خمسة عوامل كبيرة جداً من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير في الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، وفي السنة الحالية خصوصاً، وهي حسب تقرير “أمان”:
-الكورونا كعامل مؤثر في الأمن القومي، وفي كل مكونات الحياة.
-اقتصاد دول الشرق الأوسط التي تواجه أزمة عميقة.
-تبدل الإدارة في الولايات المتحدة (فوز جو بايدن).
-اتفاقات التطبيع (مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) كتغيير تاريخي.
-المعركة الدائرة بين الحروب التي تحولت، بحسب مفهوم الاستخبارات العسكرية، من مفهوم إلى وضع أساسي منهجي دائم.
ماذا تضمن تحليل “معاريف”؟
“بحسب شعبة الإستخبارات العسكرية (“أمان”)، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، القطاع الشمالي في مواجهة حزب الله قابل للتفجّر أكثر مقارنة بغزة. صحيح أن حزب الله لا يريد حرباً ومرتدع عن الإقدام عليها، لكن في المقابل يتطور في التنظيم تفكير يتعلق بإمكان خوض أيام قتال لا تؤدي إلى حرب في مواجهة الجيش الإسرائيلي.
بحسب موقف الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، وخصوصاً في ضوء فشل الحزب في الانتقام لمقتل عنصر له في هجوم في سوريا نُسب إلى إسرائيل، يحاول حزب الله أن يرسخ مفهوماً عملانياً لخوض أيام قتال من دون أن يؤدي هذا الأمر إلى حرب، على الرغم من إمكان الانزلاق إلى مواجهة واسعة.
هذا الاحتمال بات الآن أقرب مما كان عليه في الماضي، والدليل على ذلك أنه كان يمكن أن يحدث لو كان حزب الله نجح قبل أسبوعين في إسقاط مسيّرة أطلق عليها صاروخ أرض – جو. هذا على افتراض أن الجيش كان سيقوم بهجمات على لبنان رداً على إسقاط المسيّرة.
فراغ سليماني
على الرغم من أزمة حزب الله في لبنان، والضائقة الاقتصادية والنقد الحاد الموجّه إليه علناً بصورة غير مسبوقة تقريباً، وتقليص الإيرانيين للميزانية، على الرغم من هذا كله، فإن حزب الله يواصل زيادة قوته. في إسرائيل يقدّرون أن لدى الحزب حالياً بضع عشرات من الصواريخ الدقيقة التي تهدد إسرائيل.
يعتقدون في “أمان” أن عمليات إسرائيل ضمن إطار المعركة بين الحروب أبطأت وتيرة تطور حزب الله في هذا المجال. مع ذلك، لا يمكن تجاهُل حدوث ارتفاع معتدل في كميات وقدرات الصواريخ الدقيقة في لبنان في النصف الأخير من سنة 2020. المقصود تحدٍّ بالنسبة إلى إسرائيل من المتوقع أن يزداد في السنة المقبلة، ويمكن أن يثير معضلة وجدلاً – هل يتعين على إسرائيل أن تعمل في السنوات المقبلة على أرض لبنان لمنع حزب الله من الاستمرار في زيادة قوته بأسلحة استراتيجية.
الصحيح الآن في صورة الوضع الحالي، أن حزب الله يملك بضع عشرات من الصواريخ وقدرة عملانية غير عالية جداً، ويعتقدون في “أمان” أن وتيرة قدرة إسرائيل على تنفيذ رد دفاعي وهجومي ضد التهديد أكبر من وتيرة تسلّح الخصم. لذا في هذه المرحلة التهديد لا يبرر شن حرب استباقية ضد تعاظُم قوة حزب الله.
اغتيال قاسم سليماني على يد الأميركيين في مطلع السنة الماضية خلق تغييراً كبيراً جداً، وألحق ضرراً بالغاً بالقدرة العملانية التكتيكية لإيران في المنطقة. إلى حد أن فيلق القدس الإيراني يجد في هذه المرحلة صعوبة كبيرة في ملء الفراغ الكبير الذي تركه سليماني وراءه.
الجدول الزمني الإيراني للقنبلة
بحسب تقديرات “أمان” الأخيرة، إيران على بُعد عامين من إنتاج قنبلة نووية؛ 21 شهراً من التجارب النووية، وأربعة أشهر لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لقنبلة نووية إذا اتُّخذ قرار استراتيجي بالإنطلاق نحو سلاح نووي، بحسب “أمان”، هذا القرار لم يُتَّخذ بعد. صحيح أن إيران اليوم تحتفط بنحو 3000 كيلوغرام من اليوارنيوم المخصب على درجة 4%، و17 كيلوغراماً على درجة 20%، والذي يعتبر إنتاجه خرقاً فاضحاً للاتفاق النووي.
في هذا السياق اغتيال عالم الذرة الكبير محسن فخري زاده، كشخص عرف كيف يجمع بين أطراف إدارة المشروع وإدارة الأشخاص، مهم جداً.
في إسرائيل هناك تخوّف من العودة إلى تفاهمات الاتفاق السابق مع إيران، تستند هذه المخاوف في الأساس إلى ثلاثة أسباب: بعد عشر سنوات من اليوم تستطيع إيران العودة إلى تخصيب اليورانيوم بحرّية؛ وفي المدى المباشر يتخوفون في إسرائيل من أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران فوراً إلى توظيف أموال كبيرة في تعاظُم القوة العسكرية لإيران، وفي دعم مالي، وفي زيادة وتيرة شحنات السلاح إلى المنطقة.
الموقف السائد في المؤسسة الأمنية هو أن إظهار الإصرار الأميركي الآن تحديداً على عدم رفع العقوبات عن إيران يمكن أن يتيح تحقيق إنجازات جيدة في اتفاق جديد في حال توقيعه، والتقدير في إسرائيل أن إيران مهتمة بتجديد الاتفاق.
من أجل منع حصول إيران على قنبلة نووية، يشيرون في إسرائيل إلى مسارات مهمة وحساسة: منع إيران من الحصول على الـ 40 كيلوغراماً التي تحتاج إليها لإنتاج قنبلة نووية ومنع إيران من تطوير قدرة تركيب مواد انشطارية على رأس حربي لصاروخ؛ قدرة عملانية أكيدة وموثوق بها بالإضافة إلى استعداد للعمل إذا قامت إيران بالاختراق نحو سلاح نووي؛ استخبارات ملائمة وائتلاف دولي هما أساس القدرة على منع إيران من الحصول على سلاح نووي إذا قررت الاختراق نحو النووي. هذه البنود الثلاثة هي إلى حد بعيد التحديات التي تواجهها دولة إسرائيل على الصعيد الدبلوماسي والاستخباراتي والعملاني في التحضير لخيار عملية محتمَلة تعتمد في الأساس على تعاون واسع جداً مع الولايات المتحدة.
إيران تواصل تمركزها
يرون في “أمان” تأثيراً لعمليات سلاح الجو في سوريا في الوجود الإيراني في المنطقة، لكن فيما يتعلق بتهريب السلاح يرون في الجيش أن محاولة تهريب سلاح نوعي إلى سوريا، صواريخ أرض جو متطورة ووسائل لتحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقة آخذة في الازدياد. فقط في عدد من الحالات ينجح الجيش في وضع يده على شحنات السلاح.
الوجود العسكري للجيش الإيراني في سوريا انخفض قليلاً في السنة الأخيرة، والميليشيات الموالية لإيران انسحبت بسبب عمليات سلاح الجو، لكن فيما يتعلق بمكونات أُخرى لها علاقة بتمركز إيران في سوريا، مثل تدريب قوات أجنبية على استخدام إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل، يستمرون في “أمان” في رؤية الجهد الإيراني. يتمظهر هذا الجهد في أربع وحدات عسكرية في هذا المجال تواصل العمل على بناء قوتها في مناطق متعددة في سوريا.
ماذا عن قطاع غزة؟
في قطاع غزة، تحافظ “حماس” على الهدوء، وفي هذه المرحلة منطق التسوية في نظرها هو المنطق الوحيد. في المقابل، يتخوفون في “أمان” من بناء القوة وتعاظُم قوة “حماس” وتهريب السلاح إلى غزة، بينما تشير شعبة الاستخبارات (“أمان”) إلى ارتفاع نوعي في التهديد العسكري من القطاع.
الهدوء النسبي في القطاع يتيح طبعاً وتيرة حياة طبيعية لسكان الجنوب، والسبب هو أن سلاح الجو يهاجم أهدافاً أقل في غزة. في الواقع الغزواي تعمل “حماس” على بناء قوتها العسكرية. في السنة المقبلة أيضاً ستبقى غزة مصدراً لعدم الاستقرار في المنطقة، لكن في “أمان” يعتقدون أن هناك انخفاضاً معيناً في نسبة التوترات مقارنة بالسنوات الماضية بسبب الخطوات التي تقوم بها “حماس” على الأرض للمحافظة على التهدئة، بالإضافة إلى اعتدال معين في مواقف الجهاد الإسلامي بعد اغتيال بهاء أبو العطا.
عرقلة مسار التسوية ووضع اقتصادي صعب يمكنهما أن يؤديا مجدداً إلى دينامية تصعيد أو تمرد أو تحدٍّ من طرف الجهاد الإسلامي إزاء “حماس” في القطاع. تجدُّد عمليات إطلاق القذائف في اتجاه إسرائيل يمكن أن يغير هذا التوجه ويزيد التوترات”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية)