
من خريفِ عامٍ إلى صيف عامٍ آخر، وما بينهما، تنقّلت محادثات الملف النووي الإيراني بين إيران والقوى العالمية الكبرى. وفي حسابات القرن الحالي أكمل التفاوض يوبيله الفضيّ. إنّ ربع قرن من التفاوض ليس مسألة بسيطة في التاريخ السياسي لأيّ قضيّة.
من خريفِ عامٍ إلى صيف عامٍ آخر، وما بينهما، تنقّلت محادثات الملف النووي الإيراني بين إيران والقوى العالمية الكبرى. وفي حسابات القرن الحالي أكمل التفاوض يوبيله الفضيّ. إنّ ربع قرن من التفاوض ليس مسألة بسيطة في التاريخ السياسي لأيّ قضيّة.
تضيق فسحة الوقت يوماً بعد يوم بعد أن طلبت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) من مجلس الأمن تفعيل "آلية الزناد" (سناب باك) وتقضي بإعادة فرض عقوبات على إيران في حال مخالفتها بنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة) الذي صادق عليه مجلس الأمن بموجب القرار 2231 الذي تنتهي صلاحيته في 18 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وتندرج تحت مظلته مجموعة قرارات صادرة عن المجلس تصب في الخانة ذاتها حيث طالبت "الترويكا" بالعودة إليها بما في ذلك وضع إيران تحت "الفصل السابع".
عندما تتبدى ملامح انفراج ما في المحادثات بين إيران والغرب، ينعكس الأمر تحسناً على مستوى علاقة إيران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعكس أيضاً صحيح. في هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر إيرانية مطلعة أن القيادة الإيرانية تميل الآن نحو استئناف المحادثات النووية، وأشارت إلى أن المؤسسة السياسية الإيرانية تنظر الآن إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة "باعتبارها السبيل الوحيد لتجنب المزيد من التصعيد والخطر الوجودي".
تشهد المفاوضات الأمريكية الإيرانية التى توقفت بعد لقاءات خمسة حالة جمود متوتر ومفتوح على احتمالات تصعيد كبير حامل لسيناريوهات مختلفة.
انتهت الجولة الأولى من الحرب التي شنّتها إسرائيل ضد إيران بشراكة أميركية كاملة. الجميع أعلن انتصاره في هذه المعركة، من جهة، الولايات المتحدة وإسرائيل أعلنتا عن تحقيق أهدافهما المشتركة. بالمقابل، أعلنت إيران أنها ربحت بمجرد وقف العدوان وإخفاق الطرف المقابل في تحقيق أهدافه.
الجدل المندلع حول نتائج الحرب الإسرائيلية والضربات الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونتانز وأصفهان: هل دمّرت البرنامج النووي الإيراني بالكامل، أم أعاقته لسنوات أو لأشهر فقط، فتح النقاش مجدداً حول احتمال الانخراط في جولة قصف جديدة، إذا أخفقت واشنطن وإيران في العودة إلى مسار ديبلوماسي يفضي إلى اتفاق نووي مستدام.
في عامه الأول من ولايته الثانية، بيّن دونالد ترامب أنه عائد إلى الشرق الأوسط بأجندة أكثر صلابة تجاه إيران، محاولاً إعادة تشكيل النظام الإقليمي، وفقاً لمعادلة "السلام بالقوة" الأميركية التي يُردّدها منذ دخوله إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير 2025.
بدت الضربة الأمريكية لثلاث منشآت نووية هى «نتانز» و«أصفهان» و«فوردو» الحصينة فى أعماق الجبال، كأنها كلمة النهاية فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية. بانتشاء بالغ وصف الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» تلك الضربة بـ«الرائعة». قال «إن إسرائيل الآن آمنة». فى الوقت نفسه دعا إلى ما أسماه «السلام عبر القوة»، مستعيرا التعبير نفسه من قاموس رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو». إنه الاستسلام دون قيد، أو شرط.
لم تكد أيام قليلة تمضي على المواجهة المنتظرة منذ زمن بين إسرائيل وإيران، حتى كرّر الإعلام اسم منشأة "فوردو" بشكل كافٍ للفت الانتباه، كمنشأة من الصعب الوصول إليها وتدميرها، نظرًا للتحصينات الكبيرة التي تحيط بها. لكن هل درجة حمايتها العالية هي فقط من يجعلها رقمًا صعبًا في حسابات الإيرانيين وأخصامهم؟
أن يكون المجتمع الأميركي غير مستعد للقبول بضرورة الانخراط في حرب إسرائيل على إيران، هذه مسألة يُفترض أن يعيرها الرئيس دونالد ترامب اهتماماً خاصاً كونه تعهد في برنامجه الانتخابي بإخراج الولايات المتحدة من دوامة "النزاعات التي لا تنتهي" في الشرق الأوسط، فضلاً عن الجهود التي يجب أن تبذل لتهيئة أميركا، بل تهيئة العالم، للحقيقة المرعبة التي تنطوي عليها الحرب مع إيران.