إسرئيل “دولة قدوة” في “الأبارتايد”.. لقاحات كورونا نموذجاً
A vandalised mural depicting US President Donald Trump and Israel's Prime Minister Benjamin Netanyahu seen among other political and social mural paintings and graffitis on the wall separting Israel and the West Bank in Bethlehem. On Thursday, March 5, 2020, in Bethlehem, Palestine (Photo by Artur Widak/NurPhoto via Getty Images)

Avatar18012/03/2021
ترفض حكومة بنيامين نتنياهو مد الفلسطينيين بجرعات من لقاحات كورونا. هذا مثال صارخ لمن ينددون بنظام "الأبارتايد" أو التفوق العنصري. الصحافي الفرنسي جان ستارن (متعاون مع منظمة العفو الدولية) يسلط الضوء على هذه القضية في تقرير نشره موقع "أوريان 21" بالفرنسية وترجمته الزميلة سارة قريرة إلى العربية.

“إنطلقت في 8 آذار/ مارس الجاري، حملة لتطعيم 120 ألف فلسطيني يعيشون في الأراضي الفلسطينية ويعملون في إسرائيل وذلك ضد فيروس كورونا. وتشرف على هذه الحملة وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق التابعة للجيش الإسرائيلي، وتتم عمليا على مستوى الحواجز التي يجتازها هؤلاء الفلسطينيون يوميا. وللحصول على اللقاح، يجب عليهم إظهار بطاقة هوية ورخصة عمل. لكن هذه الحملة لا تشمل سوى أقلية من الفلسطينيين، وهم أولئك الذي يساهمون مباشرة في تحريك عجلة الاقتصاد الإسرائيلي، وكأن المحتل يفرق بين “العبيد الجيدين” والآخرين.

علاوة على ما يترجمه هكذا قرار من حقارة، فهو يشير أيضا إلى أن تحييد الفلسطينيين بات مسلّما بالنسبة لإسرائيل، مهما كان الموضوع. تمييز عنصري؟ تشير أرقام السابع من مارس/آذار أن 4,9 مليون إسرائيلي كانوا قد تحصلوا على جرعة من لقاح فايزر و3,7 مليون حصلوا على جرعتين، بينما يتم تطعيم عشرات الآلاف الآخرين يوميا. وللتذكير، تعد إسرائيل 9 ملايين نسمة، من بينهم 650 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومليونين من فلسطينيي الداخل، ويشملهم جميعا التطعيم. أما الأراضي المحتلة وقطاع غزة، فتعد 5 ملايين نسمة ليس لديهم أي أفق ملموس للحصول على لقاح لفيروس كورونا.

إستعراض نتنياهو

“إسرائيل أول بلد في العالم يخرج من أزمة كورونا”، هكذا تشدق بنيامين نتنياهو متباهيا خلال حوار له على قناة “فوكس نيوز” في السادس من مارس/آذار. لكن الأمر ليس مؤكد بالمرة حتى الآن، فعدد الإصابات لا يزال مرتفعا بسبب حدة السلالة البريطانية المهيمنة في إسرائيل. لكن مع حلول الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها في 23 مارس/آذار المقبل – وهي الرابعة في غضون عامين – والتي يصعب التنبؤ بنتائجها بحسب استطلاعات الرأي، يسعى نتنياهو إلى تقمص دور البطولة. وتتماهى وسائل إعلام عالمية معه (عنونت مجلة “باريس ماتش” الفرنسية في أحد أعدادها “إسرائيل بلد قدوة”)، متناسية – كما هو الحال في فرنسا – إقصاء الفلسطينيين من هذه الحملة.

سيستقبل الوزير الأول الإسرائيلي في الأسابيع القادمة مدير شركة فايزر الذي ينوي تدشين مصنع لتصنيع اللقاحات في إسرائيل، معززا بذلك “دبلوماسية اللقاحات” التي تعمل عليها تل أبيب. وقد وهب نتنياهو كلا من هندوراس وغواتيمالا والمجر والتشيك آلاف الجرعات، باعتبارها حليفاً آمناً

بالنسبة لجزء من الرأي العام الإسرائيلي، يوجد ما هو أهم من الانتخابات، وهو الاجتماع لعشاء “ليل هسيدر” بمناسبة عيد الفصح اليهودي الذي سيكون يوم 27 مارس/آذار – أي بعد أربعة أيام من موعد الانتخابات – وقد كان الوزير الإسرائيلي الأول (نتنياهو) قد وعد بأن العيد سيتم دون تضييقات. وهو موضوع حساس للغاية، إذ أن الأستاذ نخمان آش، إمبراطور مكافحة جائحة كوفيد-19 في إسرائيل، حذر من الاجتماعات العائلية بهذه المناسبة، مثيرا مخاوف من احتمال العودة إلى حجر صحي لن يكون شعبيا بتاتا. في الأثناء، تواصل البلاد تدابير رفع الحجر مع فتح المطاعم والحانات والفنادق في السابع من مارس/آذار علاوة على مطار بن غوريون، مع احترام حد أقصى لا يتعدى ثلاثة آلاف مسافر في اليوم.

لم ينتصر نتنياهو بعد إذن في هذه المعركة، لكنه يتصرف كما لو كان الحال كذلك. بل إنه يسمح لنفسه حتى بالسخرية من عدوه التقليدي – الاتحاد الأوروبي – من خلال عقد قمة في القدس حول إدارة الأزمة الصحية، وذلك بحضور المستشار النمساوي سيباستيان كورتز والوزيرة الأولى الدنماركية ميتي فريدريكسون. كما سيستقبل الوزير الأول الإسرائيلي في الأسابيع القادمة مدير مختبر فايزر الذي ينوي تدشين مصنع لتصنيع اللقاحات في إسرائيل، معززا بذلك دبلوماسية اللقاحات التي تعمل عليها تل أبيب. وقد وهب نتنياهو كلا من هندوراس وغواتيمالا والمجر والتشيك آلاف الجرعات، باعتبارها “حليفاً آمناً” له.

خرق جديد للقانون الدولي

من جهتهم، لم يتحصل الفلسطينيون سوى على سبعة آلاف جرعة، خصصت خمسة آلاف منها للطاقم الطبي. وبحسب بعض المصادر، فقد مكنت إسرائيل بداية السنة الرئيس محمود عباس والعاملين معه من 200 جرعة. لو فعلا تمكنت إسرائيل من “الخروج” من أزمة كورونا، فلن يكون الحال كذلك بالنسبة لفلسطينيي الضفة وقطاع غزة.

فضلا عن الاستجوابات الصحية التي تشغل عديد الأطباء، تتصرف الحكومة الإسرائيلية -مرة أخرى- بطريقة تتعارض تماما مع القانون الدولي. إذ تذكر اتفاقية جينيف التي تؤطر القانون الإنساني منذ 1949 وبصريح العبارة أنه “من واجب دولة الاحتلال […] اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة”. كما تنص اتفاقيات أوسلو المبرمة سنة 1990 أن السلطة الفلسطينية مسؤولة عن الوضع الصحي في الأراضي المحتلة، لكن على الطرفين “العمل معا لمكافحة الأوبئة”. لكن الحكومة الإسرائيلية تدعي من جهتها أن التطعيم من مسؤولية السلطة الفلسطينية ولا حياة لمن تنادي.

“سياسة أبارتايد في تطعيم الفلسطينيين” هو عنوان تقرير قامت به أميرة هاس، مراسلة جريدة “هآرتس” الإسرائيلية في رام الله، والذي نُشر في الأول من مارس/آذار 2021 وتروي فيها جميع تفاصيل هذه السياسة الممنهجة. وتصف في تقريرها كيف فرح أصدقاؤها وجيرانها الفلسطينيون بتلقيها اللقاح –“هذا رائع”- والحال أنهم لم يحظوا به. وتستطرد الصحفية: “تواصل الحكومة ادعاء أنها غير مسؤولة عن صحتهم، لكن إسرائيل تقرر في نفس الوقت أشياء كثيرة بالنسبة للفلسطينيين، مثل كمية المياه التي يستهلكونها، والقيود التي تضعها على حرية تنقلهم، ووتيرة نموهم الاقتصادي، والجامعات التي يُسمح لهم بالالتحاق بها، ومساحة الأراضي التي يسمح لهم زراعتها”.

إقرأ على موقع 180  إيطاليا تتعرض للخيانة.. لماذا لا يساعدها بوتين؟

وتصف أميرة هاس بنبرة مزجت فيها بين المرارة والسخرية “الجنود الذي يقتحمون كل ليلة البيوت الفلسطينية ويعتقلون أهلها ويضربونهم، ويصرخون في وجوههم، أو محققي شين بت [جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي] الذين يتقاسمون مع الأشخاص الذين يعذبونهم هواء نفس الغرفة ثم يعودون إلى بيوتهم كأن شيئا لم يكن لملاعبة أطفالهم”. كما تندد المراسلة بـ“أكاذيب إسرائيل” إذ “لا وجود لعزل تام بين الشعبين”. وقد توفي حتى الآن 2127 شخصا في الضفة الغربية وقطاع غزة، و5834 في إسرائيل1.

وحدها روسيا التي أرسلت في 17 فبراير/شباط بوساطة إماراتية وعبر معبر رفح الواقع بين غزة ومصر 20 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك 5 للطاقم الطبي في غزة. وقد سهر على هذه الوساطة الفلسطيني محمد دحلان، المستشار الخاص لولي العهد الإماراتي محمد بن زايد

لقاحات روسية بوساطة إماراتية

لمحاولة الحد من انتشار الوباء – بين 80% و100% من أسرة الإنعاش مشغولة في الضفة الغربية وغزة -، تسعى السلطة الفلسطينية إلى الحصول على لقاحات بفضل منظمة الصحة العالمية التي عبرت بدورها عن قلقها بشأن عدم تطعيم الفلسطينيين. ومن المنتظر أن يسمح الاتفاق المنعقد مع شركة أسترازينيكا من الحصول على 400 ألف جرعة بين مارس/آذار ويوليو/تموز 2021، ما سيمكن من تطعيم 200 ألف شخص. في الأثناء، وبسبب التدهور الخطير للأوضاع وفق آخر تصريحات وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أواخر فبراير/شباط تعزيز تدابير الحجر الصحي في الضفة الغربية، وذلك بإغلاق الحضانات والمدارس وفرض حجر تجول ابتداء من الساعة السابعة مساء (عوض التاسعة). وفي الأثناء، كان الإسرائيليون يوم السبت 6 مارس/آذار يتمتعون بطقس ربيعي على الشواطئ وفي الحدائق العمومية.

على الصعيد الدولي، وحدها روسيا أرسلت في 17 فبراير/شباط بوساطة إماراتية وعبر معبر رفح الواقع بين غزة ومصر 20 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك 5 للطاقم الطبي في غزة. وقد سهر على هذه الوساطة الفلسطيني محمد دحلان، المستشار الخاص لولي العهد الإماراتي محمد بن زايد. طبعا، ونظرا للسياق السياسي الفلسطيني والانتخابات التشريعية المزمع انعقادها أواخر شهر مايو/أيار ورئاسية في يوليو/تموز، لم يمر هذا الحدث مرور الكرام، بل حتى أنه غيب الهبة الإنسانية التي قدمها فلاديمير بوتين.

إستنكار الديموقراطيين الأمريكيين

بالنسبة لجزء صغير من الرأي العام الأمريكي الذي تأثر بنشر المنظمة غير الحكومية “بتسليم” لتقرير بداية 2021 تتحدث فيه عن ممارسة إسرائيل لنظام أبارتايد، فإن عدم تطعيم الفلسطينيين مثال آخر للطبيعة السياسية لدولة إسرائيل. وقد كتب السيناتور بيرني ساندرز في تغريدة له على تويتر: “إسرائيل كقوة محتلة مسؤولة عن صحة جميع الأشخاص الذين يخضعون لسلطتها”. أما جمال بومان، وهو الممثل الديموقراطي عن كونغرس ولاية نيويورك، فقد عبر في رسالة موجهة للقنصل العام الإسرائيلي عن استنكاره بعد تطعيم مستوطني الضفة الغربية، بينما لم يحظ الفلسطينيون باللقاح. وقد طلب من إسرائيل أن “تعتمد على نجاح تجربتها في توزيع اللقاحات من خلال توسيع دائرة المتمتعين به كي تشمل جميع الأشخاص الذين يعيشون داخل الحدود الإسرائيلية وفي الأراضي المحتلة”.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  تجربة فرنسا بمواجهة كورونا.. ومعضلاتها الأخلاقية