في “يديعوت” كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك أن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران “يشكل نقطة انعطافة استراتيجية في المنطقة”، ورأى أن الخطوة تشكل “ضربة لإسرائيل وللولايات المتحدة، ومدخلاً لإنهاء الحرب الزائدة في اليمن، وإنجازاً مهماً للصين”. وإستبعد احتمال التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي سعودي في هذه المرحلة، وقال “هذا فشل جوهري” لحكومة بنيامين نتنياهو.
في “يسرائيل هيوم” كتب الصحافي يوآف ليمور أن الإتفاق بين إيران والسعودية، “هو بشرى سيئة من كل الجوانب: فهو يُعزز إيران، ويضعف المحور المضاد، ويعظم النفوذ الإقليمي للصين في المنطقة على حساب الولايات المتحدة، ويبعد احتمال التطبيع بين إسرائيل والسعودية”، ورأى أن الصين “ستتمتع الآن بموطئ قدم متزايد في المنطقة، على حساب الأميركيين”، وقال إن المصالح الصينية “هي اقتصادية في معظمها، لكن الصراع المتزايد بين بكين وواشنطن سيبدو ملموسا الآن بقوة اكبر في الشرق الأوسط أيضا، وهذه بشرى سيئة للمحافل المعتدلة، وعلى رأسها إسرائيل، التي تعد القوة الأميركية مدماكا مركزيا في استقرارها وأمنها”، ورجح بأن المصالح الاقتصادية الإسرائيلية “ستتضرر في سياقين فوريين: الأول؛ إمكانية رفع مستوى العلاقات مع السعودية وتحويلها إلى تطبيع كامل. الثاني؛ النية لإقامة منظومة دفاع إقليمية تشكل وزنا ضد طهران”. وختم بالقول “صحيح أن السعودية لم تختر الجانب الإيراني لكنها تبتعد الآن عن الجانب الإسرائيلي – الأميركي ومن المعقول أن تحاول المناورة بين الطرفين، ورفع مكاسب كليهما إلى الحد الأقصى”.
في “هآرتس“، كتب تسفي برئيل أن حلم إسرائيل بإقامة تحالف عربي – دولي ضد إيران، تبدد، يوم الجمعة الماضي، بإعلان إيران بأنها ستستأنف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية خلال شهرين. وقال “يمكن أن ترسم هذه الخطوة الدراماتيكية خارطة علاقات جديدة في الشرق الأوسط وخارجه. فهي ستمنح شرعية حيوية لإيران في أوساط الدول العربية في المنطقة، ما سيثمر في ما بعد علاقات دبلوماسية أيضا مع دول أخرى مثل مصر”. واستشهد برئيل بما نشرته مؤخراً “وول ستريت جورنال” للقول إن السعودية وضعت الولايات المتحدة في مأزق: إما مساعدتها في المجال النووي وربما الحصول في المقابل على تطبيع مع إسرائيل أو السماح للصين بجني المكاسب السياسية والاقتصادية، ربطاً بمذكرة التفاهم الصينية السعودية الموقعة عام 2017 وتتعهد فيها بكين ببناء مفاعلات نووية للسعودية.
عدوك إلى جانبك
هل يُعد استئناف العلاقات مفاجأة استراتيجية ـ استخباراتية؟ هذا السؤال يجيب عليه كل من سيما شاين ويوئيل غوجانسكي وإلداد شفيط، في مقالة مشتركة في دورية “مباط عال”، وذلك بصفتهم البحثية في “معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب”. يقول الثلاثة إن الخطوة السعودية، “على صعيد الوعي، شكلت ضربة للجهود التي أعلنها رئيس الحكومة (نتنياهو) من أجل الوصول إلى تطبيع رسمي مع الرياض؛ وضربت الجهود الإسرائيلية لتأسيس معسكر ضد إيران في المنطقة”، ويضيف هؤلاء أن الاتفاق “يعكس فهماً/ تخوفاً من أن الالتزام الأميركي غير كافٍ، وأن إيران دولة عتبة نووية، ويمكن أن تكون في الطريق إلى دولة نووية، وأن إسرائيل لا تشكل شبكة أمان في مقابل التهديد الإيراني. لذلك، عليها إدارة المخاطر وتقليل حدة المواجهة مع منافستها المركزية، ومن الأفضل “الحفاظ على عدوك إلى جانبك”. هذا بالإضافة إلى أنه يجب الأخذ بالاعتبار أن استئناف العلاقات مع السعودية، بوساطة صينية، سيقوّي شعور الأمان لدى إيران وقدرتها على التعامل مع تشديد العقوبات الذي تريده واشنطن وإسرائيل، وهذا في وقت حدوث تقدُّم مقلق في المشروع النووي الإيراني. يمكن أن تدفع الخطوة أيضاً في اتجاه تقوية الجبهة مع روسيا والصين، والتي تستند إليها إيران”، وختم الثلاثة أن استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية “لا يمنع تطبيعاً مستقبلياً مع إسرائيل”.
ورأى عاموس هرئيل في “هآرتس” أن طهران، وبعد فترة من الشدة، “آخذةٌ في تعزيز مكانتها الاستراتيجية من خلال خطوتين: الأولى بتقاربها مع روسيا، الثانية، المصالحة مع السعودية، وفي الوقت نفسه، تواصل إيران التقدم نحو التوصل إلى الهدف الذي حدد الغرب وإسرائيل سابقاً باعتباره خطاً أحمر، وهو إنتاج يورانيوم مخصب بمستوى عسكري هو 90 في المئة”، وأشار إلى أن إن أحداث الأشهر الأخيرة تكشف تصريحات بنيامين نتنياهو الفارغة في القضية الإيرانية وأن وهمه بشأن إقامة تحالف إسرائيلي سني لكبح إيران إلى درجة هجوم مشترك، “آخذ في التلاشي”.
وكتب رون بن يشاي في “يديعوت” أن فرص التطبيع الإسرائيلية مع السعودية “لم تتراجع أو تتحسن بعد توقيع الاتفاق مع إيران”. وأضاف أن ما قد يحدث “هو أنه نتيجة تجديد العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، فإن السعوديين سيُقللون عداءهم وتحركاتهم ضد الحوثيين في اليمن، وهذا قد يسمح للإيرانيين بتقوية وزيادة قاعدتهم في اليمن وسيطرتهم على منطقة باب المندب المصرية والبحر الأحمر وهذا الأمر سيهدد حرية ملاحة إسرائيل في البحر الأحمر”. وأشار إلى قلق إسرائيل المتصاعد “من الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية الموجودة في أيدي الحوثيين في اليمن والقادرة على الوصول إلى إسرائيل”، ورأى أنه “ليس من المشجع أن نتلقى مثل هذه الأخبار يوم الجمعة في خضم شقاق عميق في شعب إسرائيل”. وختم بأن الأمر الأكثر إثارة للقلق “هو أن الصين تعزز قبضتها على الشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة”.
في القناة 12 العبرية، إنتقد الصحافي ايهود يعاري ردود الفعل المبالغ فيها على الإتفاق السعودي الإيراني، وقال “هذه ليست بداية صداقة رائعة وليست فرصة للتعاون. حتى عندما يتم استبدال السفراء في غضون شهرين، ستستمر العداوة، وستظل الشكوك قائمة وسيستمر تضارب المصالح العميق بين الرياض وطهران”. وإستبعد وجود صلة بين الإتفاق ومسار التطبيع بين الرياض وتل أبيب “فقد أظهرت دول عربية أخرى أنه من الممكن أن يكون هناك سفارتان لإيران وإسرائيل في نفس العاصمة. هناك من يدعي أن تخفيف حدة التوترات مع إيران سيسهل الأمر على السعوديين معنا في المستقبل”.
وإعتبر موقع “نيوز وان” العبري أن الولايات المتحدة “هي الخاسر الرئيسي من الاتفاق الذي يشكل ضربة قاسية ومضرة بمكانة وهيبة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، ورأى أن الاتفاق “زلزال سياسي واستراتيجي يشير إلى أن السعودية تتفهم جيداً موازين القوى في الشرق الأوسط وتفضل الآن الاقتراب من المحور الصيني الإيراني الروسي على الاقتراب من المحور الأميركي الإسرائيلي”، وأضاف “قد يكون هناك بالتأكيد ضرر لجهود إسرائيل في توسيع اتفاقات أبراهام”. وأشار الموقع إلى أن السعوديين “فقدوا الأمل بأن إسرائيل ستهاجم قريباً المنشآت النووية الإيرانية ولذلك يريدون تأمين أنفسهم ضد الخطر الإيراني”، وختم “السعوديون يتبعون الآن القول المأثور: “إذا لم تتمكن من هزيمة أعدائك، انضم إليهم”، لأن البقاء السياسي والعرش هما المصالح الرئيسية التي تحرك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”. (المصادر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، جريدة الأيام الفلسطينية، مركز الناطور للدراسات والأبحاث).