مُنشأة فوردو.. الرقم الإيراني الصعب

لم تكد أيام قليلة تمضي على المواجهة المنتظرة منذ زمن بين إسرائيل وإيران، حتى كرّر الإعلام اسم منشأة "فوردو" بشكل كافٍ للفت الانتباه، كمنشأة من الصعب الوصول إليها وتدميرها، نظرًا للتحصينات الكبيرة التي تحيط بها. لكن هل درجة حمايتها العالية هي فقط من يجعلها رقمًا صعبًا في حسابات الإيرانيين وأخصامهم؟

بُنيت منشأة “فوردو” تحت جبال تبعد نحو 95 كلم عن العاصمة طهران جنوبًا، مما يجعلها شديدة التحصين ويصعّب استهدافها بالقنابل التقليدية، ويفرض استخدام قنابل ضخمة تستطيع اختراق الأعماق، ويدفع للحديث عن الطائرة من طراز B2 والقنبلة من طراز GBU57 التي تزن أكثر من 30 ألف رطل، ولا تمتلكها إلا الولايات المتحدة الأميركية.

أُقيمت فوردو داخل أنفاق على عمق يُقدّرُ من 80 إلى 90 مترًا تحت سطح الأرض، بمساحة تُقدّرُ بنحو 54000 متر مربّع، ضمن قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني.

بدورها، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إنّ المنشأة مخبّأة تحت صخور صلبة، ومغطّاة بخرسانة مسلًحة تجعلها بعيدة عن مرمى نيران أي من الأسلحة الإسرائيلية المعروفة.

وتشمل المنشأة بحسب بيانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية قاعدتين مخصّصتين لتخصيب اليورانيوم، وتستوعب 16 سلسلة من أجهزة الطرد المركزي الغازي من طراز IR-1، موزّعة بالتساوي بين وحدتين، بإجمالي يبلغ نحو 3000 جهات طرد مركزي.

متى تأسست المنشأة؟

تذكر مصادر عدة إنّ أعمال تشييد “فوردو” بدأت فعليًا في النصف الثاني من عام 2007، في حين تتحدث الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاستناد إلى صور أقمار اصطناعية عن بدء أنشطة البناء في الفترة ما بين 2002 و2004، واستمرار أعمال التطوير بشكل متواصل منذ عام 2006.

أقرًت طهران بوجود المنشأة علينًا عام 2009، عقب بيانٍ مشترك صدر عن الرئيس الأميركي باراك أوباما، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، حيث اعتبر الثلاثة وجود المنشأة التي كانت لا تزال سرية انتهاكًا لاتفاقية الضمانات المبرمة بين إيران والوكالة الدولية في ذلك الوقت.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2009، سمحت طهران للوكالة الدولية بدخول المنشأة وتفتيشها لأوّل مرة.

تطور في أهداف المنشأة

في تشرين الأول/أكتوبر 2009، قالت إيران إنّ الغرض من إقامة المنشأة هو إنتاج سادس فلوريد اليورانيوم المخصّب بنسبة 5% من اليورانيوم 235، واحتواء 16 سلسلة من أجهزة الطرد المركزي.

في أيلول/سبتمبر 2010، عدّلت إيران بياناتها السابقة، مضيفةً أنّ المنشإة ستُستخدم أيضًا في أنشطة البحث والتطوير، إلى جانب عمليّات التخصيب.

وفي حزيران/يونيو 2011، رفعت طهران مستوى التخصيب في المنشأة، وأبلغت الوكالة الدولية عن نيّتها رفع مستوى التخصيب لتنتج سادس فلوريد اليورانيوم المخصًب بنسبة 20% من اليورانيوم 235، إضافة إلى إجراء البحث والتطوير.

في تحديث للمعلومات في كانون الثاني/يناير 2012، أفادت إيران بأنّ المنشأة مصمّمة لإنتاج سادس فلوريد اليورانيوم المخصب بنسبتَيْ 5% و20% من اليورانيوم 235، وأبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإلغاء وحدة البحث والتطوير في المنشأة.

خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2011، تم تشغيل المنشأة، كما سمحت السلطات الإيرانية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الكامل إلى الموقع.

وأكدت تقارير الوكالة لعامي 2011 و2012 أنّ نتائج عمليّات التفتيش كانت إيجابية، وتبيّن أن المنشأة تتوافق مع التصميم الذي قدّمته إيران، ولم يتم العثور على أدلّة تشير إلى تحويل المواد النووية المنتجة إلى أغراض عسكرية.

كيف يُمكن تدمير فوردو؟

بحسب مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية (CSIS)، قد لا تدمّر ضربة أميركية منشأة فوردو بالكامل، مما يبقيها بكل الأحوال تحديًا نوويًا أمام الدول المهتمة بالملف النووي الإيراني.

يُحصي المركز خمسة خيارات يمكن من خلالها تدمير المنشأة وهي:

–قنبلة GBU-57 الأميركية التي لا يملكها أحد غير الولايات المتحدة ويُعتقد بأنها تملك 20 منها فقط.

–ضربات إسرائيلية مكثًقة عبر قنابل GBU-28 أو BLU-109 التي تملكها إسرائيل بالفعل، من دون قدرة كافية للوصول إلى عمق 80 مترًا.

–التخريب، كما فعلت إسرائيل سابقًا في منشآت أخرى، كنطنز.

–السلاح النووي القادر على الوصول إلى المنشأة

–الحوار والدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق يقضي بتفكيك المنشأة.

ماذا لو بقيت فوردو؟

تخشى جهات دولية من أنّ بقاء فوردو يعني بقاء الطريق إلى القنبلة. يقول المسؤول الأميركي السابق بريت ماكغورك، الذي عمل مع أربع إدارات أميركية: “إذا انتهى الأمر وفوردو لا تزال تُخصّب اليورانيوم، فلا يمكن اعتبار ما جرى مكسبًا استراتيجيًا”.

ويتفق مسؤولون في الاستخبارات الأميركية مع ماكغورك لجهة أنّ بقاء فوردو يعني أنّ إيران سيبقى لديها البنية التحتية الأساسية لإعادة بناء برنامجها النووي.

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الخبراء يتحدثون عن خيارات بديلة قد تؤثر على المنشأة من دون قصفها مباشرة، مثل قطع الكهرباء عنها، كما حدث في نطنز قبل أيام حين قُطعت الكهرباء إثر غارة إسرائيلية، ما أدى على الأرجح إلى تدمير أجهزة الطرد المركزي.

وقد أجرت الولايات المتحدة تدريبات على ضرب فوردو، خلصت إلى أنّ قنبلة واحدة لا تكفي، بل يتطلّب الأمر هجمات متكرّرة بقنابل متعددة تُلقى في نفس الموقع، كما لا يمكن تنفيذ هذه المهمة إلا عبر طيارين أميركيين.

إقرأ على موقع 180  التطبيع السعودي الإسرائيلي.. الكرة الأميركية في ملعب نتنياهو

(*) المصدر: الجادة

Print Friendly, PDF & Email
رأفت حرب

صحافي

Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  الإنتخابات الإيرانية.. رئيس يُوحّد البلاد أم يُعمّق الإنقسام؟