حكومة كويتية جديدة قد تحضر لإنتخابات نيابية مبكرة
Kuwaitis stand in front of Kuwaiti's national assembly in Kuwait City 04 November 2007. Kuwait's Emir Sheikh Sabah al-Ahmed al-Sabah today met with the emirate's parliament speaker and premier in an apparent bid to resolve a dispute between them that has become public. The emir brought Parliament Speaker Jassem Mohammed al-Khorafi and Prime Minister Sheikh Nasser Mohammed al-Ahmed al-Sabah together after the two traded accusations yesterday in a rare public outburst in the oil-rich Gulf state. AFP PHOTO/YASSER AL-ZAYYAT (Photo credit should read YASSER AL-ZAYYAT/AFP via Getty Images)

لا تزال الكويت متخبطة في أزمة سياسية شائكة برغم تشكيل حكومة جديدة، اليوم، يبدو، من شكلها وأسماء الوزراء فيها، أن بين مهامها المحتملة الاشراف على إنتخابات نيابية مبكرة.

بعد 50 يوماً على استقالة الحكومة الأولى للشيخ صباح الخالد الصباح في عهد الأمير الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح، وبعد 14 يوماً على تعليق عمل جلسات مجلس الأمة، أعلنت اليوم التشكيلة الوزارية الجديدة التي سارع معارضون الى اعتبارها دون الطموحات الاصلاحية التي ينشدونها، برغم تلبية شرط خلوها من أسماء وزراء وضعت المعارضة “فيتوات” على عودتهم، وأبرزهم نائب رئيس مجلس الوزراء أنس الصالح المتهم بالتغطية على قضايا الفساد، والتعمية على فضيحة التنصت على معارضين، ودخوله في تحالف مع رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في ملفات ضاغطة على نواب معارضين ومغردين وناشطين سياسيين، ومحاباته لمصالح غرفة التجارة والصناعة برئاسة محمد جاسم الصقر.

من حيث الشكل، لم يتغير في الحكومة الجديدة إلا أربعة وزراء. وأعطي الوزير الواحد أكثر من حقيبة في دمج غير مقنع، مثل تسلم وزير النفط حقيبة التعليم العالي أيضاً (على الطريقة اللبنانية بالجمع بين الزراعة والثقافة)، وضمت الى مهام وزير الكهرباء والماء مهام وزارة الشؤون الاجتماعية، وإلى وزارة الاشغال مهام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإلى نيابة رئاسة مجلس الوزراء حقائب العدل وشؤون النزاهة، وإلى الإعلام شؤون الشباب، وإلى البلدية شؤون الإسكان والعمران!

لم يتوسع صباح الخالد في التوزير النوعي ولا في التغيير الجذري، اعتقاداً منه أن لا جدوى ترجى، بعدما وصلت مساعي التفاوض مع المعارضة الى طريق مسدود، خصوصاً في قضية العفو عن عدد من رموز المعارضة المهجرين في اسطنبول منذ سنوات، بعد احكام قاسية صدرت بحقهم في قضية اقتحام مجلس الأمة في 2011 احتجاجاً منهم على قضية رشاوى تلقاها نواب آنذاك من اطراف حكومية وسلطوية اكدتها التحقيقات من دون تجريم الراشي والمرتشي بحجة “النقص في التشريعات”!

وفي الشهرين الماضيين، مارس تحالف صباح الخالد ومرزوق الغانم استراتيجية تفتيت المعارضة. فقبيل انتخابات رئاسة مجلس الأمة في 15 كانون الاول/ ديسمبر الماضي، أعلن نحو 40 نائباً نيتهم عدم التصويت للغانم رئيساً، ففاز بأصوات الحكومة بالاضافة الى 12 نائباً تخلوا عن زملاء معارضين وفضلوا العمل بحسابات شخصية ومصلحية. ثم مارس تحالف رئيس الحكومة مع رئيس مجلس الأمة تفتيتاً اضافياً للمعارضة باستقطاب 16 منهم الى حوار ووعود متقابلة، منها اجراء اصلاحات في قانون الانتخاب ومحاربة الفساد وامكان نقاش العفو العام بشروط معينة.

يرى مراقبون أن أي تأزيم إضافي قد يواجه بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات يرجح موعدها بعد عيد الفطر. ومع ذلك، لا أمل بانفراجة مستدامة اذا أجريت الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد المانع للتحالفات، وبالتالي الحائل دون جبهة اصلاحية عريضة تغير قواعد اللعبة جذرياً

وللامعان في اضعاف المعارضة، قدم طعن بعضوية النائب بدر الداهوم الذي تعتبره السلطة اليوم رأس حربة المعارضة ضد النظام، ويستقطب حوله مجموعة نواب غير مهادنين على معظم جبهات الانقسام الكويتي بكل تعقيداته التاريخية.

كل تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح، واصطدمت بصخرة رفض مرزوق الغانم للعفو، واصراره على استراتيجية تفتيت المعارضين أكثر باستقطابات مصلحية وضغوطات في المحاكم مثل الطعن بعضوية بدر الداهوم، واللعب على وتر الانقسامات القبلية والعائلية والطائفية.

ولزيادة المشهد تعقيداً، صدر اليوم حكم في مصلحة الغانم يرفض الطعن بانتخابه رئيساً لمجلس الامة، في المقابل، أرجأت المحكمة النطق بقضية الداهوم الى 14 الجاري، ما فسره معارضون ابقاء السيف مصلتاً على رقبة النائب المعارض، أقله في هذه المرحلة لمعرفة كيفية تعاطيه مع الحكومة الجديدة، عله يخفف من غلوائه والاقلاع عن التهديد باستجواب رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد والعودة الى طاولة المفاوضات، كما فعل زملاء له تحت شعار أن الكويت في مرحلة جديدة بقيادة أمير جديد، ولا بد من تنفيس الاحتقان ومنح النظام فرصة للتغيير مع الوقت، من دون املاءات فوقية ولي ذراع شعبوي عابث بالتوازنات وغير عابئ بالأجواء الاقليمية الملبدة، والمستخدم لمفردات ومفاهيم صداها انقلابي أكثر منه اصلاحي.

ويرى مراقبون ان سياسة التفتيت لن يكتب لها النجاح. فالملفات المطروحة خلافية بامتياز، ولم تقدم السلطة مقاربة واضحة بشأنها، ولا هي في وارد اعطاء وعود قاطعة بحلها. فإلى جانب رفض العفو الا بشروط مهينة مثل دخول السجن والاعتذار ثم يصار الى بحث اطلاق السراح المشروط، هناك قضايا فساد بنحو 10 مليارات دينار (33 مليار دولار) لا تتقدم قضاياها في المحاكم برغم مرور سنوات على بعضها، وقضايا الحريات العامة لا سيما التضييق على المغردين في وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير عمل البرلمان خلافاً لرغبات مرزوق الغانم، وتكويت العمالة والاستغناء عن أكبر قدر ممكن من الوافدين، وتوزير أصحاب الكفاءة والكف النظيف. إلى ذلك، يضاف ملف الاصلاح المالي والاقتصادي، وفيه كباش حقيقي بين التوجهات الحكومية والمعارضة البرلمانية. وللمثال، تقدمت الحكومة بمشروع قانون يسمح لها بالاقتراض من الأسواق المالية لسد عجز الموازنة، فجوبهت بالرفض لأنها لا تحارب الفساد ولا تلجم الهدر. ثم تقدمت بمشروع للاقتراض من صندوق الأجيال القادمة (المقدرة أصوله بنحو 581 مليار دولار) فجوبهت بالرفض أيضاً. ولسان حال المعارضة ان المشكلة في كيفية الانفاق الذي فيه الكثير من البنود المخصصة لامتيازات شريحة معينة من التجار والشيوخ والمقاولين وقيادات ورموز الدولة العميقة الماسكة مفاصل الأمن والقضاء والوزارات السيادية والمرافق الاقتصادية.

إقرأ على موقع 180  "الغارديان": الملك سلمان.. العاهلُ "الغائب"

أمام هذا الواقع المستفحل، يرى مراقبون أن أي تأزيم إضافي قد يواجه بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات يرجح موعدها بعد عيد الفطر. ومع ذلك، لا أمل بانفراجة مستدامة اذا أجريت الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد المانع للتحالفات، وبالتالي الحائل دون جبهة اصلاحية عريضة تغير قواعد اللعبة جذرياً.. ومن يعرف الخليج جيداً يدري أن لا تغيير جذرياً مسموحاً تحت أي ظرف مهما كلف الثمن.

Print Friendly, PDF & Email
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  لبنان بعيون عربية