“يمكن الافتراض بثقة بان هذا هو التفسير (الخيار العسكري) للنشر المفاجىء عن الاعمال الجارية لتوسيع المفاعل الذري في ديمونا. فالاعمال ليست هي القصة بل التوقيت الذي سربته وكالات الانباء الدولية. أحدٌ ما يريد أن يطلق إشارة للعالم بان إسرائيل تشحذ السيف، ومن هو مطلق الاشارة؟ رئيس الاركان الجنرال أفيف كوخافي قال أقوالاً واضحةً قبل شهر (كانون الثاني/ يناير 2021): “وجهت تعليماتي للجيش الاسرائيلي لان يعد بضعة خطط عملياتية غير الخطط القائمة”، اقر رئيس الاركان افيف كوخافي ما نشره يوآف ليمور في “يسرائيل هيوم”. يشدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من على كل منصة على معارضته نية الولايات المتحدة العودة الى الاتفاق النووي. وهذا هو ايضا موقف الجيش الاسرائيلي، وكالة الموساد، وزير الخارجية غابي اشكنازي، سفير إسرائيل الجديد لدى الولايات المتحدة جلعاد أردان، رئيس هيئة الامن القومي مائير بن شبات، وعمليا كل الساحة الاسرائيلية.
كما أن كل القيادات متفقة على أنه في هذه المرحلة يجب اعطاء فرصة لحوار (أمني) وثيق مع الاميركيين يجري منذ الآن (ثمة شكوك إسرائيلية في أن تكون هذه المحادثات تجري فعلياً). فقد تحدث نتنياهو طويلا مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وتحدث اشكنازي مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن ثلاث مرات، وبن شبات مع نظيره مستشار الأمن القومي جيك سوليفان اكثر من مرة وكذا السفير جلعاد اردان مع البيت الابيض ووزارة الخارجية الأمريكية معًا.
ان عرض المبررات المقنعة لماذا تعد العودة الى إتفاق العام 2015 سيئة للقضية نفسها بل ولم تعد ذات صلة للعام 2021، الى جانب العناد الايراني الموجود في هذه اللحظة بوفرة، كفيل بان يدفع الادارة الأمريكية في نهاية المطاف الى عدم العودة الى الاتفاق النووي. هذا هو أمل المحافل الاسرائيلية، وهكذا يجد تعبيره ايضا في البحث الحاسم الذي اجراه نتنياهو في بداية الاسبوع الحالي.
اسرائيل تستعرض العضلات بالفعل ومرة اخرى تهدد بـ“امسكوني” وتستعد لحالة ان تندفع ايران بالفعل نحو القنبلة (النووية) وتقف الولايات المتحدة جانبا. واضح لكل القيادة بان على الجيش الاسرائيلي بالفعل ان يكون جاهزا لعمل عسكري مستقل (عن الأمريكيين) في مثل هذه الحالة
بخلاف الاحاطات التي قدمتها محافل مجهولة وكأن هناك خلافات صعبة في القيادة، فان الواقع هو انه في ذاك البحث ايضا وبالعموم ظهرت فوارق طفيفة وطبيعية بين المسؤولين الاسرائيليين. وتبدو تلك الاحاطات كاستمرار لحملة التشهير الشخصية ضد رئيس هيئة الامن القومي مائير بن شبات او كمحاولة لاحباط موقف القيادة السياسية مرة اخرى، مثلما اعترف مئير داغان انه فعل في عهد باراك اوباما. ولكن ليس مثلما كان في ذلك الوقت، فان الجميع اليوم يتفقون على أن العودة الى الاتفاق النووي سيئة جدا وانه ينبغي الحديث مع الامريكيين ويتوجب في هذا الوقت العودة الى الخيار العسكري. لعله توجد اراء مختلفة بالنسبة لفرص الاقناع.
ولما كان هناك اجماع كهذا، فان اسرائيل تستعرض العضلات بالفعل ومرة اخرى تهدد بـ“امسكوني” وتستعد لحالة ان تندفع ايران بالفعل نحو القنبلة (النووية) وتقف الولايات المتحدة جانبا. واضح لكل القيادة بان على الجيش الاسرائيلي بالفعل ان يكون جاهزا لعمل عسكري مستقل (عن الأمريكيين) في مثل هذه الحالة.
تفيد التجربة بان طريقة التهديد تحقق نتائج. ففي كتاب باراك اوباما “ارض الميعاد” يكشف النقاب عن ان تخوفه من هجوم اسرائيلي على ايران كان احد الاعتبارات التي وجهت خطاه. “لقد رأت اسرائيل في ايران نووية تهديدا وجوديا، وحسب التقارير فقد أعدت مخططات للهجوم على المنشآت النووية الايرانية. كل عملية أو خطوة غير موزونة كان من شأنها أن تجر الشرق الاوسط – والولايات المتحدة – الى نزاع آخر”، كتب الرئيس الامريكي الاسبق.
ويعود الفضل في الصور التي نشرتها وكالة “أسوشيتد برس” الأسبوع الماضي لمفاعل ديمونا في جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي وقّع قرارًا دخل حيّز التنفيذ في تموز/يوليو الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة “هآرتس”، أمس (الجمعة). ويقضي قرار ترامب بزيادة دقّة صور الأقمار الصناعية الأميركيّة لإسرائيل بشكل كبير جدًا، بعدما أقرّ الكونغرس عام 1997، بناءً على طلب إسرائيلي، قانون يمنع منح تراخيص لأقمار صناعية لتصوير إسرائيل بجودة أكبر من المسموح بها في المجمعات التجارية خارج الولايات المتحدة. وتطرّق القانون بشكل حصري لإسرائيل، من أجل حماية منشآتها الأمينة.
وبيّنت صور الأقمار الصناعيّة أنّ إسرائيل توسع وتطور مفاعل ديمونا النووي بشكل كبير، حيث تشهد المنشأة النووية أوسع أعمال تطوير لها منذ عقود. وتضاف صور “أسوشيتد برس” إلى صور الأقمار الصناعية التي نشرها موقع “ذا غارديان”، قبل نحو أسبوع. وتجري التوسعة على بعد مئات الأمتار جنوب المفاعل وغربه.(المصادر: يسرائيل هيوم، عرب 48).