وقّع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، غداة دخوله إلى البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، على أمرٍ تنفيذي يقضي بإلغاء تأشيرات الطلاب الجامعيين الذين يشاركون/ أو شاركوا في تظاهرات احتجاجية داعمة للقضية الفلسطينية، تمهيداً لترحيلهم.
وفي هذا الخصوص، تطوعت شركة صغيرة تُعرف باسم “ستيلار للدفاع والاستخبارات السيبرانية” بإطلاق حملة “عملية غضب صهيون” لجمع هويات الذين شاركوا في تلك التظاهرات بواسطة تقنية للذكاء الاصطناعي قادرة على التعرف على وجوه “المطلوبين”، حتى هؤلاء الذين كانوا مقنعين.
وشركة “ستيلار للدفاع والاستخبارات السيبرانية” (تُختصر بـ”ستيلار” أو Stellar) هي الشركة المصنعة لـ Nesher AI (أو “النسر” باللغة العبرية)- وكالة صهيوينة متخصصة بالمراقبة- تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي، وتدعي أنها قادرة على كشف هوية الأشخاص من خلال التعرف على الوجوه. ولـ Nesher AI شعارها الخاص على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو: “النسر يستمع، النسر يراقب، النسر يعرف”.
الرئيس التنفيذي لشركة “ستيلار” يُدعى إلياهو حويلة، الذي تصدر عناوين الأخبار قبل عدة سنوات عندما واجه اتهامات بانتحال هوية أحد أعضاء المجتمع اليهودي المتطرف في نيويورك، بينما تقول رابطة هذا المجتمع إن حويلة مسلم ومن أصل لبناني (…).
تقدم “ستيلار” وكالة “النسر” على أنها “مشروع استخباراتي للمراقبة، مدعوم بتقنية الذكاء الاصطناعي، ومصمم لدعم أجهزة إنفاذ القانون ومنظمات الأمن المجتمعي في مهمات تعقب الإرهابيين والمجرمين”. والهدف من هذا المشروع “جمع معلومات – عبر الإنترنت – عن الأفراد الناشطين في المنظمات غير الحكومية، وجماعات التغيير، والشركات، والجامعات. ومن ثم تحديد من منهم لديه نوايا خبيثة وسلوك إجرامي، أو ينتمي لجماعات إرهابية”.
“بيتار”، حركة شبابية تصف نفسها بأنها “صهيونية يمينية”، من أبرز من استفاد بشكل بارز من استخدام أداة التعرف على الوجوه. وقد أبدت أيضاً استعدادها للإنضمام إلى جهود “ستيلار” و”النسر”. وأعلنت أنها تريد أن تكون “جهة مساعدة” لتزويد إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)؛ وغيرها من الوكالات الموكلة بـ”إنفاذ القانون” في الولايات المتحدة؛ بأسماء كل من شارك في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
وحركة “بيتار” معروفة بعلاقاتها التاريخية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغين، مؤسس حزب “الليكود” وزعيم منظمة “الارغون” الإرهابية الصهيونية. وكان أعضاء “بيتار” من أوائل “المحرضين النشطين على الاضطرابات وأعمال العنف، وكانوا يقصفون المناطق العربية بشكل متكرر.. ويشنّون حرب عصابات ضد البريطانيين”، ويُشار إليهم باسم “الفاشيين اليهود”.
في كانون الأول/ديسمبر 2024، ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن حركة “بيتار” عملت مع مشرعين أميركيين مؤيدين لإسرائيل، بينهم السيناتور تيد كروز (جمهوري من تكساس) وجون فيترمان (ديموقراطي من بنسلفانيا)، لوضع خطط لاعتقال “المشتبه بهم” (المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين). ونقلت الصحيفة عن روس غليك، المدير التنفيذي لـ”بيتار”، قوله: “نريد أن نساعد فريق الرئيس ترامب في جهود الترحيل.. وبرأينا أن الأجنبي الذي دخل الولايات المتحدة بتأشيرة طالب لا يحق له التمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الآخرون. ولا يحق له الاحتجاج أو الترويج للسرديات المعادية للصهيونية”.
وفي يوم الأربعاء الماضي، نشرت “بيتار” إعلاناً عبر موقعها على “إكس”، تدعو فيه للإنضمام إليها في ما أسمته “مسيرة الجهاد” لمساعدة الوكالات الحكومية في جهودها لترحيل المطلوبين”. وقالت في منشورها إنه سيتم استخدام تقنية “النسر” التابعة لـ”وكالة مراقبة الإرهاب”، التي يديرها المدعو حويلة، لكشف هويات الذين شاركوا في تظاهرة التضامن مع الفلسطينيين التي أقيمت مؤخراً في حديقة زوكوتي في نيويورك.
وتعهدت “بيتار” بتنظيم احتجاجات مضادة، وكشف هوية الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية نظتمها جماعات مناصرة للفلسطينيين، وتخللها تكريم هند رجب، الطفلة الفلسطينية (6 سنوات)، من حي تل الهوى في مدينة غزة، التي دوّى صوت استغاثتها وهي تطلب النجدة، بعدما وجدت نفسها وحيدة في سيارة محاصرة بالدبابات الإسرائيلية وكانت بين جثث ستة من أقاربها قضوا بنيران الجيش الإسرائيلي. وقد عثر على هند جثة هامدة بعد 12 يوماً بعد أن دمّر الجيش الإسرائيلي سيارات الإسعاف التي كانت قد هرعت لإسعافها.
وتجادل “بيتار” بأن قصة الطفلة هند “غير صحيحة”، ووتروّج لسردية بأن هند استخدمت “لتزييف إبادة جماعية”. وفي الوقت نفسه، تتباهى “بيتار” على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها “ستكشف وتُوثّق هويات جميع الذين حضروا حفل تكريم هند، حتى أولئك الذين كانوا يرتدون الكوفية ويخفون وجوههم بالأقنعة”.. وتؤكد بأنها ستقدم الأسماء كاملة إلى الرئيس ترامب مباشرة، وتطالب المُلَاحقين بتسليم أنفسهم.
يُذكر أن شركة “ميتا”، الشركة الأم لـ”فيسبوك” و”إنستغرام”، كانت قد حظرت موقع “بيتار” في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بسبب استهدافه أعضاء منظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”.