أولمبياد طوكيو.. قلق كورونا و”إجازة زهر الكرز” (3)

من المتوقع أن تقام الأحداث الرياضية لأولمبياد طوكيو ٢٠٢٠ خلف أبواب مغلقة. في غضون ذلك، تشهد اليابان حالة إستنفار كبيرة، لا سيما ببعدها الصحي في مواجهة أزمة كورونا غير المسبوقة منذ قرن من الزمن.
تَردُد اليابانيين وخصوصاً سكان المدن في استقبال الألعاب الأولمبية مفهوم: فالأرخبيل الذي خبر عبر تاريخه العزلة بسبب الجغرافيا والتاريخ في عهد الشوغون (١٦٥٠-١٨٥٢) ظل لفترة غير بعيدة يعتبر أن هذه العوامل ساعدته في درء الاستعمار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحماية تقاليده ونمط حياة المجتمع فيه. ولكن في اللاوعي الجماعي، يذكر اليابانيون أن انفتاح اليابان ووصول «الغربيين» رافقه وصول الأمراض الوبائية. فالبلاد كانت آمنة نسبيًا من الأوبئة مثل الكوليرا بسبب الإغلاق الانعزالي الطوعي لفترة طويلة، قبل تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض بسبب غياب المناعة.. وها هي صورة الخروج من العزلة واستقبال أفواج «من الغرباء» تعود لتطفو في اللاوعي الياباني.
وتستعد الحكومة اليابانية لتمديد حالة الطوارئ الصحية حتى نهاية الشهر الحالي (أيار/ مايو) في أربع مقاطعات، بما في ذلك طوكيو. وكان قد أعيد العمل بحالة الطوارئ منذ ٢٥ نيسان/ أبريل في طوكيو وثلاث مقاطعات أخرى في غرب البلاد (أوساكا وكيوتو وهيوغو)، ومما لا شك فيه، حسب آخر الاحصائيات المتوفرة، أنه سيتم تمديد حالة الطوارئ حتى نهاية الشهر حيث كان من المفترض أن يوضع حدٌ لها.
ومن المتوقع إضافة مقاطعة أيتشي (في الوسط) وفوكوأوكا (جنوب غرب) إلى المناطق الخاضعة للطوارئ. وهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها تفعيل حالة الطوارئ في البلاد خلال سنة واحدة.
 تنص حالة الطوارئ اليابانية على قيود أقل صرامة من تلك المفروضة على عمليات الإغلاق التي شهدتها أماكن أخرى من العالم. وتتمثل في فرض الإغلاق المؤقت للحانات والمطاعم التي تقدم المشروبات الكحولية، تحت طائلة فرض غرامة مالية عالية، وإلزام بعض المرافق التجارية، مثل المتاجر الكبرى، بالإقفال وخفض الستار.
وتواجه اليابان حاليًا موجة محلية رابعة من فيروس كورونا، مع حوالي 5300 حالة يومية جديدة في المتوسط الأسبوعي حاليًا. وبالتالي، يظل حجم الوباء محدودًا مقارنة بالمناطق الأخرى من العالم، لكن الأزمة الصحية ترهق نظام المستشفيات الياباني، خاصة وأن حملة التطعيم لا تتقدم إلا ببطء شديد. وقالت حاكمة طوكيو (المستعربة) «يوريكو كوإيكي» يوم الخميس الماضي، إننا لسنا في وضع يمكننا فيه رفع حالة الطوارئ. أعتقد أننا بحاجة إلى تمديد وضع الطوارئ. وعلى نفس المنوال، أشار حاكم أوساكا، إلى أن النظام الطبي قد يصل إلى «نقطة حرجة».
تسبب كوفيد -١٩ بحجر في المدن وخفّف بشكل كبير من تنقل وسفر اليابانيين عبر البلاد علماً بأن السياحة الداخلية خصوصاً في فترة الربيع تشكل معلماً بارزاً في الاقتصاد الياباني.. ناهيك عن غياب السواح الأجانب
ووفقًا لجميع استطلاعات الرأي لعدة أشهر متتالية سابقة. يعارض غالبية اليابانيين عقد الألعاب هذا الصيف، ويريدون إما تأجيل جديد أو الإلغاء التام، برغم أنه تم بالفعل استبعاد المتفرجين القادمين من الخارج من حضور الألعاب، وتم حصر عدد المرافقين الإداريين للفرق الرياضية، فضلًا عن تضييق رقعة الرسميين الذين يحضرون عادة إما مراسم الافتتاح أو نهاية الألعاب. ولم يقرر المنظمون حتى الآن مسألة حضور الجمهور الياباني أو المقيمين في البلاد بشكل دائم.
وقد أدى الوضع الصحي بالفعل إلى تعقيد متابعة الشعلة الأولمبية التي تشكل عادة مرحلة مهمة من إطلاق فترة الألعاب الأولمبية لانعكاساتها على اقتصاديات المناطق التي تجتازها الشعلة بسبب حضور يكون عادة كثيف خصوصًا في الربيع، وهو بالنسبة إلى اليابان فصل نزهات ورحلات بين زهور الكرز المتفتحة، وكان قد تم رسم مسيرة الشعلة لترافق «تطور تفتح زهر الكرز – ساكورا – في البلاد» الذي بدأ في نهاية آذار/ مارس في اليابان.
ويمكن القول إن اليابان من البلاد الوحيدة التي ترافق نشرة الأحوال الجوية نشرة انتقال تفتح زهر الكرز جغرافياً من الجنوب إلى الشمال، ويأخذ العديد من اليابانيين إجازاتهم لمتابعة انتقال الربيع عبر البلاد.
وفي نهاية عام ٢٠١٩، كان السفر الداخلي للمواطنين اليابانيين هو الدعامة الأساسية لسوق السياحة اليابانية. ووفقًا لوكالة السياحة اليابانية التابعة لوزارة البنية التحتية والنقل والسياحة، أنفق اليابانيون حوالي ٢١٧ مليار دولار على السفر داخل البلاد في السنة التي سبقت وصول جائحة كورونا، وهو ما يمثل أكثر من ٨٠٪ من سوق السياحة اليابانية، بينما بلغ إجمالي استهلاك الأجانب الذين يزورون اليابان ٤٥ مليار دولار، أي فقط ١٧،٢٪.
وقد تسبب كوفيد -١٩ بحجر في المدن وخفف بشكل كبير من تنقل وسفر اليابانيين عبر البلاد علماً بأن السياحة الداخلية خصوصاً في فترة الربيع تشكل معلماً بارزاً في الاقتصاد الياباني.. ناهيك عن غياب السواح الأجانب.
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "تغريبة الدرون".. جملة قصيرة في نص طويل!
بسام خالد الطيّارة

كاتب لبناني وأستاذ جامعي مقيم في باريس

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  رمضان سوريا ولبنان والعراق: الحدّ الأدنى من كلّ شيء