية، في الفترات المجنونة مثل هذه، عندما لا تقدم تجارب الماضي إرشادات بشأن ما ينبغي أن نقوم به. غير أن يلن لم تنس أبداً أن الاقتصاد الكلي يتعلق أولاً وأخيراً بالناس، الذين ليسوا الآلات الحاسبة عديمة الإحساس والعقلانية إلى الحد المفرط التي يتمنى الاقتصاديون أحياناً أن يكونوها. خلاصة القول إنه لأمر يبعث على الارتياح والاطمئنان أن توكل السياسة النقدية إلى شخص يعرف ما يفعل” (ترجمة سارة سنو).

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  في باريس.. غضب من عون، مرارة من حزب الله وعتب على سعد
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  زيارة بايدن للمنطقة.. فاقدُ الشيء لا يُعطيه!