يؤكد التقرير السنوي أن إيران تُشكل تهديدًا مستمرًا للولايات المتحدة ومصالح الحلفاء في المنطقة حيث تحاول تقويض نفوذ الولايات المتحدة ودعم الشيعة في الخارج، وترسيخ نفوذها وإظهار قوتها في الدول المجاورة، وتشتيت الضغط الدولي، وضمان استقرار النظام. وعلى الرغم من أن اقتصادها المتدهور، وسمعتها الإقليمية السيئة، يشكلان عقبات أمام أهدافها، فإن طهران ستحاول بمجموعة من الأدوات الدبلوماسية، وبتوسيع برنامجها النووي، والمبيعات العسكرية، وهجمات الوكلاء والشركاء، تحقيق أهدافها. لذا نتوقع أن تخوض إيران مخاطر قد تؤدي إلى تصعيد التوترات وتهديد مصالح الولايات المتحدة والحلفاء في العام المقبل.
- ترى إيران نفسها في صراع مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، الذين ترى أنهم يركزون على الحد من نفوذ إيران الجيوسياسي والسعي لتغيير النظام.
- ستعكس تصرفات طهران تصوراتها عن عداء الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج. وقدرتها على إبراز القوة من خلال الأسلحة التقليدية والهجمات بالوكالة؛ ورغبتها في انتزاع تنازلات دبلوماسية واقتصادية من المجتمع الدولي.
- في ما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة على وجه الخصوص، من المحتمل أن يتوقف استعداد إيران لشن هجمات وفقًا لمدى تصورها لاستعداد الولايات المتحدة للرد، ولقدرتها على شن هجمات دون إثارة صراع مباشر، واحتمال حدوث تخفيف للعقوبات الأميركية.
- من المحتمل أن يتردد قادة النظام في الانخراط دبلوماسيًا في محادثات مع الولايات المتحدة على المدى القريب دون عقوبات أو إغاثة إنسانية أو عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA). ولا تزال إيران ملتزمة بمواجهة الضغط الأميركي، على الرغم من أن طهران تخشى أيضًا التورط في صراع شامل.
المشاركة الإقليمية والأنشطة المزعزعة للاستقرار
- ستبقى إيران لاعبًا إشكاليًا في العراق، والذي سيكون ساحة المعركة الرئيسية لنفوذ إيران هذا العام وخلال السنوات العديدة المقبلة، وستواصل الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران تشكيل التهديد الأساسي للأميركيين في العراق.
- يُعزى تزايد الهجمات غير المباشرة وغيرها من الهجمات ضد المنشآت الأميركية أو القوافل المرتبطة بالولايات المتحدة في العراق في عام 2020 إلى الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران.
- ستعتمد إيران على حلفائها من الميليشيات الشيعية والأحزاب السياسية المرتبطة بهم للعمل نحو أهداف إيران المتمثلة في تحدي الوجود الأميركي والحفاظ على النفوذ في القضايا السياسية والأمنية العراقية. وستواصل طهران الاستفادة من العلاقات مع الجماعات والزعماء الشيعة العراقيين للالتفاف على العقوبات الأميركية ومحاولة إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من خلال الضغط السياسي والضربات.
- على الرغم من أن طهران لا تزال طرفًا خارجيًا مؤثرًا في العراق، فإن السياسيين العراقيين، مثل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، سيحاولون موازنة علاقات بغداد مع إيران والولايات المتحدة في محاولة لتجنب تحول العراق إلى ساحة صراع بين البلدين.
إيران مصممة على الحفاظ على نفوذها في سوريا
- تسعى إيران إلى تواجد عسكري دائم وصفقات اقتصادية في سوريا مع انتهاء الصراع هناك. ومن شبه المؤكد أن طهران تريد هذا لبناء نفوذها الإقليمي ودعم حزب الله وتهديد إسرائيل.
- ستبقى إيران قوة مزعزعة للاستقرار في اليمن، لأن دعم طهران للحوثيين – بما في ذلك توريد الصواريخ الباليستية وكذلك الأسلحة ذاتية التشغيل (مثل الطائرات المسيرة) – يشكل تهديدًا لشركاء الولايات المتحدة ومصالحها، لا سيما من خلال الضربات على المملكة العربية السعودية.
- لا تزال طهران تشكل تهديدًا لإسرائيل، سواء بشكل مباشر من خلال قواتها الصاروخية أو بشكل غير مباشر من خلال دعمها لحزب الله والجماعات العسكرية الأخرى.
- ستعمل إيران على التحوط من رهاناتها في أفغانستان، وأفعالها قد تهدد عدم الاستقرار. وتدعم إيران علناً محادثات السلام الأفغانية، لكنها قلقة بشأن وجود أميركي طويل الأمد في أفغانستان. نتيجة لذلك، تقوم إيران ببناء علاقات مع كل من الحكومة في كابول وطالبان حتى تتمكن من الاستفادة من أي نتيجة سياسية.
القدرات العسكرية
ستظل القدرات العسكرية المتنوعة لإيران ونهج الحرب الهجينة لديها – باستخدام القدرات التقليدية وغير التقليدية – تشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة في المستقبل المنظور.
- أظهرت إيران استراتيجيتها العسكرية التقليدية، والتي تقوم أساسًا على الردع والقدرة على الرد على مهاجم، بإطلاقها صواريخ باليستية متعددة على قاعدة تضم قوات أميركية في العراق ردًا على مقتل أبرز جنرالات الحرس الثوري الإيراني، قائد فيلق القدس (IRGC-QF) قاسم سليماني في كانون الثاني/ يناير 2020. وتمتلك إيران أكبر قوة صاروخية باليستية في المنطقة، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الإيرانية، ستسعى طهران إلى تحسين أسلحة تقليدية جديدة والحصول عليها.
- تُمكِّن عمليات الحرب غير التقليدية الإيرانية وشبكة الشركاء والوكلاء المتشددين طهران من تعزيز مصالحها في المنطقة، والحفاظ على العمق الاستراتيجي، وتوفير خيارات انتقامية غير متكافئة.
- سيظل الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ووكلاءه مركزين للقوة العسكرية الإيرانية.
الهجمات على المصالح الأميركية بالخارج والداخل
نحن نقدر أن إيران لا تزال مهتمة بتطوير شبكات داخل الولايات المتحدة – وهو هدف سعت إليه لأكثر من عقد – لكن الخطر الأكبر على الأشخاص الأميركيين موجود خارج الولايات المتحدة، ولا سيما في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
هددت إيران بالانتقام من المسؤولين الأميركيين لمقتل سليماني في كانون الثاني/ يناير 2020 وحاولت إجراء عمليات إنتقامية في الولايات المتحدة سابقًا.
- خلال السنوات العديدة الماضية، ألقت سلطات إنفاذ القانون الأميركية القبض على العديد من الأفراد الذين لهم صلات بإيران كعملاء للتأثير أو لجمع معلومات عن المنشقين الإيرانيين في الولايات المتحدة. وقد ارتبطت قوات الأمن الإيرانية بمحاولات اغتيال وخطف في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
- ربما يمكن لإيران أن تستهدف بسهولة أكبر المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا لأنها تمتلك أصولًا ووكلاء في المنطقة لديهم إمكانية الوصول إلى الأسلحة والمتفجرات.
الملف النووي
نواصل تقييم أن إيران لا تقوم حاليًا بأنشطة تطوير الأسلحة النووية الرئيسية التي نرى أنها ستكون ضرورية لإنتاج سلاح نووي. ومع ذلك، بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة في أيار/ مايو 2018، تخلى المسؤولون الإيرانيون عن بعض التزامات إيران واستأنفوا بعض الأنشطة النووية التي تتجاوز حدود خطة العمل الشاملة المشتركة. إذا لم تحصل طهران على تخفيف للعقوبات، فمن المحتمل أن يدرس المسؤولون الإيرانيون خيارات تتراوح بين زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المائة (وهذا ما حصل مؤخرًا) إلى تصميم وبناء مفاعل جديد للمياه الثقيلة بسعة 40 ميغاوات.
- لطالما وصفت إيران استئنافها لأنشطتها النووية على أنه رد عكسي على انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وأرسلت رسالة مفادها أنها ستعود إلى الامتثال الكامل إذا أوفت الولايات المتحدة أيضًا بالتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة.
- منذ حزيران/ يونيو 2019، زادت إيران حجم ومستوى تخصيب مخزونها من اليورانيوم بما يتجاوز حدود خطة العمل المشتركة الشاملة. ومنذ أيلول/ سبتمبر 2019، تجاهلت إيران القيود المفروضة على البحث والتطوير في أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وأعادت عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو القابعة تحت الأرض. وفي كانون الثاني/ يناير، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المائة وبدأت البحث والتطوير بقصد معلن لإنتاج معدن اليورانيوم لوقود مفاعل الأبحاث، وفي شباط/ فبراير، أنتجت كميات من معدن اليورانيوم الطبيعي في تجربة معملية.
السيبرانية والاستخبارات والتدخل في الانتخابات الأميركية
إن خبرة إيران واستعدادها لإجراء عمليات سيبرانية عدوانية تجعلها تهديدًا كبيرًا لأمن الولايات المتحدة والشبكات والبيانات المتصلة بها. وتمتلك إيران القدرة على شن هجمات على البنية التحتية الحيوية، فضلاً عن القيام بأنشطة التأثير والتجسس.
- كانت إيران مسؤولة عن هجمات إلكترونية متعددة بين أبريل/ نيسان ويوليو/ تموز 2020 ضد منشآت المياه الإسرائيلية وتسببت في آثار غير محددة على المدى القصير، وفقًا لتقارير صحفية.
- تنشط إيران بشكل متزايد في استخدام الفضاء الإلكتروني لتمكين عمليات التأثير – بما في ذلك عمليات التأثير العدوانية التي تستهدف الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 – ونتوقع أن تركز طهران على التأثير السري عبر الإنترنت، مثل نشر معلومات مضللة حول التهديدات الوهمية أو البنية التحتية الانتخابية المعرضة للخطر وإعادة تعميم محتوى مناهض للولايات المتحدة.
- حاولت إيران التأثير على الديناميكيات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 من خلال إرسال رسائل تهديد إلى الناخبين الأميركيين، ونشر السيبرانيون الإيرانيون في كانون الأول/ ديسمبر 2020 معلومات حول مسؤولي الانتخابات الأميركيين لمحاولة تقويض الثقة في الانتخابات الأميركية.
ماذا تضمن التقرير بشأن أبرز قضايا المنطقة؟
الشرق الأوسط
سيظل الشرق الأوسط منطقة تتميز بانتشار الصراعات، مع وجود حركات تمرد نشطة في العديد من البلدان، والصراع بين إيران ودول أخرى، واستمرار الإرهاب وحركات احتجاج تثير أعمال عنف بين الحين والآخر.
سيستمر السخط الشعبي في الارتفاع، لا سيما في الوقت الذي تكافح فيه المنطقة التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيدـ19 ويكافح قادتها لتلبية التوقعات العامة للإصلاح السياسي والاقتصادي. نتيجة لذلك، من المحتمل أن تواجه بعض الدول ظروفًا مزعزعة للاستقرار قد تدفعها إلى الانهيار.
العراق
ستواصل الحكومة العراقية محاربة داعش وتحاول السيطرة على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. ومن المرجح أن تواصل الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران هجماتها ضد أهداف أميركية، للضغط عليها للمغادرة إذا لم تتوصل الحكومة العراقية إلى اتفاق مع واشنطن بشأن جدول زمني.
ليبيا
ستواجه حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة تحديات سياسية واقتصادية وأمنية مستعصية منعت الحكومات السابقة من دفع عجلة المصالحة. وسيستمر عدم الاستقرار وخطر تجدد القتال في الحرب الأهلية الليبية هذا العام، برغم التقدم السياسي والاقتصادي والأمني المحدود.
سوريا
سيشتد الصراع والتدهور الاقتصادي والأزمات الإنسانية خلال السنوات المقبلة، وستزداد التهديدات للقوات الأميركية. يسيطر الرئيس بشار الأسد بقوة على قلب سوريا، لكنه سيكافح من أجل إعادة السيطرة على البلد بأكمله، بما في ذلك مِن القوات التركية والمتطرفين الإسلاميين في إدلب.
السودان وإفريقيا
سيشتد الصراع العرقي في إثيوبيا، والصراع على السلطة داخل الحكومة الانتقالية في السودان، وعدم الاستقرار في الصومال، في حين أن مزيجًا متقلبًا من العنف الطائفي والإرهاب سيهدد استقرار غرب إفريقيا.