18024/04/2021
رون بن يشاي المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت" قرأ حادثة سقوط الصاروخ السوري في العمق الإسرائيلي، تحديداً في النقب جنوب بئر السبع، بأنه تعبير متجدد عن قابلية المنطقة للإنفجار، برغم رغبة الجميع بعدم تصعيد الموقف. ماذا كتب بن يشاي؟
“بالاستناد إلى كل المؤشرات، الصاروخ السوري المضاد للطائرات SA-5 الذي انفجر (ليل الأربعاء – الخميس الماضي) جنوبي بئر السبع، هو ما يسميه الجيش الإسرائيلي “انزلاقاً”، أي إنه نتيجة محاولة اعتراض طائرة حربية إسرائيلية، وليس تلميحاً سورياً مقصوداً يهدف إلى ردع إسرائيل عن القيام بهجمات إضافية. لكن هذه النقطة تحتاج إلى فحص معمق، وهذه العملية تستغرق أياماً.
صواريخ SA-5 وS-300، التي حصل عليها السوريون من روسيا، قادرة على الوصول إلى مدى يصل إلى مئات الكيلومترات، وهي تشكل تهديداً حقيقياً للطائرات المدنية في المجال الجوي الإسرائيلي والطائرات المتوجهة إلى إسرائيل، وفي الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وفي دول عربية مجاورة.
دوي الانفجارات الذي سُمع في منطقة القدس ومنطقة الساحل مصدره الصاروخ الاعتراضي، لكن هذا الصاروخ، الذي أُطلقته منظومة الدفاع الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي في اتجاه الصاروخ السوري المضاد للطائرات، لم يصِبه. في سلاح الجو بدأوا تحقيقاً لاستخلاص الدروس والحرص على أن تكون النتيجة أفضل في المرة المقبلة. ومن الواضح أن ما جرى ليس فشلاً للمشغّلين أو خللاً تقنياً في المنظومة الاعتراضية.
في الماضي، أُطلق صاروخ”حيتس 2″ لاعتراض صاروخ SA-5 كان على وشك السقوط في أراضي إسرائيل، وتم اعتراضه بنجاح. شظايا الصاروخ، الذي سقط حينها في هضبة إربد في الأردن، دلت على إصابة جيدة للصاروخ السوري. في كل الأحوال، منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية ليست معدّة لاعتراض صواريخ مضادة للطائرات، بل لاعتراض صواريخ أرض- أرض. بحسب التقارير، دُمِّرت 5 بطاريات صواريخ سورية في الهجوم الإسرائيلي الذي وقع بعد إطلاق الصاروخ السوري المضاد للطائرات.
من المحتمل أن يكون سقوط هذا الصاروخ إشارة أولى إلى أن السوريين سيستخدمون الصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى بصورة أوسع من الماضي، وجرى إطلاق الصاروخ هذه الليلة مع معرفة واضحة بأنه سيسقط في عمق أراضي إسرائيل، وهذه إشارة إضافية في هذا الاتجاه
لقد سبق أن أطلق السوريون صواريخ SA-5 في الماضي على طائرات حربية إسرائيلية في أثناء هجومها على أهداف في سوريا. ففي سنة 2018 أسقط مثل هذا الصاروخ طائرة أف-16 إسرائيلية في منطقة الجليل. الطياران هبطا بسلام. يومها أيضاً، كما في هذه الليلة، هاجم سلاح الجو بطارية صواريخ SA-5 وبطاريات أُخرى. كل حادث غير مسبوق كهذا كان على ما يبدو فرصة لسلاح الجو لقضم منظومة اعتراض الصواريخ والسلاح الجوي الكثيف والمتطور الذي زودت روسيا سوريا به. لكن الروس يسارعون إلى تقديم بطاريات صواريخ حديثة وأكثر تطوراً بدلاً من تلك التي دُمِّرت. الأمر الذي يجبر إسرائيل على المضي قدماً. لقد جرى هذا مع صاروخ SA-5 ومع صواريخ أُخرى، جزء منها يمكن استخدامه كصواريخ أرض – أرض غير دقيقة وذات قدرة تدميرية محدودة.
يعلم السوريون جيداً بأن إطلاق صاروخ SA-5 على طائرة في المجال الجوي الإسرائيلي سيؤدي إلى رد. الصاروخ الذي أُطلق هذه المرة من جنوبي دمشق مرّ فوق القدس ومناطق حساسة أُخرى قبل أن يسقط في النقب. منظومة الكشف والإنذار للدفاع الإسرائيلي كشفت الصاروخ وقدّرت بصورة صحيحة المكان الذي سيسقط فيه – في ضواحي البلدة البدوية أبو قرينات في النقب، والتي جرى تحذيرها.
بيْد أن الصاروخ لم يكن يهدف إلى إصابة الطائرة بحد ذاتها، بل الانفجار بالقرب منها. في حال لم يصل إلى الهدف، من المفترض أن ينفجر رأسه الحربي، الذي يبلغ وزنه عشرات الكيلوغرامات من المواد الناسفة، تلقائياً في الجو. الأمر المهم الذي يجب فحصه، هل إسرائيل مستعدة لمواجهة وضع قد يبدو الآن غير معقول، إذا قرر السوريون الرد على هجمات إسرائيل بإطلاق صواريخ في اتجاه المجال الجوي الإسرائيلي؟
في هذا السياق سقط قبل أسبوعين صاروخ سوري مضاد للطائرات في الأراضي اللبنانية، غربي كريات شمونة. من المحتمل أن يكون سقوط هذا الصاروخ إشارة أولى إلى أن السوريين سيستخدمون الصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى بصورة أوسع من الماضي، وجرى إطلاق الصاروخ هذه الليلة مع معرفة واضحة بأنه سيسقط في عمق أراضي إسرائيل، وهذه إشارة إضافية في هذا الاتجاه.
هذه المسألة يجب أن تُفحَص بعناية، على الرغم من التقديرات التي طُرحت وأشارت إلى أن الصاروخ السوري أُطلق عن قصد في اتجاه المفاعل في ديمونا، إلاّ أن هذه التقديرات لا أساس لها. مع ذلك ذكّرت وكالة الأنباء AP بمقال كتبه محلل إيراني يوم السبت الماضي في صحيفة “كيهان” المقربة من المحافظين، لمّح إلى أن مفاعل ديمونا يمكن أن يكون هدفاً لهجوم في أعقاب الانفجار في نطنز.
طرح المحلل في كلامه فكرة هجوم “العين بالعين”. وبحسب كلامه، “قادرون على تنفيذ عمليات ضد المفاعل في ديمونا، لكن ليس هناك إمكان للقيام بعملية من نفس مستوى حادثة نطنز”. صحيح أن توزيع “كيهان” ليس واسعاً نسبياً، لكن المحرر الرئيسي فيها يعيّنه المرشد الروحي الأعلى في إيران علي خامنئي، ووُصف في الماضي بأنه مستشار له.
من أجل فهم أهمية الحادث الذي وقع هذه الليلة نحن بحاجة إلى تحقيق معمق في كل النواحي التقنية والعملانية – بدءاً من الهجوم الإسرائيلي الأصلي في منطقة دمشق، الذي يبدو أنه استهدف تدمير منظومات سلاح وصلت من إيران، وصولاً إلى المواجهة بين منظومة الدفاع في سلاح الجو وبين الصاروخ.
يجب أن نفحص أيضاً ما إذا كان لدى السوريين نية القيام مستقبلاً باستخدام أوسع للصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى ضد طائرات سلاح الجو في أثناء تحليقها في الأجواء الإسرائيلية. في كل الأحوال، تؤكد حادثة الليلة مدى قابلية المنطقة للانفجار، وأن أي عملية عسكرية تجري فيها يمكن أن تتطور في اتجاهات متعددة وغير متوقعة. ليس لدى إسرائيل نية أو رغبة في تصعيد الوضع، ويبدو أيضاً أنها رغبة حلفاء إيران، النظام في سورية وحزب الله في لبنان.
(*) نقلاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.