سلوفاكيا والمجر تُعرقلان خُطط “حزب الحرب” الأوروبي

تلتئم غداً، الخميس، قمة غير دورية للاتحاد الأوروبي لمنح أوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة 20 مليار يورو لأربع سنوات، بالإضافة إلى مساعدات مالية بقيمة 50 مليار يورو حتى العام 2027. وتقف المجر عقبة أمام الدول الأوروبية وتخرج سلوفاكيا عن صف دول شمال الأطلسي.

قبل أيام من لقائه رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس مشيغال، في 24 كانون الثاني/يناير، أعلن رئيس الوزراء السلوفاكي روبيرت فيتسو أن براتيسلافا لن تقدم السلاح لـ”كييف”، وأنها تعارض عضويتها في حلف “الناتو”، معتبراً أن انضمام أوكرانيا للحلف “قد يصبح سبباً أساسياً للحرب العالمية الثالثة”.
وكان فيتسو؛ الذي وصل للسلطة في أيلول/سبتمبر الماضي، قد صرح في مقابلة مع قناة RTVS: “أن ثمة أمور نختلف فيها (مع أوكرانيا)، كالإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي. نحن نحترم هذه الرغبة، ولكن على كييف تلبية الشروط”. وانتقد بشكل حاد سياسة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبراً أن قرار كييف بات في واشنطن، وأن السياسة الأوروبية إزاء أوكرانيا ليست مستقلة وغائبة تماماً.

أولى قرارات الحكومة الجديدة في سلوفاكيا كان تجميد حزمة المساعدات العسكرية إلى كييف (40.3 مليون يورو) التي كانت الحكومة السابقة قد أقرتها، وهي الحزمة الـ14 من براتيسلافا (قرابة 671 مليون يورو منذ نيسان/أبريل 2022).

ولم تكتف سلوفاكيا بتغيير مواقفها من أوكرانيا، بل أعربت عن امتعاضها من شروط اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الذي أبرمته الحكومة السابقة في شباط/فبراير 2022، معتبرة هذه الشروط مُجحفة بحق البلاد، وأسوأ من الشروط المقدمة لدول أوربية أخرى. وكشف وزير الدفاع السلوفاكي كالينياك عن نية بلاده إطلاق مفاوضات مع واشنطن لتعديل عدد من البنود التي لا تروق لبراتيسلافا.

لقد أعادت حكومة فيتسو التعاون الثقافي مع روسيا، لاغية بذلك قرار الحكومة السابقة الذي جمد هذا التعاون في شباط/فبراير 2022. وسلوفاكيا على أبواب انتخابات رئاسية، في آذار/مارس المقبل، والمرشح الأوفر حظاً هو رئيس البرلمان الحالي بيتير بيليغرين، يدعمه رئيس الوزراء الحالي.

روبرت فيتسو: “أوكرانيا تخضع بالكامل للسيطرة الأميركية منذ 2014، والاتحاد الأوروبي يرتكب خطأ كبيراً، بالموافقة فقط على كل ما يُملى عليه”

لهذه الانعطافة الحادة في سياسة براتيسلافا انعكاسات في الشارع. فالمعارضة تنظم تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف، وتحركها الأحزاب الليبرالية المعارضة التي خسرت السلطة في الانتخابات السابقة. ويطالب المتظاهرون الحكومة بالتخلي عن السياسات الحالية بل وبالتنحي عن السلطة وتتهم الأخيرة الجهات الخارجية بتنظيمها.

مواجهة الجارة الأوروبية

ظهر اختلاف المجر مع الدول الأوربية في قمة الاتحاد السابقة، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما عطَّل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان التعديلات على الميزانية الأوروبية للأعوام 2024 – 2027، وحال دون تقديم الإتحاد 50 مليار يورو لأوكرانيا. هذا بإلإضافة إلى معارضة بودابست لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وزير خارجية المجر، بيتر سيارتو: “اتخد المجلس الأوروبي قراراً خاطئاً في بداية المفاوضات حول انضمام أوكرانيا للاتحاد. بودابست لا تريد المشاركة في هذه العملية ولن تتحمل مسؤولية تبعات القرار”

وقبل زيارته إلى أوكرانيا للقاء نظيره الأوكراني دميتري كوليبا، بالتزامن مع زيارة المسؤول السلوفاكي، وجه وزير خارجية المجر بيتر سيارتو انتقادات حادَّة للسياسة الأوربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقال: “عادت بروكسل لتنفض الغبار عن “حزب الحرب” الذي يريدنا أن نلتزم ولسنوات طويلة بتزويد أوكرانيا بالسلاح. وبرغم أننا دخلنا عاماً جديداً، إلا أن هيستيريا الحرب بقيت، وقد أثبتت الأيام عدم وجود مخرج من هذه الحرب”.

وفي معرض تعليقه على اقتراح بروكسل بتقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا، بقيمة 5 مليارات يورو سنوياً، قال سيارتو :”لن نصرف أموال دافعي الضرائب المجريين على السلاح لأوكرانيا، ونعتبر هذا الموقف الوحيد المقبول أخلاقياً، والطريق الوحيدة لإنقاذ الأرواح”.

وكانت بودابست قد أوقفت قرار الاتحاد المتعلق بأوكرانيا بما فيه الدفعة الثامنة من المساعدات العسكرية لها بقيمة 500 مليون يورو، وكذلك تخصيص 5 مليارات يورو من صندوق السلام الأوروبي للعام 2024، بالإضافة إلى مساعدات عسكرية بقيمة 20 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة، ومساعدات مالية بقيمة 50 مليار يورو خلال الأعوام 2024- 2027.

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر في بروكسل أن اللجنة الأوروبية تُعد خططاً لتجاوز الفيتو المجري “عبر إنشاء صندوق جديد ونقل ستة مليارات ونصف المليار يورو إليه من صندوق السلام الأوروبي الذي أُنشىء في العام 2022”.

وإلى جانب معارضتها لدعم أوكرانيا، تعارض بودابست أيضاً العقوبات على روسيا، وتُجدّد التأكيد بأنها ستمنع الحزمة التالية من العقوبات إن شملت مجال الطاقة النووية.

بيتر سيارتو – وزير خارجية المجر: “إذا نظرنا إلى الأرقام، سنرى فشل سياسة العقوبات”

قد يسخر القدر وينقل رئاسة المجلس الأوروبي الذي يُخطّط لتجاوز بودابست ودعم كييف إلى رئيس وزراء المجر. سيحصل ذلك إن قدّم رئيس المجلس الحالي شارل ميشيل استقالته قبل انتهاء ولايته في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وقد أعلن ميشيل فعلاً عن نيته المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في حزيران/يونيو المقبل، وذلك يتطلب منه أن يتخلى عن المنصب الحالي. في هذه الحال وبغياب خلف له، ينتقل المنصب إلى زعيم الدولة التي ستترأس دورة المجلس الأوروبي القادمة، أي إلى رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان (يقع الدور على المجر ابتداء من تموز/يوليو المقبل).

إقرأ على موقع 180  المضائق... قنوات تواصل أم ممر للأزمات؟

وخشية وصول أوربان إلى رئاسة المجلس الأوروبي، تبنى البرلمان الأوربي ـ وقرارته غير مُلزمة بالمناسبة ـ قبل أسابيع قراراً يتعلق بالمجر جاء فيه “أن المجر التي لا تراعي قوانين الإتحاد الأوروبي وقيمه ليست جديرة برئاسة المجلس الأوروبي هذا العام”، وقد صوّت لصالحه 345 عضواً وعارضه 104 فيما امتنع 29 نائباً في البرلمان الأوروبي عن التصويت المعارض لنقل رئاسة المجلس إلى رئيس الوزراء المجري.

Print Friendly, PDF & Email
محمد حسن

صحافي سوري مقيم في موسكو

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  بكركي وحزب الله وعشْق "القمصان السود"!